طباعة

فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات

فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات

 ، في اول ليلة من شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويات المكرمات اعلم ان هذه الليلة موسم جليل المقام جزيل الانعام ، اراد الله جل جلاله من عباده ان يطيعوه
في مراده ، بإحيائها بعباداته وطلب اسعاده وانجاده وارفاده وهباته ، فاذكر لو ان ملك زمانك احضرك واطلق عنان امكانك في ان تكون ليلة من عدة شهور حاضرا فيها بين يديه ، لتطلب منه ما تحتاج إليه ، وتكون انت فقيرا في كل امورك إليه ،
كيف كنت تكون مع ذلك السلطان ، فاجعل حالك مع الله جل جلاله في هذه الليلة على نحو ذلك الاجتهاد ، بغاية الامكان .
ولا تكن حرمة الله جل جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من خدمته وعرض عليك من نعمته ، دون عبد من عباده ،
وارحم نفسك ان يراك فيها مهونا باتباع مراده ، فكأنك قد اخرجت نفسك من حمى امان هذا الشهر العظيم الشأن وعرضت
نفسك للهوان أو الخذلان . وقد نبهنا فيما ذكرناه في امثال هذه الليلة التي تحيى بالعبادة على ما يستغني به عن الزيادة ، فان لم تظفر بمعناه فاعلم : ان المراد من احيائها الذي ذكرنا ، ان تكون حركاتك وسكناتك واراداتك
 

وكراهاتك في هذه الليلة السعيدة ، على نية انها عبادات الله جل جلاله خالصة لابوابه المقدسة المجيدة ، كما انك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود ، فان نفسك مراغبة لرضاه ، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب
، ولا يكلفك الله مالا تقدر عليه ، بل ما يصح منك لسلطان هو مملوكه ومن افقر الفقراء إليه ، وان غلبك نوم فيكون نوم المتأدبين بين يدي رب العالمين ، الذين يقصدون بالرقاد القوة على طاعته وزيادة الاجتهاد . وتسلم اعمالك فيها بلسان الحال
والمقال الى من يكون حديث تلك الليلة إليه ، من الحماة والخفراء في الايام والاعمال ، ليتم ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من الله جل جلاله شفيعا لك وبين يديك .