• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ضـربـة علي يـوم الخندق تـعـادل عـبـادة الـثـقـلـين

 

يقول المؤرخون: إنه بعد أن جُرح سعد بن معاذ أجمع رؤساء المشركين أن يغدو جمعياً، وجاؤا يريدون مضيقاً يقحمون منه خيلهم إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فوجدوا مكاناً ضيقاً أغفله المسلمون، فلم تدخله خيولهم، فعبره عكرمة بن أبي جهل، ونوفل بن عبد الله المخزومي، وضرار بن الخطاب الفهري، وهبيرة بن أبي وهب وعمرو بن عبد ود.
وزاد المفيد «رحمه الله»: مرداساً الفهري.
وزاد البعض: حسل بن عمرو بن عبد ود في من عبر الخندق أيضاً.
ووقف سائر المشركين وراء الخندق([2]).
ويقول القاضي النعمان: إن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر علياً بأن يمضي بمن خف معه ليأخذ الثغرة عليهم، وقال: «فمن قاتلكم عليها فاقتلوه»([3]).
فخرج علي أمير المؤمنين «عليه السلام» في نفر من المسلمين، حتى أخذ الثغرة وسلمها إليهم.
وتقدم عمرو، فلما رأى المسلمين، وقف هو والخيل التي معه، وقال: هل من مبارز([4]).
وكان ذلك كما يقول القاضي النعمان بعد شهر من الحصار([5]) وقال غيره غير ذلك، كما ذكرناه في موضع آخر.

قالوا: وكان عمرو قد بلغ تسعين سنة، وقد حرم الدهن حتى يثأر بمحمد وأصحابه. وذلك أنه في بدر قد أثبتته الجراحة، وارتث فلم يشهد أحداً([6]).
ونعتقد: أنهم يبالغون في مقدار عمر عمرو، ولعله بهدف بيان أنه كان في هذا الوقت قد ضعف وشاخ ولم يعد قتله بذلك الأمر المهم. ولكن جبن المسلمين عن مواجهته ـ كما سنرى ـ وهم جيش بأكمله، وكذلك ما قاله النبي «صلى الله عليه وآله» في حق قاتله، وغير ذلك مما سيأتي، يبطل كيد الخائنين، إن شاء الله تعالى.
وقالوا أيضاً: كان عمرو بن عبد ود فارس قريش([7])، وكان يعد بألف فارس([8])، ويسمى فارس يليل([9])، لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل، وهو واد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد، فقال لأصحابه: امضوا.
فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه، فعرف بذلك([10]).
وكان: «من مشاهير الأبطال، وشجعان العرب»([11]).
وعن علي «عليه السلام»: «وفارسها (أي قريش) وفارس العرب يومئذٍ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم..
إلى أن قال: والعرب لا تعد لها فارساً غيره»([12]).
وسيأتي: أن مسافع بن عبد مناف يبكي عمرواً، ويقول:
عمرو بـن عـبـد كان أول فـارس         جـزع المـذاد، وكـان فـارس يليل
وقال أبو زهرة: «كان ـ كما قيل ـ لم يهزم في مبارزة قط»([13]).
«وكان أشد من فيهم وأنجدهم، يعرف له ذلك جميعهم»([14]).
وكان عمرو يلقب بعماد العرب، وكان في مئة ناصية من الملوك، وألف مقرعة من الصعاليك([15]).

وذكر القمي «رحمه الله»: أنه لما جاء الفرسان إلى الخندق ليعبروه كان «صلى الله عليه وآله» قد صف أصحابه بين يديه، فلما طفروا الخندق، صاروا قبال رسول الله «صلى الله عليه وآله» مباشرة، والمسلمون خلف ظهر النبي «صلى الله عليه وآله».

وادعى بعضهم: أن بعض المهاجرين قال لرجل من إخوانه بجنبه: أما ترى هذا الشيطان عمرواً؟! لا والله لا يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمداً ليقتله، ونلحق نحن بقومنا، فأنزل الله على نبيه في ذلك الوقت قوله: ﴿قَدْ يَعْلمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالقَائِلينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِليْنَا وَلا يَأْتُونَ البَأسَ إِلا قَليلاً، أَشِحَّةً عَليْكُمْ..﴾ إلى قوله: ﴿.. وَكَانَ ذَلكَ عَلى اللهِ يَسِيراً﴾([16])»([17]).
وصرح في موضع آخر: أن هذه الآية نزلت في عمر بن الخطاب لما قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع محمداً إلى قريش ونلحق بقومنا: يحسون الأحزاب لم يذهبوا الخ..([18]).
ونقول:
إن هذه الرواية موضع شك وريب.
أولاً: إن مضمون الآيـات لا ينسجم مع هـذا الحـدث الـذي تقول الرواية: إن الآية نزلت لأجله، ولا يتطابق معه، بل هي لا تشير إليه لا من قريب ولا من بعيد.
ثانياً: ما معنى قوله: هلموا ندفع إليه محمداً ليقتله ونلحق نحن بقومنا؟ فهل إن محمداً، الذي معه سائر المهاجرين والأنصار أصبح الآن خاضعاً لابن عوف ولرفيقه، وأصبحا هما أصحاب القرار في أمره؟!
ثالثاً: ولو أنهما جهرا بهذا القول، ألم يكونا يخافان بأس علي «عليه السلام» وصولته، فضلاً عن غيره من أصحابه المخلصين؟!

وقد لاحظنا: أن علياً «عليه السلام» قد بادر إلى أخذ الثغرة التي عبر منها الفرسان، عليهم، حتى لا يمكنهم الرجوع منها، وليمنع بقية قوى الأحزاب من عبورها لمساعدة عمرو ومن معه.
وهذه المبادرة تعتبر من وجهة نظر عسكريـة هي الإجـراء الأمثل والأفضل لأنها أيضاً قد أدت إلى محاصرة المجازفين، والسيطرة على الموقف، وإفشال خطتهم.
ولكن علينا: أن لا نهمل التذكير بأن هؤلاء الذين جاؤوا مع علي «عليه السلام»، وأخذوا الثغرة على عمرو ومن معه، ما كانوا ليجرؤوا على الوقوف في مواقعهم لولا وجود علي «عليه السلام» إلى جانبهم، ثم اطمئنانهم إلى أنه سيكون هو الذي ينجدهم لو تعرضوا لأي مكروه من قبل عدوهم عمرو وأصحابه.
فإنما إلى علي «عليه السلام» استندوا، وعلى مبادرته لحمايتهم، والدفاع عنهم اعتمدوا، يدلنا على ذلك: أن المسلمين كانوا كأن على رؤسهم الطير خوفاً وفرقاً من عمرو كما سنرى.

لما وقف عمرو وأصحابه على الخندق قالوا: والله هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها، فقال عمرو:
يـا لـك مـن مـكـيـدة مـا أنـكـرك لا بـد للملـهـوب مـن أن  يـعبرك
ثم زعق على فرسـه في مضيق، فقفز بـه إلى السبخة، بين الخنـدق وسلع([19]).
وجعلوا يجيلون خيلهم فيما بين الخندق وسلع، والمسلمون وقوف لا يقدم أحد منهم عليهم.
وجعل عمرو بن عبد ود يدعو للبراز ـ وكان قـد أعلم ليرى مكانه ـ ويعرض بالمسلمين، فقال «صلى الله عليه وآله» على ما في الروايات: من لهذا الكلب؟ فلم يقم إليه أحد.
فلما أكثر قام علي «عليه السلام»، فقال: أنا أبارزه يا رسول الله، فأمره بالجلوس، انتظاراً منه ليتحرك غيره.
وأعاد عمرو النداء والناس سكوت كأن على رؤوسهم الطير، لمكان عمرو، والخوف منه وممن معه، ومن وراءه.
فقال عمرو: أيها الناس، إنكم تزعمون: أن قتلاكم في الجنة، وقتلانا في النار؟ أفما يحب أحدكم أن يقدم على الجنة، أو يقدم عدواً له إلى النار؟.
فلم يقم إليه أحد.
فقام علي «عليه السلام» دفعة ثانية، قال: أنا له يا رسول الله، فأمره بالجلوس.
فجال عمرو بفرسه مقبلاً مدبراً، وجاءت عظماء الأحزاب، ووقفت من وراء الخندق، ومدت أعناقها تنظر، فلما رأى عمرو: أن أحداً لا يجيبه قال:
ولـقـد بـحـحـت مـن الـنــــداء            بـجـمـعـهـم هـل مــن  مـبــارز
ووقــفــت مـذ جـبـن  المـشجـع          مـوقــف الــقـــرن  المـــنــاجـز
إنـــي كـــذلــــك لــــــم أزل               مـتـســرعـــاً قـبــل الهــزاهـــز
إن الــشــجــاعــة فــي الـفـتى           والجـــود مـــن خــيـــر  الغرائز
فقام علي «عليه السلام»، فقال: يا رسول الله ائذن لي في مبارزته. فلما طال نداء عمرو بالبراز، وتتابع قيام أمير المؤمنين «عليه السلام»، قال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ادن مني يا علي.
فدنا منه، فقلده سيفه (ذا الفقار)، ونزع عمامته من رأسه، وعممه بها، وقال: امض لشأنك.
فلما انصرف، قال: اللهم أعنه عليه([20]).
ولكن ابن شهرآشوب قال: إن عمرواً جعل يقول: هل من مبارز؟! والمسلمون يتجاوزون عنه.
فركز رمحه على خيمة النبي «صلى الله عليه وآله»، وقال: ابرز يا محمد.
فقال «صلى الله عليه وآله»: من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي؟!
فنكل الناس عنه.
إلى أن قال: روي أنه لما قتل عمرو أنشد علي «عليه السلام»:
ضـربـتـه بـالسيـف فـوق الهـامـة               بـضـربـة صـــارمـــة  هــدامــة
أنـــا عـلي صـاحب الصمصــامة                وصـاحب الحـوض لــدى القيامة
أخـو رسـول الله ذي الـعــلامــة         وقــــال إذ عـمـمـنـي عــمامــة
أنـت الـذي بـعـدي لـه الإمامة([21])
وعند الحسكاني عن حذيفة قال: فألبسه رسول الله «صلى الله عليه وآله» درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعممه بعمامته السحاب على رأسه تسعة أكوار، ثم قال: تقدم.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله» لما ولى: اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوق رأسه، ومن تحت قدميه([22]).
ويضيف البعض: «أنه رفع عمامته، ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه، وقال: اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحرث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وهذا أخي علي بن أبي طالب. ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾([23])»([24]).
وتصور لنا رواية عن علي «عليه السلام» الحالة حين عبور الفرسان الخندق، فهو يقول: «وفارسها وفارس العرب يومئذٍ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم، يدعو إلى البراز، ويرتجز، ويخطر برمحه مرة، وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، فأنهضني إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعممني بيده، وأعطاني سيفه هذا ـ وضرب بيده إلى ذي الفقار ـ فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقاً عليَّ من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي، والعرب لا تعد لها فارساً غيره»([25]).
ونحن نشك في الفقرة التي تذكر خروج نساء المدينة بواك إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ويذكر البعض: أنه «صلى الله عليه وآله»: «أدناه، وقبله، وعممه بعمامته، وخرج معه خطوات كالمودع له، القلق لحاله، المنتظر لما يكون منه. ثم لم يزل «صلى الله عليه وآله» رافعاً يديه إلى السماء، مستقبلاً لها بوجهه، والمسلمون صموت حوله، كأن على رؤوسهم الطير الخ..»([26]).
برز الإسلام كله إلى الشرك كله:
وقال «صلى الله عليه وآله» حينئذٍ: برز الإسلام أو الإيمان كله، إلى الشرك كله([27]).
فخرج له علي «عليه السلام» وهو راجل، وعمرو فارساً، فسخر به عمرو، ودنا منه علي([28]) ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري «رحمه الله»، لينظر ما يكون منه ومن عمرو([29]).
وصرحت بعض الروايات: بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال لأصحابه: أيكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنة؟ فلم يجبه منهم أحد هيبة لعمرو، واستعظاماً لأمره. فقام علي ثلاث مرات والنبي «صلى الله عليه وآله» يأمره بالجلوس([30]).
وحسب نص ابن إسحاق، وغيره من المؤرخين: خرج عمرو بن عبد ود، وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز؟!..
فقام علي بن أبي طالب، فقال أنا (له) يا نبي الله.
فقال: إنه عمرو، إجلس.
ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تُبرزون إليَّ رجلاً؟!.
فقام علي، فقال: أنا يا رسول الله.
فقال: إجلس.
ثم نادى الثالثة، فقال:
ولـقـد بـحـحــت مـن الـنــداء             لجـمـعـهــم هـــل مــن مـبـارز
ووقـفـت إذ جــبـن المـشـجـــع           مــوقــف الـقــرن  المـــنــاجــز
ولــــذاك إنـــــــــي لـــم أزل              مـتـســرعــــاً قـبـــل الهـزاهــز
إن الـــشـــجــاعــة فــي الفتى           والجــــــود مـــن خــير  الغرائز
قال: فقام علي رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أنا له.
فقال: إنه عمرو.
فقال: وإن كان عمرواً.
فأذن له رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول:
لا تــعــجــلن فــقــد أتــــاك               مجــيـــب صــوتــك غير عـاجز
ذو نــيـــــة وبــصـــيــــــرة               والـصــدق مـنـجـــا كــل فـائز
إنــي لارجـــو أن أقـــــيــــم              عـلــيـــك نــائــحــة الجـنـائز
مــن ضــربــة نــجــلاء يـبقى            ذكـــرهـــا عــنـــد الهـــزاهـز
وفي الديوان المنسوب لعلي «عليه السلام» بيتان آخران هما:
ولــقـــد دعـــوت إلى الــبــراز           فــتــى يجــيــب إلـــى المــبـارز
يــعــلــيــك أبــيــض صـارماً             كــالمــلــح حــتــفــاً لـلـمبارز
فقال له عمرو: من أنت؟.
قال: أنا علي.
قال: ابن عبد مناف؟.
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك.
فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك.
فغضب، فنزل، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي «عليه السلام» مغضباً، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في درقته، فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه. وضربه علي «عليه السلام» على حبل عاتقة فسقط، وثار العجاج، فسمع رسول الله التكبير، فعرفنا أن علياً قد قتله، فثم يقول علي:
أعـلـي تـقـتـحم الـفوارس هكذا         عــنــي وعـنـهـم أخروا أصحابي
الأبيات.
إلى أن قال: وخرجت خيولهم منهزمة، حتى اقتحمت الخندق([31]).

