طباعة

كراهيّة جمع النبوّة والخلافة لبني هاشم


كراهيّة جمع النبوّة والخلافة لبني هاشم:

س10 ـ تقول: إنّ قريشاً كانت تكره علياً، وتكره أن تجمع لبني هاشم النبوّة والخلافة، ولكن تشدّدك في أمر فرض بيعة أبي بكر على عليّ (عليه السلام) ومحاولتك إحراق بيت فاطمة (عليها السلام) وكلّ ما جرى بعد ذلك من منع الإرث، وأُمور أُخرى، تبيّن وكأنّ في الأمر شيئاً خاصّاً بينك وبين الإمام علي (عليه السلام)، وكأنّك أنت من أصحاب هذه الفكرة؟

ج ـ إنّ كره قريش لبني هاشم شيء مفروغ منه، ولذلك استخدمت ذلك لصالحي، فلم أكن قبل الإسلام بموقع اجتماعي مميّز، ولم يكن لي شأن يذكر، فقد كنت أعمل مبرطش أكتري للناس الإبل والحمير وآخذ عليه جعلا(1).
وبنو عدي لم يكونوا مع العير ولا مع النفير، ولم يقاتلوا محمّداً ولم يقاتلوا قريشاً كما قاتل أبو سفيان(2).
ولم أقتل أو أجرح مشركاً في المعارك التي خاضها النبيّ.
لذلك كان لا بدّ لكي أجمع كلمة قريش أن يكون هناك أمر مشترك بيننا، ألا وهو إبعاد عليّ وبنيه عن الخلافة، وبذلك يرتفع قدري عندهم ويصبح لهم مصلحة فىّ. وهذا بالضبط ما حصل، فإنّ إبعادي لعليّ عن الخلافة بمنع الرسول من كتابة العهد له رفع قدري إلى القمة، وعلى هذا وحّدت كلمة قريش من المهاجرين والطلقاء لهدف محدّد، وهو الحيلولة بين بني هاشم وبين أن يجمعوا النبوّة والخلافة بعد وفاة النبىّ(3).
وبذلك سلّمت لي قريش عمليّاً رئاسة التحالف أو الحزب، وكانت بيدي خيوط اللعبة السياسية، وأخذت أواجه المعارضين للبيعة وأنا مستند إلى جدار قويّ من القوّة والمنعة، وكيف ما أفعل فلن أجد منكراً أو مستنكراً.
فلو هدّدت بقتل عليّ فالكلّ يسكت.
ولو هممت بإحراق بيت فاطمة فالكلّ يسكت.
والسكوت هنا أوضح بيان على موافقتهم على ما أقوم به.


س11 ـ ما الخطوات التي مرّرتها لأبي بكر لإقصاء أهل البيت عن أمرهم في الخلافة وإبعاد الناس عنهم؟
ج ـ أوّلا:

منع رسول الله من كتابة العهد لعليّ بن أبي طالب، وذلك في رزيّة يوم الخميس(4).
ثانياً:

حرمان أهل بيت النبوّة من إرث النبيّ.
فرأيت أنّ أوّل خطوة بعد وفاة النبيّ هي أن يُحرم عليّ وفاطمة وابناهما وآل محمّد من ميراث محمّد، فلا يرثون من مال النبيّ شيئاً، واستدللت على ذلك بأنّ رسول الله قال لأبي بكر: "إنّا معاشر الأنبياء لا نورث".
وعندما احتجّت فاطمة وقالت: "ومن يرثك إذا مت"؟
قال أبو بكر: ولدي وأهلي.
فقالت: "فما لنا لا نرث النبيّ"؟!
فرددّ أبو بكر مقولته السابقة.
فقال علي: {وَوَرِثَ سـلَيْمانُ داوُدَ}(5)، {يرِثُنِي وَيـرِثُ مِنْ آلِ يَعْقـوبَ}(6).
فسكت أبو بكر وانصرف مصراً على قوله(7).
ثالثاً:

حرمان أهل البيت من فدك، وهي منحة من رسول الله لفاطمة، ومع أنّ فاطمة احتجّت عند أبي بكر وقدّمت شهوداً على منحة رسول الله فشهدت على ذلك أم أيمن ورباح مولى الرسول وعليّ، ولكن قرارنا كان قد أحكم قبل ذلك.
رابعاً:

حرمان أهل البيت من الخمس الوارد في القرآن، فلمّا حرم أبو بكر فاطمة من إرثها ومن منح الرسول، طالبتنا بسهم ذوي القربى.
فقالت لأبي بكر: "لقد حرمتنا أهل البيت، فأعطنا سهم ذوي القربى"، وقرأت الآية: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى}(8).
فقال لها أبو بكر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "سهم ذوي القربى للقربى حال حياتي وليس لهم بعد موتي"(9).
خامساً:

منع رواية الحديث وحرق ما كان مكتوباً منها; لأنّ الكثير منها يذكر عليّاً خاصة، وأهل البيت عامة، وفضائلهم، وأحقيّتهم في هذا الأمر.

____________

1- تاج العروس 9: 58، مادة برطش.
2- المغازي للواقدي 1: 45.
3- تاريخ الطبري 3: 289، الكامل في التاريخ 4: 63.
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 21.
5- النمل: 16.
6- مريم: 5 ـ 6.
7- الطبقات الكبرى لابن سعد 2: 315، عنه في كنز العمال 5: 625.
8- الأنفال: 41.
9- كنز العمال 5: 629.