طباعة

خاتمة المناظرة و تشيّع الملک مع الوزير

 

 

خاتمة المناظرة وإعلان الملك تشيّعه مع الوزير

وهنا تهلّل وجه الملك شاه، وظهرت آثار الفرح والسرور في وجهه والتفت إلى الحاضرين قائلاً:

إعلموا أيتها الجماعة اني قد اطمأننتُ ووثقتُ من هذه المحاورة (وقد كانت دامت ثلاثة أيام) وعرفتُ وتيقّنتُ أن الحق مع الشيعة في كل مايقولون ويعتقدون، وان أهل السنة باطل مذهبهم، منحرفة عقيدتهم، واني أكون ممن أذا رأى الحق أذعن له واعترف به، ولا أكون من أهل الباطل في الدنيا وأهل النار في الآخرة ولذلك فإنني أُعلن تشيّعي أمامكم، ومن أحب أن يكون معي فليتشيّع على بركة الله ورضوانه ويُخرج نفسه من ظلمات الباطل إلى نور الحق!

فقال الوزير نظام الملك: وأنا كنت أعلم ذلك، وان التشيّع حق، وان المذهب الصحيح فقط هو مذهب الشيعة منذ أيام دراستي ولذا أعلن أنا أيضاً تشيّعي.

وهكذا دخل أغلب العلماء والوزراء والقوّاد الحاضرين في المجلس (وكان عددهم يقارب السبعين) في مذهب الشيعة. وانتشر خبر تشيّع الملك ونظام الملك والوزراء والقواد والكتّاب في كافة البلاد، فدخل في التشيّع عدد كبير من الناس، وأمر نظام الملك - وهو والد زوجتي- أن يدرّس الأساتذة مذهب الشيعة في المدارس النظامية في بغداد! لكن بقي بعض علماء السنة الذين أصرّوا على الباطل على مذهبهم السابق مصداقاً لقوله تعالى: (فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة). وأخذوا يحيكون المؤامرات ضد الملك ونظام الملك وحمَّلوه تبعة هذا الأمر إذ كان هو العقل المدبّر للبلاد، حتى امتدَّت اليه يدٌ أثيمة -بإيعاز من هؤلاء المعاندين السنة- فاغتالوه في 12 رمضان سنة (485)، وبعد ذلك اغتالوا الملك شاه سلجوقي.

فإنّا لله وإنّا اليه راجعون فلقد قُتلا في سبيل الله ومن أجل الحق والإيمان، فهنيئاً لهم ولكل من يُقتل في سبيل الله ومن أجل الحق والايمان.

وقد نظمتُ قصيدة رثاء للشيخ العظيم نظام الملك ومنها هذه الأبيات:

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة * نفيسة صاغها الرحمن من شرف

عزّت فلم تعرف الأيام قيمتها * فردّها غيرة منه إلى الصدف

اختار مذهب حق في محاورة * تبدي الحقيقة في برهان منكشف

دين التشيع حق لامراء لـــه * وما سواه سراب خادع السجف

لكنَّ حقداً دفيناً حرّكوه لــه * فبات بدر الدجى في ظل منخسفِ

عليه ألف ســلام الله تاليــه * تترى على روحه في الخلد والغرف

هذا وقد كنت أنا حاضر المجلس والمحاورة، وقد سجَّلت كل مادار في المجلس، ولكني حذفت الزوائد، واختصرتُ المجلس في هذه الرسالة. والحمد لله وحده والصلاة على محمد وآله الأطياب وأصحابه الأنجاب. كتبته في بغداد في المدرسة النظامية.

مقاتل بن عطية