وقد ذكرت بعض النصوص: أن علياً  «عليه السلام» لما بارز عمرواً عرض على عمرو خصلتين، وهما: الإسلام، فرفضه، أو النزال، فاعتذر بالخلة بينه وبين أبي طالب، أو بغير ذلك([32]).
لكن بعض الروايات ذكرت: أنه عرض عليه ثلاث خصال.
فهي تقول:
قال علي لعمرو: يا عمرو، إنك كنت تقول في الجاهلية: لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها.
قال: أجل.
قال علي: فإني أدعوك إلى: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتسلم لرب العالمين.
قال: يا ابن أخي، أخِّر عنى هذه.
قال: وأخرى، ترجع إلى بلادك، فإن يك محمد صادقاً كنت أسعد الناس به، وإن كاذباً كان الذي تريد.
وفي نص آخر: كفتهم ذؤبان العرب أمره.
قال: هذا ما لا تحدث به نساء قريش أبداً، وقد نذرت ما نذرت، وحرمت الدهن([33]).
قال: فالثالثة؟.
قال: البراز.
فضحك عمرو، وقال: إن هذه لخصلة ما كنت أظن أن أحداً من العرب يرومني عليها، فمن أنت؟!
قال: أنا علي بن أبي طالب.
قال: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك.
فقال علي رضي الله عنه: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك.
فغضب عمرو، فنزل عن فرسه وعقرها، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضباً، واستقبله علي بدرقته.
ودنا أحدهما من الآخر وثارت بينهما غبرة، فضربه عمرو، فاتقى علي الضربة بالدرقة، فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه، فشجه الخ..
أما المفيد وغيره، فقالوا: إن عمرواً قال لعلي «عليه السلام»: إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك لي نديماً.
وعند الواقدي: «فأنت غلام حدث إنما أردت شيخي قريش: أبا بكر وعمر.
فقال علي «عليه السلام»: لكني أحب أن أقتلك، فانزل إن شئت، فأسف عمرو، ونزل، وضرب وجه فرسه حتى رجع» انتهى.
وعند آخرين: أنه عرقب فرسه، وضرب علياً «عليه السلام» بالسيف، فاتقاه بدرقته، فقطها، فثبت السيف على رأسه.
وقال القمي وغيره: فقال له «عليه السلام»: أما كفاك أني بارزتك، وأنت فارس العرب، حتى استعنت علي بظهر؟!.
فالتفت عمرو إلى خلفه، فضربه على ساقيه، فقطعهما جمعياً.
وعبارة حذيفة هكذا: «وتسيف علي رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه»([34]).
وتستمر رواية القمي فتقول: وارتفعت بينهما عجاجة، فقال المنافقون: قتل علي بن أبي طالب، ثم انكشفت العجاجة، فنظروا، فإذا أمير المؤمنين «عليه السلام» على صدره آخذ بلحيته، يريد أن يذبحه.
فذبحه، ثم أخذ رأسه، وأقبل إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم، وهو يقول والرأس بيده:
أنــــا علي وأنـــا ابـــن المـطـلـب       المـوت خـيـر لـلـفـتـى من الهرب
فقال له «صلى الله عليه وآله»: يا علي، ماكرته؟!.
قال: نعم يا رسول الله، الحرب خدعة.
وينقل المفيد عن جابر، ونقله غيره من دون تصريح باسم الراوي قوله: فثارت بينهما قترة، فما رأيتهما. فسمعت التكبير تحتها، فعلمت أن علياً «عليه السلام» قد قتله.
فانكشف أصحابه، حتى طفرت خيولهم الخندق.
وتبادر أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» حين سمعوا التكبير ينظرون ما صنع القوم، فوجدوا نوفل بن عبد الله الخ..([35]).
وعند المعتزلي: ثارث الغبرة، وسمعوا التكبير من تحتها، فعلموا أن علياً قتل عمرواً فكبر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكبر المسلمون تكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين([36]).
وروي: أن عمرواً جرح رأس علي «عليه السلام»، فجاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فشده، ونفث فيه، فبرئ وقال: أين أكون إذا خضب هذه من هذه؟!([37]).
وفي القاموس وغيره: كان علي ذا شجتين في قرني رأسه، إحداهما من عمر بن عبد ود، والثانية من ابن ملجم، ولذا يقال له: ذو القرنين([38]).
وعنه «عليه السلام» أنه قال عن عمرو: «وضربني هذه الضربة. وأومأ بيده إلى هامته»([39]).

وقد ذكر لنا الحاكم الحسكاني بعض التفصيلات الهامة هنا، فقال:
«ثم ضرب وجه فرسه فأدبرت، ثم أقبل إلى علي «عليه السلام»، وكان رجلاً طويلاً، يدواي دبرة البعير وهو قائم.
وكان علي في تراب دق، لا يثبت قدماه عليه، فجعل علي ينكص إلى ورائه يطلب جلداً من الأرض يثبت قدمه، ويعلوه عمرو بالسيف. وكان في درع عمرو قصر، فلما تشاك بالضربة، تلقاها علي بالترس، فلحق ذباب السيف في رأس علي، حتى قطعت تسعة أكوار، حتى خط السيف في رأس علي.
وتسيف علي رجليه بالسيف من أسفل، فوقع على قفاه.
وثارث بينهما عجاجة، فسمع علي يكبر.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: قتله والذي نفسي بيده.
فكان أول من ابتدر العجاج عمر بن الخطاب، فإذا علي يمسح سيفه بدرع عمرو.
فكبر عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، قتله.
فحز علي رأسه، ثم أقبل يخطر في مشيته، فقال له رسول الله: يا علي، إن هذه مشية يكرهها الله عز وجل إلا في هذا الموضع الخ..([40]).
وفي نص آخر عند الحسكاني عن علي «عليه السلام»: أنه لما برز لعمرو دعا بدعاء علمه إياه رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اللهم بك أصول، وبك أجول، وبك أدرأ في نحره([41]). لكن البعض يقول:
«أتى برأسه وهو يتبختر في مشيته، فقال عمر: إلا ترى يا رسول الله إلى علي كيف يتيه في مشيته؟!
فقال «صلى الله عليه وآله»: إنها مشية لا يمقتها الله في هذا المقام»([42]).

وذكر نص آخر: أنه احتز رأسه، وحمله، وألقاه بين يدي النبي «صلى الله عليه وآله»، فقام أبو بكر وعمر فقبلا رأس علي، ووجه رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتهلل، فقال: هذا النصر، أو قال: هذا أول النصر([43]).
وقال له أبو بكر: المهاجرون والأنصار رهين شكرك ما بقوا([44]).
وقالوا: إن علياً «عليه السلام» ضرب عمرواً على حبل العاتق فسقط وثار العجاج.
وقيل: طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فسقط وسمع رسول الله «صلى الله عليه وآله» التكبير، فعرف أن علياً قتله([45]).
وحكى البيهقي عن ابن إسحاق: أن علياً طعنه في ترقوته([46]).
وقالوا أيضاً: أنه حين قتل علي عمرواً ومن معه «انصرف إلى مقامه الأول، وقد كادت نفوس القوم الذين خرجوا معه إلى الخندق تطير جزعاً»([47]).
وقال علي «عليه السلام» في المناسبة أبياتا نذكرها، ونضم ما ذكروه بعضه إلى بعض، وهي:
أعلي تـقـتـحـم الـفـوارس هكـذا         عـنـي وعـنـهم أخرجوا أصحابي
الـيـوم تمـنـعـنـي الفرار حفيظتـي              ومـصـمـم فـي الرأس ليس بناب
آلى ابـن ود حـيــن شــد ألــيـــة         وحـلـفـت فاستمعوا إلى  الكذاب
أن لا أصـد ولا يــولي والـتـقـــى رجــلان يضطربــان كـل ضراب
عـرف ابن عبد حين أبصر  صارماً             يـهـتـز أن الأمــر غـــيــر لـعاب
أرديـت عـمــرواً إذ طغى بمهنـد        صـافي الحـديــد مجــرب قضـاب
نـصـر الحـجـارة مـن سفاهة رأيه              ونـصـرت رب محـمـد بـصـواب
فـصـدرت حـيـن تركته  متجدلاً          كـالجــذع بـين دكـــادك وروابي
وعففت عـن أثــوابــه ولـو أنني        كـنـت المـقـطــر بـزني أثــــوابي
لا تحــسـبـن الله خـــاذل ديــنـه          ونـبـيـه يـا مـعـشـر الأحــزاب([48])
قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر يشك فيها لعلي رضي الله تعالى عنه([49]).
وستأتي لنا: وقفة مع ابن هشام فيما يرتبط بكلامه هذا، وما أشبهه مما سيأتي.
وخرجت خيولهم منهزمة حتى اقتحمت الخندق.
قال ابن هشام وغيره: وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذٍ، وهو منهزم عن عمرو، فقال حسان بن ثابت في ذلك:
فـــرَّ وألـــقـــى لــنــا رمحــــه           لـعـلــك عــكـــرم لم تـفـعـــل
وولـيــت تــعــدو كعدو الظليم            مــا إن تجـــور عـــن المــعـــدل
ولــم تــلــق ظــهــرك مستأنساً          كــــأن قــفــاك قـــفــا فرعل([50])
وحول مبارزة علي لعمرو، وقتله على يده، راجع المصادر الموجودة في الهامش([51])، وبعضها قد صرح بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد رد علياً «عليه السلام» مرتين، وأجازه في الثالثة([52]).
وذكرت أبيات عمرو في طلب البراز، وجواب علي له بشعر على نفس الوزن والقافية في كثير من المصادر أيضاً([53]).

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر في قوله: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً﴾([54])، قال:
هو عمرو بن عبد ود، حين عرض عليه علي بن أبي طالب الإسلام يوم الخندق، وقال: فأين ما أنفقت فيكم مالاً لبداً؟! وكان قد أنفق مالاً في الصد عن سبيل الله، فقتله علي([55]).
ولم نجد هذه الرواية إلا في تفسير القمي، فليلاحظ ذلك ولنا مع ما تقدم وقفات، هي التالية:

قال المعتزلي الشافعي، حين بلغ في حديثه الموضع الذي يطلب فيه عمرو من علي «عليه السلام» أن يرجع لأنه لا يحب أن يقتله:
«كان شيخنا أبو الخير مصدق بن شبيب النحوي يقول ـ إذا مررنا في القراءة عليه بهذا الموضع ـ : والله، ما أمره بالرجوع إبقاء عليه، بل خوفاً منه، فقد عرف قتلاه ببدر وأحد، وعلم أنه إن ناهضه قتله. فاستحيا أن يظهر الفشل، فأظهر الإبقاء والإرعاء وإنه لكاذب فيهما»([56]).

وقد تقدم أن رواية الواقدي تقول: «فأنت حدث، إنما أردت شيخي قريش، أبا بكر وعمر»([57]).
ورواية المعتزلي تقول: «إذن تتحدث نساء قريش عني: أن غلاماً خدعني»([58]).
ونقول:
ألف: أما بالنسبة لصغر سن علي «عليه السلام» فقد كان عمره الشريف حينئذٍ سبعة وعشرين، أو ثمانية وعشرين عاماً. كما هو الأصح والأقوى.
بل بعض الأقوال تزيد في عمره عدة سنوات أخرى على ذلك، ولا يقال لمن هو بهذا السن: أنه غلام حدث.
ب: بالنسبة لأبي بكر وعمر، فإنهما لم يكونا شيخي قريش آنئذٍ، ولا قبل ذلك أيضاً.
ولم يكونا أيضاً معروفين بالفروسية والشجاعة ليقصدهما عمرو بالبراز الذي يريد أن يكتسب به مجداً وشهرة عامة. فقتلهما لم يكن ليكسر شوكة المسلمين العسكرية. أما قتل علي «عليه السلام» فهو المقصود بعد النبي «صلى الله عليه وآله» لهم، لأنه هو الذي قتل فرسانهم في بدر وأحد.
ومن جهة ثالثة: فقد تقدم أن ضرار بن الخطاب، وخالد بن الوليد لم يقتلا عُمر في أحد وفي الخندق، رغم تمكنهما من ذلك.
بل كان موقفهما منه يرشح بروائح المودة والمحبة، والاهتمام بنجاته. وهل خلص أسرى المشركين في بدر غير أبي بكر حسبما تقدم بيانه؟.

وهـل جرح علي «عليه السلام» حقـاً بسيف عمرو؟! وكان ذا شجتين؟! أم أن المقصود هو أظهار شجاعة عمرو وفروسيته في مقابل علي «عليه السلام»؟!.
إن البلاذري يقول: ويقال: إن علياً لم يجرح قط([59]).


