• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السرّ في تقبيل التربة الحسينية

و أما عن تقبيل التربة الحسينية إنّما هو اقتداء بما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ ثبت من طرق العامّة ـ كما رواه جمع من حفّاظهم ـ بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا جاءه جبرئيل عليه السلام بقبضةٍ من تراب كربلاء، شمها وقبلها و أخذ يقلّبها بحزن بالغ حتى قالت له أُمّ سلمة: ما هذه التربة يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " أخبرني جبرائيل أنّ ابني هذا ـ يعني الحسين عليه السلام ـ يقتل بأرض العراق،فقلت لجبرائيل: أرني تربة الاَرض التي يقتل بها، فهذه تربتها " (1).
وفي رواية أنّه صلى الله عليه وآله وسلم أمر أمُّ سلمة بحفظها قائلاً: " هذه التربة التي يقتل عليها ـ يعني الحسين ـ ضعيها عندك فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي الحسين ".
وفي خبر أُخرى عن أبي وائل شقيق أُمُّ سلمة، ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " و ديعة عندك هذه ـ فشمّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ـ ويح كرب و بلاء ".
ثم قال صلى الله عليه وآله و سلم: " يا أُمّ سلمة، إذا تحولت هذه التربة دماً، فاعلمي أنّ ابني قد قتل ".
قال أبو وائل: فجعلتها أُمّ سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كلّ يوم و تقول: إنّ يوماً تحولين دماً ليوم عظيم (2).
فالشيعة يقبّلونها كما قبّلها النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم و يشمّونها كما شمّها كأغلى العطور وأثمنها، و يدّخرونها كما ادّخرها، ويسكبون عليها الدموع كما سكب عليها دمعه اقتفاءً لاثره صلى الله عليه وآله وسلم واتّباعاً لسُنّة الله و سُنّة رسوله و أهل بيته عليهم السلام، ولكلِّ مسلم في رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم اُسوة حسنة، وآهاً لها من تربة سكب عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دمعه قبل أن يهراق فيها دم مهجته و حبيبه.
ولا شك في أنّ الاقتداء بسُنّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الواجبات الثابتة عند جميع المسلمين بلا خلاف، قال تعالى: ( لقد كان لكم في رسول الله اُسوة حسنة ) (3).
على أن تقبيل التربة الحسينية لا للتربة ذاتها، و إنما لاضافتها إلى الامام الحسين عليه السلام الذي تكمن في اسمه كلّ فضيلةٍ مع ما توحيه تلك التربة لكل غيور على الاِسلام من ضرورة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حياض العقيدة مع نصرة الحق أينما كان.
و روي أن الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام لما نزل كربلاء في مسيره إلى صفين، وقف هناك و نظر إلى مصارع أهله و ذريته و شيعته و مسفك دماء مهجته و ثمرة قلبه، و أخذ من تربتها و شمّها قائلاً: " واهاً لكِ أيتُها التربة، ليحشرنّ منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب ثم قال: طوبى لك من تربة عليك تهراق دماء الاَحبة " (4).
بل وحتى لو لم يرد في ذلك شيء عن الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله و سلم و عترته المعصومين عليهم السلام، فلا ضير في تقبيل التربة الحسينية أصلاً، و أي محذور في تقبيل شيء يذكّرك بمُثُل الاِسلام العليا و قيمه الراقية التي تجسدت في شخص الاِمام الحسين عليه السلام.  على أن تقبيل التربة الحسينية لا للتربة ذاتها، و إنما لاضافتها إلى الامام الحسين عليه السلام الذي تكمن في اسمه كلّ فضيلةٍ مع ما توحيه تلك التربة لكل غيور على الاِسلام من ضرورة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حياض العقيدة مع نصرة الحق أينما كان.
نعم، لو لم يرد في تقبيلها شيء من السُنّة لكان أصل التقبيل محبباً عقلاً، لاَنّه التعبير الصادق عن الوفاء والحب فيكون من قبيل قولهم:

أمـرُّ على الديار ديار ليلى
أقبّل ذا الـجدار و ذا الجدارا
و ما حبّ الديار شغفن قلبي
ولكن حبّ من سكن الديارا
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) المعجم الكبير|الطبراني 3: 108 ـ 110|2817 و 2818 و 2819 و 2820 و 2821. والمستدرك على الصحيحين|الحاكم النيسابوري 4: 440|8202 كتاب تعبير الرؤيا وفي طبعة 4: 498. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. سير أعلام النبلاء|الذهبي 3: 188 ـ 189|48 ترجمة الحسين الشهيد عليه السلام. و ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى|المحب الطبري : 146 ـ 148 مكتبة القدسي 1356 هـ. و منتخب كنز العمال|المتقي الهندي 5: 66 مقتل الحسين رضي الله عنه، دار إحياء التراث العربي 1410 هـ ط1.
(2) المعجم الكبير|الطبراني 1: 124|51 ـ 54. و مقتل الحسين|الخوارزمي 1 : 231|1 و 6. ومجمع الزوائد|الهيثمي 9: 188 ـ 189 باب مناقب الحسين بن علي عليه السلام. و ذخائر العقبى: 147 في ذكر إخبار الملك رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم بقتل الحسين عليه السلام. والخصائص الكبرى|السيوطي 2: 125 و 126. و أعلام النبوة|الماوردي: 83. و مسند أحمد بن حنبل 7: 418|25985 وفي طبعة 6: 294. و تاريخ دمشق|ابن عساكر 14: 190 ـ 194| 3522 ـ 3532 ترجمة الإمام الحسين رقم|1566. و سير أعلام النبلاء|الذهبي 3: 288 ـ 289|48 ترجمة الحسين الشهيد عليه السلام. و كنز العمال|المتقي الهندي 13: 108 و111 و16: 225 ـ 226. وفي طبعة 6: 223. والصواعق المحرقة: 292 ـ 293|30 الفصل الثالث. والروض النضير 1: 92 ـ 94. و تاريخ الإسلام|الذهبي 3: 11. و أمالي الطوسي 1: 325.
(3) سورة الاحزاب: 33|20.
(4) تهذيب الاَحكام 6: 72 ـ 73|138 باب 22. و كامل الزيارات 453 ـ 454 | 686 باب 88. و بحار الاَنوار 44: 253 و 255 و 258 . و مجمع الزوائد 9: 146 و 148 و157 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page