• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

زيارة النبيّ الاكرم (صلى الله عليه وآله) في الكتاب العزيز

أمر القرآن الكريم المسلمين بالحضور عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)ليستغفر لهم الله، لانّ دعاءه يستجاب فيهم، قال عزّ وجلّ: (ولو أنَّهم إذْ ظَلَمُوا أنفسَهُم جاءُوكَ فَاستغفَرُوا اللهَ واستغفَرَ لهُمُ الرَّسولُ لَوجَدوا اللهَ تَوّاباً رَحِيماً) (النساء/64).
قال الامام السبكي: «دلّت الاية على الحث على المجيء إلى الرسول (صلى الله عليه وآله)والاستغفار عنده واستغفاره لهم، وذلك وإن كان ورد في حال الحياة، فهي رتبة له لاتنقطع بموته تعظيماً له»(1) .
ثم إنّه بسط الكلام في دلالة الاية على شمولية المجيء إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد موته، فمن أراد فليراجع إليه، غير أنّا نستدلّ بالاية
بوجه آخر ونقول:
لو كانت هذه الاية هي الوحيدة في هذا المجال، لذهبنا إلى القول بأنّها خاصّة بحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدة تواجده بين الناس، ولكنّنا نستخلص منها حكماً عامّاً شاملاً لايختص بالحياة الدنيوية وذلك من خلال ما يلي:
أوّلاً:
إنّ القرآن الكريم يصرّح بحياة الانبياء والاولياء ـ وجماعات أُخرى ـ في البرزخ ويعتبرهم مبصرين وسامعين في ذلك العالم.
ثانياً:
إنّ الاحاديث الشريفة تصرّح بأنّ الملائكة تبلغ خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله) سلام من يسلّم عليه، فقد جاء في الصحاح:
«إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من أحد يسلّم عليَّ إلاّ ردّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام»(2) .
وقال (صلى الله عليه وآله): «صلّوا عليّ فإنّ صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم»(3) .
ثالثاً:
إنّ المسلمين ـ منذ ذلك اليوم ـ فهموا من هذه الاية معنى مطلقاً لاينتهي بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أنّ بعض الاعراب ـ بوحي من أذهانهم الخالصة من كل شائبة ـ كانوا يقصدون قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)ويزورونه ويتلون هذه الاية عند قبره المطهّر ويطلبون منه الاستغفار لهم.
وقد ذكر تقيّ الدين السبكي في كتاب «شفاء السقام»
والسمهودي في كتاب «وفاء الوفا» نماذج من زيارة المسلمين لقبر رسول الله وتلاوة هذه الاية عند قبره الشريف، وفيما يلي نذكر بعض تلك النماذج:
روى سفيان بن عنبر عن العتبي ـ وكلاهما من مشايخ الشافعي وأساتذته ـ أنّه قال: كنت جالساً عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء أعرابيّ فقال:
«السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: (ولو أنَّهم إذْ ظَلموا أنفسَهُم جاءُوكَ فَاستغفَرُوا اللهَ واستغفَرَ لهُمُ الرَّسولُ لَوجَدوا اللهَ تَوّاباً رَحيما) وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلى ربّي». ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خيرَ من دفنت في القاع أعظمه    فطاب من طيبهنّ القاعُ والاكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه    فيه العفاف وفيه الجود والكرم
    ثم استغفر وانصرف(4) .
ويروي أبو سعيد السمعاني عن الامام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) انّ أعرابياً جاء بعد ثلاثة أيام من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرمى بنفسه على القبر الشريف وحثا من ترابه على رأسه وقال: «يارسول الله قلتَ فسمعنا قولك، ووعيت عن الله ما وعينا عنك، وكان فيما أنزله عليك: (ولو أنَّهم إذْ ظَلموا أنفسَهُم...) وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى
ربّي(5) .
إنّ كل هذا يدل على أنّ المنزلة الرفيعة التي منحها الله تعالى لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله) كما صرّحت بها هذه الاية ليست خاصّة بحياته، بل تؤكّد على أنّها ثابتة له بعد وفاته أيضاً.
وبصورة عامّة... يَعتبر المسلمون كلّ الايات النازلة في تعظيم رسول الله واحترامه، عامّة لحياته وبعد مماته، وليس هناك من يُخصِّصها بحياته (صلى الله عليه وآله).
وقد جاء فى التاريخ: لمّا استُشهد الامام الحسن بن عليّ (عليهما السلام)وجيء بجثمانه الطاهر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظنّ بنو أُمية أنّ بني هاشم يريدون دفن الامام بجوار قبر جدّه المصطفى فأثاروا الفتنة والضجّة للحيلولة دون ذلك، فتلا الامام الحسين (عليه السلام)قوله تعالى: (يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أصواتَكُمْ فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ) (الحجرات/2).
ولم يردَّ عليه أحد ـ حتى من الامويين ـ بأن هذه الاية خاصة بحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
واليوم نصب المسلمون هذه الاية على الجدار المقابل لقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم يقصدون بذلك المنع من رفع الاصوات هناك.
ومن هذا المنطلق يمكننا أن نستنتج من الاية معنىً واسعاً عامّاً، وهو أنّ للمسلمين اليوم أن يَقِفوا أمام قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)ويسألوه أن يستغفر الله لهم.
وليس لزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) معنى سوى ما تضمّنته هذه الاية وأمثالها، فانها تدلّ على موضوعين هما:
1 ـ إنّ للانسان أن يقف عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته ويسأله أن يستغفر الله له.
2 ـ إنّ هذه الاية تشهد على جواز زيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لانّ حقيقة الزيارة لا تعني سوى «حضور الزائر عند المزور» فإذا كان الوقوف عند قبر النبي وسؤاله أن يستغفر الله له جائزاً فقد تحقق أمران:
أ ـ سألناه أن يستغفر الله لنا.
ب ـ حضرنا عنده وتحدّثنا إليه، والزيارة ليست إلاّ هذا.
____________
(1) الامام السبكي، شفاء السقام : 81.
(2) سنن أبي داود 1 : 470و471، كتاب الحج، باب زيارة القبور.
(3) الشيخ منصور علي ناصف، التاج الجامع للاُصول في أحاديث الرسول 2 : 189.
(4) وفاء الوفا 4 : 1361 ـ أحمد زيني دحلان، الدرر السنيّة : 21.
(5) ابن حجر، الجوهر المنظم، وذكره السمهودي في وفاء الوفا 2 : 612، وزيني دحلان في الدرر السنية : 21.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page