وفيها عدة روايات اعلم أن هذه الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان ، من شهر رمضان ، وردت أخبار صريحة بأنها ليلة القدر على الكشف والبيان .
فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى سفيان بن السمط ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أفرد لي ليلة القدر ، قال : ليلة ثلاث وعشرين ( عنه البحار 98 : 159 ) .
ومن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى زرارة ، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن ليلة القدر ، فقال : أخبرك والله ثم لا أعمي عليك ، هي أول ليلة من السبع الاخر ( عنه البحار 98 : 159، المستدرك 7 : 472 ) .
أقول : لعله قد أخبر عن شهر كان تسعا وعشرين يوما ، لأنني ما عرفت أن ليلة أربع وعشرين وهي غيره مفردة ، مما يحتمل أن تكون ليلة القدر .
ووجدت بعد هذه التأويل في الجزء الثالث من جامع محمد بن الحسن القمي لما روي منه هذا الحديث فقال ما هذا لفظه : عن زرارة قال : كان ذلك الشهر تسعة وعشرين يوما . ( عنه البحار 98 : 159 )
ومن ذلك باسنادنا إلى ضمرة الأنصاري ، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول : ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرون . ( عنه البحار 98 : 160 ، المستدرك 7 : 473 )
ومن ذلك ما رويناه باسنادنا أيضا إلى حماد بن عيسى ، عن محمد بن يوسف ، عن أبيه قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن الجهني أتى إلى رسول صلى الله عليه وآله فقال له : يا رسول الله إن لي إبلا وغنما وغلمة ، فاحب أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة و ذلك في شهر رمضان ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فساره ( ساره : كلمه بسر ، كلمه في اذنه ) في اذنه . قال : فكان الجهني إذا كانت ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله وولده وغلمته ، فكان تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين بالمدينة ، فإذا أصبح خرج بأهله وغنمه وإبله إلى مكانه ( عنه البحار 83 : 128 ، 98 : 159 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 330 ) . واسم الجهني عبد الرحمن بن أنيس الأنصاري .
وروى أبو نعيم في كتاب الصيام والقيام باسناده ، أن النبي صلى الله عليه وآله كان يرش ( رش الماء : نفضه وفرقه ) على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين ، يعني من شهر رمضان ( عنه البحار 98 : 160 ، المستدرك 7 : 473 ) .
ومن الزيادات في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان : فمنها الغسل ، روينا ذلك بعدة طرق : منها باسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى رحمه الله باسناده إلى بريد بن معاوية ، عن أبي عبد الله قال : رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرة في أول الليل ، ومرة في آخره ( عنه الوسائل 3 : 311 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 331 )ز
ومنها : المأة ركعة وادعيتها على إحدى الروايتين ، أو المائة وثلاثون على الرواية الاخرى بأدعيتها . وقد تقدم وصف هذه المائة : عشرون منها في أول ليلة من شهر رمضان بدعواتها ، وثمانون ركعة في ليلة عشر بضراعاتها ، فتؤخذ من هناك على ما قدمناه من صفاتها .
ومنها : نشر المصحف الشريف ودعاؤه ، وقد ذكرناه في ليلة تسع عشرة . ومنها : الدعوات المتكررة في كل ليلة في أول الليل وآخره ، وقد تقدم وصفها في أول ليلة منه .
