• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القدرة المطلقة وإحياء الموتى


جواب الشبهة الأُولى : القدرة المطلقة وإحياء الموتى
إنّ تخيل استحالة المعاد ، الناشىء من توهّم أنّ إحياء الموتى خارج عن إطار
القدرة ، جهل بالله سبحانه ، وجهل بصفاته القدسية ؛ فإنّ قدرته عامة تتعلق
بكل أمر ممكن بالذات ، ومن هنا نجد القرآن الكريم يندد بقصور المشركين
وجهلهم في مجال المعرفة ، ويقول : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } (1). ومعنى عدم التقدير هنا ،
عدم تعرفهم على الله سبحانه حقّ التعرف ، ولذلك يعقبه بقوله:  { وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ} ، معرباً عن أنّ إنكار المعاد ينشأ من هذا الباب.
و في آيات أُخرى تصريحات بعموم قدرته ، كقوله : { أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ
اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (2).
و قوله تعالى:  { إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3).
والآيات الواردة في هذا المجال كثيرة (4).
ثمّ إنّ القرآن يسلك طريقاً ثانياً في تقرير إمكان المعاد ، وذلك عبر الإتيان
بأُمور محسوسة أقرب إلى الإذعان والإيمان:
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الزمر : الآية 67.
(2) - سورة البقرة : الآية 148.
(3) - سورة هود : الآية 4.
(4) - لاحظ النحل : الآية 77 ، العنكبوت : الآية 20، الروم : الآية  50 ، فصلت : الآية 39،
الشورى : الآية 9 و 29، الأحقاف : الآية 23، الحديد : الآية 2.
________________________________________

أ ـ القادر على خلق السموات ، قادر على إحياء الموتى
يقول سبحانه : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ
بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } (1).
وكيفية الاستدلال بها واضحة ؛ فإنّ القادر على إبداع هذا النظم البديع ،
أقدر على إحياء الإنسان.
ب ـ القادر على المبتدأ قادر على المعاد
إنّ من الضوابط العقلية المحكمة أنّ أدلّ دليل على إمكان الشيء وقوعه ،
وأنّ حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد ، فلو كانت الإعادة أمراً محالاً ، لكان
ابتداء الخلقة مثله ؛ لأنّهما يشتركان في كونهما إيجاداً للإنسان ، وعلى ذلك قوله
سبحانه:  { وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *...
فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } (2).
وقوله سبحانه : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ
يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ
ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (3).
ج ـ القادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على إحياء الإنسان بعد
موته
ويُري الذكر الحكيم في آياته إعادة الحياة إلى التراب بشكل ملموس ، وذلك
بصورتين :
أولهما : أنّه إذا امتنع عود الحياة إلى التراب ، فكيف صار التراب إنساناً في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الأحقاف : الآية: 33. ومثلها يس : الآية 81.
(2) - سورة الإسراء : الآيات 49 ـ 51.
(3) - سورة القيامة : الآيات: 36 40، وقد ورد في هذا المجال آيات أُخر، فلاحظ يس : الآية 79،
سورة الطارق : الآية 5 ـ 8 .
________________________________________

بدء الخلقة ، وفي ذلك يقول سبحانه:  { يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ
الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ...} (1).
ويقول:  { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً
أُخْرَى} (2).
و ثانيتهما:  إنّ الأرض الميتة تحيا كلّ سنة بنزول الماء عليها فتهتز وتربو بعد
جفافها ، وتنبت من كل زوج بهيج ، يقول سبحانه : { وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا
أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ
هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ
فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (3).
و يقول سبحانه : { وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى
إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ
الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (4).
فليس إحياء الإنسان من التراب إلاّ كإحياء التراب الميت ، باخضرار نباته ،
وازهرار أشجاره.
وبهذه النماذج المحسوسة يثبت القرآن عموم قدرته تعالى ، مضافاً إلى
البراهين العقلية على عموم قدرته تعالى شأنه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الحج : الآية 5.
(2) - سورة طه : الآية 55.
(3) - سورة الحج : الآيات 5 ـ 7.
(4) - سورة الأعراف : الآية 57. ولاحظ الزخرف : الآية 11، الروم : الآية 19، سورة فاطر :
الآية 9، سورة ق : 9 ـ 11.
المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 188 ـ 190




أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page