• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عجائب الخلق في العين

الشيخ الدكتور احمد الساعدي النجفي

مؤسسة السبطين عليهما السلام العالمية

 

قال تعالی:
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}(1 )
لا يوجد في الإسلام شيٌ اسمه طريق مسدود فلكل واقعةٍ حكمٌ، وديننا دين الحكمة والتعقل فلا وجود للهوی ولا معنی للجهل، وعقيدتنا وهي الحقّ إنّ للأحكام - وجوبا كانت او حرمة او مبادئَ واسباباً و كراهة - مبادئٌ و أسبابا لابدّ منها لثبوت وتشريع هذه الاحكام، فهذه المبادئ إمّا مصلحة ملزمة فالحكم هو الوجوب، أو دون ذلك فالحكم هو الندب، وهكذا في جانب الحرمة فلو وجدت مفسدة شديدة فالحرمه وإلا فهو الكراهة، وديننا هو دين العلم {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}( 2). فلا مساواة بين العالم والجاهل، وقد حثت الشريعة علي طلب العلم حثاً‌ بالغاً شديداً في كل وقت وحال «اطلبوا العلم ولو بالصين، فأن طلب العلم فريضةٌ علي كُلِّ مسلم»( 3)، و«طلبُ العلم فريضة في كلّ حال»( 4).
وفَضَّلَ ديننا العالم علی العابد حيث قال الإمام الباقر×: «عالِمٌ يُنْتَفعُ بعلمه، أَفضلُ من سبعين الف عابدٍ»(5 )، وفضَّلَ مدادَ العلماء علی دماء الشهداء فعن رسول الله|: «وُزِنَ حِبرُ العُلماء بدم الشهداء فرجَح عليه»( 6)، ورغَّب في طلبه ولو بخوض اللُّجج وشَقِّ المهج كما ورد عن الإمام الصادق×: «اطلبُوا التَّعَلُمَ ولو بخوض اللُّجج وشَقِّ المُهَجِ»( 7)، فلا توقف ولا جمود ولا تحجر ولا سطحية، وحثَّ ايّما حَثٍ علی معرفة النفس وسبرِ أغوارِها فعن رسول الله|: «فمن عَرَفَ نَفسهُ فقد عَرَفَ ربّهُ»(8 )، فالنفس البشرية بحر واسع عميق متلاطم الامواج انطوی فيه العالَم الاكبرُ
وتحسِبُ أنَّكَ جِرْمٌ صغيرٌ         وفيكَ انطوي العَالَمُ الاكبَرُ( 9)
ونظّمَ الإسلام حياتنا في كل نواحيها فهو دين الحياة {اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ...} ( 10) وفي مراحلها الاولی، بل قبل النشوء والتكوين والخلق، فأوّلُ حقوق الولد علی والده أن يُحسن انتخاب امِّه، فقد ورد عن رسول الله| «تزوّجوا في الحجزِ الصالِح فأن العَرِقَ دَسّاسٌ»( 11) وعنه|: «تخيّروا لِنُطَفِكُم، فإن النساء يَلِدنَ أشباهَ إخوانِهنَّ وأخواتِهِنَّ»(12 ).
فانظر بعين الانصاف وفقك اللهُ لكل خير إلی عظمةِ الاسلام الذي بين باختصار جامع في زمن الجاهلية والظلام احدثَ ما وصل العلم إلی اكتشافه في العصر الحاضر عصر العلم والنور، من قوانين الوراثه {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(13 )، وتناول ديننا كلَّ ما يتعلّق بالكيان البشري هذا الكائن العجيب المحيّر للعقول فحفظ البدنَ وأحيا الروح معاً  ولا مجال للتفريق بين الروح والبدن فكلَّما يصيبُ البدن يؤَثر في الروح سلبا وإيجابا والعكس بالعكس وهذا ما أقرَّ به علم الطب الحديث، فالأمراض النفسيه لها انعكاسات خطيره علی البدن وكذلك الامراض البدنيه لها تأثير واضح علی الروح، فلا اهتمام بالبدن علی حساب الروح أو بالعكس في عقيدتنا الحقّة.
