• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأمر الرابع : التعريف بالبخاري

من وجوه الطعن في البخاري ما يدل على عدم ديانته ووثاقته وتدليسه ، وأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه مع العلم بكراهته وعدم رضاه ، وارتكب الكذب الصريح وأقدم على أمر قبيح ، كما يظهر كلّه مما قاله مسلمة بن قاسم في تاريخه على مانقل عنه
قال : وسبب تأليف البخاري الكتاب الصحيح أن علي بن المديني ألّف كتاب العلل وكان ضنيناً به لا يخرجه إلى أحد ولا يحدّث به لشرفه وعظم خطره وكثرة فائدته ، فغاب علي بن المديني في بعض حوائجه فأتى البخاري إلى بعض بنيه فبذل له مائة دينار على أن يخرج له كتاب العلل ليراه ويكون عنده ثلاثة أيام ففتنه المال وأخذ منه مائة دينار ثم تلطف مع أمه فاخرجت الكتاب فدفعه اليه ، وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يحبسه عنده أكثر من الامد الذي ذكر.
فأخذ البخاري الكتاب وكان مائة جزء فدفعه إلى مائة من الوراقين وأعطى كل رجل منهم ديناراً على نسخه ومقابلته في يوم وليلة ، فكتبوا له الديوان في يوم وليلة وقوبل ثم صرفه إلى ولد علي بن المديني ، وقال : انّما نظرت إلى شيء فيه.
وانصرف علي بن المديني فلم يعلم بالخبر ، ثم ذهب البخاري فعكف على الكتاب شهوراً واستحفظ ، وكان كثير الملازمة لابن المديني ، وكان ابن المديني يقعد يوماً لأصحاب الحديث يتكلم في علله وطرقه ، فلما أتاه البخاري بعد مدّة قال له : ما جلسك عنّا ؟ قال شغل عرض لي ثم جعل علي يلقى الأحاديث ويسألهم عن عللها ، فيبدر البخاري بالجواب بنصّ كلام علي في كتابه فعجب لذلك ، ثم قال له من اين علمت هذا ؟! هذا قول منصوص ، والله ما أعلم أحداً في زماني يعلم هذا العلم غيري ، فرجع إلى منزله كئيباً حزيناً ، وعلم أن البخاري خدع أهله بالمال حتى أباحوا له الكتاب.
ولم يزل مغموماً بذلك ولم يثبت الاّ يسيراً حتى مات ، واستغنى البخاري عن مجالسة علي والتفقه عنده بذلك الكتاب ، وخرج إلى خراسان وتفقّه بالكتاب ووضع الكتاب الصحيح والتواريخ فعظم شأنه وعلا ذكره ، وهو أول من وضع في الاسلام كتاب الصحيح ، فصار الناس له تباع بكتابه واشتهر لدى العلماء في تأليف الصحيح انتهى (1).
ووجوه الطعن في البخاري من هذا الكلام ظاهرة الوجه.
الوجه الرابع : ما يدل على بلادته وبُعده عن الفقه ذكر صاحب الكفاية في شرح الهداية في فقه الحنفية ، ما لفظه :
واذا شرب صبيان بلبن شاة فلا رضاع بينها لأنه لا حرمة بين الآدمي والبهائم ، لأن الحرمة لا تكون الاّ بعد الأُميّة والبهيمة لا يتصور أن تكون أُمّاً للآدمي ولاداً وكذا رضاعاً ، وكان محمد بن اسماعيل صاحب الحديث يقول : يثبت به حرمة الرضاع ، وانه دخل في بخارى في زمن الشيخ أبي حفص الكبير وجعل يفتي فقال له الشيخ لا تفعل فلست هنالك فأبى أن يقبل نصيحته حتى استفتي عن هذه المسألة اذا رضع صبيان بلبن شاة فافتى بثبوت الحرمة فاجتمعوا وأخرجوه من بخارى بسبب هذه الفتوى (2).
