من كلام العباس بن عبد المطلب رحمه الله وقد جاءه أبو سفيان والزبير، فعرضا عليه النصرة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله فقال لهما: قد سمعنا مقالتكما، فلا لقلة نستعين بكما، ولا لظنة نترك رأيكما، لكن لالتماس الحق، فامهلانا نراجع الفكر، فإن يكن لنا من الأثم مخرج، يصّر بنا وبهم الأمر صرير الجندب (1)، ونمد أكفاً إلى المجد لا نقبضها أو تبلغ المدى، وإن تكن الاُخرى، فلا لقلة في العدد، ولا لوهن في العضد، والله لولا أن الإسلام قيد الفتك، لتدكدكت منا أليكم جنادل صخر يسمع اصطكاكها من محل الاُثيل (2).
من كلام أمير المؤمنين عليه السلام : «الكلمة أسيرة في وثاق صاحبها، فإذا تكلم بها صار أسيراً في وثاقها»
وقال عليه السلام : «من كمال المرء تركه ما لا يجمل به، ومن حيائه أن لا يلقي أحداً بما يكره، ومن عقله حسن رفقه، ومن أدبه علمه بما لا بدّله منه، ومن ورعه عفة بصره وعفة بطنه، ومن حسن خلقه كف أذاه، ومن سخائه بره بمن يجب حقه، ومن كرمه إيثاره على نفسه، ومن صبره قلة شكواه، ومن عدله إنصافه من نفسه، وتركه الغضب عند مخالفته، وقبوله للحق إذا بان له، ومن نصحه نهيه له عن غيبتك، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه، وتركه توبيخهم عند إساءتهم إليه، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من يكبر المذنب وقوفه عليه، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه، ومن صداقته كثرة موافقته، ومن صلاحه شدة خوفه، ومن شكره معرفته بإحسان من أحسن إليه، ومن تواضعه معرفته بقدره، ومن حكمته معرفته بذاته، ومن مخافته ذكره الاخرة بقلبه ولسانه، ومن سلامته قلة تحفظه لعيوب غيره، وعنايته بإصلاح نفسه من عيوبه».
قال الصادق عليه السلام : «لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه، فتسد عليه طريق الرجوع إليك، فلعل التجارب ترده عليك»(3).
____________
1 ـ الجندب: ضرب من الجراد، وقيل: ذكر الجراد، والجمع جنادب « حياة الحيوان 1: 203».
2 ـ الاُثيل: موضع قرب المدينة. « معجم البلدان 1: 94».
3 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 74: 166 عن أعلام الدين.
من كلام العباس بن عبد المطلب لأبي سفيان في أحداث السقيفة
- الزيارات: 2145