وبيَّن ديننا بدقه عالية تكوين النفس البشرية، وما يتعلق بها، ولو أنّ ما عندنا من المعرفة للروح قليل بالقياس إلی حقيقة النفس {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}(14 )، وذلك لا لنقصٍ فينا بل لأننا لا ندرك اكثر من ذلك، فالروح من امر ربّنا: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}(15 )، والمحدود لا يدرك اللامحدود وإلاّ لزِمَ المحال. وهذا القليل الذي ندركه هو كثير جداً في الحقيقة وعظيم لو ادركناه وعرفناه «فمن عَرَف نفسه فقد عَرَف ربّه»( 16).
وبين ديننا طرق الوقاية من أمراض الروح والنفس المؤلمة والخطيرة علی‌حياة الفرد والمجتمع، وذكر طرق العلاج - لو اُصيب بها الانسان لا سمح الله - بدقةٍ وعنايةٍ فائقتين، فلا مجال ولا وجود للأكتئاب أو الكسل أو الاحباط والفشل في حياة المسلم والمؤمن وكذا سائر الامراض الروحية الخطيرة الاخری.
وتناول ديننا البدن تشريحا وبياناً وتوضيحاً لوظائف اعضاءه فلا اهمال ولا لغويه في وجود كُلّ عضو، بل وُضِعَ كل عضو في محلّه، ونُظِّمَت علاقة الاعضاء بعضها بالبعض الاخر بتناسق وتناعُم وترابط عجيب حتی انها تعمل كمجموعة واحدة وإن اختلفت وظائفها وتباعدت اماكنها في هذا البدن الغريب العجيب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}(17 ) فتبارك الله أحسن الخالقين... .
ثُمَّ بيّن ما يقي هذا البدن من الاصابه بالامراض العضوية وغيرها من المؤثرات الخارجية، وأشار إلی اهمية الوقاية وتقدّمـها علی العـلاج فـالـوقـاية خيـرٌ من العلاج( 18)، ودرهم وقـاية خيـر مـن قنـطار عـلاج( 19)، وبيّنـت الشريعة المقدّسة العلاجات المختلفة للأمراض البدنية المختلفة، واشارت إلی اهميّة علاج الامراض في بدايتها وإن كانت صغيرة فقد يصعب أو يستحيل علاجها إذا استفحلت كما في كثير من الامراض السرطانية فقد ورد أنّ رسول الله| كان إذا رأی في جسمه بثرة عاذ بالله واستكان له وجار إليه فيقال له: يا رسول الله أهو بأس؟ فيقول: «إنّ اللهَ إذا أراد أن يُعظَّم صِغيراً عظمه»( 20)، وهذا عين ما ذهب إليه الطب الحديث، فحيّا الله هذا الرسول العظيم وحياً الله هذا الدين القويم {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}( 21). وتناول ديننا ما يُصلح هذا البدن وما يفسده من المأكولِ والملبوس والسكن، وبيَّنَ كل ما يحتاجه الإنسان أو ما يتعرض إليه حتی ما بعد الموت، ونظَّمَ التناسل والعلاقة الجنسية بين المرأة والرجل نفسياً وبدنيّاً، وغار في اعماق هذه العلاقة وبين اثر المداعبة البالغ في هذه العلاقة وحذر من تركها تحذيراً شديداً ولكن باشارة لطيفة حيث ورد عن الإمام الصادق×: «إنّ أحدكم ليأتي أهله فتخرج من تحته ولو أصابت زنجياً لتشبثت به، فإذا أتی أحدكم اهله فليكن بينهما مداعبة، فإنّه اطيب للأمر»(22 ).
وشجع ديننا الحنيف علی تَعَلُّم كلَّ ما يصلح البدن وما به قوامه فقد ورد عن رسول الله|: «العِلمُ علمانِ: عِلمُ الاديان وعلمُ الأبدان»(23 ).

عجائب الخلق في العين
قال تعالی:
{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ}( 24).
لنسأل أولاً لماذا وهبنا الباري عز وجل عينين وقد تكفي عين واحده، فما هي العلة يا تری في ذلك؟!
وللأجابه نقول بإختصار شديد إنّ العين خلقت للابصار والرؤية، ونحن لكي نری ما حولنا من الأجسام وغيرها بوضوح نحتاج إلی محيط كامل وواسع وشامل يری بكل الابعاد فنحتاج إلی رؤيته بابعاده الثلاثة (Three axses)، فلذا نحتاج إلی عينين..
