• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أبو موسى كان مخالفاً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)

وروى الحاكم في المستدرك عن الشعبي قال : لما قتل عثمان وبويع لعلي رضي الله عنه ، خطب أبو موسى وهو على الكوفة : فنهى الناس عن القتال والدخول في الفتنة.
فعزله علي عن الكوفة من ذي قار وبعث إليه عمّار بن ياسر والحسن بن علي فعزلاه (1).
وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة : قال سيف بن عمر : لما خرج علي من المدينة ، وذلك في آخر شهر ربيع الاخر سنة ستّ وثلاثين ، كتب إلى أهل الكوفة يستنفرهم وكان أبو موسى الاشعري والياً عليها.
فجاء الناس يستشيرونه في الخروج فقال أبو موسى : ان أردتم الدنيا فاخرجوا وان أردتم الاخرة فاقيموا.
وبلغ علياً قوله فكتب إليه : اعتزل عن عملنا مذموماً مدحوراً يابن الحائك فهذا أول يومنا منك.
قال : وذكر المسعودي في مروج الذهب أن علياً كتب إلى أبي موسى انعزل عن هذا الأمر مذموماً مدحوراً فان لم تفعل فقد أمرت من يقطعك ارباً ارباً يابن الحائك ما هذا أول هناتك وان لك لهنات وهنات ، ثم بعث علي الحسن وعمّاراً إلى الكوفة فالتقاهما أبو موسى ، فقال له الحسن لم ثبطّت القوم عنّا فوالله ما أردنا الاّ الاصلاح.
فقال : صدّقت ولكني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ستكون فتنة يكون القاعد فيها خيراً من القائم والماشي خيراً من الراكب فغضب عمّار وسبّه.
وروى البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي وائل قال : دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمّار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم ، فقالا : ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من اسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت.
فقال عمّار : ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمراً أكره عندي من ابطائكما عن هذا الأمر ، وكساهما حلّة ، حلّة ، ثم راحوا إلى المسجد (2). وروى أيضاً بسند آخر عن شقيق ابن سلمة قال : كنت جالساً مع أبي مسعود وأبي موسى وعمّار ، فقال أبومسعود : ما من أصحابك أحد الاّ لو شئت لقلت فيه غيرك ، وما رأيت منك شيئاً منذ صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر ، فقال عمّار : يا أبا مسعود ! وما رأيت منك ولا من صاحبك هذا شيئاً منذ صحبتما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعيب عندي من أبطائكم في هذا الأمر ، فقال أبو مسعود : وكان مؤسراً يا غلام هات حلّتين ، فاعطى إحداهما أبا موسى والأخرى عمّاراً ، وقال روحا فيه إلى الجمعة (3).
وبالجملة فقد تواتر عن أبي موسى انحرافه عن أميرالمؤمنين وبغضه له وتخذيل الناس عنه ، والحكم بان القتال معه دخول في الفتنة المنهية ، وذمّ أميرالمؤمنين ( عليه السَّلام ) له وبغض ماذكر كاف في الدلالة على شقاوته وضلالته عن النهج القويم وانحرافه عن الصراط المستقيم سيّما اذا لوحظت الأخبار الواردة من طرقهم في فضائله ( عليه السَّلام ) ، وأنه مع الحق والحق معه ، وان مواليه موالي الله ، ومبغضه مبغض لله ورسوله ، وما ورد في خصوص محارباته من الأحاديث النبوية.
ومن طريف الأمر ان أبا موسى كان يعلم ذلك كله ويشهد به ووقع منه ما وقع ، فقد روى ابن مردويه على ما في مفتاح النجاة عن أبي موسى أنه قال : أشهد أن الحق مع علي ، ولكن مالت الدنيا باهلها ولقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول له : « يا علي أنت مع الحق والحق بعدي معك ».
وروى الحاكم في المستدرك عن عتاب بن ثعلبة ، قال حدثني أبو أيوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، بالطرافات والنهروانات وبالسعفات قلت : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع من نقاتل من هؤلاء الأقوام ؟ قال : مع علي بن أبي طالب (4).
وفي كنز العمال عن ابن مسعود ، قال خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاتى منزل أم سلمة فجاء علي ( عليه السَّلام ) فقال رسول الله : ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين ، والناكثين ، والمارقين ، من بعدي (5).
وروى أيضاً ، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقتال عساكر الناكثين ، والمارقين ، والقاسطين.
