كان عليهم سرمدا
من كلام له فى وصف من فارقوا الدنيا:
لا يفزعهم ورود الاهوال و لا يحزنهم تنكر الاحوال، و لا يحفلون بالرواجف و لا ياذنون للقواصف، غيبا لا ينتظرون و شهودا لا يحضرون، و انما كانوا جميعا فتشتتوا، و ما عن طول عهدهم و لا بعد محلهم عميت اخبارهم و صمت ديارهم
[صمت: خرست عن الكلام. و خرس الديار: عدم صعود الصوت من سكانها.]، ولكنهم سقوا كاسا بدلتهم بالنطق خرسا و بالسمع صمما و بالحركات سكونا.
جيران لا يتانسون و احباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرى التعارف و انقطعت منهم اسباب الاخاء، فكلهم وحيد و هم جميع، و بجانب الهجر و هم اخلاء، لا يتعارفون لليل صباحا و لا لنهار مساء، اى الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا.
[الجديدان: الليل و النهار، فان ذهبوا فى نهار فلا يعرفون له ليلا، او فى ليل فلا يعرفون له نهارا.]