ومنها : دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة ، وهو ليلة ثلاث وعشرين :
اللهم إن كان الشك في أن ليلة القدر فيها أو فيما تقدمها واقع ، فانه فيك وفي وحدانيتك وتزكيتك الأعمال زائل ، وفي أي الليالي تقرب منك العبد لم تبعده وقبلته ، وأخلص في سؤالك لم ترده وأجبته ، وعمل الصالحات شكرته ، ورفع إليك ما يرضيك ذخرته . اللهم فامدني فيها بالعون على ما يزلف لديك ، وخذ بناصيتي إلى ما فيه القربى إليك ، وأسبغ من العمل في الدارين سعيي ، ورق لي من جودك بخيراتها عطيتي ، وابتر عيلتي من ذنوبي بالتوبة ، ومن خطاياي بسعة الرحمة . واغفر لي في هذه الليلة ولوالدي ولجميع الؤمنين والمؤمنات غفران متنزه عن عقوبة الضعفاء ، رحيم بذوي الفاقة والفقراء ، جاد على عبيده ، شفيق بخضوعهم وذلتهم ، رفيق لا تنقصه الصدقة عليهم ، ولا يفقره ما يغنيهم من صنيعه [ إليهم ]. اللهم اقض ديني ودين كل مديون ، وفرج عني وعن كل مكروب ، وأصلحني وأهلني وولدي ، وأصلح كل فاسد ، انفع مني ، واجعل في الحلال الطيب الهنئ الكثير السائغ من رزقك عيشي ، ومنه لباسي ، وفيه منقلبي ، واقبض عن المحارم يدي من غير قطع ولا شل ، ولساني من غير خرس ، واذني من غير صمم ، وعيني من غير عمى ، ورجلي من غير زمانة ، وفرجي من غير إحبال ، وبطني من غير وجع ، وسائر أعضائي من غير خلل وأوردني عليك يوم وقوفي بين يديك خالصا من الذنوب ، نقيا من العيوب ، لا أستحيي منك بكفران نعمة ، ولا إقرار بشريك لك في القدرة ، ولا بإرهاج في فتنة ، ولا تورط في دماء محرمة ، ولا بيعة اطوقها عنقي لأحد ممن فضلته بفضيلة ، ولا وقوف تحت راية غدرة ، ولا اسوداد الوجه بالأيمان الفاجرة ، والعهود الخائنة ، وأنلني من توفيقك وهداك ما نسلك به سبل طاعتك ورضاك ، يا أرحم الراحمين ( عنه البحار 98 : 160 ).
ومنها : دعوات مختصة بهذه الليلة من جملة الفصول الثلاثين ، وهو مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو دعاء ليلة ثلاث وعشرين :
سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، سبوح قدوس رب الروح والعرش ، سبوح قدوس رب السماوات والأرضين ، سبوح قدوس رب البحار والجبال ، سبوح قدوس يسبح له الحيتان والهوام والسباع في الاكام ، سبوح قدوس سبحت له الملائكة المقربون . سبوح قدوس علا فقهر ، وخلق فقدر ، سبوح سبوح ، سبوح سبوح ، سبوح سبوح ، سبوح سبوح ، قدوس قدوس ، قدوس قدوس ، قدوس قدوس ، قدوس ، [ أن تصلي على محمد وآله وأن تغفر لي وترحمني ، فانك أنت الأحد الصمد ] ( عنه البحار 98 : 161 )
منها : أدعية مختصة بها من أدعية العشر الأواخر ، فمن ذلك :
يا رب ليلة القدر وجاعلها خيرا من ألف شهر ، ورب الليل والنهار ، والجبال والبحار ، والظلم والأنوار ، والأرض والسماء ، يا بارئ يا مصور ، يا حنان يا منان ، يا الله يا رحمان ، يا حي يا قيوم ، يا بدئ يا بديع السماوات والأرض يا الله يا الله ، يا الله يا الله ، يا الله يا الله ، يا الله ، لك الأسماء الحسنى ، والأمثال العليا ، والكبرياء والالاء والنعماء ، أسألك باسمك بسم الله الرحمان الرحيم ، إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم . فصل على محمد وآله ، واجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء ، وروحي مع الشهداء ، وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة ، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ، وإيمانا يذهب الشك عني ، وترضيني بما قسمت لي ، وآتني في الدنيا حسنة ، وفي الاخرة حسنة وقني عذاب النار . وارزقني يا رب فيها ذكرك و شكرك ، والرغبة والإنابة اليك ، والتوبة والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين ، ولا تفتني بطلب ما زويت عني بحولك وقوتك ، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن حرامك . وارزقني العفة في بطني وفرجي ، وفرج عني كل هم وغم ، ولا تشمت بي عدوي ، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد ، ووفقني لما وفقت له محمدا وآل محمد عليه وعليهم السلام افعل بي كذا وكذا ، الليلة الليلة الساعة الساعة - حتى ينقطع النفس ( رواه الشيخ في مصباحه 2 : 629 مع اختصار ، ايضا الصدوق في الفقيه 2 : 162 ، والكليني في الكافي 4 : 161 ).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :
اللهم امدد لي في عمري ، وأوسع لي في رزقي ، وأصح جسمي ، وبلغني أملي ، وإن كنت من الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني من السعداء ، فانك قلت في كتابك المنزل ، على نبيك المرسل صلواتك عليه وآله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب ) ( عنه البحار 98 : 162 ).