ذكر الحاكم الحسكاني: أن علياً «عليه السلام» حينما برز لعمرو وكان عمرو طويلاً: «جاء حتى وقف على عمرو، فقال: من أنت؟!.
فقال عمرو: ما ظننت أني أقف موقفاً أُجهل فيه، أنا عمرو بن عبد ود، فمن أنت؟!
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال: الغلام الذي كنت أراك في حجر أبي طالب؟.
قال: نعم.
قال: إن أباك كان لي صديقاً، وأنا أكره أن أقتلك.
فقال له علي «عليه السلام»: لكني لا أكره أن أقتلك.
ثم ذكر تخييره بين الخصال الثلاث، فرفضها، فقال له علي «عليه السلام»: فأنت فارس وأنا راجل.
فنزل عن فرسه وقال: ما لقيت من أحد ما لقيت من هذا الغلام([60]).
فعلي «عليه السلام» إذن يريد إذلال عمرو، وتحطيم كبريائه. وقد تحقق له ما أراد، حتى شكا ذلك عمرو نفسه كما ترى.

قد اعتبر الإسكافي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ضنَّ بعلي «عليه السلام» عن مبارزة عمرو، حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مراراً، وفي كلها يحجمون، ويقدم علي، فيسأل الإذن له في البراز، حتى قال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: إنه عمرو.
فقال: وأنا علي([61]).
ونقول:
إننا لا نعتقد: أن هذا الكلام دقيق، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يعلم قدرات علي عليه الصلاة والسلام، ومدى ما عنده من استعداد للتضحية والإقدام في سبيل الله سبحانه، ومواقفه في بدر، وصده للكتائب في أحد، حتى نادى الملك بين السماء والأرض:
لا  فــــتــــى  إلا  عــــلــــي                   لا  ســيـــف  إلا  ذو  الــفـقار
وقد كانت هذه المواقف معروفة لدى النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أكثر من أي شخص آخر، وهو الذي ربى علياً «عليه السلام»، وعلمه وهذبه، ودربه.
والصحيح هو: ما ذكره بعض المؤرخين حسبما تقدم وهو: أنه أراد أن يفسح المجال أمام الآخرين، فكان يأمره بالجلوس، انتظاراً منه ليتحرك غيره. وليعلم بذلك فضله، ويظهر زيف دعوى من سوف يحاول الدس والتشويه، وإطلاق الدعاوى الفارغة، لأهداف سياسية، وغيرها.
إذن، فنستطيع أن نلخص الأسباب في ضمن النقاط التالية:
1 ـ لكي يظهر للجميع: أن غير علي «عليه السلام» قد أحجم عن مبارزة عمرو خوفاً وجبناً. ولولا أنه «صلى الله عليه وآله» أمره بالجلوس ثلاث مرات لكان من الممكن للبعض أن يدَّعي: أن كل واحد من المسلمين كان قادراً على مبارزة عمرو وقتله، لكن علياً سبقهم إلى الاستئذان لمبارزته، رغبة منه في الثواب والأجر. وهو أمر يشكر عليه.
2 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» كان يريد أن يظهر للناس جمعياً: أن عليهم النظر إلى بواطن الأمور، فلا تغرهم الدعاوى العريضة والشعارات الرنانة والانتفاخات الكاذبة في حالات الأمن والرخاء. ولا يجوز أن يخططوا ويقرروا ويتخذوا المواقف استناداً إلى ذلك بل لا بد من اختبار القدرات والطاقات في الحالات الصعبة، واللحظات المصيرية..
3 ـ وكان لا بد من التنويه بجهاد علي «عليه السلام»، وتعريف الناس بمن يضحي ويبذل نفسه في سبيل الله سبحانه، وبمن يستثمر تضحيات الآخرين ويسرق جهدهم وجهادهم لمصلحة نفسه أو من يمت إليه بصلة أو رابطة.. ويتضح ذلك من قوله «صلى الله عليه وآله» لعلي: إنه عمرو([62]).
وبذلك يتضح: أن عدم الإذن لعلي «عليه السلام» بمبارزة عمرو في بادئ الأمر، لم يكن رغبة بعلي عن المخاطر، وحباً بالإبقاء عليه، وتعريض غيره لذلك.
4 ـ وقوله «صلى الله عليه وآله» له: إنه عمرو، فارس يليل أو نحو ذلك، ليفهم الناس: أن هذا الإقدام من علي «عليه السلام» ليس مجرد نزوة طائشة، ألقى نفسه بسببها في المهالك، دون أن يكون عارفاً بحقيقة عمرو، ومكانته في الفروسية، ثم حالفه الحظ فقتله، لأن علياً رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، كما يريد أعداؤه أن يقولوا.
بل كان هذا الإقدام منه عن علم وتثبت، واطلاع تام على شجاعة عمرو، ومكانته بين فرسان العرب.

وحين عرض علي «عليه السلام» الخصال الثلاث على عمرو، نجد أن هذه الخصال قد جاءت من خلال الوعي والإحساس بالمسؤولية، وفي أعلى درجات السداد، وفي منتهى الموضوعية والنصفة. وتركت عمرواً يبوء بعار البغي، والعدوان، والتجني بلا مبرر، ولا سبب على الإطلاق.
فلم يفرض عليه أن يسلم فقط، بل هو كما عرض عليه أن يسلم من منطلق الإنصاف في الدعوة، ولإعطائه فرصة أخيرة لينقذ نفسه من النار، فإنه أيضاً يقدم له خياراً آخر لا يتعارض مع رغاتبه وطموحاته، ولا مع آرائه ومعتقداته، وهو أن يرجع عن حرب محمد والمسلمين. ثم قدم له ما يثير اهتمامه، ويقربه إلى اختيار هذه الخصلة مثيراً أمامه ما يوجب إعادة النظر في صوابية القرار الذي اتخذه في خصومته لمحمد «صلى الله عليه وآله»، مستثيراً في نفسه نوازع الطموح ومستحثاً في داخله المشاعر القبلية التي ينزع إليها، ويعتمد عليها، حين ذكر له: أنه إن يكن محمد صادقاً كان أسعد الناس به، وإن يك كاذباً كفتهم ذؤبان العرب أمره.
وفي كلمته الأخيرة تلويح يقرب من التصريح بما يراود النفوس عادة من حب السلامة والراحة والابتعاد عن المشاكل والمخاطر.
ولكن ما احتج به عمرو لاتخاذه قراره برفض هذ الخصلة الثانية ما كان غير سراب خادع ينطلق من غرور وعنجهية لا مبرر لهما، إلا روح الاستكبار والبغي والتجني والظلم الذي جره بالتالي إلى الخزي والخسران في الدنيا وفي الآخرة، وساء للظالمين بدلاً.
ولم يبق أمام أمير المؤمنين «عليه السلام» إلا أن يبادر إلى دفع غائلة هذا الظالم المتجبر فكان النصر على يديه، وكانت ضربته له التي تعدل عبادة الثقلين.

ويقول ابن شهرآشوب: «وتبادر المسلمون يكبرون، فوجدوه على فرسه برجل واحدة، يحارب علياً «عليه السلام»، ورمى رجله نحو علي، فخاف من هيبتها رجلان، ووقعا في الخندق»([63]).
وهذا النص غير معقول: وذلك لأنه إذا كان على فرسه برجل واحدة، فإنه لا يستطيع أن يأخذ رجله عن الأرض يرمي بها علياً «عليه السلام» أو غيره، لأنها حين تقطع لا بد أن يقع القسم المقطوع منها على الأرض إلا أن يكون قد فعل ذلك بعد وقوعه على الأرض.
لما قتل علي «عليه السلام» عمرواً، وأقبل نحو رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ووجهه يتهلل قال له عمر بن الخطاب: هلا سلبته يا علي درعه؟! فإنه ليس في العرب درع مثلها.
فقال علي «عليه السلام»: إني استحييت أن أكشف سوأة ابن عمي، أو قال: ضربته فاتقاني بسوأته، فاستحييت من ابن عمي أن أسلبه.
وعند الحسكاني: أن النبي «صلى الله عليه وآله» سأل علياً عن سبب عدم سلبه له([64]).
ويقال: إنه حين جلس على صدر عمرو، يريد أن يذبحه، وهو يكبر الله ويمجده طلب منه عمرو أن لا يسلبه حلته، فقال له علي «عليه السلام»: هي عليَّ أهون من ذلك، ثم ذبحه([65]).
وزعم الحلبي: أن هذا اشتباه من الرواة، وأن ذلك كان في حرب أُحد مع طلحة بن أبي طلحة([66]).
ويردّ قوله: أنه في قضية أُحد كان السؤال من سعد لعلي «عليه السلام»، وفي الخندق كان السؤال من عمرو لعلي «عليه السلام»، فهما قضيتان.
ونعود فنذكر كلام المعتزلي وهو يقارن بين علي وسعد بن أبي وقاص في ذلك:
«قلت: شتان بين علي وسعد، هذا يجاحش على السلب، ويتأسف على فواته (كما في قصة أُحد) وذلك يقتل عمرو بن عبد ود يوم الخندق، وهو فارس قريش وصنديدها، ومبارزه فيعرض عن سلبه، فيقال له: كيف تركت سلبه، وهو أنفس سلب؟!.
فيقول: كرهت أن أبزّ السبي ثيابه.
فكأن حبيباً (أي أبا تمام) عناه بقوله:
إن الأسـود أسـود الـغـاب همتها            يوم الكريهة في المسلوب لا السلب([67])
ونقول:
إننا لا نريد أن نضيف إلى ذلك شيئاً، غير أن ما يستوقفنا هنا هو ما نجده من حرص واهتمام ظاهر لعمر بن الخطاب بأمر الدرع كي لا تفوت علياً، وكأنه يظن أنه «عليه السلام» إنما يحارب ليحصل على الغنائم والأسلاب.
ولم يلتفت إلى أن ما يهم علياً «عليه السلام» هو الدفاع عن أساس الدين، وفتح باب الأمل على مصراعيه أمام المسلمين المهزومين نفسياً، كما أخبر الله عنهم: ﴿إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا، هُنَالكَ ابْتُليَ المُؤْمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيداً..﴾.
إلى أن قال: ﴿.. وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً﴾([68]).
أما جواب أمير المؤمنين «عليه السلام» لعمر، ففيه تأكيد منه على أنه «عليه السلام»: لم يزل ولا يزال يتصرف وفق قواعد النبل والرجولة والقيم، حتى في مثل هذا الموقف، الذي هو أكثر المواقف صعوبة وخطراً، حيث تزل فيه الأقدام، وتضيع فيه المعايير والضوابط في زحمة الأهوال والمخاطر، وفي خضم ثورات النفوس والمشاعر.
فسلام الله عليك يا أبا الحسن، يوم ولدت في الكعبة، ويوم اغتالتك يد الإفك والحقد في مسجد الكوفة، ويوم تبعث حياً، حيث تقف لتسقي المؤمنين والمجاهدين من يدك على حوض الكوثر.

ولما أدرك علي «عليه السلام» عمرو بن عبد ود لم يضربه، فوقعوا في علي «عليه السلام»، فرد عنه حذيفة، فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: مه يا حذيفة، فإن علياً سيذكر سبب وقفته.
ثم إنه ضربه، فلما جاء سأله النبي «صلى الله عليه وآله» عن ذلك، فقال: قد كان شتم أمي، وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي، فتركته حتى سكن ما بي، ثم قتلته في الله([69]).
ونقول:
إننا لا نشك في أن علياً «عليه السلام» لا يمكن أن يقتل عمرواً غضباً لنفسه، وإن كان ذلك جائزاً له.. ولكنه «عليه السلام» أراد أن يتعامل مع الأمور كما لو كان رجلاً عادياً ليمكن أن يقدم للناس العظة والأمثولة بصورة عملية وحية ليروا بأم أعينهم كيف يكون هو الرجل الإلهي، الذي يتعامل مع كل الأمور من موقع المعرفة، والوعي، والثبات والتثبت، ويصل كل أعماله، ما دق منها وقل، وما عظم وجل بالله سبحانه، ليقربه خطوة إليه.
إنه ذلك الجبل الأشم الشامخ، الذي لا تزله الرياح العواصف، وهو الإنسان القوي والرصين، الذي لا يثور ولا يغضب إلا لله، ولله فقط، وحده لا شريك له.
فبإرادة الله ورضاه يسل سيفه، ويقاتل الأبطال، ويسحق كل جبروتهم وكبريائهم، وهو يغمد سيفه ويستسلم لإرادة الله سبحانه وامتثالاً لأمره، حين يهجمون عليه في بيته، ويضربون زوجته، ويسقطون جنينها، ويحرقون عليه بيته، أو يكادون. وهو علي هنا، وهو علي هناك، ولا أحد غير علي يستطيع أن يفعل ذلك.

عن ابن مسعود، وعن بهز بن حكيم، عن أبيه، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: لمبارزة علي (أو قتل علي) لعمرو بن عبد ود (أو ضربة علي يوم الخندق) أفضل (أو خير) من عبادة الثقلين، أو أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة([70]).
وفي نص آخر عن ابن مسعود: أبشر يا علي، فلو وزن عملك اليوم بعمل أمتي لرجح عملك بعملهم([71])، زاد المجلسي والطبرسي قوله:
«وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهن بقتل عمرو. ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا وقد دخله عز بقتل عمرو»([72]).

