طباعة

أخطر آراء السبئية في كتاب سليم بن قيس

هل الكتاب يحمل أخطر آراء السبئية؟
وهو مانصّ عليه الدكتور القفاري بقوله:
"إنّ كتاب سليم بن قيس يحمل أخطر آراء السبئية وهو تأليه علي ووصفه بأوصاف لا يوصف بها إلاّ ربّ العالمين فجاء في بعض روايات الكتاب مخاطبة علي بهذه الالقاب "يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم"... وهذه الأوصاف هي من الآثار السبئية التي تؤلّه علياً والتي ورثتها الاثنا عشرية... وهذه أوصاف لرب العالمين قال تعالى: (هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)"(1)
هذا أيضاً كذب عظيم وأسوأ من الاكاذيب المتقدمة، فانظر أصل الخبر ومصدره:
قال محقق كتاب سليم بن قيس، في مقدمة الكتاب:
"الفائدة الخامسة: فيما أورده العلماء من الأحاديث المروية عن سليم ممّا لا يوجد في كتاب سليم بن قيس، ما رواه الشيخ عبد الوهاب بإسناده عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت أبا ذرّ جندب بن جنادة الغفاري. قال: رأيت محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد قال لأمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة إذا كان غداً اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز من الأرض فإذا بزغت الشمس فسلّم عليها فان الله تعالى قد أمرها أن تجيبك بما فيك فلمّا اطلعت الشمس قرنيها قال عليه السلام: السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له. فسمعوا دويّاً من السماء وجواب قائل يقول: وعليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم، فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار كلام الشمس صعقوا ثمّ أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين عليه السلام عن المكان فوافوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الجماعة وقالوا أنت تقول أنّ علياً بشر مثلنا وقد خاطبته الشَّمس بما خاطب به الباري نفسه فقال النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وما سمعتموه منها؟ فقالوا: سمعناها تقول: السلام عليك يا أوّل. قال: صدقت هو أول من آمن بي، فقالوا: سمعناها تقول: يا آخر قال: صدقت هو آخِرُ الناس عهداً بي يغسّلني ويكفّنني ويُدخلني قبري، فقالوا: سمعناها تقول: يا ظاهر، قال: صدقت ظهر علمي كلُّه له، فقالوا: سمعناها تقول: يا باطن قال: صدقت بَطُنَ سري كلُّه له قالوا: سمعناها: تقول يا من هو بكلّ شيء عليم، قال: صدقت هو العالم بالحلال والحرام والفرائض والسُّنن وما شاكل ذلك فقاموا كلهم..."(2).
على هذا، فإنَّ الرواية ليست من كتاب سليم بن قيس، بل من كتاب عيون المعجزات بسند مؤلفه الشيخ حسين عبد الوهاب ـ المعاصر للسيدين الرضىّ والمرتضى "رحمهما الله" في القرن الخامس ـ عن سليم بن قيس عن أبي ذر جُندب بن جنادة. وعلى فرض اعتبار كتاب عيون المعجزات وصحَّة تلك الرواية، فلا علاقة لها بتأليه الإمام علي عليه السلام.
فالدكتور القفاري ـ مع الأسف ـ خِلوٌ من الأمانة العلمية، وقد بلغت خيانته العلمية أوجها حينما اقتطع من الرّوايات ما لو ذكره لبطل استدلاله بها، فتتمة الرّواية تكمل المعنى المقصود منها، ولا يتم بذكر الصدر فقط، فانظر وتعجب!
وعلى هذا لا توجد في كتاب سليم بن قيس روايات تشتمل على طعن في كتاب الله، ولا توجد رواية في تأليه الإمام علي عليه السلام.
____________
1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 224.
2 ـ مقدمة كتاب سليم بن قيس: 38 ـ 39 ط. دار الفنون وعيون المعجزات: ص 14 ـ 15.