ومن الدعاء في هذه الليلة :
اللهم إياك تعمدت الليلة بحاجتي ، وبك أنزلت فقري ومسألتي ، تسعني الليلة رحمتك وعفوك ، فأنا لرحمتك مني لعملي
، ورحمتك ومغفرتك أوسع من ذنوبي ، واقض لي كل حاجة هي لي ، بقدرتك على ذلك ، وتيسيره عليك . فاني لم
اصب خيرا إلا منك ، ولم يصرف عني أحد سوءا قط غيرك ، وليس لي رجاء لديني دنياي ، ولا لاخرتي ، ولا ليوم فقري ، يوم ادلى في حفرتي ، ويفردني الناس بعملي غيرك ، يا رب العالمين ( عنه البحار 98 )
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :
اللهم اجعلني من أوفر عبادك نصيبا من كل خير أنزلته في هذه الليلة ، أو أنت منزله ، من نور تهدي به ، أو رحمة تنشرها ، أو رزق تقسمه ، أو بلاء تدفعه ، أو ضر تكشفه ، واكتب لي ما كتبت لأوليائك الصالحين ، الذين استوجبوا منك الثواب ، وأمنوا برضاك عنهم منك العقاب ، يا كريم يا كريم ، صل على محمد وآل محمد ، وافعل بي ذلك ، برحمتك يا أرحم الراحمين . ( عنه البحار 98 )
ومن الدعاء في هذه الليلة :
أسألك مسألة المسكين المستكين ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب البائس الذليل مسألة من خضعت لك ناصيته ، واعترف بخطيئته ، ففاضت لك عبرته ، وهملت لك دموعه ، وضلت حيلته ، وانقطعت حجته ، أن تعطيني في ليلتي هذه مغفرة ما مضى من ذنوبي ، واعصمني فيما بقي من عمري ، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا ، واجعلها حجة مبرورة خالصة لوجهك ، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني ، ولا تخلني زيارتك وزيارة قبر نبيك محمدا صلواتك عليه وآله . إلهي وأسألك أن تكفيني مؤونة خلقك من الجن والانس ، والعرب والعجم ، ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إنك على صراط مستقيم . اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم ومما تفرق من الأمر الحكيم في هذه الليلة ، في القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، في عامي هذا ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفور ذنوبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، وأن تطيل عمري ، وتوسع لي في رزقي ، وارزقني ولدا بارا ، إنك على كل شئ قدير ، وبكل شئ محيط ( عنه البحار 98 : 163)
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :
اللهم إني أسألك سؤال المسكين المستكين ، وأبتغي إليك ابتغاء البائس الفقير ، وأتضرع إليك تضرع الضعيف الضرير ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل . وأسألك مسألة من خضعت لك نفسه ، ورغم لك أنفه ، وعفر لك وجهه ، وخضعت لك ناصيته ، واعترف بخطيئته ، وفاضت لك عبرته ، وانهملت لك دموعه ، وضلت عنه حيلته ، وانقطعت عنه حجته ، بحق محمد وآل محمد عليك ، وبحقك العظيم عليهم ، أن تصلي عليهم كما أنت أهله ، وأن تصلي على نبيك وآل نبيك ، وأن تعطيني أفضل ما أعطيت السائلين من عبادك الماضين من المؤمنين ، وأفضل ما تعطي الباقين من المؤمنين ، وأفضل ما تعطي من تخلقه من أوليائك إلى يوم الدين ، ممن جعلت له خير الدنيا وخير الاخرة ، يا كريم يا كريم يا كريم . وأعطني في مجلسي هذا مغفرة ما مضى من ذنوبي ، واعصمني فيما بقي من عمري ، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا ، متقبلا مبرورا خالصا لوجهك يا كريم ، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني ، يا كريم يا كريم يا كريم ، واكفني مؤونة نفسي ، واكفني مؤنة عيالي ، واكفني مؤنة خلقك ، واكفني شر فسقة العرب والعجم ، واكفني شر فسقة الجن والانس ، واكفني شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم ( عنه البحار 98 : 164 ).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين - وقد تقدم نحوه في ليلة تسع عشرة عن مولانا الكاظم عليه السلام - وهذا رويناه باسنادنا إلى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يقول :
اللهم اجعل فيما تقضي وفيما تقدر من الأمر المحتوم ، وفيما تفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر ، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، في عامي هذا ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفور ذنوبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، واجعل فيما تقضي وفيما تقدر أن تطيل عمري ، وتوسع لي في رزقي . ( عنه البحار 98 : 164 )
أقول : وهذا الدعاء ذكره محمد بن أبي قرة في دعاء ليلة ثلاث وعشرين ، وأورد حديثا عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام أن هذا الدعاء من أدعية ليلة القدر .
