طباعة

الزعم الحادي عشر والثاني عشر: أخبار تحريف القرآن بالنقيصة

قال النوري:
"الأخبار الكثيرة في وقوع السقط ودخول النقصان في الموجود من القرآن... من غير اختصاصها بآية أو سورة"(1).
وقال أيضاً:
"الأخبار الواردة في الموارد المخصوصة من القرآن الدالة على تغيير بعض الكلمات والآيات والسور وهي كثيرة جداً"(2).
أقول: أورد النوري للزعم الحادي عشر إحدى وستين رواية، وللزعم الثاني عشر اثنتين وستين وألف رواية، زعمها دالة على تحريف الكتاب العزيز، إمّا دلالة عموم أو ناصة على موضع التحريف بالخصوص، وقد جعل النوري من النوع الأول دليله الحادي عشر، ومن النوع الثاني دليله الثاني عشر. وفي الواقع فإنّ الأحاديث المذكورة هنا هي نفس الأحاديث التي أوردها النوري في مزاعمه العشرة السابقة ليس إلاّ، وفيها أحاديث متكررة كثيرة جداً، قد نقلها بالإسناد تارة وبالإرسال أخرى.
وقد ناقش الأستاذ السيد مرتضى العسكري لدى نقده كتاب "الشيعة والقرآن" للأستاذ إلهي ظهير هذه الروايات كافة وبالتفصيل، سواء على صعيد المضمون والمحتوى أم على صعيد السند، ثم كتب عقب ذلك وتحت عنوان "نتائج البحوث" قائلا:
"استشهد الشيخ النوري والأستاذ ظهير على حد زعمهما بتلك الروايات التي بعضها مشتركة في كتب الفريقين على التحريف والنقصان في آيات كتاب الله العزيز الحكيم، وقمنا بفضل الله تعالى بدراستها رواية بعد رواية سنداً ومتناً...".
ثم قال مدّ ظله:
"فلم يصح سند رواية واحدة منها [إلاّ رواية عن الكافي التي مضى دراستها](3) بل كان في إسنادها من وصفه علماء الرجال بضعيف الحديث! فاسد المذهب! مجفو الرواية! يروي عن الضعفاء! كذّاب! متّهم في دينه! غال!
ولم يكن المراد مما جاء في متون الروايات ما زعم بأن في نصوص القرآن الذي بأيدينا اليوم تبديل وتحريف والعياذ بالله بل المراد أن المخاطبين لم يعلموا بها... ويفسرونها على غير ما أنزل ولا يكون في متن الرواية إلاّ بياناً وتفسيراً للآية الكريمة خلافاً لما زعما بأنها نص محذوف منها وكثيراً ما اجتمع الأمران المذكوران في ما استدلا به من رواية، وهكذا انتج البحث لهما في كل رواية استدلا بها صفراً، وصدق عليهما المثل القائل: تمخض الجبل فولد فأراً"(4).
أقول: إن ما قاله الأستاذ في مضامين تلك الروايات في محلّه; لأنّنا حينما نعمد إلى القيام بفرز وتقسيم تلك الروايات فسنجد مضامينها غير خالية من إحدى طائفة من الطوائف الستّ، التي مضت دراستها، ولاحظتم أنها بعيدة كل البعد عن التحريف بالمعنى المتنازع فيه. وأما ما ذكره الأستاذ حول أسانيد ومصادر تلك الروايات فهو عين مقالة المحققين من علماء الإمامية، وسترونها في النقاط الآتية.
____________
1 ـ نفس المصدر: ص 234.
2 ـ نفس المصدر: ص 250.
3 ـ وهي رواية الكليني بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام، انظر: الكافي: ج 2، ص 634، رقم 28.
4 ـ القرآن الكريم ورواية المدرستين: ج 3، ص 231 و847.