وقد اعتبر ابن تيمية حديث: قتل علي لعمرو أفضل من عبادة الثقلين، ونحوه، من الأحاديث الموضوعة، التي ليس لها سند صحيح، ولم يروه أحد من علماء المسلمين في شيء من الكتب التي يعتمد عليها. بل ولا يُعرف له أسناد صحيح ولا ضعيف. وهو كذب لا يجوز نسبته إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فإنه لا يجوز أن يكون قتل كافر أفضل من عبادة الجن والإنس، فإن ذلك يدخل فيه عبادة الأنبياء.
وقد قُتل من الكفار من كان قتله أعظم من قتل عمرو، مثل أبي جهل وعقبة بن أبي معيط، وشيبة. وقصته في الخندق لم تذكر في الصحاح([73]).
أما الذهبي، فقال عن حديث: ضربة علي أفضل من عبادة الثقلين: «قبح الله رافضياً افتراه»([74]).
ونقول:
قد رد الحلبي استبعاده أن تكون ضربة عمرو أفضل من عبادة الثقلين بقوله: «فيه نظر، لأن قتل هذا كان فيه نصرة للدين، وخذلان للكافرين»([75]).
فإنه إذا كانت قد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وصاروا يظنون الظنون السيئة بالله سبحانه. وإذا كان المسلمون قد أحجموا عن مبارزة عمرو، خوفاً ورعباً، وكانوا كأن على رؤوسهم الطير.
وإذا كان عمرو هو فارس الأحزاب، الذين هم ألوف كثيرة، وقد جاؤوا لاستئصال المسلمين، وهم قلة، وقد جاءهم اليهود من جانب، وقريش من جانب، وغطفان من جانب، وكانوا في أشد الخوف على نسائهم وذراريهم،
وإذا كان المنافقون لا يألون جهداً في تخذيل الناس وصرفهم عن الحرب، حتى أصبح الرسول «صلى الله عليه وآله» في قلة قليلة، لا تزيد على ثلاث مئة رجل، بل قيل: لم يبق معه سوى اثني عشر رجلاً كما سنرى،
وإذا كان الجوع والبرد يفتكان فيهم، ويضعفان من عزائمهم..
نعم.. إذا كان ذلك، فمن الطبيعي: أن يكون قتل هذا الكافر فيه حياة الإسلام، وانتعاش المسلمين، وفيه خزي الأحزاب، وفشلهم، وسيأتي بعض الكلام حول: أن النصر كان بسبب قتل عمرو في الفصل التالي إن شاء الله.
وأما بالنسبة لضعف سنده، وعدم ذكره في الصحاح، فلا يقلل ذلك من قيمته واعتباره إذ ما أكثر الأحاديث الصحيحة، والمتواترة التي لم تذكر في كتب الصحاح.
وقد عرفنا تحصب أصحاب الصحاح على علي «عليه السلام» وأهل بيته، وقول ابن تيمية ليس له سند ضعيف ولا صحيح، يكذبه رواية المستدرك لهذا الحديث عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده، وقد قال أبو داود: بهز بن حكيم أحاديثه صحاح([76]).

قال المفيد: «روى قيس بن الربيع، قال: حدثنا أبو هرون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت له: يا أبا عبد الله، إنا لنتحدث عن علي «عليه السلام» ومناقبه، فيقول لنا أهل البصرة: إنكم تفرطون في علي «عليه السلام». هل أنت محدثي بحديث فيه؟.
فقال حذيفة: يا ربيعة، وما تسألني عن علي «عليه السلام»! فوالذي نفسي بيده، لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد «صلى الله عليه وآله» في كفة الميزان، منذ بعث الله محمداً إلى يوم الناس هذا، ووضع عمل علي «عليه السلام» في الكفة الأخرى لرجح عمل علي «عليه السلام» على جميع أعمالهم.
فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد.
فقال حذيفة: يا لكع: وكيف لا تحمل؟ وأين كان أبو بكر، وعمر، وحذيفة، وجميع أصحاب محمد «صلى الله عليه وآله» يوم عمرو بن عبد ود دعا إلى المبارزة، فأحجم الناس كلهم ما خلا علياً «عليه السلام»؟! فإنه برز إليه وقتله الله على يده. والذي نفس حذيفة بيده، لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من عمل أصحاب محمد «صلى الله عليه وآله» إلى يوم القيامة([77]).


شهادة أبي الهذيل والمعتزلي.
قال المعتزلي:
1 ـ «فأما الخرجة التي خرجها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود، فإنها أجلُّ من أن يقال: جليلة، وأعظَمُ من أن يُقال: عظيمة.
2 ـ وما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل، وقد سأله سائل: أيما أعظم منزلة عند الله: علي أم أبو بكر؟
فقال: يا ابن أخي، والله، لمبارزة علي عمرواً يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها، وتربي عليها، فضلاً عن أبي بكر وحده.
3 ـ وقد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا، بل ما هو أبلغ منه الخ..([78]).
وعن حذيفة: لو قسمت فضيلة علي «عليه السلام» بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم([79]).
4 ـ وقال أبو بكر بن عياش: لقد ضَرَبَ علي ضربة ما كان في الإسلام أعزّ منها ـ يعني ضربة عمرو بن عبد ود ـ ولقد ضُرِبَ علي ضربة ما ضرب الإسلام أشأم منها ـ يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله([80]).
5 ـ وقال الحافظ يحيى بن آدم ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري: ما شبهت قتل علي عمرواً إلا بقوله تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله وَقَتَل دَاوُدُ جَالُوتَ﴾([81]).
6 ـ وروي أن عمرواً قال لعلي: ما أكرمك قرناً([82]).
لا نأكل ثمن الموتى:
قال ابن إسحاق ـ كما رواه البيهقي عنه ـ : وبعث المشركون إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يشترون جيفة عمرو بن عبد ود بعشرة آلاف.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: هو لكم، لا نأكل ثمن الموتى([83]).
وقال أبو زهرة: «ويظهر: أنه كان عظيماً بين المشركين، يعتزونه، فأرسلوا يطلبون جثمانه([84]).
وقد ذكرت نفس هذه الحادثة: بالنسبة لجيفة نوفل بن عبد الله بن المغيرة، ونكاد نشك في صحة ذلك. ولعل الزبيريين قد حرفوا ما جرى لجيفة عمرو ليكون لصالح جيفة نوفل وذلك بهدف تضخيم شأن نوفل، ليصبح أهم من عمرو بن عبد ود، زعماً منهم أن روايتهم المكذوبة: أن الزبير قد قتل نوفلاً قد راجت على الناس.
وسيأتي أن علياً «عليه السلام» أيضاً هو الذي قتل نوفلاً وغيره.
وإن كنا نحتمل أيضاً: أن يكون بنو مخزوم قد طلبوا جيفة صاحبهم ليرفعوا من شأنه حتى لا يكون أقل من عمرو.

عن الصادق «عليه السلام»: لما قتل علي «عليه السلام» عمرو بن عبد ود أعطى سيفه الحسن «عليه السلام»، وقال: قل لأمك تغسل هذا الصيقل.
فرده وعلي «عليه السلام» عند النبي «صلى الله عليه وآله» وفي وسطه نقطة لم تنقَ، قال: أليس قد غسلته الزهراء.
قال: نعم.
قال: فما هذه النقطة؟.
قال النبي «صلى الله عليه وآله»: يا علي، سل ذا الفقار يخبرك.
فهزه، وقال: أليس قد غسلتك الطاهرة، من دم الرجس النجس؟!
فأنطق الله السيف فقال: بلى، ولكنك ما قتلت بي أبغض إلى الملائكة من عمرو بن عبد ود، فأمرني ربي فشربت هذه النقطة من دمه، وهو حظي منه، فلا تنتضيني يوماً إلا ورأته الملائكة وصلَّت عليك([85]).
وليس لدينا ما يثبت أو ينفي صحة هذه الرواية. وحين يصعب علينا فهم بعض ما ورد فيها، فإن علينا أن نكل علم ذلك إلى أهله، ما دام أن ذلك لا يمس أساس العقيدة، ولا يؤثر على الضوابط والمرتكزات العامة للبحث العلمي الرصين.

وقد يقال: أين كان المخلصون الأوفياء، والأبرار الأتقياء آنئذٍ عن مبارزة عمرو بن عبد ود؟!
ولماذا لم يبادروا إلى إجابة طلب النبي «صلى الله عليه وآله»، لينالوا الجنة، التي وعد بها رسول الله من يبارز عمرواً؟!
ونجيب: إنه قد كانت هناك مهمات كثيرة كان لا بد من التصدي لها وإنجازها على يد أهل الإيمان، ومنها: حراسة أبواب الخندق الثمانية، وحراسة الجيش الإسلامي، ومنع جيش الأعداء من التسلل والالتفاف، ورصد جميع تحركات الأعداء، حتى لا يجدوا أنهم في فسحة من أمرهم، ويستطيعوا أن يتصرفوا كما يحلو لهم. وهذا يفرض إفراز قوات تكفي لإنجاز هذه المهمات في المواقع المختلفة ..
ولعل من يستطيع النبي «صلى الله عليه وآله» أن يطمئن لسلامة أدائهم، أو عدم تأثرهم بإغراءات العدو وتسويلاته هم أمثال عمار، والمقداد، وسلمان..
وكانت الكثرة من المقاتلين الآخرين موجودة في محضر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان هو الذي يضبط حركتها، ويهيمن على قرارها، ويراقب مسارها..
ويفترض فيها هي: أن تتولى صد العدو، ومبارزة فرسانه، وتحطيم استكباره وإسقاط عنفوانه..
وقد واجههم عمرو بن عبد ود بالتحدي القوي، وجاءت كلمات رسول الله «صلى الله عليه وآله» لتعبر عن مدى خطورة الموقف، وأهمية الإنجاز الذي يتمثل بسحق هذا التحدي القوي، وجاءت كلمات رسول الله «صلى الله عليه وآله» لتعبر عن مدى خطورة الموقف، وأهمية الإنجاز الذي يتمثل بسحق هذا التحدي، من خلال قتل عمرو هذا..
وكان الطامحون والطامعون وأصحاب الدعاوى العريضة، وكذلك سائر من يلتقي معهم في الفكر، والرأي والمصالح، يتحلقون حول رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويتصدرون مجالسه، قد فشلوا أمام أنفسهم، وأمام الناس كلهم في اتخاذ القرار الحاسم بالخروج من سجن ذواتهم وذاتياتهم وخصوصياتهم إلى آفاق الحرية في رحاب التقوى والورع، والعزوف عن الدنيا، وطلب رضا الله تبارك وتعالى..
ولذلك امتلأت قلوبهم رعباً وخوفاً من مواجهة أعداء الله، طلباً لمرضاته تبارك وتعالى، وحباً برسوله «صلى الله عليه وآله»..
فأحجموا عن هذا الأمر، حباً بالدنيا، وبادر إليه علي بن أبي طالب «عليه السلام» صفوة الخلق، وعبد الله، وأخو رسوله، بل نفسه كما صرح به القرآن الكريم.. فأنزل صلوات الله وسلامه عليه ضربته الخالدة، التي تعدل عبادة الثقلين: الجن والإنس إلى يوم القيامة. أنزلها بعدو الله عمرو بن عبد ود.. وألحقه بالفراعنة والجبارين، إلى درك الجحيم.

وحين أرسل النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» إلى بني قريظة قال له: «إن الذي أمكنك من عمرو بن عبد ود، لا يخذلك»([86]).
قال علي «عليه السلام»: «فاجتمع الناس إلي، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ، فلما رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو.
وجعل بعضهم يصيح ببعض، ويقولون ذلك، وألقى الله في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرتجز:
قـتــــل عـــلي عــــمــــــروا              صـــــــاد عــــــلي صـــقـــرا
قــــصــــم عـــلـــي ظـــهرا               أبـــــرم عـــــــــلي أمـــــــرا
هــــتــــــك عــــــلي ســترا
فقلت: الحمد الله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك([87]).
وكما كان قتل عمرو سبباً لهزيمة بني قريظة فإنه كان أيضاً سبباً لهزيمة الأحزاب كما سيأتي.
وقد أقنع قتله وقتل ابنه ونوفل بن عبد الله، أقنع قريشاً ومن معها: أن أية مغامرة من هذا القبيل سيكون مصيرها الفشل الذريع، والخيبة القاتلة.
وسيأتي في أواخر الفصل التالي نصوص تدل على أن قتل عمرو ومن معه كان سبب هزيمة الأحزاب فانتظر.

كنا نتوقع كل شيء من أعداء علي عليه الصلاة والسلام، إلا أننا لم نتوقع أبداً أن يشككوا في قتل علي «عليه السلام» لعمرو بن عبد ود.
وقد ألفت نظري الحاكم النيسابوري، وهو يورد في مستدركه أحاديث صحيحة تثبت قتل علي «عليه السلام» لعمرو، فتساءلت في نفسي عن الداعي لإيراد أحاديث في أمر هو من أوضح الواضحات وأجلاها، وإذا به هو نفسه يصرح بسبب ذلك، ويبين لنا: أن أعداء علي قد حاولوا التشكيك حتى بهذا الأمر،فهو يقول:
«قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ود من الأحاديث المسندة، ومما عن عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار ما بلغني، ليتقرر عند المصنف من أهل العلم: أن عمرو بن عبد ود لم يقتله، ولم يشترك في قتله غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وإنما حملني على هذا الاستقصاء فيه قول من قال من الخوارج: أن محمد بن مسلمة أيضاً ضربه ضربة، وأخذ بعض السلب.
ووالله، ما بلغنا هذا من أحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
وكيف يجوز هذا وعلي رضي الله عنه يقول ما بلغنا: إني ترفعت عن سلب ابن عمي، فتركته. وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([88]) انتهى.

