طباعة

حديث من كتاب الخصال فيه أربعون خصلة

ومما حفظت من كتاب (الخصال) بروايته المتصلة، واقتصرت علىذكر الرجال إحالة على الأصل ، أربعين حديثاً (1) :
أولها: إن النبي صلى الله عليه وآله ، أوصى إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فكانفيما أوصى به إليه أن قال : «يا علي ، من حفظ عني من اُمتي أربعين حديثاً، يطلب بذلكوجه الله والدار الآخرة، حشره الله تعالى - يوم القيامة - مع النبيين والصّديقينوالشهداء والصالحين ، وحسن اُولئك رفيقاً.
فقال له علي عليه السلام : أخبرني - يا رسول الله - ما هذه الأربعون حديثاً؟
فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، وتعبده ولا تعبد غيره ، وتقيم الصلاةبوضوء سابغ في مواقيتها، ولا تؤخرها فإن في تأخيرها من غير علّة غضب الله عز وجلوتؤدي الزكاة، وتصوم شهر رمضان ، وتحجّ البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعاً،وأن لا تعق والديك، ولا تأكل مال اليتيم ظلماً، ولا تأكل الربا، ولا تشرب الخمر ولاشيئاً من الأشربة المسكرة، ولا تزني ، ولا تلوط ، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف باللهكاذباً، ولا تسرق ، ولا تشهد شهادة الزور لأحد - قريباً كان أو بعيداً- وأن تقبلالحق ممن جاء به - صغيراً كان أوكبيراً- وأن لا تركن إلى ظالم - وإن كان حميماًقريباً- وأن لا تعمل بالهوى، ولا ترمي (2) المحصنة، ولا ترائي فإنّ يسير(3) الرياء شركبالله عز وجل، وأن لا تقول لقصير: يا قصير، ولا لطويل : يا طويل ، تريد بذلك عيبه ،وأن لا تسخر بأحد من خلق الله ، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشكر نعم الله التيأنعم الله بها عليك ، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه ، وأن لا تقنط من رحمة الله ، وأن تتوب (4) من ذنوبك ، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن لا تصرعلى الذنوب - مع التوبة والاستغفار- فتكون كالمستهزئ بالله وآياته ورسله ، وأنتعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ،وأن لا تطلب رضىالمخلوق بسخط الخالق ، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة، فإن الدنيا فانية والآخرة باقية،وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه ، وأن تكون سريرتك كعلانيتك، وأن لا تكونعلانيتك حسنة وسريرتك قبيحة، فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين . وأن لا تكذب،ولا تخالط الكذابين ، وأن لا تغضب إذا سمعت حقاً، وأن تؤدب نفسك وأهلكوولدك ، وجيرانك على حسب الطاقة، وأن تعمل بما علمت ، ولا تعاملنّ أحداً من خلقالله عز وجل إلاّ بالحق ، وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد، وأن لا تكون جباراً عنداً،وأن تكثر من التسبيح والتهليل والتكبير(5)، وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنةوالنار، وأن تكثر من قراءة القران وتعمل بما فيه ، وأن تستغنم البرّ والكرامة بالمؤمنينوالمؤمنات ، وأن تنظر إلى كلّ مالا ترضى فِعلَه لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين، ولاتملّ من فعل [الخير](6)، ولا تثقل على أحد، وأن لا تمنّ على أحد إذا أنعمت عليه،وأن تكون الدنيا عندك سجناً حتى يجعل الله لك جنته .
فهذه أربعون حديثاً، من استقام عليها وحفظها عني من اُمتي دخل الجنة برحمةالله ، وكان من أفضل الناس وأحبكم إلى الله عز وجل بعد النبيين والوصيين ، وحشرهالله (7) مع النبيين والوصيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئكرفيقاً»(8).
يقول العبد الفقير (المؤلف) إلى رحمة ربه ورضوانه ،الحسن بن أبي الحسن الديلمي،أعانه الله على طاعته وتغمده برأفته ورحمته : إن هذا(9) الخطاب من النبي صلى الله عليهوآله ، خرج منه إلى علي أمير المؤمنين، على معنى: إياك أعني فاسمعي يا جارة، كما قال الله تعالى لنبيه مخاطباً والمعنى للخلق : (لئن أشركت ليحبطنّ عملك)(10) وكما قال له :(يا أيهاالنبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن)(11)  وإن النبي صلى الله عليه وآله علم أنَّأمير المؤمنين عليه السلام معصوم من الخطايا والزلل ، وأنه لا يترك مما أمره به شيئاً، ولايرتكب مما نهاه عنه شيئاً.
وبالجملة إنه كان مؤدبه ، يأخذ العلوم عنه والآداب ، عن جبرئيل ، عن اللهتعالى، ليؤدب الخلق بعده ، فإنه القائم بعده بأحكام الدين وتأديب المسلمين .
____________
1 - هذه الأحاديث لست كلها في ألخصال ، وقد زادت على الأربعين.
2 - في المصدر: ولا تقذف .
3 - في المصدر: أيسر.
4 ـ في المصدر زيادة: إلى الله عز وجل .
5 - في المصدر: والدعاء.
6 - أثبتناه من المصدر.
7 - في المصدر زيادة : يوم القيامة.
8 - الخصال : 543 | 19 .
9 - في الأصل زيادة : من .
10 - الزمر 39 :65.
11 - الطلاق 65: 1 .