• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الزهراء و وفاة النبي

لقد أحبت الزهراء أباها النبي حباً جماً، فقد كان بالنسبة لها النبع المتدفق بالحنان، كان لها طوال حياتها الأب الحنون، ثم كان لها بعد وفاه أمها، الأب الشفوق و الأم الرؤوم ثم كان لها بعد البعثة أباً و نبياً، و الداً و رسولاً، فكانت تحبه حب البنت البارة بأبيها، و حب المسلمة الصادقة لنبيّها، فهو الأب، و هو النبي، و من ثم فقد بكته، حين انتقل إلى الرفيق الأعلى، بقدر حبه لها، و حزنت عليه بقدر تعلقها به، و زرفت عليه من الدموع الحارة على قدر ما كان يهديها من حب أبوي صادق و حنان ملائكي رحيم، حتى أن الزهراء،عليهاالسلام، لم تضحك قط بعد وفاه أبيها النبي صلى اللَّه عليه و آله، و روي عن الباقر أنه قال: «ما رؤيت فاطمة ضاحكة قط، منذ قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله حتى قبضت»، و في الواقع لولا أن الأب النبي صلى اللَّه عليه و آله أخبرها بموته، و هو حي، لقضت نحبها حزناً عليه، و لصدمتها الفاجعة المروعة، الكارثة الموجعة، و الخطب الأليم، فقد كانت الزهراء تظن، و كأن أباها لا يموت، و لا يموت و هي على قيد الحياة، و كان الرسول صلى اللَّه عليه و آله يدرك مكانته عندها، و يعلم منزلته في قلبها، و يحس مبلغ ما سوف تقاسيه عند فقده، و من ثم فقد أخبرها بموته و هو حي، و عزاها عن فراقه و هو موجود، و بشرها بلقائه القريب في رحاب اللَّه، و روى البخاري عن عائشة قالت: دعا النبي صلى اللَّه عليه و آله فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيه، فسارها بشي ء فبكت، ثم دعاها فسارها فضحكت، قالت فسالتها عن ذلك، فقالت: «سارني النبي صلى اللَّه عليه و آله فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت» (أخرج مثله مسلم و أحمد و ابن سعد و ابن ماجة و ابن راهوية).
و أخذت الزهراء تهدى ء من روعها، و تمسح دموعها، حتى لايراها و الدها النبي صلى اللَّه عليه و آله فيحزنه جزعها، ولكن أنّي لها ذلك، و هي أمام هول عظيم، فهذا أبوها و حبيبها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله قد ثقل عليه مرضه، و فتحت له أبواب السماء، و أقبلت عليه ملائكة اللَّه عزوجل بروح من اللَّه و رضوانه، تبشره بلقاء ربه عزوجل، و ما اعدله من الوسيلة و الدرجة العظيمة و المقام المحمود، و ما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث أن صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية إلى ملئها الأعلى، و إلى جوار رب العالمين، فبكت الزهراء، عليهاالسلام، و تغشاها الأسى و الاكتئاب، و لذعها الجوى، و تولتها غصة و فجيعة، أخرج البخاري عن انس قال: لما ثقل النبي صلى اللَّه عليه و آله جعل يتغشاه، فقالت فاطمة، عليهاالسلام، و اكرب أباه، فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب رب دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأوره، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاطمة، عليهاالسلام، يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثو على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله التراب، و أخرج الإمام أحمد عن أنس قال: لما قالت فاطمة ذلك، يعني، لما وجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله في كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة: و اكرباه، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله: «يا بنيه أنه قد حضر بأبيك و ليس اللَّه تبارك منه أحد الموافاة يوم القيامة»، و روى أن الزهراء أخذت قبضة من تراب القبر الشريف فجعلتها على عينها و وجهها ثم أنشات تقول:

                                  ماذا على من شم ته احمد صبت على مصالب لو أنها صبت على الأيام عدن لياليا

                                 ألا يشم مدى الزمان غواليا صبت على الأيام عدن لياليا صبت على الأيام عدن لياليا

و قالت على قبره الشريف

                                إنا فقدناك فقد الأرض و أبلها فليت قبلك كان الموت صادقنا لما نعيت و حالت دونك ال
                                و غاب مذ غبت عنا الوحي و الكتب لما نعيت و حالت دونك الكتب لما نعيت و حالت دونك الكتب

و روى ابن حجر في فتح الباري عن الطبراني أنه روى عن عائشة أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله قال لفاطمة: أن جبريل أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم رزية منك، فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبراً.
و روي أنه لما قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله امتنع بلال عن الأذان و قال: لا أؤذن لأحد بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و أن فاطمة، رضي اللَّه عنها، قالت ذات يوم: أشتهي أن اسمع صوت مؤذن أبي بالأذان، فبلغ ذلك بلالاً رضي اللَّه عنه فأخذ يؤذن، فلما قال: اللَّه اكبر اللَّه اكبر، ذكرت أباها و أيامه، فلم تتمالك نفسها من البكاء، فلما بلغ قوله «و أشهد أن محمداً رسول اللَّه» شهقت فاطمة رضي اللَّه عنها، و سقطت لوجهها، و غشي عليها، فقيل لبلال: أمسك، قد فارقت ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله الحياة الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فلم يتم الأذان فأفاقت، فسألته إتمامه، فلم يفعل و قال لها يا سيدة النساء: إني أخشى عليها، مما تنزليه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته من ذلك»، و عن الإمام على قال: «غسلت النبي صلى اللَّه عليه و آله في قميصه فكانت فاطمة رضي اللَّه عنهم تقول: أرني القميص، فإذا شمته غشى عليها، فلما رأيت ذلك منها غيبته».

هذا و قد اعتادت الزهراء، رضي اللَّه عنها، أن تزور الروضة الشريفة، كما اعتادت أن تزور قبر و الدتها لسيدة خديجة رضي اللَّه عنها، في مكة، و روي عن الباقر، رضي اللَّه عنه، أنه قال: إن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله كانت تزور قبر حمزة، رضي اللَّه عنه، ترمه و تصلحه، و قد علمته بحجر، و عن رزين قال الإمام أبوجعفر محمد الباقر، مضى اللَّه عنه، إن فاطمة رضي اللَّه عنها كانت تزور قبول الشهداء بين اليومين، الثلاثة، فتصلي هناك و تدعو و تبكي، و روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي اللَّه عنه قال: إن فاطمة كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة، فتصلي و تبكي عنده».

  


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page