• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تطوره في شكر أياديهم

استعبد بنو أمية أبا هريرة ببرهم، فملكوا قيادة. واحتلوا سمعه وبصره وفؤاده، فاذا هو لسان دعايتهم في سياستهم؛ يتطور فيها على ما تقتضيه اهواؤهم.
فتارة يفتئت الأحاديث في فضائلهم، كما سمعته في الفصل الخامس والفصل السابع (1) من هذا الاملاء.
وتارة يلفق احاديث في فضائل الخليفتين نزولا على رغائب معاوية وفئته الباغية. اذ كانت لهم مقاصد سياسية ضد الوصي وآل النبي لا تتسق لهم ـ فيما كانوا يظنون ـ إلا بالاشادة بتفضيل الخليفتين، فاقأت في ذلك احاديث اوردنا بعضها في الفصل السابع من املائنا هذا.
وحسبك مما لم نورده ثمة حديثه في تأمير أبي بكر على الحج سنة براءة ـ وهي سنة تسع للهجرة ـ وحديثه في أن عمر كان محدثاً تكلمه الملائكة.
وقد اقتضت سياسة الأمويين في نكاية الهاشميين تثبيت هذين الحديثين واذاعتهما بكل مالمعاوية وأعوانه. ومقوية سلطانه من وسيلة أو حلية، فبلغوا في ذلك ماشاء حولهم ولحولهم حتى أخرجتهما الصحاح؛ وستسمعهما في الفصل 11 حيث نوردهما ونبسط القول فيهما على ما يوجبه العلم، وتقتضيه قواعده ان شاء الله تعالى.
وتارة يقتضب أحاديث ضد أمير المؤمنين جرياً على مقتضى تلك السياسة كقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: لم تحبس الشمس أو ترد لأحد إلا ليوشع ابن نون ليالي سار الى بيت المقدس أهـ (2).
وقوله: قام رسول الله صلى الله عليه واله حين أنزل الله عليه: (وأنذر عشيرتك الأقربين) فقال: يا معشر قريش الحديث، بتره ابو هريرة فلم يعج على نصه الصريح تحريفاً للكلم عن مواضعه جريا على مقتضيات السياسة الأموية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقوله: إن رسول الله صلى الله عليه واله قال: لايقتسم ورثني ماتركت. الحديث
وقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمه أبي طالب: قل لا إله إلا الله الحديث وآخره فأنزل الله تعالى: (انك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (3) الى كثير من المختلقات التي أريد بها نكاية الوصي وأهل بيت النبي.
قال الامام أبو جعفر الاسكافي (4): إن معاوية حمل قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في على تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا له ما أرضاه، منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزيبر إلى آخر كلامه.
وقال (5): لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مراراً!! وقال يا أهل العراق اتزعمون اني كذب على الله ورسوله واحرق نفسي بالنار؟ والله لقد سمعت رسول الله يقول: ان لكل نبي حرماً وان المدينة حرمي فمن احدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين «قال» واشهد بالله ان علياً احدث فيها!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه واكرمه وولاه امارة المدينة أهـ (6).
وتارة يرتجل أحاديث يدافع بها عن منافق بني أمية الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه واله في كثير من مواقفه ليسجل عليهم بذلك خزياً يأمن به على الدين من نفاقهم وعلى الأمة من عيثهم: (وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى).
لكن أبا هريرة تزلف الى مروان ومعاوية وأوليائهما فأنشأ يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: اللهم انما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له وقربة تقربه بها اليك يوم القيامة.
وقد عمل مروان وبنوه في تعداد أسانيده وتكثير طرقه اعمالا جبارة لم يألوا فيها جهداً، ولم يدخروا وسعاً؛ حتى أخرجه أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد.
ولمروان وبنيه في رفع مستوى أبي هريرة وتفضيله على من سواه في الحفظ والضبط والاتقان والورع أعمال كان لها أثرها الى يومنا هذا.
فمنها: أن مروان كان يزعم انه أجلس كاتبه في مكان لايراه فيه أحد؛ ثم دعا أبا هريرة فجعل يسأله عن أشياء وأكثر في سؤاله وأبو هريرة يحدثه في الجواب عن رسول الله وكاتب مروان ـ واسمه زعيزعة (7) ـ يكتب من حيث لا يشعر به أحد أبداً فكتب أحاديث جمة ثم أمهله مروان حولا كاملا فسأله تلك المسائل كلها، فأجابه أبو هريرة تلك الأجوبة بألفاظها لم ينقص ولم يزد وأذاع مروان وكاتبه هذه الأكذوبة بين طغام أهل الشام فسارت كل مسير حتى أخرجها الحاكم في أحوال أبي هريرة من مستدركه (8).
ومنها: أن مروان لما أراد أن يجلب على بني هاشم بخيله ورجله ليمنعهم من دفن الإمام أبي محمد الحسن المجتبى ـ عند جده رسول الله صلى الله عليه واله أوعز إلى أبي هريرة ـ من تدجيله ـ أن يعارضه ويغلظ له القول في ذلك علانية؛ تمويهاً على العامة وسواد الناس بأن له منزلة الصديقين لا تأخذه في الله ورسوله سطوة ولا تمنعه عن الانتصار لهما قوة.
وحين قام أبو هريرة بهذه المعارضة، أظهر مروان الغضب منه، مكان بينهما صحب رياء، وغيظ تصنع؛ اشتد أبو هريرة فيهما احتجاجا على مروان بمنزلته من رسول الله صلى الله عليه واله التي لم تكن لخاصة أصحابه وذويه وبوعيه عنه صلى الله عليه واله وحفظه الذي فاق به السابقين الأولين كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير (9) وأمثالهم. واسترسل في خصائصه التي توجب له أسمى منازل المقربين؛ فانتهت الخصومة بينهما ببخوع مروان لمنزلة أبي هريرة في الإسلام، ومكانته في العالم بالسنن، برأئى الناس ببخوعه لفضل أبي هريرة ترويجاً لسلعته التي كان مروان ومعاوية وبنوهما يحاربون بها الحسن والحسين وأباهما وبنيهما. وكانت من أنجع الدعايات في تلك السياسات: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثمّ يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون).
____________
(1) الفصل الخامس يتعلق باحواله على عهد عثمان، والسابع يتعلق باحواله على عهد معاوية.
(2) أخرجه الخطيب في ترجمة أسود بن عامر: 7/35 من تاريخ بغداد، وفي ترجمة سعيد بن عثمان الحناط: 9/99 عن أبي هريرة.
(3) سنفصل القول في هذه الاحاديث الثلاثة، حيث نوردها في الفصل 11 من هذا الاملاء فراجع.
(4) كما في: 1/358 من شرح نهج البلاغة الحميدي.
(5) كما في: 359 من المجلد المذكور من شرح النهج.
(6) وروى سفيان الثورى عن عبد الرحمن بن قاسم عن عمر بن عبد الغفار ان أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس اليه فجاءه شاب من الكوفة ـ لعله الأصبغ بن نباتة ـ فجلس اليه فقال: يا أبا هريرة أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقال: اللهم نعم قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه ثم قام عنه وانصرف.
(7) وكنيته ابو زعبره.
(8): 3/510.
(9) في حديث أخرجه ابن سعد من طريق الوليد بن رباح، ونقله ابن حجر في ترجمة ابي هريرة من اصابته، وسنورده بالفاظه في فضائله من هذا الاملاء معلقين عليه مالا يسعنار اغفاله.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page