ومن زيادات ليلة ثلاث وعشرين القراءة فيها لسورة العنكبوت ، وسورة الروم .
نروي ذلك بعدة طرق عن الصادق عليه السلام أنه قال : من قرأ سورة العنكبوت والروم في ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا ابا محمد من أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا ، ولا أخاف أن يكتب الله تعالى علي في يميني إثما ، وإن لهاتين السورتين من الله تعالى مكانا . ( رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 630 ، التهذيب 3 : 100 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 136 اخرجه عن المصادر البحار 98 : 165 ، الوسائل 10 : 361 . )
ومن القرائة فيها سورة : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ألف مرة ، وقد تقدمت رواية لذلك في الليلة الاولى عموما في الشهر كله .
وروينا تخصيص قراءتها في هذه الليلة بعدة طرق إلى مولانا أبي عبد الله عليه السلام قال : لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ألف مرة ، لأصبح وهو شديد اليقين بالاعتراف بما يختص فينا ، وما ذاك إلا لشئ عاينه في نومه . ( رواه في مصباح المتهجد 2 : 630 ، عنه البحار 98 : 165 ، اخرجه الشيخ في التهذيب 3 : 100 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، عنهما الوسائل 10 : 362 . )
دعاء الحسن بن علي عليهما السلام ( في البحار : علي بن الحسين عليهما السلام ) في ليلة القدر :
يا باطنا في ظهوره ، ويا ظاهرا في بطونه ، يا باطنا ليس خفي ، ويا ( ويا باطنا ، ويا ظاهرا ( خ ل ) ) ظاهرا ليس يرى ، يا موصوفا لا يبلغ بكينونته موصوف ، ولا حد محدود ، يا غائبا غير مفقود ، ويا شاهدا غير مشهود ، يطلب فيصاب ، ولم يخل منه السماوات والأرض وما بينهما طرفة عين ، لا يدرك بكيف ، ولا يؤين بأين ولا بحيث . أنت نور النور ، ورب الأرباب ، أحطت بجميع الامور ، سبحان من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره - ثم تدعوه بما تريد ( عنه البحار 98 : 165 ) .
رويناها من كتاب عمل شهر رمضان لعلي بن عبد الواحد النهدي باسناده إلى أبي المفضل ، قال : وكتبته من أصل كتابه ،
قال : حدثنا الحسن بن خليل بن فرحان بأحمدآباد ، قال : حدثنا عبد الله بن نهيك ، قال : حدثني العباس بن عامر ، عن إسحاق
بن زريق ، عن زيد بن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في هذه الآية : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) ( الدخان : 4 ) ، قال : هي ليلة القدر ، يقضي فيه أمر السنة من حج وعمرة أو رزق أو أجل أو أمر أو سفر أو نكاح أو ولد ، إلى سائر ما يلاقي ابن آدم مما يكتب له أو عليه في بقية ذلك الحول من تلك الليلة إلى مثلها من عام قابل ، وهي في العشر الأواخر من شهر رمضان ، فمن أدركها - أو قال : شهدها - عند قبر الحسين عليه السلام يصلي عنده ركعتين أو ما تيسر له ، وسأل الله تعالى الجنة ، واستعاذ به من النار ، آتاه الله تعالى ما سأل ، وأعاذه مما استعاذ منه ، وكذلك إن سأل الله تعالى أن يؤتيه من خير ما فرق وقضى في تلك الليلة ، وأن يقيه من شر ما كتب فيها ، أو دعا الله وسأله تبارك وتعالى في أمر لا إثم فيه رجوت أن يؤتى سؤله ، ويوقى محاذيره ويشفع في عشرة من أهل بيته ، كلهم قد استوجبوا العذاب ، والله إلى سائله وعبده بالخير أسرع ( عنه البحار 101 : 99 ، 98 : 166 ) .