ثم ان حديث خاصف النعل من الأحاديث المستفيضة التي أوردها جماعة لا تحصى في كتبهم ، كالحاكم في المستدرك ، والنسائي في الخصائص وابن أبي شيبة في المصنّف ، وأحمد بن حنبل في المسند ، وأبويعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه ، وأبو نعيم في الحلية ، والضياء المقدسي في المختارة والذهبي في المعجم المختصر ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ، وذخائر العقبى وابن مندة في كتاب الصحابة ، وابن الاثير في أسد الغابة ، والسيوطي في جمع الجوامع ، وعلي المتقي في كنز العمال ، وغيرهم في غيرها ، ولنكتف بعبارة بعضهم :
روى الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد قال : كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فانقطعت نعله فتخلّف علي يصلحها فمشى قليلاً ثم قال : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرف لها القوم وفيهم أبوبكر وعمر قال أبوبكر : أنا هو ؟ قال : لا ، قال عمر : أنا هو ؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل يعني علياً فاتياه فبشراه فلم يرفع رأسه كأنه قد سمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (6).
وفي كنز العمال ومسند أبي يعلى : كنا جلوساً في المسجد فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فجلس الينا وكأن على رؤوسنا الطير لا يتكلّم منّا أحد ، فقال : ان منكم رجلاً يقاتل على تأويل القرآن كما قوتلتم على تنزيله فقام أبوبكر فقال : أنا هو يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : لا ولكنه خاصف النعل في الحجرة ، فخرج علينا علي ( عليه السَّلام ) ومعه نعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلح منها ، ش ، حم ، ع ، حب ، ك ، حل ، ض (7).
وبالجملة فالمطلب من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى اكثار الشواهد عليه.
واذا لم يعتد أبو موسى بمدح النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لحروبه وغزواته عليه السلام بل أمره به فياليته اعتد واعتنى بما صدر عن شيخيه من التمني والشعف والغرام على أن يكون مصدرين لهذه الحروب.
ومن عجيب الامر أن رواية الفتنة التي قرئها على المنبر وخذل الناس بها عن النهوض انما وردت في حقه ، وقد صرف الكلام عن موضعه على مايظهر من كنز العمال ، حيث روى عن أبي مريم.
قال : سمعت عمّار بن ياسر يقول : يا أبا موسى أنشدك الله ألم تسمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « من كذّب عليَّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار » ، وأنا سائلك عن حديث فان صدقت والاّ بعثت عليك من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من يقررك به ! أنشدك الله أليس انما عناك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما أنت نفسك ؟
فقال أنها ستكون فتنة بين أمتي أنت يا أبا موسى فيها ، نائماً خير منك قاعداً وقاعداً خير منك ماشياً ، فخصّك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يعم الناس ، فخرج أبو موسى ولم يرد فيها شيئاً (8).
ومن أعظم الشواهد وأقوى الدلائل على ضلاله ونفاقه وعناده وشقاقه ما صدر منه في قضية التحكيم حيث رأى عبدالله بن عمر بن الخطاب الذي مرّ شطر من فضائحه وقبائحه أهلاً للخلافة وخلع أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) عن الامامة وبلغ الغاية القصوى من الضلالة والجهالة والخباثة والعداوة والشقاوة والخسارة والجسارة ، وتفصيل القضية مذكور في كثير من كتبهم ، منها كتاب سبط ابن الجوزي والفصول المهمة وروضة الاحباب وشرح النهج وغيرها فراجع.
ومن طريف الامر أن عمرو بن العاص الداعي إلى النار شبّه أبا موسى بالحمار الحامل للاسفار فاعقب الحمار بذلك العار والشنار.
وقال عبدالله بن قتيبة في كتاب الامامة والسياسة : ثم قام عمرو فقال : أيها الناس هذا أبو موسى شيخ المسلمين وحكم أهل العراق ، ومن لايبيع الدين بالدينار ، وقد خلع علياً وأثبت معاوية ، فقال أبو موسى : ما لك عليك لعنة الله ما أنت الاّ كمثل الكلب تلهث ، قال عمرو : لكنك مثل الحمار يحمل الاسفار واختلط الناس وهذه القضية بعينها مذكورة في الفصول المهمة وروضة الاحباب وتذكرة سبط ابن الجوزي ، ورسالة رفع الإلتباس في ضرب المثل من القرآن ، والإقتباس للسيوطي فراجع.
ويظهر من هذه الترجمة شطر من فضائح عمرو بن العاص أيضاً ، وقد سبق في تضاعيف الكتاب بعضها ، ولذا أطوي عن التعرض له بترجمة مستقلة ، وان كان ببالي سابقاً.
