فيما نذكره من فضل اول ليلة من شهر رجب بالمعقول من الادب
فنقول : قد عرفت ان الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتفقا على ان هذه اول ليلة من شهر رجب ، من الليالي الاربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيات ،
ومن فضل هذه الليلة ان الانسان لما خرج شهر محرم عنه ، وكأنه قد فارق الامان الذي جعله الله جل جلاله بالاشهر الحرم ، واخذ ذلك الامان منه ، فإذا دخلت اول ليلة من شهر رجب المقبل عليه ، فقد انعم الله جل جلاله عليه بالامان الذي ذهب
منه ، وادخله في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه . وما يخفى عن ذوى الالباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرقاب ومفارقة ما جعلوه امانا عند خوف العتاب أو العقاب ، وبين الدخول في التشريف بالمقام في معاينة
الثواب ، فليكن الانسان معترفا لله جل جلاله في اول ليلة من شهر رجب بهذا الفضل الذي غير محتسب ومتمسكا بقوة هذا السبب .
واعلم انه إذا كانت اشهر الحرم قد اقتضت في الجاهلية والاسلام ترك الحروب والسكون عن الفعل الحرام ، فكيف يحتمل هذه الشهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه في شئ من الامور ، وكيف يعظم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم
اضعاف ذلك بين العبد وبين مالك امره كله ، فالحذر الحذر من التهوين بالله في هذه الاوقات المحرمة ، وان يهتك العبد شيئا من شهورها المعظمة .
* ( هامش ) *
1 - المقنع : 147 ، عنه مستدرك الوسائل 18 : 27 . ( * )