• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني : لمحات عن أبي طالب عليه السلام

الفصل الثاني
لمحات عن أبي طالب عليه السلام


اسمه:
قيل إن اسم أبي طالب عليه السلام: عمران، وقيل: عبد مناف، وقيل اسمه: لقبه.
ويؤيد الثاني ما روي من أن عبد المطلب قال:
أوصيك يا عبد مناف بعدي    بموحد بعد أبيه فرد
وقال:
وصّيت من كنيته بطالب    عبد مناف، وهو ذو تجارب..(1)
وقد سمي عبد مناف، لأنه أناف على الناس وعلا(2)
ويؤيد الأول ما قالوه، من أنه قد ورد في زيارة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، والمروية في بعض كتب أصحابنا:
«السلام على عمك عمران أبي طالب»(3)
ويؤيد أن اسمه كنيته، ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه كتب في بعض الرسائل: علي بن أبو طالب(4)
إلا أن يقال: إن كتابة الياء في الخط الكوفي تشبه كتابة الواو..
و«قال الحاكم: أكثر المتقدمين على أن اسمه (يعني أبا طالب) كنيته(5)
وهناك كلام مطول حول هذا الموضوع، ذكرنا طرفاً منه في موضع آخر.. فراجع.(6)

صفة أبي طالب عليه السلام ومكانته:
كان أبو طالب عليه السلام شيخاً جسيماً، وسيماً، عليه بهاء الملوك، ووقار الحكماء..
وقيل لأكثم بن صيفي: ممن تعلمت الحكمة، والرياسة، والحلم، والسيادة؟
فقال: من حليف العلم، والأدب، سيد العجم والعرب، أبي طالب بن عبد المطلب(7)
وكان أبو طالب عليه السلام ممن يهابه الرجال، ويكره غضبه(8)
وقال النويري: «كان أبو طالب حاكم قريش، وسيدها، ومرجعها في الملمات»(9)
وهو ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية(10)
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في فضل أمير المؤمنين عليه السلام:
«ما أقول في رجل أبوه أبو طالب، سيد البطحاء، وشيخ قريش، ورئيس مكة؟
وقالوا: قلَّ أن يسود فقير، وساد أبو طالب، وهو فقير لا مال له..
وكانت قريش تسميه (الشيخ).
إلى أن قال: «.. وهو الذي كفل رسول الله صلى الله عليه وآله صغيراً، وحماه وحاطه كبيراً، ومنعه من مشركي قريش، ولقي لأجله عناء عظيماً، وقاسى بلاء شديداً، وصبر على نصره، والقيام بأمره. وجاء في الخبر: أنه لما توفي أبو طالب: أوحي إليه، وقيل له: اخرج منها، فقد مات ناصرك»(11)
أبو طالب في كلمات النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام:
ثم إنه قد روي عن علي عليه السلام: أن نور أبي يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار. نور محمد صلى الله عليه وآله ونوري، ونور الحسن والحسين، ونور تسعة من ولد الحسين(12)
وروي أيضاً: أن مثله كان مثل أصحاب الكهف.
وأنه كان مستودعاً للوصايا، فدفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله(13)
وقال الصدوق: روي أن عبد المطلب كان حجة، وأن أبا طالب كان وصيه(14)
وقال المجلسي: بل كان من أوصياء إبراهيم(15)
وفي روضة الواعظين: أن جابراً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يقولون إن أبا طالب مات كافراً؟!
قال صلى الله عليه وآله: يا جابر، الله أعلم بالغيب! إنه لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار، فقلت: إلهي، ما هذه الأنوار؟!
فقال: يا محمد، هذا عبد المطلب، وهذا أبو طالب، وهذا أبوك عبدالله، وهذا أخوك طالب.
فقلت: إلهي وسيدي، فيم نالوا هذه الدرجة؟!
قال: بكتمانهم الإيمان، وإظهارهم الكفر، وصبرهم على ذلك حتى ماتوا(16)
أبو طالب عليه السلام كفيل النبي صلى الله عليه وآله:
وقد روي: أنه لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياماً ليس له لبن، فألقاه أبو طالب عليه السلام على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبناً فرضع أياماً، حتى جاءت حليمة السعدية فدفعه إليها(17)
وقالوا: إنه في كفالته لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يفارقه ساعة من ليل ولا نهار، وينيمه في فراشه، وكان إذا أراد أن يعشي أولاده ويغذيهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وآله فيأكل معهم فيبقى الطعام(18)
ولما حضرت عبد المطلب الوفاة، دفع النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي طالب عليه السلام، وطلب منه أن يحفظه فيه، فقال له أبو طالب:
يا أبه، لا توصني بمحمد، فإنه ابني، وابن أخي..
فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة، والكسوة على نفسه، وعلى جميع أهله(19)