ونتساءل مرة ثانية ما هو دور الحاجبين؟ فنجيب: إنّهما وُضِعا لحماية العين من العَرَق المالح الضار والمتصبب من الجبهة، ثمّ نأتي إلی الأهداب فنسأل ما هو دورها؟ فنقول إنّها مكناسة العين فهي تكنس الغبار والمكروبات وغيرها من الاشياء الضارة، والدموع التي تفرزها الغده الدمعية الموجودة في العينين، تعقم وتغسل العين. وتحافظ علی الخلايا الطلائية للقرنية عبر تأمين المحيط اللازم لها( 25).
وماذا عن القرنية (Cornia) فنقول انها خالية من الاوعية الدموية واللمفاوية(26 ) لان الاوعية الدموية والدم الذي فيها وكذلك اللمف سوف يحجب الضوء ومن ثمّ  الرؤية، ويؤمن الغذاء للقرنية السائل الذي خلفها (Aqueous Humor) وأيضاً يغذي عدسة العين (The Lens)‌ ويزيل الفضلات    (remove the products of Metabolism)، كما أنّه يحافظ علی‌ بقاء شكل العين كرويّاً عبر تنظيم الضغط الداخلي للعين (Inter Ocular Pressure)، وهذه التغذية التي يؤمنها هذا السائل للقرنية وعدسة‌ العين ضروري جدا لخلوهما أي القرنية والعدسه من الاوعية الدموية اللازمة للتعذيه فإن انسجة الجسم المختلفة تتغذی عن طريق الدم الذي يجري في الاوعية الدموية الشعرية الدقيقة حيث يحمل الدمُ الغذاءَ بعد هضمه وتجزئته إلی عناصره الأولية، فيأخذ كُلُّ نسيج وعضو في البدن ما يحتاجه من الغذاء ويتخلص أيضاً من الفضلات عبر الدم.
والبؤبؤ (Iris) الذي هو عباره عن جدار(حاجبdiaphragm) ملون(pigmented) قابل للانقباض (Contractile) مفتوح من الوسط بفتحة تسمّ‍ی الـ(Pupil) ويفصل هذا الجدار بين عدسة‌ العين والقرنية ويقسم الفراغ بينهما إلی قسمين.
فهل فكرنا قليلاً وتساءلنا ما هو دور البؤبؤ (Iris)، وفتحته المركزية (Pupil)؟ وللإجابة علی‌هذا السؤال لابدّ أن نقدم مقدمّه لازمة وضرورية وهي أنّ البؤبؤ وفتحته مجهزة بنوعين من العضلات الملساء اللارادية (Involuntary Smooth muscle) وهي بالاضافة الـ(Clliary muscle) تُشَّكِلْ العضلات الداخلية للعين(Intrinsic Eye ball muscles) وهذه العضلات أي عضلات البؤبؤ علی قسمين:
احدها وهي العضلات القابضة(المضيقة) للبؤبؤ (Sphincter Pupillae) وهي مجهزة بالعصب الباراسمباثتيك (Parasympathetic Nerve) وهو عصب لا إرادي ووضيفتها تضييق (Constriction) فتحة البؤبؤ (Pupil) وذلك حينما يكون الضوء شديداً كما في النهار أو في مواجهة ضوء الشمس أو أي ضوء شديد آخر، وكذلك عند انطباق النظر والتحور مع المحيط (Accommodation).
والقسم الثاني وهو العضلات الموَّسِعة (Dilator Papillae) وهي مجهزة بالعصب السمباثتيك (Sympathetic Nerve) وهو أيضاً عصب لا إرادي ووضيفتها توسيع فتحة البؤبؤ عندما يكون الضوء ضعيفاً كما في الليل، كل ذلك يحدث لتنظيم كمية الضوء الداخل لعدسة‌ العين علی حسب الحاجة فهل فكرنا فيمَن أوجد ونظم ذلك؟!
والاجفان ما هو دروها؟! فنقول: إنّها تحمي العين من الاصابة بالجروح (Injury) ومن التأثير الضار للضوء الزائد وذلك حينما تنغلق باحكام علی العين.. فسبحان الله العظيم.
