• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عبدالله بن الزبير وخدعته لعائشة

وأما ما وقع منه في وقعة الجمل : فقد ذكر السمعاني في الانساب في نسبة الحوأبي وورد في حديث عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لنسائه : ليت شعري ايتكن صاحبة الجمل الأديب ، وقيل الاحمر ، تنحبها كلاب الحوأب.
وروى اسماعيل بن أبي خالد ، كذلك عن قيس بن أبي حازم ، عن عائشة أنها مرّت بماء فنبحتها كلاب الحوأب فسألت عن الماء ؟ فقالوا : هذه ماء الحوأب.
والقصة في ذلك أن طلحة والزبير بعد قتل عثمان وبيعة علي خرجا إلى مكة وكانت عائشة حاجة تلك السنة بسبب اجتماع الفساد والغيث من البلاد بالمدينة بقتل عثمان ، فخرجت عائشة هاربة من الفتنة.
فلما لحقها طلحة والزبير حملاها إلى البصرة في طلب دم عثمان من علي ، وكان معها ابن الزبير عبدالله ابن اختها أسماء ذات النطاقين ، فلما وصلت عائشة معهم إلى هذا الماء نبحت الكلاب عليها فسألت عن الماء واسمه ؟ فقيل : لها الحوأب ، فتوقّفت على الرجوع فدخل عليها ابن أختها ابن الزبير وقال : ليس هذا ماء الحوأب حتى قيل انه حلف على ذلك وكفّر عن يمينه ، والله أعلم ، وتممت عائشة إلى البصرة وكانت وقعة الجمل المعروفة (1).
وقال قاضي القضاة ابن الشحنة الحلبي في كتاب روض المناظر :
في سنة ستّ وثلاثين : أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى البلاد عماله فبعث عمّار بن شهاب إلى الكوفة ، وكان من المهاجرين وولي عثمان بن حنيف الانصاري البصرة ، وعبيدالله بن عباس اليمن ، وقيس بن سعد الانصاري مصر ، وسهل بن حنيف الانصاري الشام ، فرجع من الطريق لما سمع بعصيان معاوية وكذلك عمارة لقيه طلحة بن خويلد الذي ادعى النبوة في خلافة أبي بكر فقال : ان أهل الكوفة لا يستدلون بأبي موسى الاشعري ، فرجع ولما وصل عبدالله إلى اليمن خرج الذي كان بها من قتل عثمان وهو يعلى بن منبه بما بها من الاموال الى مكة وصار مع عائشة وطلحة والزبير وجمعوا جمعاً عظيماً وقصدوا البصرة ، ولم يوافقهم عبدالله بن عمر.
وأعطى يعلى بن منبه لعائشة جملاً كان اشتراه بمائة دينار اسمه عسكر ، وقيل بثمانين وركبته ومرّوا بمكان اسمه الحوأب فنبحتهم كلابه فقالت عائشة : أي ماء هذا ؟
فقيل لها : هذا ماء الحوأب فصرخت وقالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب ؟ ثم ضرب عضد بعيرها فاناخته ، وقالت : دونني فأقاموا يوماً وليلة فقال لها عبدالله بن الزبير : انه كذب ليس هذا ماء الحوأب.
ولم يزل بها وهي تمتنع ، فقال : النجا النجا فقد أدرككم علي ، فارتحلوا فوصلوا البصرة (2).
وقال ابن قتيبة في « الامامة والسياسة » : فلما انتهوا إلى ماء الحوأب في بعض الطريق ومعهم عائشة تنبحها كلاب الحوأب ، فقالت لمحمد بن طلحة : أي ماء هذا ؟
قال : ماء الحوأب.
قالت : ما أراني إلاّ راجعة.
قال : لِمَ ؟ قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول لنسائه : كأني باحديكن قد نبحها كلاب الحوأب ، وإيّاك أن تكون هي أنت يا حميراء !
فقال لها محمد بن طلحة : تقدمي رحمك الله ، ودعي هذا القول.
فأتى عبدالله بن الزبير فحلف لها بالله لقد خلفته في أول الليل ، وأتاها ببيّنة زور من الاعراب فشهدوا بذلك.
وقال جمال الدين المحدث في « روضة الأخبار » نحو ما ذكروا : إنّه لما امتنعت من الذهاب جاء ابن الزبير بخمسين شاهد شهدوا أنه ليس بماء الحوأب.
وقالوا : هي أول شهادة زور اقيمت في الاسلام.
وأن عائشة ما قنعت بتلك الشهادة وكانت تجزع وتضطرب حتى صاح عبد الله بن الزبير من اخريات الناس أدركنا علي.
فخافت عائشة وطلبت دليلاً فقال لها طلحة : ان الدليل قد فرّ لغلطه وخطائه في تلك التسمية ، وبالجملة هذه القضية متواترة مذكورة في كتب الخاصة والعامة.
وفي التذكرة لسبط ابن الجوزي : نقلاً عن ابن جرير أن طلحة والزبير قالا لها : ما هذا الحوأب ؛ وأحضرا خمسين رجلاً فشهدوا بذلك وحلفوا ، وأن الشعبي قال : هي أول شهادة زور أقيمت في الاسلام (3).
أقول : لا منافاة فان المقتضى الجمع بينها ، ان الثلاثة اشتركوا في هذا الفعل القبيح ، والصنيع الشنيع ، واقامة شهود الزور.
وذكر أيضاً حكاية طويلة محصلها أنه طلب أميرالمؤمنين صلوات الله عليه الزبير ووعظه وزجره وذكره قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال للزبير لتقابلن علياً وأنت ظالم له.
فقال الزبير : لو ذكرت هذا ما خرجت من المدينة ووالله لا أقاتلك.
وفي رواية : فما الذي أصنع وقد التقيا حلقتا البطان ورجوعي على عار ، فقال علي ( عليه السَّلام ) له : ارجع بالعار ولاتجمع بين العار والنار فأنشد الزبير في ذلك الاشعار ، وعاد إلى عائشة وقال لها : ما كنت في موطن منذ عقلت عقلي الاّ وأنا أعرف أمري الاّ هذا.
قالت له : فما تريد أن تصنع ؟ قال : أذهب وادعهم ، فقال له عبدالله ولده : جمعت هذين الفريقين حتى اذا حدّ بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب ؟
أحسست برايات ابن أبي طالب فرأيت الموت الأحمر منها ومن تحتها ، تحملها فئة انجاد سيوفهم حداد ؟!
فغضب الزبير وقال : ويحك قد حلفت أن لا أقاتله.
فقال : كفِّر عن يمينك ، فدعا غلاماً له يقال له مكحول فاعتقه.
وفي رواية أن الزبير لما قال له ابنه ذلك غضب وقال له : ابنه والله لقد فضحتنا فضيحة لا نغسل منها رؤوسنا أبداً ، فحمل الزبير حملة منكرة.
باختصار فلينظر العاقل إلى هذا الشقي المنهمك في الضلالة كيف كان يغري عائشة وأباه إلى مقاتلة نفس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ووصيه وابن عمه ومن كان معصيته معصيته وطاعته طاعته ، وكيف كان بعد ترك مقاتلته فضيحة باقية في أعقابهم.
وفي الروايات المعتبرة أنه افتخر عند معاوية بأنه وقف في الصف بازاء علي بن أبي طالب.
فقال له معاوية : لا جرم قتلك وأباك بيده اليسرى وبقيت اليمنى فارغة.
ومن نتائج بغضه انه كان يحبّ خروج سيّد الشهداء صلوات الله عليه من مكة إلى العراق وكان ( عليه السَّلام ) أثقل خلق الله عليه لما علم أن أهل الحجاز لايبايعونه ما دام هو ( عليه السَّلام ) بالبلد وقد ينافق فيظهر كراهته لخروجه.
وقال صلوات الله عليه : ان ابن الزبير ليس شيء من الدنيا أحب اليه من أن أخرج من الحجاز ، وقد علم أن الناس ما يعدلونه بي فودّ اني خرجت حتى يخلو له.
وقال ابن عباس له ( عليه السَّلام ) وقد رآه عارفاً جازماً على الخروج لقد أقررت عين ابن الزبير بالخروج من الحجاز ، وهو اليوم لا ينظر إليه أحد معك ومرّ ابن عباس بابن الزبير فقال : قرّت عينك يابن الزبير ، ثم قال :