إني مقتول:
وكان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله إذا أخذ مضجعه، ونامت العيون، جاءه أبو طالب عليه السلام، فأنهضه صلى الله عليه وآله عن مضجعه، وأضجع الإمام علياً عليه السلام مكانه، ووكل عليه ولده، وولد أخيه.
فقال الإمام علي عليه السلام: يا أبتاه، إني مقتول ذات ليلة.
فقال أبو طالب عليه السلام:

إصبرن يا بني، فالصبر أحجى    كل حي مصيره لشعوب
قد بلوناك والبلاء شديد    لفداء النجيب، وابن النجيب
إن تصبك المنون بالنبل تترى    فمصيب منها وغير مصيب
كل حي وإن تطاول عمراً    آخذ من سهامها بنصيب
فقال الإمام علي عليه السلام:

أتأمرني بالصبر في نصر أحمد    ووالله ما قلت الذي قلت جازعاً
ولكنني أحببت أن تر نصرتي    وتعلم أني لم أزل لك طائعاً
وسعيي لوجه الله في نصر أحمد    نبي الهدى المحمود طفلاً ويافعاً(20)

وقال الإمام علي عليه السلام أيضاً بعد ذلك:

وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى    ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
رسول إله الخلق إذ مكروا به    فنجاه ذو الطول الكريم من المكر
وبت أراعيهم وهم يثبتونني    وقد صبرت نفسي على القتل والأسر
وبات رسول الله في الشعب آمناً    وذلك في حفظ الإله وفي ستر
أردت به نصر الإله تبتلاً    وأضمرته حتى أوسد في قبري(21)


وحين أَخبَرَ الإمام علي عليه السلام أباه بأنه قد أسلم على يد الرسول صلى الله عليه وآله، قال أبو طالب عليه السلام:
أما إنه لا يدعو إلا إلى خير، فالزمه(22)
وقال لولده الإمام علي عليه السلام حينما أخبره أنه يريد أن يتبع الرسول صلى الله عليه وآله:
يا ولدي، تعلم أن محمداً والله أمين منذ كان، امض واتبعه ترشد وتفلح، وتشهد(23)
ويقول عليه السلام: إنه لما رآه أبو طالب عليه السلام هو والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله ساجدين.
قال: افعلتماها؟
ثم أخذ بيدي، فقال: انظر كيف تنصره، وجعل يرغبني في ذلك، ويحضني عليه(24)
ثم إنه هو الذي أمر جعفراً وحمزة بالإسلام، وأمر زوجته فاطمة بنت أسد بأن تسلم أيضاً(25)

وصية أبي طالب عليه السلام لقريش:
قال في بلوغ الإرب:
عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي: أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة، جمع إليه وجوه قريش، فأوصاهم، فقال:
«يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع، والواسع الباع..
واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيباً إلا أحرزتموه، ولا شرفاً إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب، وعلى حربكم إلب..
وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية ـ يعني الكعبة ـ فإن فيها مرضاة للرب، قوةً للمعاش، وثباتاً للوطأة، صلوا أرحامكم، فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل، وزيادة في العدد..
اتركوا البغي والعقوق، ففيهما هلكت القرون قبلكم.
أجيبوا الداعي، واعطوا السائل، فإن فيهما شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما محبة في الخاص، ومكرمة في العام..
وإني أوصيكم بمحمد خيراً، فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب، وأهل الأطراف، والمستضعفين من الناس، قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته، وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً، ودورها خراباً، وضعفاؤها أرباباً، إذ أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له بلادها، وأعطته قيادها..
يا معشر قريش، كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي أجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدفعت عنه الدواهي»..
هذا ما جاء في بلوغ الإرب، وزاد في روضة الواعظين قوله:
«غير أني أشهد بشهادته، وأعظم مقالته»(26)



