• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عقيدتنا في المعاد الجسماني

وبعد هذا ، فالمعاد الجسماني بالخصوص ضرورة من ضروريات الدين الاسلامي ، دل صريح القرآن الكريم عليها ( أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) " القيامة : 3 "
( وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد ) " الرعد : 5 "
( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ) " ق : 14 " .
وما المعاد الجسماني على إجماله إلا إعادة الانسان في يوم البعث والنشور ببدنه بعد الخراب ، وإرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما .
ولا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسماني أكثر من هذه العقيدة على بساطتها التي نادى بها القرآن ، وأكثر مما يتبعها من الحساب والصراط والميزان والجنة والنار والثواب والعقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنية .
( ولا تجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها إلا صاحب النظر الدقيق ، كالعلم بأن الأبدان هل تعود بذواتها أو إنما يعود ما يماثلها بهيئات ، وأن الأرواح هل تعدم كالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد ، وأن المعاد هل يختص
بالانسان أو يجري على كافة ضروب الحيوان ، وأن عودها بحكم الله دفعي أو تدريجي . وإذا لزم الاعتقاد بالجنة والنار لا تلزم معرفة وجودهما الآن ولا العلم بأنهما في السماء أو الأرض أو يختلفان . وكذا إذ وجبت معرفة الميزان لا تجب معرفة
أنها ميزان معنوية أولها كفتان ولا تلزم معرفة أن الصراط جسم دقيق أو هو الاستقامة المعنوية والغرض أنه لا يشترط في تحقيق الإسلام معرف أنها من الأجسام . . . ) ( 1 ) .
نعم إن تلك العقيدة في البعث والمعاد على بساطتها هي التي جاء بها الدين الاسلامي ، فإذا أراد الانسان أن يتجاوزها إلى تفصيلها بأكثر مما جاء في القرآن ، ليقنع نفسه دفعا للشبه التي يثيرها الباحثون والمشككون بالتماس البرهان العقلي أو التجربة الحسية - فإنه إنما يجني على نفسه ويقع في مشكلات ومنازعات لا نهاية لها .
وليس في الدين ما يدعو إلى مثل هذه التفصيلات التي حشدت بها كتب المتكلمين والمتفلسفين ، ولا ضرورة دينية ولا اجتماعية ولا سياسية تدعو إلى أمثال هاتيك المشاحنات والمقالات المشحونة بها الكتب عبثا والتي استنفدت كثيرا من جهود المجادلين وأوقاتهم وتفكيرهم بلا فائدة .
والشبه والشكوك التي تثار حول تلك التفصيلات يكفي في ردها قناعتنا بقصور الانسان عن إدراك هذه الأمور الغائبة عنا والخارجة عن أفقنا ومحيط وجودنا والمرتفعة فوق مستوانا الأرضي ، مع علمنا بأن الله تعالى العالم القادر أخبرنا عن تحقيق المعاد ووقوع البعث .
وعلوم الانسان وتجربياته وأبحاثه يستحيل أن تتناول شيئا لا يعرفه ولا يقع تحت تجربته واختباره إلا بعد موته وانتقاله من هذا العالم عالم الحس والتجربة والبحث ، فكيف ينتظر منه أن يحكم باستقلال تفكيره وتجربته بنفي هذا الشئ أو إثباته ، فضلا
عن أن يتناول تفاصيله وخصوصياته ، إلا إذا اعتمد على التكهن والتخمين أو على الاستبعاد والاستغراب ، كما هو من طبيعة خيال الانسان أن يستغرب كل ما لم يألفه ولم يتناوله علمه وحسه ، كالقائل المندفع بجهله لاستغراب البعث والمعاد ( من يحيي العظام وهي رميم ) . ولا سند لهذا الاستغراب إلا أنه لم ير ميتا رميما قد أعيدت له الحياة من جديد ، ولكنه ينسى هذا المستغرب كيف خلقت ذاته لأول مرة ، ولقد كان عدما ، وأجزاء بدنه رميما تألفت من الأرض وما حملت ومن الفضاء وما حوى ، من هنا وهنا ، حتى صار بشرا سويا ذا عقل وبيان (  أو لم ير الانسان إنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) .
يقال لمثل هذا القائل الذي نسي خلق نفسه : ( يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) : يقال له : إنك بعد أن تعترف بخالق الكائنات وقدرته وتعترف بالرسول وما أخبر به ، مع قصور علمك حتى عن إدراك سر - خلق ذاتك وسر تكوينك ، وكيف كان كان نموك وانتقالك من نطفة لا شعور لها ولا إرادة ولا عقل إلى مراحل متصاعدة مؤتلفا من ذرات متباعدة ، لبلغ بشرا سويا عاقلا مدبرا ذا شعور وإحساس .
يقال له : بعد هذا كيف تستغرب أن تعود لك الحياة من جديد بعد أن تصبح رميما ، وأنت بذلك تحاول أن تتطاول إلى معرفة ما لا قبل لتجاربك وعلومك بكشفه ؟
يقال له لا سبيل حينئذ إلا أن تذعن صاغرا للاعتراف بهذه الحقيقة التي أخبر عنها مدبر الكائنات العالم القدير وخالقك من العدم والرميم .
وكل محاولة لكشف ما لا يمكن كشفه ولا يتناوله علمك فهي محاولة باطلة ، وضرب في التيه ، وفتح للعيون في الظلام الحالك . إن الانسان مع ما بلغ من معرفة في هذه السنين الأخيرة ، فاكتشف الكهرباء والرادار واستخدم الذرة ، إلى أمثال هذه الاكتشافات التي لو حدث عنها في السنين الخوالي لعدها من أول المستحيلات ومن مواضع التندر والسخرية أنه مع كل ذلك لم يستطع كشف حقيقة الكهرباء ولا سر الذرة ، بل حتى حقيقة إحدى خواصهما وأحد أوصافهما ، فكيف يطمع أن يعرف سر الخلقة والتكوين ، ثم يترقى فيريد أن يعرف سر المعاد والبعث .
نعم ينبغي للانسان بعد الإيمان بالاسلام أن يتجنب عن متابعة الهوى وأن يشغل فيما يصلح أمر آخرته ودنياه ، وفيما يرفع قدره عند الله وأن يتفكر فيما يستعين به على نفسه ، وفيما يستقبله بعد الموت من شدائد القبر والحساب بعد الحضور بين يدي الملك العلام وأن يتقي يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون .
_________________________
(1) مقتبس من كتاب كشف الغطاء ص 5 للشيخ الكبير كاشف الغطاء . ( * )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page