• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الغلو في فضايل عثمان : 12 - رأي الخليفة في القصاص والدية

أخرج البيهقي في السنن الكبرى 8: 33 من طريق الزهري: إن ابن شاس الجذامي قتل رجلا من أنباط الشام، فرفع إلى عثمان رضي الله عنه فأمر بقتله، فكلمه الزبير رضي الله عنه وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، فنهوه عن قتله، قال: فجعل ديتة ألف دينار. وذكره الشافعي في كتاب الأم 7: 293.
وأخرج البيهقي من طريق الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنه: إن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا، ورفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم.
وقال أبو عاصم الضحاك في الديات ص 76: وممن يرى قتل المسلم بالكافر عمر ابن عبد العزيز، وإبراهيم، وأبان بن عثمان بن عفان، وعبد الله، رواه الحكم عنهم، و ممن أوجب دية الذمي مثل دية المسلم عثمان بن عفان.
قال الأميني: إن عجبي مقسم بين إرادة الخليفة قتل المسلم بالكافر، وبين جعل عقل الكافر مثل دية المسلم، فلا هذا مدعوم بحجة، ولا ذلك مشفوع بسنة، وأي خليفة هذا يزحزحه مثل الزبير المعروف سيرته والمكشوف سريرته عن رأيه في الدماء وينهاه عن فتياه؟ غير إنه يفتي بما هو لدة رأيه الأول في البعد عن السنة، ويسكت عنه الزبير وأناس نهوا الخليفة عما ارتآه أولا واكتفوا بحقن دم المسلم وما راقهم مخالفة الخليفة مرة ثانية، وهذه النصوص النبوية صريحة في إن المسلم لا يقتل بالكافر، و إن عقل الكتابي الذمي نصف عقل المسلم، وإليك لفظ تلكم النصوص في المسألتين أما الأولى منهما فقد جاء:
1 - عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي بن أبي طالب: هل عندكم شئ من العلم ليس عند الناس؟ قال: لا والله ما عندنا إلا ما عند الناس إلا أن يرزق الله رجلا فهما من القرآن أو ما في هذه الصحيفة، فيها الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا يقتل مسلم بكافر.
وفي لفظ الشافعي: لا يقتل مؤمن بكافر. فقال: لا يقتل مؤمن عبد ولا حر ولا امرأة بكافر في حال أبدا، وكل من وصف الإيمان من أعجمي وأبكم يعقل ويشير بالإيمان ويصلي فقتل كافرا فلا قود عليه، وعليه ديته في ماله حالة، وسواء أكثر القتل في الكفار أو لم يكثر، وسواء قتل كافرا على مال يأخذه منه أو على غير مال، لا يحل والله أعلم قتل مؤمن بكافر بحال في قطع طريق ولا غيره.
راجع صحيح البخاري 10: 78، سنن الدارمي 2: 190، سنن ابن ماجة 2: 145، سنن النسائي 8: 23، سنن البيهقي 8: 28، صحيح الترمذي 1: 169، مسند أحمد 1: 79، كتاب الأم للشافعي 6: 33، 92، أحكام القرآن للجصاص 1: 165، الاعتبار لابن حزم ص 190، تفسير ابن كثير 1: 210 فقال ذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر لما ثبت في البخاري عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مسلم بكافر. ولا يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا، وأما أبو حنيفة فذهب إلى أنه يقتل به لعموم آية المائدة.
قال الأميني: يعني من آية المائدة قوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها إن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص الآية: 45. وقد خفي على المجتهد في تجاه النصوص الصحيحة الثابتة أن عموم الآية لا يأباها عن التخصيص، وقد خصصها هو نفسه بمخصصات، أجاب عن هذا الاستدلال الواهي كثير من الفقهاء وفي مقدمهم الإمام الشافعي قال في كتاب الأم 7: 295 في مناظرة وقعت بينه وبين بعض أصحاب أبي حنيفة: قلنا: فلسنا نريد أن نحتج عليك بأكثر من قولك إن هذه الآية عامة، فزعمت أن فيها خمسة أحكام مفردة وحكما سادسا جامعا فخالفت جميع الأربعة الأحكام التي بعد الحكم الأول و الحكم الخامس والسادس جماعتها في موضعين: في الحر يقتل العبد. والرجل يقتل المرأة. فزعمت أن عينه ليس بعينها ولا عين العبد، ولا أنفه بأنفها ولا أنف العبد، ولا أذنه بأذنها ولا أذن العبد، ولا سنه بسنها ولا سن العبد، ولا جروحه كلها بجروحها ولا جروح العبد، وقد بدأت أولا بالذي زعمت أنك أخذت به فخالفته في بعض ووافقته في بعض، فزعمت أن الرجل يقتل عبده فلا تقتله به، ويقتل ابنه فلا تقتله به، ويقتل المستأمن فلا تقتله به، وكل هذه نفوس محرمة.