وروينا باسنادنا أيضا إلى أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني ، قال : حدثنا علي بن نصر السبندنجي ( في البحار : البرسجي ) ، قال : حدثنا عبيدالله ( عبد الله ( خ ل ) ، ما أثبتناه هو الصحيح ، وهو الروياني ، راجع معجم الرجال 10 : 46 ) بن موسى ، عن عبد العظيم الحسني ، عن أبي جعفر الثاني في حديث قال : من زار الحسين عليه السلام ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، وهي الليلة التي يرجى أن تكون ليلة القدر وفيها يفرق كل أمر حكيم ، صافحه روح أربعة وعشرين ألف ملك ونبي ، كلهم يستأذن الله في زيارة الحسين عليه السلام في تلك الليلة ( عنه البحار 101 : 100 ، 98 : 166 ).
قال : وأخبرنا أحمد بن علي بن شاذان وإسحاق بن الحسن ، قالا : أخبرنا محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن مندل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كان ليلة القدر يفرق الله عزوجل كل أمر حكيم ، نادى مناد من السماء السابعة من بطنان العرش : أن الله عزوجل قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام ( عنه البحار 101 : 100 ، 98 : 166 ) .
فصل : ولا يمتنع الانسان في هذه الليلة من دعوات بظهر الغيب لأهل الحق
وقد قدمنا في عمل اليوم والليلة فضائل الدعاء للاخوان ، ورأينا في القرآن عن إبراهيم عليه السلام : ( واغفر لأبي إنه كان من الضالين ) ( الشعراء : 86 ) ، وروينا دعاء النبي صلى الله عليه وآله لأعدائه ( اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون ) .
أقول : وكنت في ليلة جليلة من شهر رمضان بعد تصنيف هذا الكتاب بزمان ، وانا أدعو في السحر لمن يجب أو يحسن تقديم الدعاء له ، ولي ولمن يليق بالتوفيق أن أدعو له ، فورد على خاطري أن الجاحدين لله جل جلاله ولنعمه والمستخفين بحرمته ، والمبدلين لحكمه في عباده وخليقته ، ينبغي أن يبدأ بالدعاء لهم بالهداية من ضلالتهم ، فان جنايتهم على الربوبية ، والحكمة الإلهية ، والجلالة النبوية أشد من جناية العارفين بالله وبالرسول صلوات الله عليه وآله . فيقتضي تعظيم الله وتعظيم جلاله وتعظيم رسوله صلى الله عليه وآله وحقوق هدايته بمقاله وفعاله ، أن يقدم الدعاء بهداية من هو أعظم ضررا وأشد خطرا ، حيث لم يقدر ( تعذر ( خ ل ) ) أن يزال ذلك بالجهاد ، ومنعهم من الإلحاد والفساد .
أقول : فدعوت لكل ضال عن الله بالهداية إليه ، ولكل ضال عن الرسول بالرجوع إليه ، ولكل ضال عن الحق بالاعتراف به والاعتماد عليه . ثم دعوت لأهل التوفيق والتحقيق بالثبوت على توفيقهم ، والزيادة في تحقيقهم ، ودعوت لنفسي ومن يعنيني أمره بحسب ما رجوته من الترتيب الذي يكون أقرب إلى من أتضرع إليه ، وإلى مراد رسوله صلى الله عليه وآله ، وقد قدمت مهمات الحاجات بحسب ما رجوت أن يكون أقرب إلى الاجابات .