يالكِ من قُبَّرة بمعمر        خلا لكِ الجوّ فبيضي واصفري
وَنَقِّرِي ما شئتِ ان تُنَقِّرِي    هذا حسين سائرٌ فابشري

هذا حسين يخرج إلى العراق ويخليك والحجاز ، ذكر هذا كلّه جماعة ، منهم علاّمتهم المحدّث عمر بن فهد المكي في « اتحاف الورى » في ضمن حكاية طويلة ومجدد دينهم في المأة التاسعة السيوطي : في « تاريخ الخلفاء » وغيرهما في غيرهما.
ولعمري لولم يكن لابن الزبير الاّ فرحته وسروره بمفارقة مثل أبي عبدالله ( عليه السَّلام ) وخروجه من الحجاز لكفاه خزياً وخسارة وشقاراً وضلالة ، ولو كان له أدنى حظ من الايمان وأقل قسط من الايقان لما صار قرير العين بمسير الحسين صلوات الله وسلامه عليه بل بكى وذاب ألماً ، وصار قلبه لذلك مجروحاً وعينه مقروحاً وأطال الحزن والكابة ، ويعنى بالشجن والسامة وهل يسرّ بالفراق الاّ الشامت الكاشح والمبغض الغير الناصح.
______________
1. الأنساب 2 : 286.
2. روض المناظر : 113.
3. تذكرة الخواص : 66 ، ولايخفى أن أول شهادة زور أُقيمت في الإسلام كما شهدت عليها بعض الروايات هي الشهادة على عدم توريث الأنبياء عند مطالبة فاطمة نحلتها من فدك وغيرها من أبي بكر.
فإنّه جمع أصحابه وشهدوا على قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ».


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page