وأمّا غدد تارسال (Tarsal glands) وهي غدد دهنية متطورة (Modified Sebaceous Glands) فهي تدفع بافرازاتها الدهنية لتصبَّ في حافة الجفن تحت الرموش (Eye Lashes) وهذه المادة الدهنية تمنع الجريان الزائد للدموع، وتساعد علی اغلاق الجفون بإحكام امام الهواء فلا ينفذ الهواء إلی داخل العين.. فسبحان الله العظيم.
وماذا عن الغدة الدمعية ( gland Lacrimal)؟ فنقول في الجواب إنّها غدة تفرز الدمع وتتكون من قسمين: احدها كبير وهو القسم العيني (Orbital part) وقسم صغير وهو القسم الجفني             (Palpebral part) وتقع هذه الغدة في القسم الاعلی من كرة ‌العين في القسم الامامي الاعلی لحجرة العين Orbit إلی الخلف من الحاجز العيني (Orbital septum) ولها اثنا عشر(12) قناة (ducts) تفتح في الملتحمه (Conjunctiva) وتُجهَّز هذه الغده أي الغدة الدمعية بعصب مزدوج حسي حركي (parasympathetic Secretomotor Nerve) وكذلك تجهز هذه الغدة بالعصب السمباثتيك (The Sympathatetic Postganglionic Nerve Supply)، وحينما تفرز الغدة الدمعية الدمع فانه يدور حول وعبر القرنية ثمّ يجتمع ليدخل أخيراً في الكيس الدمعي                (Sac Lacrimal) وهو يتصل بالطرف الاعلی للقناة الدمعية الانفية (Naso Lacrimal duct) وطول هذه القناة الاخيرة لا يتجاوز (1.3cm) وتفتح هذه القناة الدمعية الانفية في الجزء الاسفل من منخر الانف (of Nose  Inferior meatus)  (وتُغَّطی) هذه الفتحةأي فتحة القناة الانفية الدمعية بطبقة من الغشاء المخاطي لتمنع من دفع هذه القناة إلی داخل الكيس الدمعي عند الشهيق (Blowing the Nose) ؟! فتعالی الله الباري العظيم؟!
و ماذا عن حركة كرة‌ العين ومن الذي يحركها ككل أو يحرك القرنية لوحدها أو معها، مع العلم أنّ حركات العين تَتُمُّ بجميع الاتجاهات لكلتي العينين او أحداهما بحركه واحده أو مختلفة؟! فالعين تدور علی ثلاثة محاور:  عمودي وافقي وأمامي(Sagittal). وتتحرك العين وتدور نحو الاعلی (Elevation) وتهبط نحو الاسفل (depression) وتتحرك وتدور إلی الجهة الخارجية (Laterrally) وتسمی هذه الحركة بـ (abduction) وتدور وتتحرك إلی الداخل (Medially) وتسمی هذه الحركة بـ(adduction) وتستخدم العين لدورانها(نحو الداخل أو الخارج) كعلامة أو مركز تستخدم الجزء الاعلی من القرنية أو فتحة البؤبؤ. فيا تری من الذي ينظَّم ويقوم بهذه الحركات؟!
ونضيف في الجواب أنّ هناك - أي في خارج العين وحولها - ستة(6) عضلات اختيارية  (Six Voluntary Muscles) هي المسؤولة عن ذلك ويعبّر عنها بـ (Extrinsic muscles of Eyeball ) أي العضلات الخارجية لكرة العين وهي عضلات مخططة إراديّه (straiated skeletal muscles)، وهناك عضلات داخلية تعمل بشكل متناسق مع بعضها طبق الحاجة والرؤية لكرة‌العين تُمسی بـ  (Muscle of Eyeball Intrinsic) وهي عضلات ملساء لا ارادية وهي ثلاثه: احدها تقوم بتضييق فتحه البؤبؤ والاخری علی العكس أي توسع فتحة البؤبؤوالثالثة (Muscle ciliary) تنظَّم وتسيطر علی شكل العدسة (Controls Shape of Lens) وتجعل شكلها أكثر بيضوياً (Globular) في حالة ‌التحور والتطابق مع المحيط (Accommodation)، وكذلك تزيد قوة انعكاس الضوء الداخل عَبر العدسة ‌عن طريق الشد علی الرابط المعلِّق  للعين، فتصبح  العدسة اكثر تحدّباً مما يزيد في قوّة الانعكاس للضوء الداخل للعين، وهذه العضلات الثلاث محلها داخل كرة العين.. فمن صنع هذا؟!
