• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خاتمة المطاف

فتلخّص: بأنّ منع التدوين مرّ بثلاث مراحل:
الاولى: فترة الشيخين.
الثانية: فترة من سار على نهجهما، كعثمان ومعاوية.
الثالثة: فترة الحكم الاموي بعد معاوية وحتى عصر التدوين الحكومي.
أما المرحلة الاولى: فجاءت بعد تسليم كون طمس الفضائل دخيلاً في المنع، لعجزهما الفقهي وعدم إحاطتهما بجميع أحاديث رسول الله، إذ قلنا بأنّ مقام الخلافة يستوجب العلم بما حكم به رسول الله، والخليفة لم يعرف جميع الاحكام الصادرة عنه، فواجه مشكلة عظيمة، وهي مخالفة فتاواه لاقوال رسول الله، مما يسبب تخطئة الصحابة إياه حتّى ربات الحجال له، وهذا هو الذي دعاه ليمنع تدوين الحديث حسب التفصيل الذي قلناه.
وأما المرحلة الثانية: فجاءت لدعم موقف الشيخين، إذ جاء عن عثمان ابن عفان و معاوية بن أبي سفيان أنهما نهيا عن التحديث عن رسول الله إلاّ بما عمل به على عهد الشيخين.
وأما المرحلة الثالثة: فهي مرحلة الخلفاء الذين حكموا بعد معاوية إلى عصر التدوين الحكومي، حيث إن هؤلاء استغلّوا الافكار السائدة في العهد الاول والثاني لطمس فضائل أهل البيت، ولترسيخ ما يبغون من أهداف.
فاتضح لك أن أسباب منع تدوين الحديث، اختلفت بين فترة وأُخرى:
إذ كان المنع في العصر الاسلامي الاول ـ على عهد الشيخين ـ لسدّ العجز الفقهي عند الخليفة وتحكيم ركائز حكمهم ودفع خصمهم.
وأما في العهد الثاني فجاء لتحكيم ما سُنّ على عهد الشيخين وعدم الاخذ بغيرهما.
وأما في العهد الاموي فكان بشكل مفضوح، للمخالفة مع علي بن أبي طالب وأهل بيته.
وقد فصلنا الحديث عن هذه المراحل وغيرها في كتابنا المزبور، فمن شاء المزيد فليراجعه.
وبعد هذا، فلا يمكن حصر سبب منع تدوين الحديث في المخالفة مع فضائل أهل البيت في جميع العصور بعد ما عرفت احتياجات العهود الثلاثة السابقة.
بعد هذا التلخيص نأتي لنستلهم من هذا البحث العلمي موضوعاً مهماً، ألا وهو تقييم السنة عند الفريقين «الشيعة الامامية وأهل السنة والجماعة»، إذ السنة النبوية قد مرت عند أهل السنة والجماعة بمراحل:
1 ـ مرحلة منع تدوين حديث رسول الله.
2 ـ مرحلة تشريع اجتهاد الصحابي، أي: سيرة الشيخين أولاً ثمّ تطويرها إلى تحكيم اجتهادات جميع الصحابة و...
3 ـ جمع موقوفات الصحابة مع مرفوعات الرسول في مدونات، وذلك على عهد المروانيين، الذين كان زمانهم أشدّ الازمنة عداوة لاهل البيت، وهذا يعني أنّهم منعوا تدوين حديث رسول الله، ثمّ شرّعوا الرأي في دائرة الفراغ، ثمّ اختلطت سنة رسول الله بآراء واجتهادات الصحابة، وبعد مائة عام دوّنوا تلك الاحاديث مع اجتهادات الصحابة، وعلى ضوء المحفوظات لا المدوّنات، وفي زمن غلبت فيه العصبية والقبلية، فصارت هذه الاحاديث شريعة يأخذ بها كثير من المسلمين.
وأمّا الحديث عند الشيعة فلم يمرّ إلاّ بمرحلة واحدة، وهي التدوين فقط والاخذ عن رسول الله وما كتبه علي بن أبي طالب «من فيه صلّى الله عليه وآله وسلم ليده» فكان لجميع أهل البيت صحف وكتب(1) .
فأهل البيت لم يكونوا يفتون بالرأي، بل يحكّمون النص وكتاب علي في كلماتهم وأقوالهم واستدلالاتهم على الخصم.
ومن هنا صار عند المسلمين اتجاهان:
أحدهما: يعتبر الرأي.
والاخر: يستقي من النص لا غير.
وبما أنّ أهل البيت كانت عندهم صحف و مدونات (ومنها كتاب علي)، وأنهم كانوا لا يفتون بالرأي والقياس، فقد أمروا أصحابهم بتدوين ما قالوه، فصارت عند أصحاب الائمة مدوّنات وأصول يستقون منها الاحكام، وقد سميت هذه الاصول بـ (الاصول الاربعمائة)، تمثلت بالكتب الاربعة الشيعية التي أُخذت عن الاصول الاربعمائة.
فما هذه الاصول الاربعمائة إلاّ مدوّنات لاقوال الائمة الذين كانوا لا يقولون بالرأي، بل يتحدّثون بالنص عن رسول الله طبق الصحف والمدوّنات عندهم عن رسول الله.
وعليه فالاحاديث عند الشيعة الاماميّة هي أقرب إلى سنة رسول الله، لانّها لم تمرّ بمراحل متعدّدة متأثّرة بالظروف والحكومات، بل مرّت بمرحلة واحدة، وهي التدوين فقط، ولم يحكّم فيها الاجتهاد والرأي.
وأمّا الاحاديث عند أهل السنّة والجماعة فقد مرّت بمراحل.
1 ـ المنع.
2 ـ تشريع الرأي والاجتهاد المخالف للنصوص في كثير من الاحيان.
جمع موقوفات الصحابة مع مرفوعات الرسول في مدونات في عصر يغلب عليه العصبية والقبلية.
4 ـ تعميم ذلك للامصار وإجماع الامة عليها من بعد ذلك بمرور الازمان وتعاقب الحكومات.
وبهذا، فإنّ البحث عن منع تدوين الحديث لم يكن بحثاً علمياً مجرداً بقدر ما هو بيان لاثار قد انعكست على واقع المسلمين إلى هذا اليوم، وإنّ الاختلاف في الفقه بنظرنا يرجع إلى اخلاف آراء الصحابة وما شرّع جراء المنع، حتّى في الاصول كان بسبب الروايات المستقاة عند الطرفين.
وأنت حينما تعرف تاريخ السنّة المطهرة وملابساتها وما منيت به من تحريفات، تعرف كل شيء وتتجلى لك صورة الامر وبشكل آخر.
وصلّى الله على محمّد آله الطاهرين.
____________
1 ـ لعلي بن أبي طالب عدة كتب منها: الصحيفة، الكتاب، الجامعة،.... وقد جمع أخبار صحيفة علي بن أبي طالب عن رسول الله الاستاذ فوزي عبدالمطلب في كتاب وطبع في حلب عن دارالسلام.
ولو أردت أن تنظر قسماً آخر من صحف أهل البيت، فراجع كتاب منع تدوين الحديث للمحاضر: 397 ـ 465.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page