أما متى قتل عمرو، فإن اليعقوبي يقول: إن قتله كان بعد مضي خمسة أيام من الحصار([89]).
لكن آخرين يقولون: إن ذلك كان بعد مضي بضع وعشرين ليلة منه([90]).
وفريق ثالث يقول: بعد مضي شهر من الحصار([91]).
ونحن نستقرب هذا الأخير: وذلك لما تقدم من أن الحصار قد دام شهراً. وقد علمنا أن قتل عمرو، كما سيأتي في أواخر الفصل التالي، كان سبب هزيمة الأحزاب بالإضافة إلى الريح العاتية التي أرسلها الله تعالى عليهم.

قال ابن هشام: حدثني الثقة أنه حدث عن ابن شهاب الزهري، أنه قال: قتل علي بن أبي طالب يومئذٍ عمرو بن عبد ود، وابنه حسل بن عمرو.
قال ابن هشام: عمرو بن عبد ود، يقال: عمرو بن عبد([92]).
قد ادَّعت بعض المرويات: أن الزبير بن العوام هو الذي قتل نوفل بن عبد الله فهي تقول: «رجع المشركون هاربين، وخرج في آثارهم الزبير وعمر بن الخطاب، فناوشوهم ساعة، وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف، حتى شقه باثنين، وقطع أبدوج (أو أندوج) سرجه، حتى خلص إلى كاهل الفرس.
فقيل: يا أبا عبد الله، ما رأينا سيفك!!.
فقال: والله، ما هو السيف، ولكنها الساعد»([93]).
وذكر البعض: أن نوفلاً سأل المبارزة، فبارزه الزبير، فشقه باثنتين، حتى فل في سيفه فلاًّ، وانصرف، وهو يقول:
إنـــي امــــرؤ أحمـــي وأحتمي         عـن الـنـبـي المـصـطـفى الأمي([94])
لكن نصاً آخر يقول: إنه لما وقع نوفل في الخندق، وجعل المسلمون يرمونه، وطلب أن ينزل بعضهم إليه ليقاتله، فقتله الزبير بن العوام([95]).
وفي الوفاء: بارزه الزبير، فقتله، ويقال قتله علي، ورجعت بقية الخيول منهزمة([96]).
قال دحلان: «ويمكن أن علياً والزبير رضي الله عنهما اشتركا في قتله»([97]).
ونقول:
إننا نشك في ذلك كثيراً، وذلك للأمور التالية:
1 ـ إن البعض ينسب قتل نوفل إلى المسلمين، فهو يقول عن عمرو:
«ودنا منه علي، فلم يكن بأسرع من أن قتله علي، فولى أصحابه الأدبار، وسقط نوفل بن عبد الله عن فرسه في الخندق، فرمي بالحجارة حتى قتل»([98]).
2 ـ وقال البلاذري وغيره: «ونجا أصحاب عمرو إلا رجلاً سقط في الخندق، فتكسر، ورماه المسلمون حتى مات»([99]).
3 ـ أما ابن الأثير فقد حاول أن يبهم الأمر، حيث قال: «وقتل مع عمرو رجلان، قتل علي أحدهما، وأصاب الآخر سهم مات منه بمكة»([100]).
فإذا عرفنا: أن مقصوده بالرجل الآخر الذي قتله علي ليس هو حسل بن عمرو، لأن كثيراً من المؤرخين سكتوا عن ذكره، وهم مجمعون على قتل نوفل بن عبد الله،
وعرفنا أيضاً: أن الذي أصابه سهم فمات منه بمكة هو ـ كما سيأتي ـ منبه بن عثمان، أو عثمان بن أمية بن منبه([101])،
فإننا نعرف أنه يقصد بالذي قتله علي هو نوفل بن عبد الله بالذات.
وثمة فريق آخر يقول بصراحة: إن علياً «عليه السلام» هو الذي قتل نوفلاً.
4 ـ قال اليعقوبي: «وكبا بنوفل بن عبدالله بن المغيرة فرسه، فلحقه علي فقتله»([102]).
وقال الطبرسي، وابن كثير، والطبري: إنه لما تورط في الخندق جعل يقول: قتلة أحسن من هذه يا معشر العرب، فنزل إليه علي فقتله، وطلب المشركون رمته، فمكنهم من أخذه([103]).
وذكرت بعض المصادر: أنه «عليه السلام» ضربه بالسيف فقطعه نصفين([104]).
وذكر ابن إسحاق: أن علياً طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فمات في الخندق([105]).
5 ـ هذا كله، عدا عن أن الشعر المنسوب إلى الزبير أنه قاله في هذه المناسبة غير مستقيم الوزن، فليلاحظ ذلك.
وأخيراً:
فإننا نذكر القارئ الكريم بأن هؤلاء الناس قد عودونا أن يغيروا على فضائل علي وعلى مواقفه «عليه السلام»، وينسبوها لغيره، ممن لهم فيه هوى، ولو لم يستطع أن يسجل حتى موقفاً رسالياً وجهادياً واحداً طيلة حياته.

وأرسلت بنو مخزوم يطلبون جيفة نوفل بن عبد الله، يشترونها، وأعطوا فيها عشرة آلاف درهم، فقال «صلى الله عليه وآله»: إنما هي جيفة حمار، وكره ثمنه، فخلى بينهم وبينه([106]).
وقال البعض: إنهم عرضوا الدية، فقال «صلى الله عليه وآله»: إنه خبيث الدية، فلعنه الله ولعن ديته، فلا إرب لنا في ديته، ولسنا نمنعكم أن تدفنوه([107]).
وفي رواية أخرى: أنهم عرضوا اثني عشر ألفاً ثمناً لجسد رجل من المشركين يوم الأحزاب([108]).
ونص آخر يقول: إن أبا سفيان هو الذي بعث بديته مئة من الإبل([109]).
ولهذا الحديث نصوص مختلفة، فلتراجع في مصادرها([110]).
وبعد هذا، فلا يمكن الاعتماد على رواية الحاكم عن ابن عباس، قال: قتل رجل من المشركين يوم الخندق فطلبوا أن يواروه فأبى رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى أعطوه الدية([111]).
فإنها رواية لا تصح بأي وجه.

يقول القمي: إنه بعد أن قتل علي «عليه السلام» عمرواً «بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» الزبير إلى هبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربة ففلق هامته»([112]).
وتقول رواية أخرى: أدرك الزبير هبيرة بن أبي وهب، فضربه، فقطع ثفر([113]) فرسه، وسقطت درع كانت عليه، فأخذها الزبير([114]).
ونص ثالث يقول: ومر عمر بن الخطاب في أثر القوم، فناوشهم ساعة وسقطت درع هبيرة بن أبي وهب، فأخذها الزبير([115]).
وهبيرة هو زوج أم هاني أخت علي وأبو أولادها وكان فارس قريش كما يقولون([116]).
نحن نشك في صحة ذلك، وذلك استناداً إلى ما يلي:
1 ـ لو كان الزبير قد ضرب هبيرة بالسيف حتى فلق هامته، فاللازم أن يكون قد قُتل، مع أن الجميع متفقون على أنه لم يقتل آنئذٍ.
2 ـ قد ذكرت بعض النصوص: أن علياً لحق هبيرة فأعجزه، وضرب قربوس سرجه، فسقطت درع كانت عليه وفر عكرمة، وهرب ضرار([117]).
3 ـ ويفصل ذلك نص آخر، فيقول: ثم حمل ضرار بن الخطاب وهبيرة على علي، فأقبل علي عليهما. فأما ضرار فولى هارباً ولم يثبت، وأما هبيرة فثبت أولاً، ثم ألقى درعه وهرب. وكان فارس قريش وشاعرها([118]).
وسئل ضرار عن سبب فراره، فقال: خيل إلي أن الموت يريني صورته([119]).
4 ـ قد اعتذر هبيرة بن أبي وهب عن فراره من وجه علي «عليه السلام»، فقال:
لـعـمـرك مــا ولـيت ظهراً محمداً                وأصـحـابـه جبنـاً ولا خيفة القتل
ولـكـنـني قـلبت أمـري فلم أجد          لسيفي غـنـاءً إن وقـفـت ولا نبلي
الــخ...
ويؤيد قولهم بأن الفرسان قد هاجموا علياً بعد قتله عمرواً، قوله «عليه السلام»:
أعــلي تـقـتـحم الفوراس هكـذا         عـنـي وعـنـهـم أخـروا أصحـابه
ولعل مواجهة هبيرة لعلي «عليه السلام» ولو للحظات جعلته يستحق وسام فارس قريش وشاعرها.
5 ـ ثم إننا لم نفهم السبب في أن اللذين خرجا في أثر الهاربين هما الزبير وعمر فقط؟! وأين كان عنهم سائر فرسان المسلمين؟ ولماذا لم يتبعهم علي نفسه؟!
وروى ابن أبي شيبة من مرسل عكرمة: أن رجلاً من المشركين قال يوم الخندق: من يبارز.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: قم يا زبير.
فقالت صفية بنت عبد المطلب: واحدي يا رسول الله.
فقال: قم يا زبير.
فقام الزبير فقتله. ثم جاء بسلبه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فنفله إياه([120]).
ونقول: إننا نشك في صحة هذه الرواية.
أولاً: لأن صفية كانت مع النساء في حصن حسان حسبما تقدم، فما الذي جاء بها إلى ساحة القتال، في هذه الساعة الحساسة والحاسمة بالذات؟ وهل كان «صلى الله عليه وآله» يسمح للنساء بالتردد إلى ساحة الحرب؟!.
ثانياً: إن هذا الحديث مرسل، وهو ينتهي أيضاً إلى عكرمة المعروف بالكذب والوضع، وقد تحدثنا عن بعض حاله في كتابنا: «أهل البيت في آية التطهير» فليراجع.
ثالثاً: إننا نستبعد أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد خص الزبير بالطلب إليه أن يبارز ذلك الرجل، وهو قبل قليل قد طلب التطوع من المسلمين بمبارزة عمرو. فما هذه السياسة، وما هي مبرراتها يا ترى؟!

قال المعتزلي: «وناوش عمر بن الخطاب ضرار بن عمرو، فحمل عليه ضرار حتى إذا وجد مس الرمح رفعه عنه، وقال: إنها لنعمة مشكورة، فاحفظها يا ابن الخطاب، إني كنت آليت أن لا تمكنني يداي من قتل قرشي، فأقتله. وانصرف ضرار راجعاً إلى أصحابه»([121]) وهم عند جبل أبي عبيد.
وفي نص آخر: ذكر حملة الزبير وعمر بقية أصحاب عمرو، وقد كان ضرار يفر، وعمر يشتد في أثره. فكر ضرار راجعاً، وحمل على عمر بالرمح ليطعنه ثم أمسك وقال:
«يا عمر، هذه نعمة مشكورة أثبتها عليك، ويدٌ لي عندك غير مجزي بها فاحفظها»([122]).
لكن القمي ذكر للرواية نصاً آخر، فقال: «أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهماً.
فقال ضرار: ويحك يا بن صهاك، أترميني في مبارزة؟ والله، لئن رميتني لا تركت عدوياً بمكة إلا قتلته.
فانهزم عنه عمر، ومر نحوه ضرار، وضربه على رأسه بالقناة، ثم قال: احفظها يا عمر، فإنني آليت أن لا أقتل قرشياً ما قدرت عليه.
فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولي، فولاه([123]).
ونشير نحن هنا إلى ما يلي:
ألف: إن من الممكن أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد أمر عمر بمبارزة ضرار، أثناء مبارزة علي «عليه السلام» لعمرو، فحمل عليه ضرار، حتى إذا وجد مس الرمح رفعه وقال له مقالته تلك. ثم لما قتل عمرو وحسل وهجم علي «عليه السلام» على ضرار وهبيرة ونوفل فهربوا، عاد وقتل نوفلاً.
ب: إننا لا نصدق أن يكون ضرار قد فر من عمر، لأن ضراراً يعرف عمر ومدى شجاعته، إلا أن يكون فر من السهم الذي حاول عمر أن يرميه به، ثم عاد فهاجهم عمر، وجرى بينهما ما جرى.
ج: إن هذه القضية قد حدثت أيضاً بين ضرار وبين عمر في غزوة أحد، وقال له نفس هذه المقالة المذكورة عنه آنفاً، وقد ذكرهما الواقدي في كتاب المغازي.
وحسب نص الحلبي: إنه ضرب عمر بالقناة ثم رفعها وقال: ما كنت لأقتلك يا ابن الخطاب([124]).
د: إننا نجد عمر يهتم بأمر ضرار بصورة ملفتة للنظر، فقد ذكر القمي: أنه ولاه ـ وقد تقدم ـ كما أنه حين قال عبد الرحمن بن عوف لرباح وهم في طريق مكة: غننا.
قال له عمر: إن كنت آخذاً فعليك بشعر ضرار بن الخطاب([125]).
وهذا التعظيم لضرار قد سرى إلى الآخرين حتى قالوا عنه: إنه فارس قريش وشاعرهم([126]). ولعلهم أعطوه هذا الوسام لأنه أراد أن يقدم على علي ثم هرب.

وقد قال البعض: إن ضرار بن الخطاب كان أخاً لعمر بن الخطاب([127]).
وهذا غير صحيح: فإن عمر بن الخطاب كان من بني عدي، أما ضرار فكان من بني فهر، وشتان ما بينهما.
والذي أوجب الغلط لدى هؤلاء هو أن أبويهما كان اسمهما الخطاب، فتخيلوا أن الخطاب رجل واحد.

قال المفيد «رحمه الله»: «فتوجه العتب إليهم، والتوبيخ والتقريع والخطاب، ولم ينج من ذلك أحد بالاتفاق إلا أمير المؤمنين «عليه السلام»، إذ كان الفتح له وعلى يديه، وكان قتله عمرواً ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين.
وقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد قتله هؤلاء النفر: الآن نغزوهم ولا يغزوننا»([128]).