ويُغلّف كرة ‌العين نسيج(Sheath Fascial) يحيط بها ما عدی القرنية التي هي الجزء الشفاف من العين، وهذا النسيج يفصل العين عن شحمة حفرة العين (Orbital  Fat) ويجعل العين كبساً (Socket) يتحرك بحريه وبدون أي عائق!! ويشكل القسم الاسفل من هذا النسيج الذي يمرّ من أسفل كرة العين حيث يزداد سمكا هنا، ويرتبط بـاربطة الخدود (Check Ligaments) ويشكلُ ما يعرف بـ الرباط المعلِّق للعين (Suspensory Ligament of the eye) وهي التي تجعل العين معلقة بين جداري حفرة ‌العين الخارجي(الوحشي) والباطني(الداخلي) بما يشبه المهد(مهد الطفل) (hammock).. فسبحان الله العظيم؟!
وأما أغطية العين الداخلية Eyeball Coats فهي علی قسمين أحدهما معتم خلفي (في الجزء الخلفي من العين) والقسم الآخر هو الجزء الامامي للعين وهو الجزء الشفاف (transparent) للعين وهو ما يعرف بـ القرنية (Cornia).
فما هي القرنية وما هو دورها ولماذا تكون شفافة؟!
أنّ القرنية ‌مسؤولة بصورة رئيسية عن انكسار وانعكاس الضوء الداخل إلی العين، وهي أي القرنية كما أشرنا آنفاً خالية من الأوعية الدموية واللمفاوية، وتتغذی عن طريق عملية الانتشار (diffusion) من السائل (aqueous humor) الذي يوجد خلفها وعبر الاوعية الدموية الشعرية في حافتها، ويساعد الدمع علی حفظ حيوية خلايا القرنية الطلائية ويؤمن لها المحيط الطبيعي المناسب لاجل اتمام عملية انعكاس الضوء الداخل إلی العين علی‌ النحو الأحسن.. فسبحان الله البارئ المصور.
وماذا عن سائل العين (Aqueous Humor)؟ فنقول أنّه سائل شفاف يملأ فراغات العين؛ الأوّل الامامي وهو ما بين القرنية والبؤبؤ والثاني الخلفي وهو ما بين البؤبؤ والعدسة (Posterior & anterior Chambers of the eye ball) ويجري هذا السائل عبر هذه الفضاءات والفراغات لينتهي به الامر - لاجل التخلية (Drainage) - إلی قناة سكليم(canal Schlemm )، فلو حدث انسداد ولم يُفرَّغْ السائل الزائد لأرتفع الضغط داخل العين (Intraocular pressure) واصيبت العين بالجحوظ (glaucoma) ممّا يؤدّي إلی‍ تدمير الشبكيّة ومن ثم العمی لا سمح الله.
اما ما هو دور ووظيفة هذا السائل فهو بالاضافة إلی ما اسلفنا - في أنه يغذي القرنية والعدسة وهذا امر ضروري جدا لخلوهما من الاوعية الدموية الناقلة للغذاء-  فإنّه يحافظ علی شكل العين   (Optical shape) عبر تسليطه ضغطاً داخلياً علی جدار العين فيسندها و يحفظ شكلها.. فسبحان الله عمّا يصفون؟!
ونتساءَل مرة أخری: ما هو الجسم العدسي (Vitreous Body) وما هو دوره؟!
فنقول في الإجابة: أنّه عباره عن مادة جيلاتينيه شفافة تملأ كرة العين وتقع خلف العدسه،‌ أمّا دورها فهو زيادة القوة التكبيرية للعين (The magnifying Power of the eye) وكذلك اسناد القسم الخلفي للعدسة.
وماذا عن عدسة‌ العين (Eye Lens)؟ فنقول إنّها جسم شفاف محدّب الطرفين محاط بمحفظة مطاطة (elastic Capsule)، وتتشكل العدسة من نسيج طلائي مكعب(Epithelium Cupoidal)، يشكل السطح الامامي (Anterior Surface) منها والياف (Lens Fibers) في وسطها وهي تُشكل القسم الاعظم من العدسة.