قال " يعني المدافع عن أبي حنيفة ": اتبعت في هذا أثرا. قلنا: فتخالف الأثر الكتاب؟ قال: لا قلنا: فالكتاب إذا على غير ما تأولت؟ فلم فرقت بين أحكام الله عز وجل على ما تأولت؟ قال بعض من حضره: دع هذا فهو يلزمه كله.
قال: والآية الأخرى: قال الله عز وجل: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل (1) دلالة على أن من قتل مظلوما فلوليه أن يقتل قاتله.
قيل له: فيعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الابن يقتله أبوه، والعبد يقتله سيده، و المستأمن يقتله المسلم.
قال: فلي من كل هذه مخرج. قلت: فاذكر مخرجك. قال: إن الله تبارك و تعالى لما جعل الدم إلى الولي كان الأب وليا فلم يكن له أن يقتل نفسه. قلنا: أفرأيت إن كان له ابن بالغ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال: لا أفعل.
قلت: فلا تخرجه بالقتل من الولاية؟ قال: لا. قلت: فما تقول في ابن عم لرجل قتله وهو وليه ووارثه لو لم يقتله وكان له ابن عم هو أبعد منه؟ أفتجعل للأبعد أن يقتل الأقرب؟ قال: نعم قلنا: ومن أين وهذا وليه وهو قاتل؟ قال: القاتل يخرج بالقتل من الولاية. قلنا: والقاتل يخرج بالقتل من الولاية؟ قال نعم. قلنا: فلم لم تخرج الأب من الولاية وأنت تخرجه من الميراث؟ قال: اتبعت في الأب الأثر. قلنا: فالأثر يدلك على خلاف ما قلت، قال: فاتبعت فيه الإجماع. قلنا: فالاجماع يدلك على خلاف ما تأولت فيه القرآن، فالعبد يكون له ابن حر فيقتله مولاه أيخرج القاتل من الولاية ويكون لابنه أن يقتل مولاه؟ قال: لا، بالاجماع. قلت: فالمستأمن يكون معه ابنه أيكون له أن يقتل المسلم الذي قتله؟ قال، لا، بالاجماع. قلت: أفيكون الإجماع على خلاف الكتاب؟ قال: لا. قلنا: فالاجماع إذا يدلك على إنك قد أخطأت في تأويل كتاب الله عز وجل، وقلنا له: لم يجمع معك أحد على أن لا يقتل الرجل بعبده إلا من مذهبه أن لا يقتل الحر بالعبد ولا يقتل المؤمن بالكافر، فكيف جعلت إجماعهم حجة، وقد زعمت أنهم أخطؤا في أصل ما ذهبو إليه. والله أعلم.
2 - عن قيس بن عباد قال: إنطلقت أنا والأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا إلا ما في كتابي هذا. فأخرج كتابا فإذا فيه: لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.
أخرجه أبو عاصم في الديات ص 27، وأحمد في المسند 1: 119، 122، و أبو داود في سننه 2: 249، والنسائي في سننه 8: 24، البيهقي في السنن الكبرى 8: 29، 194، والجصاص في أحكام القرآن 1: 65، وابن حازم في الاعتبار ص 189، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار 7: 152 وقال: هو دليل على أن المسلم لا يقاد بالكافر، أما الكافر الحربي فذلك إجماع كما حكاه البحر وأما الذمي فذهب إليه الجمهور لصدق اسم الكافر عليه، وذهب الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى إنه يقتل المسلم بالذمي. ثم بسط القول في أدلتهم وذيفها بأحسن بيان. فراجع.
3 - عن عائشة قالت: وجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان وفي أحدهما:
لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده.
أخرجه أبو عاصم في الديات ص 27، والبيهقي في سننه الكبرى 8: 30.
4 - عن معقل بن يسار مرفوعا: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، و المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم.
أخرجه البيهقي في سننه الكبرى 8: 30.
5 - عن ابن عباس مرفوعا: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده.