هناك أشعار كثيرة في مناسبة غزوة الخندق نختار باقة منها وهي التالية:
عن علي «عليه السلام» أنه قال:
وكـانـوا على الإسـلام إلـبـاً ثـلاثة      فـقـد خـر من تـلـك الثلاثة واحد
وفـر أبــو عـمـرو هبـيرة لـم يعد                ولكن أخو الحــرب المجرب عائد
نهـتـهم سيـوف الهند أن يـقفوا لنا     غـداة الـتـقـيـنـا والرمـاح مصائد
وعنه «عليه السلام»:
الحمـد لله الجـمـيـل المـفـضـــل         المـــسـبـغ المــولي الـعطاء المجزل
شـكـــراً عـلـى تمـكينـه لرسوله                بـالـنـصر مـنـه عـلى الغواة الجهل
كـم نـعـمة لا أسـتطـيع بلوغها          جهداً ولـو أعـمـلـت طاقة  مقول
لله أصـبـح فـضـلـه مـتـظـاهراً            مـنـه عـلي سـألـت أم لم  أســـأل
قـد عـايـن الأحزاب مـن تأييده           جـنـد النبي وذي البيــان  المرسل
مـا فـيـه مـوعـظة لـكـل مفـكر           إن كــان ذا عـقــل وإن لم يـعـقل
وعنه «عليه السلام» مخاطباً لعمرو بن عبد ود:
يـا عـمرو قـد لاقيت فارس بهمة                عنـد الـلـقـاء مـعــاود الأقـــدام
مـن آل هـاشــم مــن سناء باهر                 ومـهـذبـيــن مـتـوجـيــن كـرام
يـدعــو إلى ديــن الإلـه ونصـره                 وإلى الهــدى وشــرائــع الإسلام
بـمـهـنـد عـضـب رقـيـق حـده            ذي رونـق يـقـري الـفـقار حسام
ومحـمـــد فـيـنـا كـأن جـبـيـنـه            شـمـس تجـلـت مـن خـلال غمام
والله نــــاصــــر ديـنـه ونـبـيـه          ومـعـيـن كـل مـوحـــد مـقـدام
شـهدت قـريـش والـقـبائل كلها         أن لـيـس فـيـها من يقوم مقامي([129])
وروي أنه لما قتل عمرواً أنشد:
ضـربـتـه بـالسيـف فـوق الهامة                بـضـربـــة صـارمـــة هــدامــة
أنـــا عـلي صاحب الصمصامـة         وصــاحب الحـوض لدى القيامة
أخــو رســول الله ذي الـعـلامة          قــد قـــال إذ عممـنـي عـــمامة
أنـت الــذي بـعـدي لـه الإمـامـة([130])
وقال حسان بن ثابت:
أمسى (الفتى) عمرو بن عبد يبتغي           بـجـنـوب يـثـرب عـادة لم تنـظـر
ولـقـد وجـدت سيوفنا مشهورة         ولـقـد وجـدت جـيـادنـا لم تقصر
ولـقـد رأيـت غــداة بـدر عصبة         ضـربوك ضرباً غير ضرب المحسر
أصـبحت لا تدعى ليـوم عظيمـة                 يـا عمـرو أو لجسـيـم أمر منكر([131])
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم ينكرها لحسان فأجابه فتى من بني عامر:
كـذبتم وبـيـت الله لا تـقـتـلوننا           ولـكـن بسيف الهاشميين فافخروا
بـسيف ابن عبد الله أحمد في الوغا            بـكـف عـلي نـلـتـم ذاك فاقصروا
ولم تقتلوا عمـرو بن عبد ببأسكم              ولـكـنـه الـكـفـؤ الهزبر الغضنفر
عـلي الـذي في الفـخر طال بنـاؤه               فلا تكثروا    الدعوى علينا فتحقروا
بـبـدر خـرجـتـم للبراز فـردكم           شــيـوخ قـريـش جهرة وتـأخروا
فـلـما أتــــاهـــم حمــزة وعبيدة         وجـاء عـلي بـالمـهـنــد   يخــــطر
فقـالـوا: نعم أكفاء صدق فأقلبوا                إلـيـهـم سـراعاً إذ بغووا وتجبـروا
فجـال عـلي جـولــة هــاشـمـية          فـدمــرهـــم لمــا عتـوا  وتكبروا
فـلـيــس لـكـم فـخـر علينا بغيرنا        ولـيـس لـكـم فـخر نعد ونذكر([132])
وروي أن علياً «عليه السلام» لما قتل عمرواً لم يسلبه، وجاءت أخت عمرو حتى قامت عليه فلما رأته غير مسلوب سلبه قالت: ما قتله إلا كفؤ كريم، ثم سألت عن قاتله، قالوا: علي بن أبي طالب، فأنشأت هذين البيتين([133]):
ولكن نصاً آخر يقول: لما نعي عمرو إلى أخته قالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟!
فقالوا: ابن أبي طالب.
فقالت: لم يعد موته إلا على يد كفؤ كريم. لأرقأت دمعتي إن هرقتها عليه. قتل الأبطال، وبارز الأقران، وكانت منيته على يد كفؤ كريم من قومه.
وفي لفظ آخر: «على يد كريم قومه» ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر. ثم أنشأت تقول:
لـو كـان قـاتــل عمرو غـير قـاتلـه      لـكـنـت أبـكـي عـليه   آخر الأبد
لـكـن قـاتـل عـمـرو لا يعاب بـــه        مـن كـان يدعى قديماً بيضة البلد([134])
وقال المعتزلي: «فأما قتلاه، فافتخار رهطهم بأنه «عليه السلام» قتلهم أظهر وأكثر، أخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لـو كــان قـاتـل عـمرو غير قاتله        بـكـيـتـه أبـداً مـا دمـت في الأبـد
لـكـن قــاتــلــه مـن لا نـظير له          وكـان يـدعـى أبـوه  بيضة  البلد([135])
وقالت أيضاً في ذلك:
أسـدان في ضـيـق المـكـر تصاولا              وكـلاهمـا كــفــؤ كــريـم  باسل
فتخـالسـا مهج الـنفوس كـلاهما        وســط المــدار مخــاتـل ومقاتــل
وكـلاهمــا حضـر القـراع حفيظة               لم يـثـنـه عـن ذاك شـغـل شـاغـل
فـاذهـب عـلي فـما ظـفرت بـمثله       قـول سـديـد لـيـس فـيـه  تحامـل
والـثـار عـنـدي يـا عـلي فـلـيتني                أدركــه والـعـقـل مـنـي  كـامـل
ذلـت قـريـش بـعـد مقتل فارس         فـالـذل مـهلكها وخزي شـامــل
ثم قالت: والله، لا ثأرث قريش بأخي ما حنت النيب([136]).
وقال مسافع بن عبد مناف يبكي عمرو بن عبد ود، لما جزع المذاد، أي قطع الخندق:
عـمـرو بـن عبد كـان أول فـارس       جـزع المـذاد وكـان فارس  مليل([137])
إلى أن قال:
سـأل الـنـزال هـنـاك فارس غالب       بـجـنـوب سـلـع لـيـتــه لم يـنزل
فـاذهـب عـلي مـا ظـفرت بمثلهـا        فـخـراً ولــو لاقيت مثل  المعضل
نفسي الـفـداء لـفــارس من غالب      لاقـــى حمـــام المـــوت الخ ..([138])
وعند ابن هشام: تسل النزال علي فارس غالب.
وقال هبيرة بن أبي وهب المخزومي، يعتذر من فراره عن علي بن أبي طالب وتركه عمرواً يوم الخندق، ويبكيه:
لـعـمـرك مـا ولـيـت ظهراً محمداً               وأصحـابـه جـنـباً ولا خيفة القتل
ولـكـنـنـي قـلبت أمري فلم أجد لسيفي عنـاء إن وقـفـت ولا نبـلي
إلى أن يقول:
كـفـتـك عـلي لن ترى مثل موقف       وقـفـت على شلـو المقدم كالفحل
فـما ظـفـرت كـفـاك يـومـاً بمثلها       أمنت بها ما عشت من زلة النعل([139])
وقال هبيرة بن أبي وهب يرثي عمرواً، ويبكيه:
لـقـد علمت علـيـاً لؤي بن غالب        لـفـارسـهــا عمـرو إذ ناب نائب
وفـارسـهــا عمرو إذا ما  يسوقه([140])          علي، وإن المــوت لا شــك طالب
عـشـيـة يـــدعـــوه عـــلي وإنـه         لـفـارسـهـا إذ خـام عنه الكتائب
فـيـا لهف نفسي إن عمرواً لكائـن              بـيـثرب لا زالـت هنـاك المصائب
لقد أحرز العلــــــــيا علي بقتله         وللـخـيـر يـومـاً لا محالة جالب([141])
وقال حسان:
لـقـد شـقيت بنو جمح  بن عمـرو               ومخــــزوم وتـــيـــم مـا نـقـيـل
وعـمـرو كـالحـسـام فـتى قريش                 كـــــأن جـبـيـنـه سـيف  صقيل
فــتـى مـن نـسـل عـامــر أريحي                 تـطـاولــه الأســنــة  والـنـصول
دعـــاه الـفـارس المـقــدام  لمـــا               تـكـشـفــت المـقـانــب والخيول
أبـو حـسـن فـقـنـعـه  حـسـامـاً          جــرازاً لا أفـــــل ولا  نـكــول
فــغـادره مـكـبـــاً مـسلـحـبــاً             على عـفـــراء لا بـعـد  الـقـتيل([142])
وقال مسافع يؤنب الفرسان الذين كانوا مع عمرو، فأجلوا عنه وتركوه:
عـمـرو بـن عـبـد والجياد يقودها               خـيــل تقــاد لـه وخـيـل تنعــل
أجـلـت فـوراسـه وغــادر رهطه        ركـنــاً عـظـيــماً كـان فـيهـا أول
عـجـبـاً وإن أعجب فقـد أبصرته                مـهـما تسـوم عـلي عـمـرواً يـنزل
لا تـبـعـدن فـقـد أصـبـت بقتـله          ولـقـيـت قـبـل المـوت أمراً يثقل
وهـبـيرة المـسـلـوب ولى مـدبـراً                عـنـد الـقـتـال مخـافـة أن يـقتلوا
وضـرار كـان الـبـاس منه محضراً             ولى كـما ولـى الـلــئـيـم الأعزل([143])
قال ابن هشام: بعض أهل العلم بالشعر ينكرها له. وقال حسان بن ثابت يفتخر بقتل عمرو بن عبد ود:
بـقـيـتـكـم عمـرو أبـحناه بالقنـا         بـيـثـرب نـحـمي والحـماة قـليـل
ونـحـن قـتـلـنـاكم بكـل مهـنـد            الخ..                         
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لحسان([144]).
وروى المعتزلي عن بعض شعراء الإمامية قوله:
إذ كـنـتـم ممـن يــروم لحــاقـــه         فهلا برزتم نحو عمرو ومرحب([145])
ولا ننسى هنا قول الأزري «رحمه الله»:
فـانـتـضى مـشـرفـيـه فـتـلـقـى            سـاق عـمـرو بـضـربـة فـبراهـا
وإلى الحـشـر رنـة الـسـيـف منـه              يـمـلأ الخـافـقـين رجـع صـداها
يـا لهـا ضـربـة حـوت مكرمـات                  لم يـزن ثـقـل أجــرهــا ثـقـلاها
هـذه مـن عـلاه إحـدى  المعــالي                 وعــلى هـذه فـقـس مـا سـواهـا

إن من يلاحظ سيرة ابن هشام، التي ادَّعى أنها تلخيص لسيرة ابن إسحاق، ويقارن بينها وبين ما وصل إلينا من سيرة ابن إسحاق، من طرق الآخرين يجد: أن ابن هشام لم يكن يريد مجرد تلخيص سيرة ذلك الرجل العلامة الخبير والمعتمد في شأن السيرة النبوية الشريفة.
بل أراد أيضاً: أن يستبعد نصوصاً ذات طابع معين رأى أن الاحتفاظ بها يضر ببعض الاتجاهات، أو يضع علامة استفهام كبيرة عليها.
وهذا الأمر: يضع عمل ابن هشام في السيرة في عداد الأعمال الخيانية بالنسبة للحق وللحقيقة، من منطلق تعصب مذهبي بغيض ومقيت.
والذي يلاحظ تعليقات ابن هشام على الأشعار المتقدمة يجد: أنه يحاول التشكيك في خصوص ذلك النوع من الشعر الذي يمقته ويبغضه، ولا يطيقه، فيدعي أن أكثر أهل العلم ينكره لحسان، أو لعلي، أو لمسافع الخ..
رغم أننا لم نعثر ولو على رجل واحد قد أنكر أياً من تلك المقطوعات، أو شكك في نسبتها لأصحابها. ما عدا أولئك الذين لا وجود لهم إلا في مخيلة ابن هشام.
ولا نريد بعد هذا أن نسأل ابن هشام ولا غيره: عن سبب تشكيكهم ذاك. فإننا لن نسمع منه جواباً مقنعاً ولا مقبولاً، مهما طال بنا الانتظار.

