• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

«آل سعود والبقيع» - الهدم الأول للبقيع

نبذة عن قيام الدولة السعودية الأولىٰ:
في عام 1158 هـ (1745 م) إتفق كل من الأمير محمد بن سعود (أمير الدرعية) والشيخ محمد بن عبدالوهاب على العمل معاً علىٰ نشر الدعوة الوهابية علىٰ أن تكون للأول السلطة السياسية ولـلثاني الدينية.. وقد حدثت معارضة شديدة لهذا الإتفاق من قبل أمراء المناطق المجاورة خـاصة عـندما بدأ المتحالفان بالتوسع خارج نطاق الدرعية وقد وقعت معارك عديدة بين محمد بن سـعود وأمـراء مناطق نـجد والاحساء لم يتم حسمها بشكل كامل في حياة محمد بن سعـود والذي تـوفي عـام 179هـ (1765 م).
خلف محمد بن سعود في الحكم عبدالعزيز بن محمد الّذي توسع في الحكم فاحتل عدداً من المناطق المجاورة مثل الرياض (1187هـ)، والقصيم (1189هـ) والأحساء (1208هـ). كما قام بمهاجمة قطر والبحرين وعمان والكويت ومناطق أخرىٰ عديدة، كما قام بغزو جنوب العراق حيث هجم علىٰ مناطق عديدة منه ودخل جيشه مدينة كربلاء المقدسة في 20 إبريل 1801م ـ (1216هـ) بقيادة إبنه سعود وعاث فيها الفساد وهدم مشهد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ونهب محتوياته، ويقول الدكتور عبد الرحيم[1]
عن هذه المجزرة:
«قاد الأمير سعود بنفسه جيشاً كبيراً ودخل حدود العراق وبعد مناوشات بينه وبين عربان المنتفق والظفير ظهر فجأة أمام كربلاء مدينة الشيعة المقدسة، وعندما تمكنت القوات السعودية من دخول المدينة أمر سعود بهدم ما بها من قباب ومشاهد وهدم القبة الموضوعة علىٰ قبر الحسين وقتلت القوات السعودية غالب أهل المدينة في الأسواق والبيوت دون تمييز بين كبير أو صغير وإستولت علىٰ ما في مشهد الحسين من مجوهرات، ومصاحف ثمينة كانت مهداة من الملوك وشيعة الهند وإيران إلىٰ ذلك المشهد المقدس عندهم.. خرجت القوات السعودية بعد ذلك من المدينة بسرعة عائدة إلي الدرعية».
كما ان القوات السعودية قامت بغزو مناطق كثيرة في الاردن والشام.
تطور العلاقات بين الدولة السعودية الأولىٰ والأشراف في الحجاز:
كانت العلاقات بين الجانبين علىٰ غير وئام منذ البداية وذلك نتيجة الإختلافات المذهبية والتنافس بينهما على التوسع وفرض الهيمنة وإستمر الحال من الركود في العلاقات «حتىٰ تولىٰ أمر الشرافة (في الحجاز) الشريف غالب إبن مساعد (1202هـ ـ 1787م)، الذي لعب دوراً بارزاً في العلاقات السعودية الحجازية، وفي عهده بدأت هذه العلاقات تتخذ طابعاً جديداً تطور إلي الصدام المباشر بين الطرفين» رغم ان الشريف غالب قد طلب من الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب إرسال أحد علماء الوهابية لمعرفة حقيقة هذه الدعوة ومناظرة علمائها وحصلت مراسلات عديدة بين الجانبين إلاّ‌ انها لم تكن ذات جدوىٰ حيث نشبت معارك بينهما لم يكن الحسم فيها من نصيب أي منهما، قال عنها صاحب خلاصة الكلام انها تنوف عن خمسين واقعة من سنة خمس ومائتين وألف إلىٰ سنة عشرين ومائتين وألف[2].
وفي عام 1209هـ (1794م) قام الأمير سعود بن عبد العزيز بتجهيز جيش كبير وهجم على‏المناطق الحجازية المتاخمة لنجد وإستطاع تحقيق مقدار من النجاح بعد إنضمام مجموعة من القبائل إليه لتتخلص من البطش الذي تميزت به الهجمات السعودية، وقد أصبح موقف الشريف غالب نتيجة ذلك ضعيفاً وأنزلت به هزائم كبيرة ورغم انه إستنجد بالدولة العثمانية إلاّ انها لم تتجاوب معه، الأمر الذي دفعه إلىٰ طلب الصلح مع الدرعية وتم عقده في نهاية جمادي الأولىٰ سنة 1213هـ (1798م) وقد قلص هذا الصلح من نفوذ الشريف غالب حتي أصبح «قاصراً على المناطق التي حول مكة والمدينة والطائف وما عداها من المناطق الحجازية أصبح خاضعاً لسلطات الدرعية»[3].
وإستمر الصلح بينهما ستة أعوام أستغله السعوديون في تعزيز نفوذهم وأحداث إنشقاقات داخل الحجاز كان أهمها إنشقاق عثمان بن عبدالرحمن المضايفي وزير الشريف غالب وصهره وإنضمامه إلي جانب آل سعود.. وقد كانت هذه ضربة موجعة إليه إعتبرها نقضاً لمعاهدة الصلح بينه وبين السعوديين.
وقد تولى المضايفي إمارة الطائف وما حولها وإنضمت إليه القبائل المجاورة، وبذلك إزداد طمع السعوديين في الإستيلاء على الحرمين الشريفين لتحصيل السمعة الدينية لدىٰ مسلمي العالم بالإشراف عليهما.
