طباعة

الغلو في فضايل عمر : 6 - عمر لا يحب الباطل

أخرج أبو نعيم في حلية الأولياء 2: 46 من طريق الأسود بن سريع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت:
قد حمدت ربي بمحامد ومدح وإياك. فقال: إن ربك عز وجل يحب الحمد. فجعلت أنشده، فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اسكت فدخل فتكلم ساعة ثم خرج فأنشدته ثم جاء فسكتني النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم ثم خرج، ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فقلت: يا رسول الله! من هذا الذي أسكتني له؟ فقال:
هذا عمر، رجل لا يحب الباطل.
ومن طريق آخر عن الأسود التميمي قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أنشده فدخل رجل أقنى (1) فقال لي: أمسك. فلما خرج قال: هات. فجعلت أنشده فلم ألبث أن عاد فقال لي: أمسك. فلما خرج قال: هات. فقلت: من هذا يا نبي الله الذي إذا دخل قلت: أمسك، وإذا خرج قلت: هات؟ قال: هذا عمر بن الخطاب وليس من الباطل في شئ.
ومن طريق آخر عن الأسود قال: كنت أنشده صلى الله عليه وسلم ولا أعرف أصحابه حتى جاء رجل بعيد ما بين المناكب أصلع؟ فقيل: اسكت اسكت. قلت: واثكلاه من هذا الذي أسكت له عند النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقيل: عمر بن الخطاب، فعرفت والله بعد إنه كان يهون عليه لو سمعني أن لا يكلمني حتى يأخذ برجلي فيسحبني إلى البقيع.
قال الأميني: هل علمت رواة السوء بالذي تلوكه بين أشداقها؟ أم درت فتعمدت؟
أم أن حب عمر والمغالاة في فضائله أعمياهم عن تبعات هذا القول الشائن؟ إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
يقول القائل: إن ما أراد إنشاده محامد ومدح لله ولرسوله فيجيزه رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: إن ربك عز وجل يحب الحمد. فأي باطل في هذا حتى يبغضه عمر؟
ولو كان باطلا؟ لمنعه رسول الله صلى الله عليه وآله قبل عمر، وأي نبي هذا يتقي رجلا من أمته ولا يتقي الله؟ وكيف خشي الرجل أن يسحبه عمر برجله إلى البقيع ولم يخش رسول الله صلى الله عليه وآله أن يفعل به ذلك أو يأمر فيفعل به؟ أو أن عمر ما كان يميز بين الحق و الباطل فيحسب أن كل ما ينشد من الباطل، فيجاريه النبي صلى الله عليه وآله على مزعمة؟ فهل علم الراوي أو المؤلف بهذه المفاسد، أولا؟.
فإن كان لا يدري فتلك مصيبة * وإن كان يدري فالمصيبة أعظم
______________
(1) قنى الانف وأقنى : ارتفع وسط قصبته وضاق منخراه.