**وأوصى لقمان ابنه فقال : يا بني ، تعلم العلم والحكمة تشرف ، فإن الحكمةتدل على الدين ، وتشرف العبد على الحر، وترفع المسكين على الغني ، وتقدمالصغيرعلى الكبير، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد الشريف شرفاً،والسيد سؤدداً، والغني مجداً، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمردينه ومعيشته بغيرحكمة، ولن يهيىء اللّه عزوجل أمرالدنيا والاخرة إلا بالحكمة، ومثل الحكمة بغيرطاعة، مثل الجسد بغيرنفس ، أومثل الصعيد بغيرماء، ولا صلاح للجسد بغيرنفس ،ولا للحكمة بغيرطاعة .
واعلم يا بني ، أن الدنيا بحرعميق ، وقد هلك فيه خلق كثير، فاجعلسفينتك فيه الإيمان باللّه ، وزادك إلتقوى، وشراعك التوكل على اللّه ، وسكانكالإخلاص له ، واعلم أنك إن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن هلكت بنفسك .
واعلم يابني ، ان من حين نزلت من بطن أمك استدبرت الدنيا واستقبلتالآخرة، فأصبحت بين دارين : دار تقرب منها ، ودار تباعد عنها ، فلاتجعلن همك إلاّعمارةدارك التي تقرب منها ويطول مقامك بها، فلها خلقت ، وبالسعي لها اُمرت ، ثم أطعاللّه بقدرحاجتك إليه ، واعصه بقدرصبرك على عذابه ، وإذا أردت أن تعصيه فاطلبموضعاً لايراك فيه ، وعليك بقبول الموعظة والعمل بها، فإنها عندالمؤمن أحلى منالعسل الشهد، وعلى المنافق أثقل من صعود الدرجة على الشيخ الكبير.
واعلم يا بني ، أن الموت على المؤمن كنومة نامها، وبعثه كانتباهه منهافاقبل وصيتي هذه ، واجعلها نصب عينيك ، واللّه خليفتي عليك ، وهوحسبنا ونعمالوكيل .
وإياك والكسل والضجر، فإنك إذا كسلت لم تؤد فرضاَ ولا حقاً، وإذاضجرت لم تصبرعلى حق .
وروى صفوان في كتاب النوادر(1) يرفعه إلى أبي حمزة الثمالي ، عن عليابن الحسين عليه السلام ، قال : «من صفة المسلم أن يخلط عمله بالعلم ، ويخلصليعلم ، وينصب ليسلم ، وينطق ليفهم ، لايخون أمانته الأصدقاء، ولايكتم شهادته للأعداء، ولا يفعل شيئاً من الخير رياء ولايتركه حياء، ان زكّي خاف مما يقولون ،ويستغفراللّه مما لايعلمون ، لا يغره قول من جهله ، ويخشى إحصاء ما قد عمله ».
____________
1 - قال الشيخ الطهراني في الذريعة 24 : 333 | 1747: النوادر: لصفوان بن يحيى بياع السابري ،بجليّ الولاء، من أصحاب الكاظم ووكيل الرضا والجواد عليهم السلام ، ومؤلف 30 كتاباً، المتوفى 210هـ،وهو من أصحاب الاجماع ، ذكره الكشي والنجاشي والطوسي .
وصية لقمان لابنه
- الزيارات: 2032