أبو طالب عمّ الرسول المُصطفى( صلى الله عليه وآله) مؤمن بني هاشم
الحمد لله على فواضل آلائه وسوابغ نِعَمِه ، وله الشكر على مزيد إحسانه وجزيل كرمه ، وصلوات الله وتسليماته على رسوله محمّدٍ الداعي إلى رضوانه ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصفوة صحبه وأعوانه .
(أمّا بعد) : فإنّ شيخ الأباطح أبا طالب بن عبد المطلب - رضي الله تعالى عنهما - وإن تحقّق إسلامه ، وثبت إيمانه بنبوّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بالأدلّة الصحيحة ، والشواهد الصريحة ، وانعقد عليه إجماع أهل الحقّ قاطبةً - تبعاً للخلفاء الراشدين ، والأئمّة الهادين ، صلوات الله عليهم أبد الآبدين - إلّا أنّ جمهور مخالفينا قطعوا عليه بالكفر ، ورَمَوه بالموت على الشّرك - والعِياذ بالله - فاختلقوا لذلك حديثَ الضَّحضاح ، ونَظَموه في سِلْك المسلّمات الصحاح .
ولَعَمْر الله إنّهم ما فعلوا ذلك إلّا تحامُلاً على وَلده أمير المؤمنين ، ومحاولةً لإخمال سيّد الوصيّين صلوات الله وسلامه عليه (1) { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ } .
فَسنَحَ لي أن أتكلّم على هذا الحديث بما يُظهر من علله القوادح ، ويُبين ما فيه من الأمور الفَوادح ، فجمعتُ هذا الجُزءَ (الوضّاح ، لاختلاق حديث الضَّحْضاح) عسى الله أن ينفع به عبادَه الذين يستمعون القولَ فيتّبعون أحسنَه ، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه ، لا ربَّ غيرُه ، ولا خَيْرَ إلّا خيرُه .
ثمّ اعلم أنّ هذا الحديث قد رَوَوْهُ عن العبّاس بن عبد المطّلب ، وأبيسعيدٍ الخُدريّ ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ ، والنُّعمان بن بَشيرٍ ، وابن عبّاسٍ ، وأبيهُريرة ؛ مرفوعاً .
ورواه عُبيد بن عُمير بن قَتادة اللّيثيّ الجُنْدَعيّ ، والشَّعبيّ ، ويزيد الرقاشيّ ؛ مُرسلاً (2) .
______________________________
1ـ وللَّه دَرُّ العلّامة الأوردباديّ رحمه الله إذ يقول :
وصَفْو القول إنّ أبا عليٍ ***له الدين الأصيل ولا براحُ
ولكن لابنه نَصَبوا عِداءاً ***وما عن حيدرٍ فضلٌ يُزاحُ
فنالُوا من أبيه وما المعالي ***لكلّ مُحاوِلٍ قصداً تُباحُ
وضَوْء البدر أبلَجُ لا يُوارى ***وإن يَكُ حولَه كَثُر النِّباحُ
(وهبني قلت : إنّ الصبحَ ليلٌ)
فهل يخفى لذي العين الصباحُ؟*** فَدَعْ بِمَتاهة التضليل قوماً
بِمُرْتَبَك الهوى لَهُمُ التياح
(الغدير : 7/405)
2ـ وذكر الإمام شمس الدين فخّار بن مَعَدٍّ العلويّ الموسويّ رحمه الله تعالى في كتاب (الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب) 87 - 103 : أنّ حديث الضَّحضاح رواه المُغِيرة بن شعبة ، وهو رجلٌ ظنين في حقّ بنيهاشمٍ ، متَّهمٌ فيما يرويه عنهم ، لأنّه معروف بعداوتهم ، مشهورٌ ببغضه لهم ، والانحراف عنهم .
ثمّ حكى قصّة زنائه بأمّ جميلٍ بالبصرة ، وقال : فكيف يجوز اعتقاد ما يرويه المُغيرة وهذه صفته ، ويُترك ما اتّفق عليه أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وشيعتهم الذين هم أهل الرواية ومَظانّ الدراية (انتهى) .