وقد قام بهجومه علىٰ مكة (في 1218هـ 1802م) ودخلها ثم قام بتهديم قببها وآثارها الدينية.. وعن ذلك يقول صاحب خلاصة الكلام: «فما أصبح الصباح إلاّ وهم سارحون بالمساحي لهدم القبب فبادر الوهابيون ومعهم كثير من النّاس لهدم المساجد ومآثر الصالحين فهدموا أولاً ما في المعلىٰ من القبب فكانت كثيرة ثم هدموا قبة مولد النبي صلى الله عليه وآله ومولد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومولد سيدنا علي رضي الله عنه وقبة السيدة خديجة رضي الله عنها وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين وهم عند الهدم يرتجزون ويضربون الطبل ويغنون وبالغوا في شتم القبور التي هدموها» ، ويقول المؤرخ الوهابي إبن بشر عن هذه الواقعة «ولبث المسلمون!!ã في تلك القباب بضعة عشر يوماً يهدمون. يباكرون إلىٰ هدمها كل يوم. وللواحد الأحد يتقربون!! حتي لم يبق في مكة شيئاً من تلك المشاهد والقباب إلاّ أعدموها وجعلوها تراباً».
قصة الهدم الأول:
مما يؤسف له حقاً بان المصادر التاريخية لم تذكر عن الهدم الأول للبقيع إلاّ نزرا يسيراً نذكر جانباً منه هنا.. ففي سنة 1220هـ (1805م) دخل السعوديون المدينة بعد ما زعم عن مبايعة البعض لهم ويذكر إبن بشر تفاصيل القضية فيقول[4]: «فلما قرب إلى المدينة أرسل إلىٰ أهلها بدخوله، فأبوا وإمتنعوا من ذلك. فحمل عليهم كراراً حتىٰ دخلها بعد وصوله بخمسة وعشرين يوماً، فقتل منها بعض النّاس حيث سمي أهلها الناكثين، لذلك إستباح دمهم حتىٰ بعد الحرب، فدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وزاره، ولبث فيها عشرة أيام لم يحرك منها ساكناً...».
ويضيف:
«ويوم الحادي عشر، جاء هو وبعض أولاده ومن يعز عليه، فطلب الخدم السودان الّذين يخدمون حرم النّبي، فقال: أريد منكم الدّلالة علىٰ خزائن النّبي، فقالوا بأجمعهم.. نحن لا نوليك عليها، ولا نسلطك، فأمر يضربهم وحبسهم، حتىٰ أضطروا إلى الإجابة، فدلوه علىٰ بعض من ذلك فأخذ كل ما فيها، وكان فيها من النقود ما لا يحصىٰ، وفيها تاج كسرىٰ أنوشروان، الذي حصل عند المسلمين لما فتحت المدائن، وفيها سيف هارون الرشيد، وعقد كان لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند بحضرته صلى الله عليه وآله تزينا لقبته صلى الله عليه وآله. وأخذ قناديل الذهب، وجواهر عديدة، ثم انه رتب في المدينة أحداً من آل سعود، وخرج إلى البقيع يريد نجداً، فأمر بتهديم كل قبة كانت في البقيع، وتلك القبب قبة الزهراء فاطمة بنت الرسول «رضي الله عنها» وقبة الحسن بن علي «رضي الله عنه»، وقبة علي بن الحسين «رضي الله عنه»، وقبة محمد الباقر، وقبة جعفر الصادق، وقبة عثمان «رضي الله عنهم أجمعين».
ويقول الجبرتي في تاريخه عن يوم 15 رجب 1220هـ (9 أكتوبر 1805م): «وفيه: وردت الأخبار بان الوهابيين إستولوا علي المدينة المنورة علىٰ ساكنها أفضل الصلاة والتسليم ـ بعد حصارها نحو سنة ونصف من غير حرب، بل تحلقوا حولها، وقطعوا عنها الوارد، وبلغ الأردب الحنطة بها مائة ريال فرانساً. فلما إشتد بهم الضيق سلموها. ودخلها الوهابيون ولم يحدثوا بها حدثاً، غير منع المنكرات وشرب التنباك في الأسواق، وهدم القباب*، ما عدا قبة‌ الرسول صلى الله  عليه وآله[5].
وقيل بان الشريف غالب عاهد الوهابيين علىٰ «ترك ما حدث في النّاس من الإلتجاء لغير الله من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد والمهمات وما أحدثوه!! من بناء‌ القباب على القبور والزخارف وتقبيل الأعتاب!! والخضوع والتذلل، والمناداة والطواف، والنذور والذبح والقربان وعمل الأعياد والمواسم لها... فعاهده علىٰ منع ذلك وعلىٰ هدم القباب المبنية علي القبور والأضرحة لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده»[6].
___________________________
[1]  . الدولة السعودية الأولي ـ ص 217.
[2] . خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام ـ أحمد زيني دحلان ـ ص 161.
[3] . الدولة السعودية الأولي ـ ص 149.
[4] . عنوان المجد في تاريخ نجد ـ الجزء الأول ـ ص 137، وأنظر تاريخ العرب ـ الطبعة السابعة ـ ص 839.
*  وهل حدث أعظم من هدم قبور آل البيت عليهم السلام؟!!.
[5] . من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي ـ ص 104.
[6] . المصدر السابق ـ ص 106 ـ 107، وعلامات التعجب من وضع الكاتب..


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page