طباعة

2- تعريف بالسفراء الأربعة رضوان الله عليهم

   «عثمان بن سعيد العمري، ثم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان، ثم أبو القاسم الحسين بن روح ، ثم الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري، ثم كانت الغيبة الطولى . وكانوا كل واحد منهم  يعرفون كمية المال جملة وتفصيلاً ، ويسمون أربابها بإعلامهم ذلك من القائم(ع)».(الخرائج:3/1108، وغيبة الطوسي/353 ).
    وقد كانت مدة سفارة عثمان بن سعيد العمري خمس سنين 260- 265 ، وكان ابنه محمد بن عثمان سفيراً معه ، ثم استقل بالسفارة بعد وفاة أبيه من265- 305 وأوصى بالسفارة الى الحسين بن روح النوبختي ، وكانت سفارته من 305- 326  ، وأوصى بالسفارة الى علي بن محمد السمري ، وكانت سفارته من 326- 329 ، حيث وقعت الغيبة التامة .
   وقد عاش السفراء الأربعة في بغداد ودفنوا فيها ، فقد انتقل عثمان بن سعيد بعد مدة من وفاة الإمام العسكري(ع)اليها، ويبدو أن ابنه محمداً سكنها قبله ، وفي تلك الفترة اضطرب وضع سامراء وضعف مركزها وعادت العاصمة منها الى بغداد !  ففي معجم البلدان:3/176، أن سامراء أخذت بالخراب بعد ولاية المستعين العباسي وانتقل الخلفاء منها الى بغداد ، ولم يبق منها إلا مشهد الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام)  ، قال: «وسائر ذلك خراب يباب ، يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلها أحسن منها ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكاً منها ، فسبحان من لا يزول ولا يحول ! وذكر الحسن بن أحمد المهلبي في كتابه المسمى بالعزيزي قال: وأنا اجتزت بسر من رأى منذ صلاة الصبح في شارع واحد ماد ، عليه من جانبيه دور كأن اليد رفعت عنها للوقت ، لم تعدم إلا الأبواب والسقوف، فأما حيطانها فكالجدد ، فما زلنا نسير إلى بعد الظهر ثم سرنا من الغد على مثل تلك الحال فما خرجنا من آثار البناء إلى نحو الظهرولا شك أن طول البناء كان أكثر من ثمانية فراسخ».
   أقول: يظهر أن بيت الإمام العسكري(ع)بقي بعد وفاته مفتوحاً ، وكان فيه والدته ، وكان بوابه عثمان بن سعيد العمري(قدس سره).
   فعندما توفي(ع)هاجمت السلطة بيته للقبض على ابنه المهدي(ع)فلم تجده ، فقبضوا على جواريه لعل إحداهن تكون حاملاً .
   وادعى جعفر عمه أنه هو وارثه وأنه لا ولد له، وجاء مع الشرطة لتفتيش بيت الإمام(ع)! فجاءت أم الإمام(ع)من المدينة وردت دعوى جعفر ، ونفعها في ذلك أن جارية للإمام إسمها صقيل ادعت أنها حامل ، فقرر القاضي ابن أبي الشوارب التريث حتى يتبين أمر الجارية ، لذلك بقي الدار على وضعه.
   ثم انشغلت سامراء بثلاثة أحداث ، كان أخطرها حملة يعقوب الصفار القادم من خراسان ، والذي هرب منه الخليفة الى بغداد ليستعد لحربه !
   قال الطبري في دلائل الإمامة/424: «وتوفي(ع)بسر من رأى ، ولما اتصل الخبر بأمه وهي في المدينة ، خرجت حتى قدمت سر من رأى ، وجرى بينها وبين أخيه جعفر أقاصيص في مطالبته إياها بميراثه ، وسعى بها إلى السلطان وكشف ما ستر الله ، وادعت صقيل عند ذلك أنها حامل، وحملت إلى دار المعتمد فجعل نساءه وخدمه ونساء الواثق ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدون أمرها ، إلى أن دهمهم من أمر الصفار، وموت عبد الله بن يحيى بن خاقان ، وأمر صاحب الزنج وخروجهم عن سر من رأى ، ما شغلهم عنها وعن ذكر من أعقب (ع)،  من أجل ما يشاء الله ستره ، وحسن رعايته بمنه وطوله ».
   قال الذهبي في سيره:12/543: «وفي سنة261، مالت الديلم إلى الصفار ونابذوا العلوي فصار إلى كرمان، وأما الزنج فحروبهم متتالية ، وسار يعقوب الصفار إلى فارس فالتقى هو وابن واصل فهزمه الصفار ، وأخذ له من قلعته أربعين ألف ألف درهم ! وأعيا المعتمد شأن الصفار وحار ، فلانَ له وبعث إليه بالخلع وبولاية خراسان وجرجان فلم يرض بذلك حتى يجئ إلى سامراء ! وأضمر الشر، فتحول المعتمد إلى بغداد ، وأقبل الصفار بكتائب كالجبال» !
   وفي تلك الفترة كان الإمام المهدي (عليها السلام)  يتواجد في سامراء ، وبوابه عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله)  . (دلائل الإمامة/425)  
   ويدل حديث أحمد بن الدينوري (دلائل الإمامة/304) على أن محمد بن عثمان العمري كان بعد سنة أو أكثر في بغداد ، وأن الدينوري أراد أن يعطيه أمانات للإمام(ع)فلم يقبل، وأرسله الى سامراء فرأى آيات الإمام(ع)على يد عثمان بن سعيد ، وأمره الإمام(ع)أن يسلم الأمانات الى شخص في بغداد بواسطة محمد بن عثمان العمري .
   بل نص حديث وفد قم ، الذين وصلوا الى سامراء أيام وفاة الإمام العسكري (ع)(كمال الدين/478): «وأمرنا القائم(ع)أن لا نحمل إلى سر من رأى بعدها شيئاً من المال ، فإنه ينصب لنا ببغداد رجلاً يحمل إليه الأموال ، وتخرج من عنده التوقيعات ». وهو يشير الى أن عثمان بن سعيد بقي في سامراء مدة قليلة حتى حتى انتهت دعوى جعفر ، وانشغل الخليفة بحملة الصفار بجيش خراسان.