ويعلم حمقه اجمالاً من المكاتبة الجارية بين الفاضل التفتازاني وأبي مسعود البخاري حيث كتب البخاري إلى ذلك الفاضل شيئان لا يجتمعان : « الإنسانية والخراسانية » فكتب في جوابه : شيئان لا يفترقان : الحمارية والبخارية ، وكذا يعلم من شعر الذي نسبه مؤلف كتاب « روح الرواح » إلى أبي الكاتب في ذم بخارى وهو :

لو الفرس العتيق أتى بخارى        لصار بطبعها منها حمارا
فلم تر مثلها عيني كنيفاً        تبوأها أمير الشرق دارا

ومن أغلاطه الفاضحة التي يترتب عليه ما لا يحصى من المفاسد ما ذكر في باب الأنساب ، من الغاية للسخاوي الشافعي في شرح الهداية المنظومة للشيخ محمد الجزري الشافعي : أن أبا مسعود عقبة بن عمرو البدري لم ينسب كذلك لشهوده بدراً في قول الجمهور ، وان عدّه البخاري في صحيحه ممن شهدها! وانّما كان نازلاً يعني ساكناً بها ، فقد وقع لكبار أهل الحديث من ذلك أوهام انتهى.
ولايخفى ان مثل هذا الغلط مع أنه باطل في نفسه يقود إلى غيره من الباطل العظيم فان البخاري اذا توهم أن أبا مسعود شهد بدراً وقد تقرّر عند القوم أن أهل بدر كلهم كانوا عادلين فيعد جميع رواياته من الصحيح وهذا بلاء عظيم.
الوجه الخامس : ما يدل على خيانته الصريحة وضلالته القبيحة وان عادته أن يبتر الأحاديث النبوية الواردة في حقّ أمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين مما صحّت وثبتت عند أكابرهم المحققين وأعاظمهم المنقّدين ، بل بتر في غير موضع من كتابه ما أورده من الحديث المتعلق بهذا المقام كما نبه عليه بعض أكابرهم الاعلام.
قال العلامة ذو النسبين ابن دحية الكلبي وهو من أعيان علماء العامة كما يظهر من كتاب ابن خلّكان وبغية الوعاة ، وحسن المحاضرة ، وغيرها في كتب شرح أسماء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما لفظه : ترجم البخاري في وسط المغازي ما هذا نصه :
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع ، حدّثني أحمد بن عثمان ، قال : حدّثنا شريح بن مسلمة ، قال : حدّثنا ابراهيم بن يوسف بن اسحاق بن أبي اسحاق ، حدّثني أبي عن أبي اسحاق سمعت البراء بعثنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع خالد بن الوليد الى اليمن ، قال : ثم بعث علياً بعد ذلك مكانه فقال : مُر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقّب ، ومن شاء فليقبل فكنت ممن عقّب معه ، قال : فغنمت اواق ذوات عدد (3).
حدثني محمد بن بشار ، قال : حدّثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا علي بن سويد ابن منجوف ، عن عبدالله بن بريده ، عن أبيه ، قال : بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علياً إلى خالد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض علياً وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا ؟ فلما قدمنا على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذكرت له ذلك فقال : يا بريدة أتبغض علياً ؟
فقلت : نعم ، قال : لا تبغضه ، فإن له في الخمس أكثر من ذلك (4).
