الاستاذ جاسم محمّد الصحيّح
وهـج القبـاب أم المصيــر المُـتـعـبُ * ذاك الـذي لـكِ شـدّنـي يـا يـثــربُ
فأتـيـت أرفــل فـي الشـقـاء يزفّـني * مـا بـين أشـبـاح المتـاهـة موكــب
تـتسكـع الآهــات بيـن جـوانـحــي * والأبـجــدية فـي دمائــي تـنـحـب
وأجـنّــة الأحــلام حيـن تهـزّهـــا * نجواك يرعـش روحهــا المتـكـهـرِب
أتــرى النخـيـل اليـثـربـية لم تـزل * تـلك التـي تلـد الشـمــوخ وتُـنجـب
أم شكَّهــا سهــم الزمــان فأينـعــت * جرحـاً بـه المستـضعـفـون تخضَّـبوا
وأتــوكِ مـن حيـث الرجـولة لم يـزل * تـأريخهـا بـدم الكـرامــة يشخـــب
يتـلمـسـون ثمـالــة الأمــل الــذي * كانت على يـده الجراحـــة تُخـصِـب
يا طيـبـة النـصر المنــوَّر ما لـــوى * أبطالــه عبــر المجاهـــل غيهـب
فـإذا السمـاء تصـبُّ فـي خلجـاتـهــم * حُــلـُم النبــوة جامحـــاً يتـلَهَّـب
حتـى إذا صقلــوا تُـرابـك وازدهــت * ممّـا تناثــر مـن سنـــاه الأحقــب
وقفـوا علـى حــدّ الرمـاح منـائــراً * تمتـدّ فـي اُفـق الحيـــاة فـيُعـشـب
يــا طيـبـة النصـر الـذي في شوطـه * أفـنـى فُـتـوته النـضــال الأشيــب
وتنـفَّـسـت عبـق الفتــوح رسالـــة * فيهــا تصاهـرت السمــاء ويعــربُ
وافـتْـكِ يرتجـل الصـلابــة ساعــد * منهــا ويبتـكـر العـزيـمــة منكـبُ
ومُـذ اقـتحمـت بهــا الحياةَ على خطى * طــه يـشـدُّكِ للفـــلاح ويجـــذب
شحـذ الفـداء يراعَـهُ بــكِ وانـبــرى * يسقـيه مـن حبــر الخلــود ويكـتـبُ
حتـى إذا يــوم الاخـــاء تـفصَّـمـت * حلقـاتــه وسطـــت عليـه العقـرب
نسيَـتْ جوامـحـك العتــاق نفيـرهــا * وانهار في دمـكِ الصهـيــل الأشهــب
وبقـيـت للأجيــال نبــعَ صبابـــة * ما عـاد كوثــره يفـــور ويغضــب
ورَنت تطـالـعُـك الدهــور فراعهـــا * فتــح بماضيــك المجـيــد مُعـلَّـب
هـرّبتـهِ طيـفــاً بـذاكــرة المُـنـى * يزهو وهيـهــات الفـتــوح تُـهَـرَّب
نســل الغبــار علـيـه ألــفَ قبـيلة * راحــت تـنازعـــه البريـق وتسلب
ويــداك لا شمـس تغـالــب فيـهـمـا * عصــف الشتــاء الجاهـلـي فتـغلب
مُـدِّيهـمـا نحــو الــوراء وسـلسـلي * يـومَ الاخـاء ولملـمـي مــا يسـكـب
وتـحـضّـني أرواحنــــا بصفـائــه * يهتــزّ نبــض حياتــنا المُـتَخَـشِّـب
فسـنصهـر الاُفــق البعيــد علـى لظى * عزماتـنـا حتـى يـــذوب الكـوكـب
وسنـكـنس التاريــخ ممّــا اسنـــدت * فيــه الذئـاب ومــا رواه الثعـلـــب
ونُـقـشِّـر الحــق المُـغَـلَّـف بالدجـى * حتـى يشـعّ لُبـابـــه المُـتَـلَهِّـــب
ونعــود نفـتــرع النجــوم وحسبنــا * فيـمـا نـؤمـل ان متـنــك مركــب
ثمالة الأمل
- الزيارات: 2279