• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نظرة في أحاديث الحصارين

أول ما يقع عليه النظر من هذه الأحاديث المجهزين على عثمان هم المهاجرون والأنصار من الصحابة ولم يشذ عنهم إلا أربعة أسلفنا ذكر في صفحة 195 وهم الذين أصفقوا مع أهل مصر والكوفة والبصرة على مقت الخليفة وقتله بعد أن أعيتهم الحيل وأعوزهم السعي في استتابته، وإكفائه من الأحداث، ونزوعه عما هو عليه من الجرائم وإن في المقبلين من تلكم البلاد من عظماء الصحابة، ومن رجال الفضيلة والفقه والتقى من التابعين جماعات لا يستهان بعدتهم، ولا يغمز في دينهم، وهم رؤساء هاتيك الجماهير والمؤلبين لهم على عثمان، فمن الكوفيين:
1 - زيد الخير، له إدراك أثنى عليه النبي الأعظم، وأنه من الخيار الأبرار.
2 - مالك بن الحارث الأشتر، له إدراك، أوقفناك على عظمته وفضله وموقفه من الإيمان، ومبلغه من الثقة والصلاح.
3 - كعب بن عبدة النهدي، وقد سمعت عن البلاذري أنه كان ناسكا.
4 - زياد بن النضر الحارثي، له إدراك.
5 - عمرو بن الأهتم، صحابي خطيب بليغ شريف في قومه، ترجمه ابن عبد البر في " الاستيعاب "، وابن الأثير في " أسد الغابة " وابن حجر في " الإصابة ".
* (وفي المصريين) *:
6 - عمرو بن الحمق الخزاعي، صحب النبي وحفظ عنه أحاديث، وحظي بدعائه صلى الله عليه وآله وسلم له كما مر تفصيله ص 45.
7 - عمرو بن بديل الخزاعي، صحابي عادل مترجم في معاجم الصحابة.
8 - عبد الله بن بديل الخزاعي: قال أبو عمر: كان سيد خزاعة وخزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد حنينا والطائف وتبوك، وكان له قدر وجلالة، وكان من وجوه الصحابة. راجع الاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة.
9 - عبد الرحمن بن عديس أبو محمد البلوي، صحب النبي وسمع منه، وكان ممن بايع تحت الشجرة من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
10 - محمد بن أبي بكر، وحسبك فيه ما في الاستيعاب والإصابة من أن عليا " أمير المؤمنين " كان يثني عليه ويفضله وكانت له عبادة واجتهاد، وكان من أفضل أهل زمانه.
(ورئيس البصريين):
11 - حكيم بن جبلة العبدي، قال أبو عمر في " الاستيعاب ": أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان رجلا صالحا له دين مطاعا في قومه. وقال المسعودي في المروج 2: 7: كان من سادات عبد القيس وزهادها ونساكها. وأثنى عليه مولانا أمير المؤمنين بقوله كما في الكامل 3: 96:

دعا حكيم دعوة سميعه * نال بها المنزلة الرفيعه
يا لهف ما نفسي على ربيعه * ربيعة السامعة المطيعه
قد سبقتني فيهم الوقيعة