قال ذو النسبين : أورده البخاري ناقصاً مبتراً كما ترى ، وهي عادته في ايراد الأحاديث التي من هذا القبيل ، وما ذاك الاّ لسوء رأيه في التنكب عن هذا السبيل ، وأورده الإمام أحمد بن حنبل كاملاً محققاً والى طريق الصحة فيه موفقاً ، فقال فيما حدّثني القاضي العدل بقية مشايخ العراق تاج الدين أبو الفتح محمد بن أحمد المنداني قراءة عليه بواسط العراق بحق سماعه ، على الثقة الرئيس أبي القاسم بن الحصين بحق سماعه على الثقة الواعظ أبي علي الحسين بن المذهب بحق سماعه على الثقة أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان الفطسي بحق سماعه من الامام أبي عبدالرحمن بن عبدالله بحق سماعه على امام أهل السنة أبي عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدّثنا عبد الجليل قال : انتهيت إلى حلقة فيها أبو مجاز وابنا بريدة ، فقال عبدالله بن بريدة : قال أبي أبغضت علياً بغضاً لم أبغضه أحداً قط ، قال : واحببت رجلاً لم أحبه إلاّ على بغضه علياً ، قال : فبعث ذلك الرجل على خيل فصحّبه ما اصحبه إلاّ على بغضه علياً ، قال : فأصبنا سبياً ، فكتب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابعث علينا من تخميسه.
قال : فبعث الينا علياً في السبي وصيفة هي أفضل من السبي ، قال : فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلنا يا أبا الحسن ما هذا ؟ قال : ألم ترد إلى الوصيفة التي كانت في السبي ، فانى قسمت وخمست فصارت في الخمس ، ثم صارت في أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم صارت في آل علي ووقعت بها.
قال : فكتب الرجل إلى نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قلت ابعثني فبعثني مصدّقاً ، قال : فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق صدق فامسك يدي والكتاب ، قال : أتبغض علياً ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فلا تبغضه وان كنت تحبه فازدد له حبّاً ، فوالذي نفس محمد بيده نصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة ، قال : فما كان من الناس أحد بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحب الي من علي ، قال عبدالله فوالذي لا اله الاّ هو ما بيني وبين النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا الحديث غير أبي بريدة (5). ولا يخفى أن صريح هذا الكلام ، أن هذا الحذف والاسقاط والتصرف والإختباط والتبديل ، والتغيير ، والتنقيص ، والتبتير ، ليس مما يختص بهذا الحديث ، بل هذه عادته في كل ما كان من هذا القبيل كما صرح به ابن دحية وصرح أيضاً في بتنكبه عن صراط الله القويم.
وقال : أيضاً في موضع آخر بعد أن أورد من حديث مسلم حديثاً ، ثم أورده عن البخاري ما لفظه : بدئنا بما أورده بكماله وقطعه البخاري واسقط منه على عادته كما ترى وهو مما عيب عليه في تصنيفه على ما جرى ولاسيما اسقاطه لذكر علي رضي الله عنه.
وناهيك بهذا القول شاهداً على انحراف البخاري عن أمير المؤمنين عليه السلام وكفاك به دليلاً على سوء رأيه وقبح عقيدته وشناعة سريرته وانهماكه في التعصب المخزي بين الانام ، وأي خزي أعظم من أن يبتر الانسان أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمحض هواه وسوء رأيه الجالب للهوان والملام وقد ظهر لك انهم في ردّ الحق هائمون ، حائرون ، ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون ) (6).
ثم ان جلالة ابن دحية مما لايخفى على من راجع كتاب وفيات الاعيان لابن خلكان ، و « بغية الوعاة » وغيرها.
قال الاول (7) : أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد بن الجميَّل بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال ابن ملاّل بن بدر بن دحية بن خليفة بن فروة الكلبي صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الكلبي المعروف بذي النسبين الاندلسي البلنسي الحافظ ، إلى أن قال : كان يذكر أن أمّه أمة الرحمن بنت أبي عبدالله ابن أبي البسام موسى بن عبدالله بن الحسين بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، فلهذا كان يكتب بخطه ذو النسبين بين دحية والحسين رضي الله عنهما ، وكان يكتب أيضاً : « سبط أبي البسام » اشارة إلى ذلك وكان أبو الخطاب المذكور ، من أعيان العلماء ، ومشاهير الفضلاء ، متقناً لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به ، عارفاً بالنحو واللغة ، وأيام العرب ، وأشعارها ، واشتغل بطلب الحديث ، في أكثر بلاد الاندلس الإسلامية ، ولقى بها علمائها ومشايخها ، ثم رحل منها إلى برّ العدوة ودخل مراكش واجتمع بفضلائها ، ثم ارتحل إلى افريقية ، ومنها إلى الديار المصرية ، ثم إلى الشام والشرق والعراق.