وفي التذكرة لسبط ابن الجوزي أيضاً ، أنه كان علي اذا صلى الغداة ، قنت ودعى ولعن معاوية ، وعمرواً ، وأبا الاعور السلمي ، وحبيباً ، وعبد الرحمن بن الخالد ، والضحاك ابن قيس ، والوليد بن عقبة (9).
وفيها أيضاً : أن علياً ( عليه السَّلام ) قال له يا ابن النابغة : متى لم تكن للفاسقين ولياً وللمسلمين عدواً هل تشبه الا أمك التي دفعت بك ؟
فقام عمرو وقال : لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم ، فقال علي : ان الله قد طهر مجلسي منك ومن أشباهك (10).
وفيها أيضاً : ان ابن عباس قال لأبي موسى : قبحك الله يابن قيس ، لقد حذّرتك غدرة الفاسق الخبيث فابيت ؟
فقال أبو موسى : ظننت انه ينصح الأُمة ، وما ظننت أنه يبيع الاخرة بالدنيا (11) ، وقد ثبت ضلالته واضلاله بنص النبوي المتقدم انفاً حيث قال في وصف الحكمين أنهما ضلاّ وأضلاّ.
وروى امامهم الحافظ الثقة أبو يعلى الموصلي في الذي يعرف شطر من محامده ومحاسنه من الرجوع إلى كتاب الثقات لابن حبان ، وتاريخ الحاكم ، وأنساب السمعاني وتذكرة الذهبي ، و « مفتاح كنز الدراية » وغيرها في مسنده بسنده المتصل عن أبي برزة قال : كنا مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسمع صوت غناء فقال : انظروا ما هذا ؟ فنظرت فاذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنّيان ، فجئت فأخبرت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : الّلهم اركسهم في الفتنة ركساً اللهم دعهما النار دعّاً (12).
وروى هذا الحديث امام مذهبهم أحمد بن حنبل أيضاً في مسنده الذي ستسمع شطراً مما أثنوا عليه ، وقالوا في صحته والاعتماد عليه وأنه الأصل في معرفة الصحيح من السقيم.
ورواه أيضاً امامهم العلامة بقية الحفاظ أبو القاسم الطبراني في معجم الكبير بسنده المتصل عن ابن عباس قال : سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صوت الرجلين يتغنّيان وهما يقولان :
ولايزال حواري يلوح حطامه ذوى الحرب عنه ان يجن فيقبرا
فسأل عنهما فقيل له معاوية وعمرو بن العاص ، فقال : اللهم اركسهما في الفتنة ركساً ودعهما إلى النار دعّاً (13).
وقبائح عمرو بن العاص لاتخفى على من له أدنى تتبع في الكتب ، ولا تفي هذه الرسالة باحصائها.
والعجب ان القوم رووا عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه صلّى عليه ، ففي الرياض النضرة لمحب الدين الطبري : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : اللهم صلّ على أبي بكر فانه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صلّ على عمر فانه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صلّ على عثمان فانه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صلّ على أبي عبيدة ابن الجراح فانه يحبك ويحب رسولك اللهم صلّ على عمرو بن العاص فانه يحبك ويحب رسولك أخرجه الخلعي (14).
فلينظر العاقل إلى هؤلاء الضالين المعاندين كيف لا يصلون على أمير المؤمنين وآله الطاهرين مع اعترافهم بقضاء الأدلة على جوازها ، ورجحانها ، وكيف تركوا ذكر أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) في هذا الرواية ؟! وان لم يتركوه إلاّ تعصباً ونصباً ، لكن نعم ما فعلوا ، حيث لم يقرنوا اسمه الشريف بهذه الأسامي الميشومة الملعونة ، وكيف يروون في حقّ مثل هذا الشقي الملحد ان النبي صلّى عليه ؟
وشنع بعض متأخريهم غاية التشنيع ، على ما رواه الكشي ، وأورده القاضي في « مجالس المؤمنين » : من أنه ذُكر محمد بن أبي بكر عند الإمام الصادق صلوات الله عليه فقال ( عليه السَّلام ) : رحمه الله وصلّى عليه.