أخرجه ابن ماجة في سننه 2: 145.
6 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر بن العاصي مرفوعا: لا يقتل مسلم بكافر.
وفي لفظ أحمد: لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.
أخرجه أبو عاصم الضحاك في الديات ص 51، وأبو داود في سننه 2: 249، وأحمد في مسنده 2، 211، والترمذي في سننه 1: 169، وابن ماجة في سننه 2:
145، والجصاص في أحكام القرآن 1: 169 بلفظ أحمد، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار 7: 150 فقال: رجاله رجال الصحيح. وقال في 151:
هذا في غاية الصحة فلا يصح عن أحد من الصحابة شئ غير هذا إلا ما رويناه عن عمر إنه كتب في مثل ذلك أن يقاد به ثم ألحقه كتابا فقال: لا تقتلوه ولكن اعتقلوه (2).
7 - عن عمران بن الحصين مرفوعا: لا يقتل مؤمن بكافر.
قال الشافعي في كتاب الأم 6: 33: سمعت عددا من أهل المغازي، وبلغني عن عدد منهم أنه كان في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: لا يقتل مؤمن بكافر. وبلغني عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنه إنه روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن مجاهد وعطاء وأحسب طاووسا والحسن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة عام الفتح: لا يقتل مؤمن بكافر.
وأخرجه البيهقي في السنن 8: 29 فقال: قال الشافعي رحمه الله صلى الله عليه وسلم: وهذا عام عند أهل المغازي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم به في خطبته يوم الفتح وهو يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا من حديث عمر بن شعيب وحديث عمران بن الحصين.
وذكره الشوكاني في نيل الأوطار 7: 153 فقال: إن السبب في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بقوله: لا يقتل مسلم بكافر. ما ذكره الشافعي في " الأم " حيث قال: وخطبته يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو قتلت مسلما بكافر لقتلته به. وقال: لا يقتل مؤمن بكافر. الخ.
8 - عن عبد الله بن عمر مرفوعا: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهده في عهده.
أخرجه الجصاص في أحكام القرآن 1: 165.

* (أما الثانية) * ففيها:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى (3)
وفي لفظ أبي داود: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ثمانمائة دينار، ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، قال: فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال: إن الإبل قد غلت. ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار. الحديث سنن أبي داود 2: 251.
وفي لفظ آخر لأبي داود: دية المعاهد نصف دية الحر. 2: 257.
وفي لفظ أبي عاصم الضحاك في الديات ص 51: دية الكافر على النصف من دية المسلم، ولا يقتل مسلم بكافر.
قال الخطابي في شرح سنن ابن ماجة في ذيل الحديث 2: 142: ليس في دية أهل الكتاب شئ أثبت من هذا، وإليه ذهب مالك وأحمد، وقال أصحاب أبي حنيفة:
ديته كدية المسلم. وقال الشافعي: ثلث دية المسلم. والوجه الأخذ بالحديث ولا بأس بإسناده.
وأخرج النسائي في سننه 8: 45 من طريق عبد الله بن عمر مرفوعا: عقل الكافر نصف عقل المؤمن. وأخرجه الترمذي في سننه 1: 169.
هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وإليها ذهب الجمهور، وعليها جرت الفقهاء من المذاهب، غيران لأبي حنيفة شذوذا عنها في المسألتين أخذا بما يعرب عن قصوره عن فهم السنة، وعرفان الحديث، وفقه الكتاب، وقد ذكر غير واحد من أعلام المذاهب أدلته في المقامين وزيفها، وبسط القول في بطلانها، وحسبك في المقام كلمة الإمام الشافعي في كتاب الأم 7: 291 فإنه فصل القول فيها تفصيلا وجاء بفوائد جمة. فراجع وعمدة ما ركن إليه أبو حنيفة في المسألة الأولى تجاه تلكم الصحاح مرسلة عبد الرحمن بن البيلماني، وقد ضعفها الدارقني وابن حازم في الاعتبار ص 189 وغيرهما، وذكر البيهقي في سننه 8: 30: باب بيان ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر. و ذكر لها طرقا وزيفها بأسرها.
____________
(1) سورة الاسراء، آية: 33
(2) أسلفنا في ج 6: 121، 122 ما يعرب عن عدم وقوف الخليفة على حكم المسألة.
(3) سنن ابن ماجة 2: 142، سنن النسائي 8: 45.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page