وسمع ببغداد من بعض أصحاب ابن الحصين ، وسمع بواسط من أبي الفتح محمد بن أحمد ابن الميداني ، ودخل إلى عراق العجم وخراسان وما والاها ، ومازندران ، وكل ذلك في طلب الحديث والاجتماع بأئمته والأخذ عنهم ، وهو في تلك الحال يؤخذ عنه ، ويستفاد منه ؛ وسمع باصبهان من أبي جعفر الصيدلاني ، وبنيسابور من منصور بن عبدالمنعم الفراوي (8).
وأثنى عليه في بغية الوعاة وحسن المحاضرة بنظير ما ذكر وقال مات سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
الوجه السادس : ما يدل على جهله وجحوده وتعصبه حيث أنه طعن في حديث الغدير وضعّفه على ما حكاه ابن تيمية عنه في المنهاج.
وذكر الفاضل البدخشاني وهو من عظماء أهل السنة في كتابه المسمى بنزل الأبرار بعد ذكر حديث الغدير : هذا حديث صحيح مشهور لم يتكلّم في صحته الاّ متعصّب جاحد لا اعتبار بقوله.
فإن الحديث كثير الطرق جدّاً ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد وقد نصّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحة ، ورواه من الصحابة عدد كثير.
وقد نص كثير من اعاظمهم المنقّدين وأفاضلهم المحققين على تواتر هذا الحديث فضلاً عن صحته كما لا يخفى على من راجع « الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة » للعلامة السيوطي مجدّد دينهم في المائة التاسعة ، « والفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة » له أيضاً ، أو راجع « أسنى المطالب » لابن الجزري او شرح « الجامع الصغير » لنور الدين العزيري ، او « شرح الجامع الصغير » للمناوي ، او « المرقاة (9) » لعلي القاري او « الاربعين » لجلال الدين المحدّث وغيرها ، وقال العلامة التستري رحمه الله بعد ذكر الحديث : وكيف لا يكون الحديث من الصحاح وقد رواه أحمد بن حنبل في مسنده بأكثر من خمس عشرة طريقاً ، وابن عقدة في مائة وخمس طرق ، وابن المغازلي في اثني عشر طريقاً ؟
وقال بعد روايته هذا الحديث ، صحيح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كذا رواه الثعلبي في تفسيره وقد صنّف الشيخ الفاضل ختم المحدّثين محمد الجزري الشافعي في ذلك رسالة ، وقد أثبت فيها تواتر هذا الحديث من سبعين طريقاً ، ونسب منكره إلى الجهل والعصبية.
ولنذكر بعض ما قيل في حقّ ابن الجزري المذكور :
قال السخاوي في الضوء اللامع لأهل القرن التاسع : بعد أن ذكر ترجمة مبسوطة وذكر مصنّفاته ومشايخه وشطراً من حالاته ما لفظه :
وقد ذكر الطاوسي في مشيخته وقال : أنه تفرّد بعلوّ الرواية وحفظ الأحاديث والجرح والتعديل ومعرفة الرواية من المتقدمين والمتأخرين إلى آخر ما ذكره.
وقال في مفتاح كنز الدراية : قال العلامة أبو القاسم عمر بن فهد في معجم شيوخ والده الحافظ تقي الدين بن فهد : هو الامام العلامة أستاذ الأقراء أبو الخيرة قاضي القضاة شمس الدين محمد بن محمد بن محمد علي بن يوسف العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي الشهير بابن الجزري بفتح الجيم والزاء وكسر الراء نسبة الى جزيرة ابن عمر ببلاد بكر قرب الموصل.