ومن الطريف ان المخاطب الظريف لما سمع رواية الصلوات على محمد بن أبي بكر الذي كان ذا سداد ، ورشاد ، وصاحب نسك وعبادة ، واجتهاد ، ولد في زمان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأثنى عليه الوصي ، وحزنت بجليل رزئه أم المؤمنين ، ودعت على قاتله اللعين ، حاد عنها وشغب عليها ، فورم أنفه وشخب وجهه والتاع قلبه وتحارزت عيونه ، وانتفخت أوداجه ، ونظر شزار ، واستشاط غيظاً ، وضاق ذرعاً ولم يعلم أن أئمته وشيوخه يردون الصلوة على من دعى عليه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
وذكر عماد الدين أبو الفداء اسماعيل في كتابه المسمى بالمختصر من أخبار البشر : انه لما بلغ عائشة قتل أخيها محمد جزعت عليه وقنتت في دبر كلّ صلاة تدعو على معاوية وعمرو بن العاص (15).
وروى الحاكم في المستدرك حديثاً صحيحاً يتضمن لعن عائشة على عمرو بن العاص !
فاخرج بسنده عن مسروق أنه ذكر عند عائشة أن علياً قتل ذا الثدية فقالت لي : اذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناساً ممن شهد ذلك ممن تعرف من أهل البلد فلما قدمت وجدت الناس أشياعاً.
فكتبت لها من كلّ شيع عشرة ممن شهد ذلك ، قال : فأتيتها بشهادتهم ، فقالت : لعن الله عمرو بن العاص فانه زعم لي انه قتله بمصر ، قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (16).
وفي كثير من الكتب أنه يؤلّب على عثمان ويفسد الأمر عليه ، ذكر صاحب الاستيعاب في ترجمة عبداللّه بن أبي سرح انه لما ولاّه ايّاه يعني مصراً عثمان و عزل عنها عمرو بن العاص يطعن على عثمان ويؤلّب عليه ويسعى في فساد أمره ، فلما بلغه قتل عثمان وكان معتزلاً بفلسطين قال : اني اذا نكأت قرحة أدميتها أو نحو ذلك.
وذكر ترجمة محمد بن أبي حذيفة ، أنه كان محمد بن أبي حذيفة أشدّ الناس تأليباً على عثمان وكذلك كان عمرو بن العاص منذ عزله عن مصر يعمل حيلته بالتاليب والطعن على عثمان.
وذكر في ترجمته أيضاً نحو ذلك ، وأورد نحوه السيوطي في « حسن المحاضرة » وابن ظهير في « الفضائل الباهرة ».
ومسألة خبث ولادته معروفة في كثير من الكتب ، منها : « انسان العيون في سيرة الامين والمأمون » ، ومنها : كتاب « المستطرف » ، ومنها : « تذكرة سبط ابن الجوزي » ومحصلها أن أمه كانت بغيّاً عند عبدالله ابن صدعان فوطئها في طهر واحد أبو لهب وأمية بن سلف وأبو سفيان بن حرب والعاص بن الوائل وادعي كلّهم عمرو ، فالحقته أمه بالعاص وقيل لها : لم اخترت العاص ؟ فقالت : لانه كان ينفق على بناتي.
ويعجبني ما أورده عالمهم المحدث ابن الشحنة الجلبي في كتاب روض المناظر قال في سنة ستين مات معاوية ، وكان عمره خمساً وسبعين سنة ، وكان يغلب حلمه على ظلمه ، وكان داهية ، يحسن سياسة الملك.
دخلت عليه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب فقال لها : مرحباً بك يا خالة كيف حالك ؟ فقالت : بخير يابن أختي لقد كفرت النعمة وأسأت لابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك ، وأخذت غير حقك ، وكنا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاء ، حتى قبض الله نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مشكوراً سعيه ، مرفوعاً منزلته ، فوثبت علينا بعده تميم وعدي وأمية ، فابتزونا حقّنا ، وليتم علينا ، فكنا فيكم بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون ، وكان علـي بـن أبـي طالـب بعـد نـبينا بمنزلـة هارون من موسى.
فقال لها عمرو بن العاص : كفي أيتها العجوز الضالة ، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك ، فقالت : وأنت يا ابن النابغة (17) ، تتكلّم و أمك كانت أشهر بغي بمكة ، وأرخصهن أجرة ، فادعاك خمسة من قريش ، كلٌّ يقول هو لي ، فسُئلتْ أمك عن ذلك ، فقالت : كلّهم أتاني فانظروا أيهم أقرب شبهاً به وكان أقربهم شبهاً بك العاص بن وائل فألحقوك به.
