• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

10 - حديث حجر بن عدي الكوفي سلام الله عليه وعلى أصحابه

إن معاوية بن أبي سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة 41 دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا، وقد قال المتلمس (1):
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلمها
وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني، ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تتحم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم وترك الاسماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والإدناء لهم والاستماع منهم. فقال المغيرة: قد جربت وجربت و عملت قبلك لغيرك فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع، فستبلو فتحمد أو تذم ثم قال: بل نحمد إن شاء الله.
فأقام المغيرة بالكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا لا يدع ذم علي والوقوع فيه، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتذكية لأصحابه، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال: بل إياكم فذمم الله ولعن. ثم قام فقال: إن الله عز وجل يقول: كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، وأنا أشهد أن من تذمون وتعيرون لأحق بالفضل، وإن من تزكون وتطرون أولى بالذم. فيقول له المغيرة: يا حجر! لقد رمي بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك، يا حجر! ويحك إتق السلطان، إتق غضبه وسطوته، فإن غضبة السلطان أحيانا مما يهلك أمثالك كثيرا، ثم يكف عنه ويصفح، فلم يزل حتى كان في آخر إمارته قام المغيرة فقال في علي وعثمان كما كان يقول وكانت مقالته: اللهم أرحم عثمان بن عفان وتجاوز عنه واجزه بأحسن عمله فإنه عمل بكتابك واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وجمع كلمتنا وحقن دمائنا وقتل مظلوما، اللهم فارحم أنصاره وأولياءه ومحبيه والطالبين بدمه. ويدعو على قتلته فقام حجر بن عدي فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجا منه وقال: إنك لا تدري بمن تولع من هرمك أيها الانسان! مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنك قد حبستها عنا وليس ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك، وقد أصبحت بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين. قال: فقام معه كثر من ثلثي الناس يقولون: صدق والله حجر وبر، مر لنا بأرزاقنا واعطياتنا، فإنا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يجدي علينا شيئا وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه.
إلى أن هلك المغيرة سنة 51 فجمعت الكوفة والبصرة لزياد بن أبي سفيان فأقبل حتى دخل القصر بالكوفة ثم صعد المنبر فخطب ثم ذكر عثمان وأصحابه فقرظهم وذكر قتلته ولعنهم، فقام حجر ففعل مثل الذي كان يفعل بالمغيرة.
قال محمد بن سيرين: خطب زياد يوما في الجمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة فقال له حجر بن عدي: الصلاة. فمضى في خطبته ثم قال: الصلاة فمضى في خطبته، فلما خشى حجر فوت الصلاة ضرب بيده إلى كف من الحصا وثار إلى الصلاة وثار الناس معه، فلما رأى ذلك زياد نزل فصلى بالناس، فلما فرغ من صلاته كتب إلى معاوية في أمره وكثر عليه فكتب إليه معاوية: أن شده في الحديد ثم احمله إلي. فلما أن جاء كتاب معاوية أراد قوم حجر أن يمنعوه فقال: لا، ولكن سمع وطاعة، فشد في الحديد ثم حمل إلى معاوية. ساروا به وبأصحابه وهم:

1 - الأرقم بن عبد الله الكندي من بني الأرقم.
2 - شريك بن شداد الحضرمي.
3 - صيفي بن فسيل الشيباني.
4 - قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي.
5 - كريم بن عفيف الخثعمي من بني عامر ثم من قحافة.
6 - عاصم بن عوف البجلي.
7 - ورقاء بن سمي البجلي.
8 - كدام بن حيان العنزي.
9 - عبد الرحمن بن حسان العنزي.
10 - محرز بن شهاب التميمي من بني منقر.
11 - عبد الله بن حوية السعدي من بني تميم.

وأتبعهم زياد برجلين وهما: عتبة بن الأخنس السعدي، وسعيد بن نمران الهمداني، فمضوا بهم حتى انتهوا إلى مرج عذراء (بينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا) فحبسوا بها فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية، فقال لهم رسول معاوية: إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فإن فعلتم تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم، وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت بشهادة أهل مصركم عليكم غير أنه قد عفى عن ذلك، فابرؤا من هذا الرجل نخل سبيلكم قالوا: أللهم إنا لسنا فاعلي ذلك. فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء! لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق.
فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين كان أعلم بكم. ثم قاموا إليهم فقالوا: تبرؤن من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه. فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة وهم.
1 - حجر 2 - شريك 3 - صيفي 4 - قبيصة 5 - محرز 6 - كدام.
أخذنا من القصة ما يهمنا ذكره راجع الأغاني لأبي الفرج 16: 2 - 11، تاريخ الطبري 6: 141 - 160، تاريخ ابن عساكر 2: 370 - 381، الكامل لابن الأثير 3: 202 - 210، تاريخ ابن كثير 7: 49 - 55.
قال الأميني: هذه نظرية الصحابي العظيم حجر وأصحابه العظماء الصلحاء الأخيار في عثمان فكانوا يرونه أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق، وكان حجر يراه من المجرمين فيما جابه به المغيرة بالكوفة، وقد بلغ هو وزملائه الأبرار من ذلك حدا استساغوا القتل دون ما يرونه، وأبوا أن يتحولوا عن عقائدهم، وبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، فاستمرؤا جرع الموت في سبيلها زعافا ممقرا.
____________
(1) هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبيعة، توجد ترجمته في (الشعر والشعراء) لابن قتيبة ص 52، وفي (المؤتلف والمختلف) ص 71، 202، 207.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page