كان والده تاجراً وبقي مدّة من العمر لم يرزق ولداً فلما حجّ شرب ماء زمزم وسأل الله أن يرزقه ولداً عالماً ، فولد له شيخنا هذا بعد صلاة الترويح من ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة احدى وخمسين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها وتفقه بها على العماد بن كثير ولهج بطلب الحديث والقراآت. فسمع من ابن أميلة والصلاح بن أبي عمرو بن كثير في آخرين.
وذكر له اجازة من الذين هم جماعة ، ورحل إلى القاهرة والاسكندرية واعتنى بالقراآت وبرز فيها وبنى مدرسة سماها دار القرآن ودخل بلاد الروم فنشر بها علم القراآت في البلاد الاسلامية.
وكان شكيلاً حسناً ، فصيحاً ، بليغاً ، وتلقب في بلاد الروم بالإمام الأعظم ، وحجّ مرّات واستقرّ أخيراً بشيراز ، وكان أوقاته بين قراءة قرآن واسماع حديث وغير ذلك ، وبورك له فيها.
وكان مع ازدحام الناس عليه يؤلف قدر ما يكتب الناسخ ، لاينام عن قيام الليل في سفر ولا حضر ، ولا يترك صوم الإثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر.
وله المؤلفات العديدة الجامعة المفيدة ، وعدّد جملة منها إلى أن قال : ذكر منها ابن فهد تسعة وثلاثين مؤلفاً ، توفي في يوم الجمعة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة ، (10).
ولنكتف بهذا النبذ اليسير فالجرعة تدل على القدير.
ولنشرع في ذكر وجوه القدح في صحيحه السقيم ونوردها في فصلين :
أولهما : في ذكر جملة من رواياته الموضوعة وأحاديثه الباطلة مما يجب الحكم بوضعها وبطلانها ولو بنى على أصول العامة وقواعدهم ، أو حكم علمائهم بوضعها وبطلانها او استشكلوا فيها ، وهي و ان كانت كثيرة لا تحصيها هذه العجالة الاّ أنا نأتي ببعضها ليستدل به على باقيها.
والثاني : في ذكر جملة من رواته الوضاعين الكذابين والخوارج والنواصب بمقتضى تصريحات علمائهم وناقديهم في الحديث والرجال.
____________________
1. نقله ابن حجر بالاختصار في : تهذيب التهذيب 9 : 46.
2. المبسوط للسرخسي 30 : 297 ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2 : 641 ، وفى المبسوط : قال السرخسي : ولو أن الصبيين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع لأن الرضاع معتبر بالنسب وكما لايتحقق النسب بين الآدمي وبين البهائم فلذلك لا يثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم ، وكان محمد بن اسماعيل البخاري صاحب التاريخ يقول يثبت الحرمة ، وهذه المسألة كانت سبب إخراجه من بخارى فإنه قدم بخارى في زمن أبي حفص الكبير وجعل يفتي ، فنهاه أبوحفص وقال : لست بأهل له ، فلم ينته حتى سئل عن هذه المسألة فأفتى بالحرمة فاجتمع الناس وأخرجوه.
وقال الإِسكندراني في « المتواري في تراجم أَبواب البخاري » : « وبلغني عن الإِمام أَبي الوليد الباجي أَنّه كان يقول : « يسلم البخاري في علم الحديث ، ولا يسلم في علم الفقه ».
ويعلّل ذلك بأنَّ أَدلته عن تراجمه متقاطعة ، ويحمل الأَمر على أَنّ ذلك لقصور في فكرته وتجاوز عن حدّ فطرته ، وربما يجدون الترجمة ومعها حديث يتكلّف في مطابقته لها جدّاً ، ويجدون حديثاً في غيرها هو بالمطابقة أَولى وأَجدى ، فيحملون الأَمر على أَنّه كان يضع الترجمة ويفكر في حديث يطابقها ، فلا يعن له ذكر الجليّ فيعدل إِلى الخفي ... إِلى غير ذلك من التقادير التي فرضوها في التراجم التي انتقدوها فاعترضوها ».