كنا نتوقع كل شيء من التجني، والافتراء، والتحريف للحقائق الثابتة، بدافع من الحقد والتعصب ضد علي وأهل بيته «عليهم السلام»، إلا أننا لم نتوقع أن يتجاهل هؤلاء الحاقدون الأغبياء مواقف وبطولات وأثر علي في حرب الخندق، خصوصاً قتله كبش كتيبة جيش الشرك عمرو بن عبد ود العامري، لأن تجاهل مثل هذا الحدث المصيري، الذي شاع وذاع، يحتاج إلى درجة كبيرة من الشجاعة النادرة، أو فقل إلى درجة عالية من الوقاحة الفاجرة.
وهذا ما حصل بالفعل: حيث نجد بعضهم ليس فقط لا يذكر لعلي «عليه السلام» خبراً، ولا يورد في مواقفه أثراً. بل هو يكاد يجهر بإنكار تلك المواقف الرسالية الرائدة.
حيث يقول أحدهم: «ولم يكن بين القوم قتال إلا الرمي بالنبل والحصا، فأوقع الله بينهم التخاذل، ثم أرسل الله عليهم في ظلمة شديدة من الليل ريح الصبا الشديدة في برد شديد، فأسقطت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وزلزلتهم، حتى جالت خيولهم بعضها في بعض في تلك الظلمة فارتحلوا خائبين»([146]). ثم يذكر إرسال الزبير بن العوام لكشف خبر القوم.
بينما نجد رجلاً مسيحياً، لا يرغب بالاعتراف للمسلمين بشيء ذي بال، يعتبر قتل علي «عليه السلام» لعمرو ولصاحبه «سبب هزيمة الأحزاب على كثرة عَدَدِهم، ووفرة عِدَدِهم»([147]).
فشتان ما بين هذا الرجل، وبين أولئك، ولا حول ولا قوة بالله.

قد ادَّعى ابن تيمية: أن عمرو بن عبد ود لم يعرف له ذكر إلا في هذه الغزوة([148]).
وقد حاول الجاحظ أن يدَّعي: أن شهرة عمرو بن عبد ود بالشجاعة مصنوعة، من قبل محبي علي، حتى تركوه أشجع من عامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث، وبسطام بن قيس، مع أنه لم يسمع لعمرو ذكر في حرب الفجار، ولا في الحروب بين قريش ودوس.
وقد رد عليه الإسكافي بما حاصله: أن أمر عمرو بن عبد ود أشهر من أن يذكر، ولينظر ما رثته به شعراء قريش لما قتل. ثم ذكر شعر مسافع بن عبد مناف، وشعره الآخر في رثائه له.
وليس أحد يذكر عمرواً إلا قال: كان فارس قريش وشجاعها، وقد شهد بدراً، وجرح فيها، وقتل قوماً من المسلمين. وكان عاهد الله عند الكعبة أن لا يدعوه أحد إلى إحدى ثلاث خصال إلا قبلها، وآثاره في أيام الفجار مشهورة.
كما أنه لما جزع الخندق في ستة فرسان هو أحدهم، جبن المسلمون كلهم عنه، وهو يوبخهم ويقرعهم، وملكهم الرعب والوهل، فإما أن يكون هذا أشجع الناس كما قيل عنه، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب وأذلهم وأفشلهم.
وإنما لم يذكر مع الفرسان الثلاثة لأنهم كانوا أصحاب غارات ونهب، وأهل بادية، وقريش أهل مدينة، وساكنوا مدر وحجر، لا يرون الغارات، ولا ينهبون غيرهم من العرب، وهم مقيمون ببلدتهم، فلم يشتهر اسمه كاشتهار هؤلاء([149]).
هذا كله: بالإضافة إلى أنه كان قد نذر في بدر أن لا يمس رأسه دهناً حتى يقتل محمداً. وكان أيضاً معروفاً بفارس يليل، وقد ذكر ذلك مسافع بن عمرو في شعره الذي يرثيه فيه.
وقد وصفه النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي بأنه فارس يليل أيضاً.
هذا وقد قتل عمرو في بدر عمير بن أبي وقاص، وسعد بن خيثمة([150]) وكان على ميسرة قريش في بدر([151]).

قالوا: ولما قتل عمرو، ورجع المنهزمون إلى أبي سفيان قال: هذا يوم لم يكن لنا فيه شيء، ارجعوا.
فنفرت قريش إلى العقيق، ورجعت غطفان إلى منازلها، واستعَّدوا يغدون جمعياً، ولا يتخلف منهم أحد. فباتت قريش يعبئون أصحابهم، وكذلك غطفان، ووافوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالخندق، قبل طلوع الشمس. ولم يتخلف منهم أحد، وعبأ «صلى الله عليه وآله» أصحابه، وحضهم على القتال، ووعدهم النصر إن صبروا. والمشركون قد جعلوا المسلمين في مثل الحصن من كتائبهم، فأحدقوا بكل وجه من الخندق، ووجهوا نحو خيمة رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتيبة غليظة، فيها خالد بن الوليد، فقاتلوهم إلى الليل، وكان القتال من وراء الخندق.
فلما حان وقت صلاة العصر دنت الكتيبة فلم يقدر النبي، ولا أحد من أصحابه الذين كانوا معه أن يصلوا الصلاة على نحو ما أرادوا، فانكفأت الكتيبة مع الليل، فزعموا أنه «صلى الله عليه وآله» قال: شغلونا عن صلاة العصر ملأ الله بطوبهم (أو قبورهم) ناراً.
وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» ما قدر على صلاة ظهر، ولا عصر، ولا مغرب، ولا عشاء، فجعل أصحابه يقولون: ما صلينا.
فيقول: ولا أنا ـ والله ـ ما صليت.
حتى كشف الله المشركين، فرجعوا متفرقين، ورجع كل من الفريقين إلى منزله.
وقام أسيد بن حضير في ماءتين على شفير الخندق، فكرت خيل المشركين يطلبون غرة، وعليها خالد بن الوليد، فناوشهم ساعة، فزرق وحشي الطفيل بن النعمان. وقيل: الطفيل بن مالك بن النعمان بن خنساء الأنصاري السلمي بمزراقة، فقتله، كما قتل حمزة رضي الله عنه بأحد.
فلما صار رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى موضع قبته أمر بلالاً، فأذن وأقام للظهر، وأقام بعد لكل صلاة إقامة، فصلى كل صلاة كأحسن ما كان يصليها في وقتها، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف.
أضاف البعض هنا قوله «صلى الله عليه وآله»: ما على وجه الأرض قوم يذكرون الله تعالى في هذه الساعة غيركم.
وقال يومئذٍ رسول الله «صلى الله عليه وآله»: شغلنا المشركون عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً.
«ولم يكن لديهم بعد ذلك قتال جميعاً حتى انصرفوا، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل طمعاً بالغرة»([152]).
ونحن نشك في صحة ذلك، لما يلي:
أولاً: صرح بعض المؤرخين: بأنه بعد قتل عمرو ورفاقه لم يحصل أي قتال، فقال:
«ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعاً، حتى انصرفوا، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل، يطمعون بالغارة»([153]).
ثانياً: إنه إذا كان القتال بهذا العنف، فأين القتلى والجرحى، لا سيما مع اجتماع ألوف من الناس؟ أم يعقل أن تكون جميع تلك السهام والحجارة، والحصى، كانت تذهب سدى ولا تصيب أحداً؟!.
ثالثاً: إن القتال لا يمنع من الصلاة بصورة نهائية، فقد كان من الممكن أن يصلوا منفردين، أو أفواجاً.
وقد ذكر الفقهاء: أن الصلاة لا تسقط حتى عن الغريق، فكيف بالمقاتلين؟ وصلاة المطاردة حال القتال مذكورة في الكتب الفقهية، وإذا كان المسلمون لا يعرفونها، فالنبي «صلى الله عليه وآله» كان يعرفها، فلماذا لم يصلِّها؟!.
رابعاً: إن تناقص الروايات في كثير من خصوصياتها يفقدنا الثقة بها، وبالمراجعة والمقارنة يتضح ذلك بجلاء.
ويكفي أن ننبه: إلى اختلاف الروايات في الصلاة أو الصلوات التي فاتت النبي والمسلمين، فهل فاتتهم صلاة فقط كما في حديث جابـر([154]) وعلي([155]) وابن عباس([156]) وحذيفة وابن حبيبة([157]).
أم أنهم شغلوا عن الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، كما عن جابر أيضاً، وأبي سعيد وابن مسعود([158])؟
أو عن الظهر والعصر، كما عن سعيد بن المسيب وابن عباس وعمر وعلي «عليه السلام»([159])؟
أو الظهر والعصر والمغرب كما في رواية أبي هريرة، وأبي سعيد([160])؟
وفي الموطأ: أن الفائتة هي الظهر([161])، وكذا عن جابر وأم سلمة وعلي وابن مسعود([162]).
وبعض الروايات: عن ابن عباس وحذيفة، لم تعين الصلاة أو لم تعين العدو.
قال المقريزي: «فاحتمل أن يكون كله صحيحاً، لأنهم حوصروا في الخندق، وشغلوا بالأحزاب أياماً»([163]).
وقد جمع النووي بين هذه الروايات بأن فوات الصلاة قد حصل مرتين لأن الحرب استمرت في الخندق عدة أيام([164]).

وقد حاول البعض: أن يستفيد من هذا الحديث المشكوك أحكاماً شرعية وغيرها، فقال بعضهم:
«إن هذا يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تأخير لعذر الحرب، وأجازه أحمد وغيره، وقال: وتكون الصلاة المؤخرة أداءً لا قضاءً»([165]).
واستدلوا على ذلك أيضاً، أي على جواز التأخير لعذر القتال بقوله «صلى الله عليه وآله»: لا يصلينَّ أحد العصر إلا في بني قريظة، فمنهم من صلاها في الطريق، ومنهم صلاها بعد الغروب في بني قريظة، ولم يعنف واحداً من الفريقين.
وقالوا: إن هذا قد نسخ بتشريع صلاة الخوف، ولو كانت مشرعة لم يؤخروها([166]).
لكن هذا الكلام لا يصح، إذا كان «صلى الله عليه وآله» والمسلمون قد أجبروا على تأخير الصلاة بحيث لم يكن لديهم أي خيار في ذلك، ولا يصح بناء على قول من قال: إن تأخير الصلاة يوم الخندق كان نسياناً([167]).
وقد صرحت بذلك رواية عن ابن عباس، قال: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نسي الظهر والعصر يوم الأحزاب فذكر بعد المغرب، فقال: اللهم من حبسنا عن الصلاة الوسطى فاملأ بيوتهم ناراً([168]).
وعن أبي جمعة: إن النبي «صلى الله عليه وآله» صلى المغرب، فلما فرغ قال: هل أحد منكم علم أني صليت العصر؟!
فقالوا: يا رسول الله ما صليت، فأمر المؤذن فأقام الصلاة، فصلى العصر، ثم أعاد المغرب([169]).
أضاف الحلبي: «أقول: يحتاج إلى الجواب عن إعادة المغرب. وقد يقال: أعادها مع الجماعة»([170]).

وأخيراً.. فنحن لا نمانع من أن يكون قد حصل تأخير في أداء الصلاة إلى حد يصدق معه الاضطرار ليمكن للمكلف أن يصلي صلاة المضطر، أو صلاة المطاردة. فإن قوله تعالى: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً..﴾([171]) قد ورد في سورة البقرة، النازلة في أوائل الهجرة.
وقد روي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» صلى يوم الأحزاب إيماءً([172]).
ومعنى ذلك: هو أن الآية المذكورة قد نزلت في غزوة الخندق.
وهذه الآية هي غير الآية التي تحدثت عن صلاة الخوف جماعة فراجع.

1 ـ إننا بعد أن استظهرنا عدم صحة ما ذكروه نرى: أن السبب الذي يدعو البعض لإشاعة أمور كهذه هو الرغبة في تبرير تهاون الحكام بصلاتهم، وتأخيرهم لها عن أوقاتها ـ كما ذكرناه في الجزء الأول من هذا الكتاب ـ ولا يهمهم أن يكون ذلك على حساب كرامة النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، والنيل من عصمته، وعقله وحكمته.
2 ـ قد يكون السبب هو ما جرى لعمر بن الخطاب حين فاتته الصلاة في غزوة الخندق، حيث قال: يا رسول الله، ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب.
قال النبي «صلى الله عليه وآله»: والله ما صليتها.
فنزلنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى بطحان، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب([173]).
3 ـ إن دعوى وجود قتال ضار استمر ثلاثة أيام، أو أكثر أو أقل، قد يكون الهدف منها هو التضخيم والتهويل في قوة المشركين، والتأكيد على شوكتهم وعلى ارتفاع معنوياتهم بعد قتل عمرو بن عبد ود ورفاقه، الأمر الذي ينتج عنه أن لا يكون علي «عليه السلام» قد حقق إنجازاً ذا بال، فضلاً عن أن يكون ما جرى قد أسهم في هزيمة المشركين بطريقة أو بأخرى.
4 ـ إن ذلك أيضاً سوف يحدث ترديداً وتشكيكاً في قيمة الأوسمة التي حباه بها رسول الله، وفي استحقاقه «عليه السلام» لها، وفي جدارته لحملها.
 