فقال لها معاوية عفى الله عمّا سلف ، هاتي حاجتك ، فقالت : أريد ألفي دينار اشتري بها فوارة في أرض خوارة تكون لفقراء بني الحارث بن عبدالمطلب ، وألفي دينار أخرى أزوّج بها فقراء بني الحارث ، وألفي دينار أخرى ، أستعين بها على شدّة الزمان ، فأعطاه ستة آلاف دينار وانصرفت (18) ، وذكر هذه الحكاية أيضاً بعينها أبو الفداء اسماعيل في المختصر (19).
وبالجملة فمطاعن هذا الشقي كثيرة لا يمكن استيفاؤها ويكفيه ما وقع منه في مقاتلته لنفس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومن حربه حربه ، وسلمه سلمه ، وما تواتر منه من معاداته أولياء الله وموالاته أعداء الله ، وكونه من القاسطين ومن الفئة الباغية بنصّ النبوي المتواتر بين الفريقين في حق عمّار وغير ذلك.
ومما يقضي منه العجب أن جماعة من أساطينهم وأعيانهم رووا في حقّ هذا الملحد الكافر الملعون أحاديث عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مما تدلّ على صلاحه وفضله : كأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وابن عساكر ، والطبراني ، وأبو يعلى ، والبيهقي ، والحاكم وابن سعد ، وغيرهم ، مضافاً إلى ما مرَّ من صلوة النبي عليه كما يعلم من المراجعة إلى « جمع الجوامع » ، و « كنز العمال » روى في الأخير : عمرو بن العاص من صالحي قريش (20).
والترمذي عن طلحة : أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص (21).
وفي مسند أحمد والترمذي عن عقبة بن عامر الاكمال : نعم أهل البيت عبدالله وأبوعبدالله وأم عبدالله ابن عمرو بن العاص (22).
وابن عساكر عن عمرو بن دينار عن جابر ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دخل على عمرو بن العاص فقال : أن عمرو بن العاص لرشيد الأمر (23) وعن طلحة بن عبيدالله ان عمرو بن العاص لمن صالحي قريش ونعم أهل البيت عبدالله وأبو عبدالله : أحمد بن حنبل وابن عدي عن جابر يا عمرو انك لذي رأي رشيد في الاسلام.
_______________
1. المستدرك على الصحيحين : باب ، معرفة الصحابة 3 : 126 رقم 200.
2. صحيح البخاري كتاب الفتن باب 18 ، رقم 7102 و 7103 و 7104 و 7105 و 7106 و 7107.
3. نفس المصدر السابق.
4. المستدرك 3 : 150 رقم 4674.
5. شرح السنة 6 : 168 رقم 2559 ، تاريخ بغداد 8 : 340 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 470 ، مطالب السؤول : 117.
6. مسند أحمد 3 : 31 و 33 و 82 ، المصنّف 12 : 64 رقم 12131 ، المستدرك 3 : 122 ، مسند أبي يعلى 2 : 341 رقم 1086 ، دلائل النبوة 6 : 435 ، تاريخ بغداد 1 : 217 ، شرح السنة 6 : 167 رقم 2557.
7. ش ، ابن أبي شيبة ، حم ، أحمد بن حنبل ، ع ، مسند أبي يعلى ، حب ، صحيح ابن حبان ، ك ، المستدرك للحاكم ، وحل ، حلية الاولياء لابي نعيم ، وض ، الضياء المقدسي في المختارة.
8. تاريخ مدينة دمشق 32 : 92.
9. تذكرة الخواص : 102.
10. المصدر السابق : 97.
11. المصدر السابق : 102.
12. مسند أحمد 4 : 421 ، سير أعلام النبلاء 3 : 132.
13. مسند أحمد 4 : 421 ، سير أعلام النبلاء 3 : 132.
14. الرياض النضرة 1 : 37 ، سير أعلام النبلاء 3 : 65.
15. تاريخ أبي الفداء 1 : 249.
16. المستدرك 4 : 14 رقم 2342 ـ 6744.
17. الباغية.
18. روض المناظر : 120 ـ 121.
19. تاريخ أبي الفداء 1 : 262 ـ 263.
20. مسند أحمد 1 : 161 ، سير أعلام النبلاء 3 : 56.
21. مسند أحمد 4 : 155 ، سنن الترمذي رقم 3844 ، سير أعلام النبلاء 3 : 64.
22. مسند أحمد 1 : 161 ، سنن الترمذي رقم 3845 ، سير أعلام النبلاء 3 : 56.
23. سير أعلام النبلاء 3 : 64.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page