وتحافظ محفظة العدسة المطاطة علی شكل العدسة بيضويا، وتتصل عدسة العين بالجسم السيليري (Ciliary Body) (الذي  يحتوي علی العضلة السيليرية Ciliary Muscle) بواسطة الرابط المعلِّق للعين (Suspensory Ligament) الذي بواسطة سحبه العدسة يجعلها مسطحه ولذا تستطيع العين أن تركز (Focuses) وتَحُّدَ النظر علی الأجسام البعيدة، امّا كيف تركز العين وتتحور لنری الاشياء القريبة (Nearby Objects) وتعرف هذه العملية به (Accomodation of the Eye) (تمحور العين) فنقول إنّه حينما تريد العين أن تتمحور وتری وتركز علی الأشياء القريبة فإنّ العضلة السيليرية (Ciliary Muscle) تتقلص فتسحب نتيجة لذلك الجسم السيليري (Ciliary body) فيؤدي إلی انبساط وتمدد الرابط المعلِّق للعين (Suspensory Ligament) المتصل بهذا الجسم مما يؤدّي إلی أن يجعل شكل عدسة‌ العين اكثر بيضوياً (Globular Shape) فيتم التركيز علی‌الأجسام القريبة.
وحينما يتقدم الإنسان بالعمر فسوف تقل هذه القابليّة وذلك لأنّ العدسة عند تقدم العمر تفقد مطاطيتها وتكون اكثر كثافة  (Denser & less Elastic) ممّا يؤدّي إلی ما يعرف بظاهرة ضعف العين الناتج عن الكبر (Presbypia) ويُنْصَحُ هؤلاء باستخدام عدسات صناعية اضافية لمساعدة العين علی التركيز علی الأجسام القريبة.
ونتساؤل اخيراً لماذا تری العين البشرية الجسم الذي يتحرك من مسافة بعيدة باتجاهها واحداً  ولا تراه اثنين، فنقول في الإجابة أنّه حينما يتحرك جسم واحد من بعيد باتجاهنا فإن العينين تعملان سوية حيث تتقاربا (Converged)، وحينها تركز الشبكية (Focuses) لكلي العينين علی شيء واحد، والمسؤول عن هذا التقارب أو الاشتراك (Convergence) هو احدی عضلات العين الخارجية المخططة الارادية وهي ما تسمي بـ(Medial Rectus muscles) التي عبر تقلصها سوية يحدث هذا الاشتراك والتناغم (Convergence).
فيا تری من خلق كلَّ هذا؟! قال تعالی {أَلَمْ نَجْعَلْ لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ}، فهل من متدبّر؟!
ولكن... {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ‏الَّتِي فِي الصُّدُورِ}( 27) وصدق الله العلي العظيم والحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام علی محمد وآله الطيبين الطاهرين.

بتصرف:

Reference:

Clinical Anatomy By Regions
8 Edition
Richard S. Smell/MD/PHD



(1 )  سورة الأنفال: الآية 24.
(2)  سورة الزمر: الآية 9.
(3)   كنز العمال: 28697، 28698.
(4)  أمالي الطوسي: 488/1069.
(5)  الدعوات للراوندي: 62/153.
(6)  كنز العمال: 28714.
(7)  أعلام الدين: 303.
(8)  مصباح الشريعة: 343.
(9)  ديوان الإمام علي×: الاعلمي ص97.
(10)  سورة الأنفال: الآية 24.
(11)  كنز العمال: 44559، 44557.
(12)  كنز العمال: 44559، 44557.
(13)  سورة‌ النجم: الآية: 4.
(14)  سورة‌ الأسراء: الآية 85.
(15) سورة ص: الآية 72 و الحجر: الآية 29.
(16)  مصباح الشريعة: 343.
(17)  سورة التين: الآية 4.
(18) و(19) هو قول مشهور بين العلماء والفلاسفة والعقلاء واجمع العقلاء عليه وتساعده وتؤيده التجربه ولعله مأخوذ من مصادر الوحي.
(20)  بحارالأنوار: 81/211 ج30.
(21)  سورة الاسراء: الآية: 9.
(22)  الفقيه: 3/364 ح1732.
(23)  البحار: 1/220 ح52.
(24)  سورة البلد: الآية 8 – 9.
(25) Clinical Anatomy By Regions . 8 edition page no: 704.
(26)Same Reference.
(27) سورة الحج: الآية 46.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page