طباعة

الحكم، السياسة، القضاء

الحكم، السياسة، القضاء

ان للامام آراء قيمه محكمه فى طبيعه الحكم و سياسته و مهمه الحاكم و كيفيه انتقاء القضاه و تقسيم العمل و مهمه العلماء الى غير ذلك، و قد جمعت رسالته الى الاشتر النخعى كثيرا من هذه الامور، ولكنها ليست الوعاء الوحيد الذى ننشد فيه تلك الحكم فنقصر بحثنا عليها.

ا- قال: 'لا بد للناس من امير بر و فاجر يعمل فى امرته المومنون، و يستمتع فيها الكافر و يبلغ الله فيها الاجل و يجمع به الفى ء و يقاتل به العدو و تومن به السبل و يوخذ به للضعيف من القوى حتى يستريح بر و يستراح به من فاجر'

[ ج 100:1.]

و هذا كما نرى راى يعاكسه الفوضويون اليوم و قد عاكسه الخوارج بالامس، ولكن ما كان لعلى الحكيم الذى اعتنق دين النظام صبيا ان يدعو بدعوتهم لقد عرف ان النظام هو كفيل النجاح، و تالم و شكا قومه لان: 'المعروف عندهم ما عرفوا و المنكر عندهم ما انكروا، مفزعهم فى المعضلات الى انفسهم و تعويلهم فى المهمات على آرائهم كان كل امرى ء منهم امام نفسه قد اخذ منها فيما يرى بعرى ثقات و اسباب محكمات'.

و اذا كان قد مقت الخروج عما يمكن ان نسميه "الشرعيه" فانه كذلك قد مقت ايضا الاختلاف بين الفقهاء و المفسرين فى الفتيا قائلا: 'ترد على احدهم القضيه فى حكم من الاحكام فيحكم فيها برايه، ثم ترد تلك القضيه بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاه بذلك عند الامام الذى استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا والههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد'.

و ليس يصعب علينا ان نلمح ان الذى استنفزه الى هذا الانتقاد هو رغبته فى النظام و فى توحيد القضاء.

ج- و اذا كان قد دعا الى "الشرعيه" و عدم تشعب الاراء و استقلال كل برايه، فليس معنى هذا انه دعا الى الاستبداد و الحكم المطلق، بل على العكس لا نزال نسمعه يلح بالدعوه الى الشورى فيقول لنا: 'من استبد برايه هلك و من شاور الرجال شاركها فى عقولها'

[ نهج البلاغه ج 184:2.]

و يكرر ذلك فى اماكن اخرى و بالفاظ كثيره.

و قال فى كتاب لاحد و لاته: 'و ان ظنت الرعيه بك حيفا فاصحر لهم بعذرك و اعدل عنك ظنونهم باصحارك فان فى ذلك رياضه منك لنفسك و رفقا برعيتك و اعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق'

[ نهج البلاغه ج 109:2.]

و هذه الكلمات كبيره حكيمه، فيها نوع من المسووليه الوزاريه كما نعرفها و نسميها و فيها ايضا بيان لحكمتها فهى تزيل شكوك الرعيه ثم هى رياضه للنفس على تقبل النقد و عدم الازورار منه، و على التدقيق فى الاعمال علما بان هناك من سيحاسب عنها.