طباعة

سليم بن قيس شخص واقعي أم خيالي؟

هل أن سليماً موجود خيالي(1)؟ كيف يمكن للدكتور القفاري ادعاء أن سليم بن قيس مختلق؟ فهل يريد اخفاء جريمة الامويين ـ وسقوط الدولة الاموية التي
يعتبره بعضهم سقوطاً لعزة الإسلام ـ(2) وكذا التستر على جرائم الحجّاج ابن يوسف(3).
قال الدكتور القفاري:
"رجعت في البحث عنه إلى مصادر كثيرة من كتب أهل السنة فلم أجد له ذكراً..."
ولكنك لو رجعت إلى كتاب "الجرح والتعديل" للحافظ شيخ الإسلام الرازي (327) لوجدت ما يلي:
"سليم بن قيس العامري روى عن سحيم بن نوفل روى عنه أبان سمعت أبي يقول ذلك"(4).
وسليم بن قيس هذا شهد صفين على ما نقله ابن عساكر إذ قال في كتابه "تاريخ مدينة دمشق" بسنده عن عبدالله بن اُذينة البصري عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليمان بن قيس العامري، قال:
"رأيت اُوَيساً القَرَني بصفين صريعاً بين عمّار وخزيمة بن ثابت"(5).
هذا، و"سليمان بن قيس العامري" تصحيف "سليم بن قيس العامري" قطعاً، لقرينة اللّقب (العامري) والراوي (أبان ابن أبي عيّاش) وعدم وجود شخص
مسمى بـ "سليمان بن قيس العامري" في كتب التراجم والرِّجال من العامة والخاصة.
و"سليم بن قيس" هذا، يوجد في طريق كثير من الرّوايات، فمن روى عنه من علماء الإمامية فكثير جداً(6) ومن علماء أهل السنة:
1. الفاضل المحدّث القاضي أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله النيسابوري المعروف بالحاكم الحسكاني (ت 483) في كتابه "شواهد التنزيل" (ص: 41، 129، 202، 345، 794).
2. الحافظ أبو المؤيد موفق بن أحمد المكّي الحنفي المعروف بخطيب خوارزم (568) في كتابه "مقتل الحسين" (ج 1، ص 146).
3. الشيخ أبو اسحاق إبراهيم بن سعد الدين محمّد بن محمّد المعروف بالحمويني (722) في كتابه "فرائد السمطين" (ج 1، ص 312، باب 58 ح 250).
4. المحدّث علي بن شهاب الدّين بن محمّد الهمداني (ت 786) في كتابه "مودة القربى" ورواه عنه "القندوزي" في "ينابيع المودة" (ص 114، 168، 258، 445، 492). وفيه كفاية ومثل هذا كثير(7).
ثمّ قام الدكتور القفاري تأييداً لآرائه التي قد سبقت ـ بأن لا يكون لسليم بن قيس وجود إلاّ في خيالات الشيعة ـ قال:
"بل إن من متقدمي الشيعة من قال: ان سليماً لا يُعرف ولا ذُكر في خبر"(8).
هذا الادعاء نقل عن "أبي عبد الله الحسين ابن الغضائري" (ت 411) عن بعض ـ على ما نقل عنه العلاّمة الحلّي رحمه الله في "خلاصة الأقوال في معرفة الرجال" ـ ثم قال ابن الغضائري ردّاً عليه: "وقد وجدت ذكره ـ أي سليم بن قيس ـ في مواضع من غير جهة كتابه ولا رواية أبان بن أبي عيّاش وقد ذكر "أبو العباس بن عقدة" في رجال أمير المؤمنين عليه السلام أحاديث عنه"(9)
____________
1 ـ اصول مذهب الشيعة.
2 ـ منهاج السنة: ج 4، ص 210 والمنتقى (مختصر منهاج السنة): ص 523.
3 ـ وكذلك يقول "ابن النديم" و"العقيقي": "كان سليم هارباً من الحجّاج لانه طلبه ليقتله فلجأ إلى أبان بن أبي عياش فآواه" وكذا أبان بن أبي عياش نفسه يقول: "لما قدم الحجّاج العراق سأل عن سليم بن قيس فهرب منه..." الفهرست لابن النديم: ص 275 وخلاصة الاقوال: ص 83.
4 ـ الجرح والتعديل: ج 4، ص 214، رقم الترجمة 930 وشيخ الإسلام الرازي هو: أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، قال الذهبي في التذكرة: "الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام الرازي... كتابه في الجرح والتعديل يقضي له بالمرتبة المتقنة في الحفظ" وقال في الميزان: "الحافظ الثبت ابن الحافظ الثبت" انظر مقدمة كتاب "الجرح والتعديل": ص "ز".
5 ـ تاريخ مدينة دمشق: ج 9، ص 455.
6 ـ انظر: كتاب سليم بن قيس: تحقيق الشيخ محمّد باقر الانصاري، ص 122 وما بعدها.
7 ـ انظر كتاب سليم بن قيس، تحقيق الشيخ محمّد باقر الأنصاري: ص 126 وما بعدها.
8 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 222.
9 ـ رجال العلامة الحلي المعروف بـ "خلاصة الاقوال في معرفة الرجال": ص 83.