وإن ما جرى في غضون تلكم المعامع، وتضاعيف ذلك الحوار من أخذ ورد وهتاف وقول، كلها تنم عن صلاح القوم وتقواهم، وإنهم لم يغضبوا إلا لله، ولا دعوا إلا إلى أمره، ولا نهضوا إلا لإقامة الأمت والعوج، وتقويم دين الله وتنزيهه عن المعرات والأحداث، ولم يجلبهم إلى ذلك الموقف مطمع في إمارة، أو نزع إلى حكم أو هوى في مال، ولذلك كان يرضيهم كلما يبديه الخليفة من النزول على رغباتهم، والنزوع عن أحداثه، والانابة إلى الله مما نقموا به عليه، غير أنه كان يثيرهم في الآونة بعد الأخرى ما كانوا يشاهدونه من المقام على الهنات، ونقض العهد مرة بعد مرة حتى إذا اطمأنوا إلى أن الرجل غير منكفئ عما كان يقترفه، ولا مطمئن عما كان يفعله، فاطمأنوا إلى بقاء التكليف عليهم بالوثوب، فوقفوا لإزالة ما رأوه منكرا ذلك الموقف الشديد حتى قضى من الأمر ما كان مقدورا.
ولو كان للقوم غاية غير ما وصفناه لما أثنى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على المصريين منهم بقوله من كتاب كتبه إلى أهل مصر: إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصي في أرضه، وذهب بحقه، إلى آخر ما مر في صفحة 74، ولما كانوا مذكورين في المعاجم والكتب بالثناء الجميل عليهم بعد تلكم المواقف المشهودة، ولو صدر عن أي أحد أقل مما صدر من أولئك الثائرين على عثمان في حق فرد من أفراد المسلمين فضلا عن الخليفة لعد جناية لا تغفر، وذنبا لا يبرر، وسقط صاحبه إلى هوة الضعة، ولا تبقى له بعد حرمة ولا كرامة، وغير أن...
الثاني من مواقع النظر في الأحاديث المذكورة: إن الخليفة كانت عنده جرائم يستنكرها المسلمون وينكرونها عليه وهو يعترف بها فيتوب عنها، ثم يروغ عن التوبة فيعود إليها، ولا أدري أنه في أي الحالين أصدق؟ أحين اعترف بالأحداث فتاب؟ أم حين عبث به مروان فرقى المنبر وقال: إن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم؟
الثالث: أنه أعطى العهود والمواثيق المؤكدة على النزوع عما كان يرتكبه مما ينقمونه عليه وسجل ذلك في صكوك يبثها في البلاد بأيدي الناهضين عليه، إذ كان على علم بأن البلاد قد تمخضت عليه كما مر في كلام لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام، ثم لم يلبث حتى نكثها بعد ما ضمن له بالعمل على ذلك الضمان مثل مولانا أمير المؤمنين ومحمد ابن مسلمة ذلك الصحابي العظيم، وقد شهدت ذلك الضمان أمة كبيرة من الصحابة، فكأنه ما كان يرى للعهد لزوما، ولا للضمان حرمة، ولا للضامنين مكانة، ولا لنكث العهد معرة، ولعله كان يجد مبررا لتلكم الفجايع أو الفصايح، وعلى أي فالمسلمون " ويقدمهم الصحابة العدول " لم يرقهم ذلك المبرر ولا اعترفوا به، فمضوا إلى ما فعلوه قدما غير متحوبين ولا متأثمين.
الرابع: إن التزامه في كتاب عهده في الحصار الأول بالعمل بالكتاب والسنة وهو في حيز النزوع عما كان يرتكبه قبل ذلك، وقد أعتب بذلك المتجمهرين عليه المنكرين على أحداثه المنحازة عنهما، يرشدنا إلى أنه كان في أعماله قبل ذلك الالتزام محيد عن الكتاب والسنة، وحسب أي إنسان من الضعة أن تكون أعماله منتئية عنهما الخامس: إن الطريد بن الطريد، أو قل عن لسان النبي الأمين (1): الوزغ ابن الوزع، اللعين ابن اللعين، مروان بن الحكم كان يؤثر في نفسيات الخليفة حتى يحوله " كما قال مولانا أمير المؤمنين (2) " عن دينه وعقله، ويجعله مثل الظعينة يقاد حيث يسار به.
فلم يزل به حتى أربكه عند منتقض العهود ومنتكث المواثيق، فأورده مورد الهكة، وعجيب من الخليفة أن يتأثر بتسويلات الرجل وهو يعلم محله من الدين وموقفه من الإيمان، ومبوأه من الصدق والأمانة، وهو يعلم أنه هو وزبانيته هم الذين جروا عليه الويلات وأركبوه النهابير، وأنهم سيوردونه ثم لا يصدرونه، يعلم ذلك كله وهو بين الناب والمخلب وفي منصرم الحياة، ومع ذلك كله لا يزال مقيما على هاتيك الوساوس المروانية، فيا للعجب.
وأعجب من ذلك أنه مع هذا التأثر يتخذ نصح الناصحين له كمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكثير من الصحابة العدول باعتاب الناس ورفض تمويهات مروان الموبقة له ظهريا فلا يعير لهم بعد تمام الحجة وقطع سبل المعاذير أذنا واعية، وهو يعلم أنهم لا يعدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعونه إلى ما فيه نجاته ونجاح الأمة.

* (لفت نظر) *
وقع في عد أيام حصار عثمان خلاف بين المؤرخين فقال الواقدي: حاصروه تسعة وأربعين يوما. وقال الزبير: حاصروه شهرين وعشرين يوما. وفي رواية:
إنهم حصروه أربعين ليلة. وقال ابن كثير: استمر الحصر أكثر من شهر وقيل: بضعا و أربعين. وقال الشعبي: كانت مدته اثنتين وعشرين ليلة. وفي رواية للطبري: كان الحصر. أربعين ليلة والنزول سبعين. وفي بعض الروايات: حصروه عشرين يوما بعد قضية جهجاه المذكورة ص 124 إلى أقوال أخرى، ولعل كل منها ناظر إلى ناحية من مدة أيام الحصارين أو مدة أحدهما، ومن مدة نزول المتجمرين حول داره، و من أيام ضاق عليه الخناق، ومنع من إدخال الماء عليه، وحيل بينه وبين اختلاف الناس إليه، ومن حصار الثائرين عليه من الأمصار، ومن إصفاق أهل المدينة معهم على الحصار. إلى تأويلات أخرى يتأتى بها الجمع بين تلكم الأقوال.
____________
(1) راجع ما مر في الجزء الثامن ص 260 ط 2.
(2) راجع ما مضى في هذا الجزء صفحة 174.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page