نعم ! ومما اعترضوا على البخاري عدم معرفته بعلم الفقه ، ويذكرون لذلك أَمثلة :
منها : ماذكره أَبو البركات في « كشف الأَسرار » من كتب الاُصولية للحنفية ، أَنَّه قال : المحدِّثُ غير الفقيه يغلط كثيراً ، فقد روي عن محمد بن إِسماعيل صاحب « الصحيح » أَنَّه استفتي في صبيَّين شربا من لبن شاة ، فأَفتى بثبوت الحرمة بينهما. واُخرج به من بخارى ، إِذ الاُختيَّة تتبع الاُمِّيَّة ، والبهيمة لا تصلح اُمَّاً للآدمي !.
وقد أَجابوا في ذلك عند الدفاع عن البخاري ، بأنَّ هذه النسبة إِلى البخاري لَمُختلقة ، وسببها الحسد من ناحية أَتباع أَبي حنيفة نصرة لإمامهم.
وقال في ذلك جمال الدين القاسمي في كتابه « حياة البخاري » : « إِنَّ المفتري لهذه الحكاية أَراد أَن يثأر لأبي حنيفة ». حياة البخاري للقاسمي : 48. وأَبو البركات هو عبدالله بن أَحمد بن محمود النسفي الحنفي المتوفى 710 هــ.
3. صحيح البخاري كتاب المغازي ، باب بعث علي بن أبي طالب ... رقم 4349.
4. المصدر السابق : رقم 4350
5. والرواية قد جاءت في المتون الأُخرى أَكثر فائدة ، وأَوضح دلالة ، من رواية البخاري ، وقد يصح أَن يستدل على المحذوف منها في الوصاية والخلافة في مناقب علي بن أَبي طالب ( عليه السَّلام ).
وفي رواية النسائي : أَخبرنا محمد بن العلاء ، قال : أَنا معاويد ، قال : أَنا الأَعمش ، عن سعيد ، عن بريدة ، عن أَبيه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « من كنت وليه ، فعلي وليه ».
وله أَيضاً : أَخبرنا أَبو داود سليمان بن سيف ، قال : ثنا أَبو نعيم ، قال : أَنا عبدالملك بن أَبي غنيَّة ، قال : ثنا الحكم عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن بريدة ، قال : خرجت مع علي إِلى اليمن ، فرأَيت منه جفوة ، فقدمت على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكرت علياً فتنقّصته ، فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتغير وجهه ، قال : « يا بريدة ، أَلست أَولى بالمؤمنين من أَنفسهم ؟
قلت : بلى يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : « من كنت مولاه ، فعلي مولاه »
وله أَيضاً : أَخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : أَنا جعفر ، وهو ابن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبدالله ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إِنَّ علياً مني ، وأَنا منه ، وهو وليُّ كل مؤمن من بعدي ». السنن الكبرى 5 : 45 رقم 8844/8.
وقال الحافظ الذهبي : أَخبرنا اسحاق الصفار ، أَخبرنا يوسف الآدمي ، أَخبرنا أَبو المكارم اللبان ، أَخبرنا أَبو علي الحداد ، أَخبرنا أَبونعيم ، حدَّثنا سليمان بن أَحمد ، حدَّثنا معاذ بن المثنى ، حدَّثنا مسدد ، حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرِّف ، عن عمران بن حصين ، قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سريَّة ، واستعمل عليهم علياً ، فأصاب جارية ، فانكروا عليه ، قال : فتعقد أَربعة من الصحابة ، فقالوا : إِذا لقينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَخبرناه ، وكان المسلمون إِذا قدموا من سفر ، بدؤوا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسلموا عليه ، فلما قدمت السريَّة سلموا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقام أَحد الأَربعة ، فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَلم تر أَنَّ علياً صنع كذا وكذا ؟
فأقبل عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعرف الغضب في وجهه ، فقال : « ما تريدون من عليٍّ ، ما تريدون من عليٍّ ، ما تريدون من عليٍّ ، إِنَّ علياً منِّي ، وأَنا منه ، وهو ولَيُّ كُلِّ مُؤمن بعدي »
تابعه قتيبة ، وبشر بن هلال ، عفان ، وهو من أَفراد جعفر أَخرجه الترمذي وحسَّنه النسائي. سيرأعلام النبلاء 8 : 199 ، أخرجه الترمذي رقم 3712 ، والمسند 4 : 437 ـ 438.