[1] البحار ج18 ص238 وراجع ج35 ص83 وراجع المناقب لابن شهر آشوب ج1 ص36 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص78 وحول أن اسمه عبد مناف راجع كتاب: نبوة أبي طالب ص 7/12 تأليف مزمل حسين الميثمي الغديري، ط قم، إيران.
[2] راجع: إثبات الوصية ص40.
[3] البحار ج100 ص189 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص555.
[4] البحار ج35 ص138 وج 33 ص524 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص235، وعمدة الطالب ص20 ومكاتيب الرسول ج3 ص106. فإنه جعل الكنية علماً بمنزلة لفظة واحدة لا يتغير إعرابها.
[5] الإصابة ج4 ص115.
[6] راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ج4 ص194 ـ 197.
[7] البحار ج35 ص134. وراجع: الإحتجاج ج1 ص342 وروضة الواعظين ص101 والكنى والألقاب ج1 ص109.
[8] سفينة البحار ج5 ص319 والبحار ج16 ص14 وغوالي اللآلي ج3 ص299 والمهذب البارع لابن فهد الحلي ج3 ص177 والكافي ج5 ص375 ط دار الكتب الإسلامية.
[9] نهاية الإرب ج1 ص324 ط2.
[10] الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج5 ص297 عن السيرة الحلبية ج1 ص113.
[11] البحار ج41 ص151 وراجع إيمان أبي طالب ص24 وراجع البحار ج22 ص261 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص29 وج4 ص128 وينابيع المودة ج1 ص455.
[12] البحار ج35 ص69 و110 عن الإحتجاج وعن الكراجكي.
[13] البحار ج35 ص72 و73 وراجع الكافي ج1 ص445.
[14] الاعتقادات في دين الإمامية للصدوق ص85 طبع المطبعة العلمية، قم سنة 1412هـ.
[15] البحار ج35 ص138.
[16] البحار ج35 ص15 وروضة الواعظين ص101.
[17] البحار ج15 ص340 وج35 ص136 والكافي ج1 ص448 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص31 وحلية الأبرار ج1 ص29.
[18] البحار ج15 ص335 و407 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص35.
[19 ] راجع: البحار ج18 ص238 والإحتجاج ج1 ص343 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص35 ط المطبعة الحيدرية.
[20] البحار ج35 ص93 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج 1 ص 64/ 65 وأسنى المطالب ص 21 ولم يصرح باسم (علي) وكذا في السيرة الحلبية ج 1 ص 342 وراجع البداية والنهاية ج 3 ص 84 والسيرة النبوية لابن كثير ج 2 ص 44 ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج 2 ص 312 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 140/141 والغدير ج 7 ص 363 و 357 و 358 وج 8 ص 3 و 4 وأبو طالب مؤمن قريش ص 194.
[21] البحار ج36 ص46، وراجع ج38 ص292 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص235 ونهج الإيمان لابن جبر ص309 وشجرة طوبى ج2 ص237.
[22] البحار ج38 ص207و323 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص301 ط المطبعة الحيدرية وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص200 وتاريخ الطبري ج2 ص58 ط مؤسسة الأعلمي.
[23] البحار ج38 ص207 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص301 ط المطبعة الحيدرية.
[24] البحار ج38 ص206 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص300 ط المطبعة الحيدرية وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص179.
[25] ستأتي مصادر ذلك حين الحديث عن إيمانه صلوات الله وسلامه عليه.
[26] راجع: شيخ الأبطح ص4 و49 عن بلوغ الإرب ج1 ص327 و328 ط2 وتاريخ الخميس ج1 ص329 وعن السيرة الحلبية ج1 ص352 وعن أحمد زيني دحلان.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page