فصل : أفلا ترى ما تضمنه مقدس القرآن من شفاعة إبراهيم عليه السلام في أهل الكفران ، فقال الله جل جلاله : ( يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب ) ( هود : 75 ) ، فمدحه جل جلاله على حلمه وشفاعته ومجادلته في قوم لوط ، الذين قد بلغ كفرهم إلى تعجيل نقمته .
فصل : أما رأيت ما تضمنته أخبار صاحب الرسالة ، وهو قدوة أهل الجلالة ، كيف كان كلما آذاه قومه الكفار ، وبالغوا فيما يفعلون ، قال صلوات الله عليه وآله : ( اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون ) .
فصل : أما رأيت الحديث عن عيسى عليه السلام : كن كالشمس تطلع على البر والفاجر ، وقول نبينا صلوات الله عليه وآله : اصنع الخير إلى أهله وإلى غير أهله ، فان لم يكن أهله فكن أنت أهله ، وقد تضمن ترجيح مقام المحسنين إلى المسيئين ، قوله جل جلاله : ( لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) ( الممتحنة : 8 ) ، ويكفي أن محمدا صلى الله عليه وآله بعث رحمة للعالمين .
فصل : ومما نذكره من فضل إحياء ليلة القدر : ما ذكره الشيخ الفاضل جعفر ابن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد الدوريستي رحمه الله في كتاب الحسني ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن علي ، قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن العباس بن الجريش الرازي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام ، عن آبائه ، عن الباقر محمد بن علي عليهم السلام قال : من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ، ومثاقيل الجبال ومكائيل البحار ( عنه البحار 98 : 168 ، الوسائل 8 : 21 ، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 118 ، عنه الوسائل 10 : 358 ) .
ومن الكتاب الحسني المذكور ، حدثني أبي ، عن محمد بن علي السكوني ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي السكوني ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : من أحيا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وصلى فيها مائة ركعة وسع الله عليه معيشته في الدنيا وكفاه أمر من يعاديه ، وأعاذه من الغرق والهدم والسرق ومن شر السباع ، ودفع عنه هول منكر ونكير ، وخرج من قبره نور يتلألأ لأهل الجمع ، ويعطى كتابه بيمينه ، ويكتب له براءة من النار ، وجواز على الصراط ، وأمان من العذاب ويدخل الجنة بغير حساب ، ويجعل فيها من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفقا ( عنه البحار 98 : 165 ، الوسائل 8 : 19 ، رواه الفتال في روضة الواعظين : 349 ، أخرجه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 138 ، عنه الوسائل 10 : 359 ، البحار 98 : 168 ) .
ومن الزيادات ليلة ثلاث وعشرين قراءة سورة الدخان فيها ، وفي كل ليلة ، وقد قدمنا الرواية بذلك في أول ليلة ، وأن تحصي بالعبادة كما قدمناه . ومما رويناه في تعظيم فضلها وإحيائها أيضا ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل وهشام وحفص قالوا : مرض أبو عبد الله عليه السلام مرضا شديدا ، فلما كان ليلة ثلاث وعشرين أمر مواليه فحملوه إلى المسجد ، فكان فيه ليلته ( عنه البحار 98 : 169 ) .
فصل ( 1 ) فيما يختص باليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان من دعاء اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان :
سبحان الذي ينشئ السحاب الثقال ، ويسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته ، ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ويرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ، وينزل الماء من السماء بكلماته ، وينبت النبات بقدرته ، ويسقط الورق بعلمه . سبحان الله بارئ النسم ، سبحان الله المصور ، سبحان الله خالق الأزواج كلها ، سبحان الله جاعل الظلمات والنور ، سبحان الله فالق الحب والنوى ، سبحان الله خالق كل شئ ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا .
دعاء آخر في هذا اليوم :
اللهم اغسلني فيه من الذنوب ، وطهرني فيه من العيوب ، وامتحن فيه قلبي بتقوى القلوب ، يا مقيل عثرات المذنبين ( عنه البحار 98 : 169 ).
الباب السابع والعشرون فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة والعشرين منه ويومها
- الزيارات: 3654