هدم قبور أهل البيت (ع) في البقيع
إن الأمم المتمدنة في العالم تبني قبور شخصياتها من العلماء والقادة والملوك والزعماء وتحافظ عليها وتحترمها، وحتى القبور الوهمية والمراقد الرمزية باسم قبر الجندي المجهول.
ولكن مع الأسف الشديد، إن فرقة من الذين يدعون أنهم مسلمون، ويزعمون أن مخالفيهم في عقائدهم الشاذة التي ما أنزل الله بها من سلطان، مشركون، وهي الفرقة الوهابية، هجموا بكل وحشية، بالأسلحة الفتاكة، الجارحة والنارية، على مراقد أئمة أهل البيت النبوي (ع) ومنتسبيهم في البقيع بالمدينة المنورة وهدموا قبابهم المقدسة، وساووا قبورهم ومراقدهم الطاهرة بالأرض، وسحقوها سحقا، وذلك في اليوم الثامن من شوال سنة 1324 هجرية.
فكأنهم أسفوا على عدم وجودهم مع أسلافهم الذين رشقوا جنازة الحسن المجتبى السبط الأكبر للنبي المصطفى بالسهام والنبال،أو مع أسلافهم الذين سحقوا جسد الحسين الشهيد سبط الرسول وقرة عين الزهراء البتول وأجساد أهله وأنصاره المستشهدين معه بخيولهم.
ولكن إذا لم يدركوا ذلك الزمان ولم ينالوا من أجساد آل النبي الكرام، فقد نالوا من قبورهم وسحقوا مراقدهم المقدسة!
فتلك قبور أبناء رسول الله وعترته الطاهرة في البقيع، وقبور شهداء أحد وسيدهم حمزة سيد الشهداء (ع) في أحد، وقبور غيرهم من الصحابة الكرام، مهدومة مهجورة، ليس هناك سقف يستظل به الزائرون، ولا مصباح وسراج يستضيء بنوره الوافدون، بمرأى من المسلمين، وهم أحق من غيرهم بحفظ تلك المعالم الفاخرة والمراقد الطاهرة، فقد قال النبي (ص): حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا. وكم عندنا وعندكم من الأخبار الصحيحة المروية في فضل زيارة قبور المؤمنين، وأن رسول الله (ص) يذهب إلى البقيع ويستغفر للأموات ولنعم ما قيل:
· لمن القبور الدارسات بطيبة قل للذي أفتى بهدم قبورهم أعلمت أي مراقد هدمتها؟! هي للملائك لا تزال مزارا
· عفت لها أهل الشقا آثارا أن سوف تصلى في القيامة نارا هي للملائك لا تزال مزارا هي للملائك لا تزال مزارا
فلم هذه المعاملة السيئة مع آل النبي (ص) ومع أئمة أهل البيت (ع)؟! وهم الذين جعلهم الله عز وجل في المرتبة العليا والدرجة العظمى، وجعلهم سادة المسلمين وقادة المؤمنين.
الحافظ: إنكم تغالون في حق أئمتكم، ما الفرق بينهم وبين سائر أئمة المسلمين؟! إلا أنهم يمتازون بانتسابهم إلى النبي الأكرم (ص)، وليس لهم أي فضل آخر على غيرهم!
قلت: هذا مقال من يجهل قدرهم ولا يعرف شأنهم ومقامهم! ولو تركتم التعصب والعناد، ودرستم حياتهم وسيرتهم دراسة تحقيق وإمعان، لعرفتم كيف هم أفضل من أئمتكم، ولأقررتم أن أئمتنا هم وحدهم يمثلون جدهم رسول الله (ص) في علمه وحلمه وصفاته وأخلاقه وسيرته وسلوكه.
وبما أن الوقت لا يتسع لخوض هذا البحث أختم حديثي وأدع هذا المبحث الهام إلى مجلس آخر إنشاء الله تعالى.
فوافق الحاضرون كلهم وتركوا المجلس مودعين، فخرجت إلى الباب لتوديعهم أيضا.
الهدية شرك؟!