وفي رواية الطبراني في « الأَوسط » : ... عن بريدة عن أَبيه ، قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علياً أَميراً على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال : إِن اجتمعتما فعليٌّ على الناس ، فالتقوا وأَصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأَخذ علي جارية من الخمس ، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال : اغتنمها فأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما صنع ، فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في منزله وناس من أَصحابه على بابه ، فقالوا : ما الخبريا بريدة ؟ فقلت : خيرٌ ، فتح الله على المسلمين فقالوا : ما أَقدمك ؟ قال : جارية أَخذها علي من الخمس فجئت لأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
قالوا فاخبره فإنه يسقطه من عين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسمع الكلام ، فخرج مغضباً وقال : ما بالُ أَقوام ينتقصون علياً ، من ينتقص علياً فقد تنقصني ، ومن فارق علياً فارقني ، إِنَّ علياً مني وأَنا منه ، خلق من طينتي و خُلقت من طينة إِبراهيم ، وأَنا أَفضل من إِبراهيم ، ذريةً بعضها من بعض ، والله سميع عليم وذلك يابريدة أَما علمت أَنَّ لعلي أَكثر من الجارية التي أَخذ ، وإِنَّه وليكم من بعدي ، فقلت : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالصحبة أَلا بسطت يدك حتى أَبايعك على الإِسلام جديداً ؟ قال : فما فارقته حتى بايعته على الإِسلام.المعجم الأوسط للطبرني 7 : 49 رقم 6081.
وفي المستدرك للحاكم : ... قال بريدة : فقدمت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكرت علياً فتنقصته فرأَيت وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتغير فقال : يا بريدة أَلست أَولى بالمؤمنين من أَنفسهم ؟ قلت : بلى يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال : من كنت مولاه وذكر حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وفيه أَيضاً : ... قال : فقام أَحد الأَربعة فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَلم تر أَن علياً صنع كذا وكذا فأعرض عنه ، ثم قام الثاني فقال : مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم قام الثالث فقال : مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم قام الرابع ، فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَلم تر أَن علياً صنع كذا وكذا فاقبل عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والغضب في وجهه فقال : ما تريدون من علي إِنَّ علياً مني وأَنا منه وولي كل مؤمن. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. المستدرك للحاكم 3 : 110 ـ 111
والذهبي في تلخيصه للمستدرك : ... فرأَيت وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتغير فقال : يا بريدة أَلست أَولى بالمؤمنين من أَنفسهم ؟ قلت : بلى يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.
وله أَيضاً : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سرية واستعمل عليهم علي بن أَبي طالب ، الحديث بطوله ، وفيه : « ما تريدون من علي إِنَّ علياً مني وأَنا منه وولي كل مؤمن. تلخيص المستدرك ، ذيل المستدرك 3 : 110 ـ 111 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 : 504 باب 18 رقم 58.
6. الصف : 8.
7. ابن خلّكان.
8. وفيات الأعيان 3 : 122 رقم 469.
9. مرقاة المفاتيح شرح المشكاة كتاب المناقب رقم 6091.
10. الضوء اللامع للسخاوي 9 : 255 ـ 259 وهذه الترجمة تلخيص لما في الضوء اللامع.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page