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
([1]) الدر المنثور ج1 ص198 عن ابن أبي شيبة وأبي داود، والترمذي، والنسائي.
([2]) راجع: المصادر التالية: إمتاع الأسماع ج1 ص232 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص532 و 533 والبداية والنهاية ج4 ص105 ونهاية الأرب ج17 ص173 والمغازي للواقدي ج2 ص470 وتاريخ الخميس ج1 ص286 والإرشاد للمفيد ص52 ومناقب آل أبي طالب ج8 ص1 ص198 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص197 و 198 و 203 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239 ومجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 و 253 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص235 وتهذيب سيرة ابن  = = هشام ص193 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436 و 437 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 وجوامع السيرة النبوية ص150 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص302 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص238 و 239 وراجع: الوفاء ص693 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30.
([3]) شرح الأخبار ج1 ص294.
([4]) راجع المصادر التالية: مناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والإرشاد للمفيد ص52 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص207 و 203 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 ومجمع البيان ج8 ص342 وبحار الأنوار ج20 ص302 و 253 وتاريخ الخميس ج1 ص487 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص235 وتهذيب سيرة ابن هشام ص193 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والبدء والتاريخ ج4 ص218 وبهجة المحافل ج1 ص266 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص202 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239.
([5]) شرح الأخبار ج1 ص293.
([6]) راجع المصادر التالية، فقد تعرضت لذلك كله أو بعضه: إمتاع الأسماع ج1 ص232 والسيرة الحلبية ج2 ص218 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص533 والكامل في التاريخ ج2 ص181 والمغازي للواقدي ج2 ص470 وتاريخ الخميس ج1 ص486 وعيون الأثر ج2 ص61 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 و 63 وج 15 ص85 و 86 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص202 و 203 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 ووفاء الوفاء ص693 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30.
([7]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([8]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وتاريخ الخميس ج1 ص486 وحبيب السير ج1 ص361 وينابيع المودة ص95.
([9]) مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص203 و 226 وج41 ص88 وتفسير القمي ج2 ص183 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([10]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وج 41 ص88 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([11]) تاريخ الخميس ج1 ص486.
([12]) الخصال ج2 ص368 والبحار ج20 ص244 والإختصاص ص167 وشرح الأخبار ج1 ص287.
([13]) خاتم النبيين ج2 ص938.
([14]) شرح الأخبار ج1 ص293.
([15]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص134 والبحار ج41 ص88 عنه.
([16]) الآيتان 18 و 19 من سورة الأحزاب.
([17]) تفسير القمي ج2 ص182 و 183 والبحار ج20 ص225.
([18]) تفسير القمي ج2 ص188 والبحار ج20 ص232.
([19]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص198.
([20]) راجع المصادر التالية: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص63 و 64 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وعيون الأثر ج2 ص61 وإعلام الورى ص194 و 195 والمغازي للواقدي ج2 ص470 و 471 وحبيب السير ج1 ص361 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 والبحار ج41 ص88 و 89 وج 20 ص225 ـ 228 ـ 203 و 205 و 254 ـ 256 وتفسير القمي ج2 ص181 ـ 185 وكشف الغمة ج1 ص204 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319.
([21]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 والبحار ج41 ص88.
([22]) مجمع البيان ج8 ص343 وبحار الأنوار ج20 ص203 وج 41 ص88. وشواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص11 وينابيع المودة ص95 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([23]) الآية 89 من سورة الأنبياء.
([24]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص61 وج 13 ص283 و 284 وكنز الفوائد للكراجكي (ط دار الأضواء) ج1 ص297، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وتاريخ الخميس ج1 ص487، والسيرة الحلبية ج2 ص319 وبحار الأنوار ج20 ص215 وكنز العمال ج12 ص219 وج10 ص290 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص221.
([25]) الخصال ج2 ص368 والبحار ج20 ص244 وشرح الأخبار ج1 ص287 و 288 والإختصاص ص166.
([26]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص285.
([27]) راجع: كشف الغمة ج1 ص205 وينابيع المودة ص94 و 95 وإعلام الورى ص194 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص136 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص261 و 285 وج 19 ص61 والطرائف ص60 وكنز الفوائد للكراجكي ص137 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص205 و 273 وج 41 ص88 وج 39 ص1 ونهج الحق ص217.
([28]) إمتاع الأسماع ج1 ص232.
([29]) راجع الإرشاد للمفيد ص59 و 60 وحبيب السير ج1 ص361 وكشف الغمة ج1 ص204 وإعلام الورى ص194.
([30]) كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([31]) راجع المصادر التالية: البداية والنهاية ج4 ص106 عن البيهقي في دلائل النبوة، عن ابن إسحاق. وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص204 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج25 ص203 و 204 و 239 وج 41 ص89 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 و 136. وتاريخ الخميس ج1 ص486 و 487 وعيون الأثر ج1 ص61 و 62 والروض الأنف ج3 ص27 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص438 و 439.
وراجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319 و 320 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص261 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص167 و 168 وراجع: ديوان أمير المؤمنين علي «عليه السلام» ص67 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 و 33 والمناقب للخوارزمي ص104 وراجع: ينابيع المودة ص95 و 96 وراجع أيضاً كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([32]) راجع عرض الخصلتين على عمرو، ثم قتل علي «عليه السلام» له في المصادر التالية: الإرشاد للمفيد ص58، وكشف الغمة للأربلي ج1 ص203 و 198 و 199 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240.
وراجع: البداية والنهاية ج4 ص105 والبحار ج20 ص253 و 254 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص266 و 267 ونهاية الأرب ج17 ص173 و 174 وكنز العمال ج10 ص288 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 و 167 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 وتهذيب سيرة ابن هشام ص193 و 194 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436 و 437 والسيرة الحلبية ج2 ص319 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 وشرح الأخبار ج1 ص295.
([33]) زاد في نص القمي: ولا تنشد الشعراء في أشعارها أنه جبن ورجع، وخذل قوماً رأَّسوه عليهم. وعند المعتزلي: إذن تتحدث نساء قريش عني: أن غلاماً خدعني.
([34]) راجع عبارة حذيفة في: مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص204 وج 41 ص90 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص136 و 137.
([35]) راجع فيما تقدم بتفصيل أو إجمال المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 و 203 وإعلام الورى ص194 و 195 وتفسير القمي ج2 ص181 ـ 185، والبحار ج20 ص225 ـ 228 و 203 فما بعدها و 254 ـ 256 وج 41 ص90 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319، والمغازي للواقدي ج2 ص470 و 471 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص63 و 46 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص266 و 267 وحبيب السير ج1 ص361 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص135.
وراجع المصادر التالية: شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص11 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 وتاريخ الخميس ج1 ص487 والبدء والتاريخ ج4 ص218 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 وشرح الأخبار ج1 ص295 و 296 وكنز العمال ج10 ص290 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص139.
([36]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج13 ص284.
([37]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص220.
([38]) تاريخ الخميس ج1 ص487 وتاج العروس ج9 ص307 والنهاية لابن الأثير ج4 ص52 و 51 والقاموس المحيط ج4 ص258 ولسان العرب ج13 ص332 و 333 وراجع: مستدرك الحاكم ج3 ص123 لتجد حديث: إنك لذو قرنيها. وكذا نوادر الأصول ص307.
([39]) الخصال ج2 ص268 و 269 وبحار الأنوار ج20 ص224.
([40]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص11 و 12 ومجمع البيان ج8 ص243 وبحار الأنوار ج20 ص204 عنه.
([41]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص13.
([42]) كنز الفوائد للكراجكي من 137.
([43]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 والإرشاد للمفيد ص61 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومجمع البيان ج8 ص344 والبحار ج20 ص206 وج 41 ص91 وحبيب السير ج1 ص362.
([44]) مناقب آل طالب ج3 ص138.
([45]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 من 533 و 534 والبداية والنهاية ج4 ص106 و 107 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 وخاتم النبيين ج2 ص937.
([46]) البداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([47]) راجع: الإرشاد للمفيد ص60 وبحار الأنوار ج20 ص254.
([48]) هذه الأبيات توجد موزعة ومجتمة في مصادر كثيرة، لكن رواية السهيلي لها تختلف جزئياً عما ذكرناه هنا، ومهما يكن من أمر، فإن ما ذكرناه مذكور كلـه أو بعضه  = = في المصادر التالية وغيرها: سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص199 ومستدرك الحاكم ج3 ص33 والبداية والنهاية ج4 ص105 والإرشاد للمفيد ص59 و 61 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 و 101 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 وراجع: مجمع البيان ج8 ص343 و 344 والبحار ج41 ص91 عن المناقب وج 20 ص205 و 206 عنه وص 254 و 257 عن الإرشاد وص 65 عن الديوان المنسوب لأمير المؤمنين «عليه السلام» ص23 وعيون الأثر ج2 ص61 والبدء والتاريخ ج4 ص218 وحبيب السير ج1 ص362 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص168 و 169 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137 و 138 وشرح الأخبار ج1 ص296 وكنز الفوائد للكراجكي 137 و 138.
([49]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 والبداية والنهاية ج4 ص105 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 عن ابن هشام.
([50]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 و 535 وراجع: خاتم النبيين ج2 ص938 ونهاية الأرب ج17 ص174 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص237 وتهذيب سيرة ابن هشام ص194 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص106 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وبهجة المحافل ج1 ص266. والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 و 205 وشرح الأخبار ج1 ص296.
([51]) راجع فيما عدا المصادر التي تقدمت في الهوامش السابقة ما يلي: مرآة الجنان ج1 ص10 وزاد المعاد ج2 ص118 وراجع: جوامع السيرة النبوية ص150 والوفاء ج2 ص693 وإمتاع الأسماع ج1 ص232 وأنساب الأشراف ج1 ص345 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وبهجة المحافل ج1 ص266 و 267 وراجع: إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 وتجـارب الأمم ج2 ص153 والأوئـل للعسكري ج2 ص223 والطرائف ص60 والبحار ج39 ص1 عنه.
([52]) خاتم النبيين ج2 ص937 وينابع المودة ص94 و 136 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص10.
([53]) راجع عدا المصادر المتقدمة ما يلي: كشف الغمة للأربلي ج1 ص198 و 199 وتفسير القمي ج2 ص183 والبحار ج20 ص225 و 266 و 239 وعن ديوان أمير المؤمنين ص67 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص533 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص167 و 168 والبداية والنهاية ج4 ص106 والسيرة الحلبية ج2 ص318 و 319.
([54]) الآية 6 من سورة البلد.
([55]) تفسير القمي ج2 ص422 والبحار ج20 ص242.
([56]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 وراجع: البحار ج20 ص274 وسيرة المصطفى ص502.
([57]) المغازي للواقدي ج2 ص471.
([58]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64.
([59]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 وأنساب الأشراف ج1 ص345.
([60]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص11.
([61]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج13 ص283 و 284.
([62]) تفسير القمي ج2 ص183 والبحار ج20 ص226 و 203 ومجمع البيان ج8 ص343.
([63]) مناقب آل طالب ج3 ص137.
([64]) راجع: الإرشاد للمفيد ص61 ومجمع البيان ج8 ص343 وشواهد التنزيل ج2 ص12 والبحار ج20 ص257 و 204 وج 41 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص534 و 535 ومستدرك الحـاكم ج3 ص33 والبدايـة والنهاية ج4 ص107 = = والروض الأنف ج3 ص280 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص439 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 والسيرة الحلبية ج2 ص320 وخاتم النبيين ج2 ص938 ونهاية الأرب ج17 ص174.
([65]) كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([66]) السيرة الحلبية ج2 ص320.
([67]) شرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([68]) الآيات 10 ـ 25 من سورة الأحزاب.
([69]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص115 والبحار ج41 ص51.
([70]) راجع النصوص التي تشير إلى ذلك في: كنز العمال ج12 ص219 وتاريخ بغداد ج13 ص19 ومقتل الحسين للخوارزمي ص45 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 وتلخيصه للذهبي بهامشه، والمناقب للخوارزمي ص58 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص138 وشرح المواقف ج8 ص371 وفرائد السمطين ج1 ص256 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ) ج2 ص14 والغدير عن بعض من تقدم، وعن هداية المرتاب ص148 والتفسير الكبير للرازي ج32 ص31 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص323 وحبيب السير ج1 ص362 وينابيع المودة ص94 و 95 و 96 وسعد السعود ص139 والطرائف ص60 وكنز الفوائد للكراجكي ص137 والسيرة الحلبية ج2 ص319 و 320 وشرح المقاصد للتفتازاني ج5 ص298 وفردوس الأخبار ج3 ص455 ونفحات الـلاهـوت ص91 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحـار ج41 ص91 و 96  = = وج 20 ص205 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 وج 6 ص5 وج 16 ص403 عن بعض من تقدم، وعن حياة الحيوان (ط القاهرة) ص274 وعن المصادر التالية: نهايـة العقول (مخطوط) ص114 وروضة الاحباب للدشتكي (مخطوط) ص327 وتجهيز الجيش للدهلوي (مخطوط) ص407 و 163 ومفتاح النجاة ص26 وتاريخ آل محمد لبهجت أفندي ص57 ومناقب علي ص26 ووسيلة النجا ص84.
([71]) ينابيع المودة ص94 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ) ص12.
([72]) راجع: مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص205 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ)‍ ج2 ص12 وكنز الفوائد للكراجكي ص137.
([73]) منهاج السنة ج4 ص171 و 172 باختصار. والسيرة الحلبية ج2 ص320 وسيرة الرسول (ط سنة 1968 دار الفكر للجميع) ص220.
([74]) تلخيص مستدرك الحاكم للذهبي ج3 ص32 والسيرة الحلبية ج2 ص320.
([75]) السيرة الحلبية ج2 ص320.
([76]) خلاصة تهذيب الكمال ص381، وراجع سائر كتب الرجال والتراجم مثل تهذيب التهذيب، وتهذيب الكمال، وغير ذلك.
([77]) الإرشاد ص55 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 وسيرة المصطفى ص504 شرح النهج للمعتزلي ج19 ص60 و 61 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص195 والبحار ج20 ص256 و 257 ونهج الحق ص249 و 250 وشرح الأخبار ج1 ص229 و 300.
([78]) شرح النهج لابن أبي الحديد ج19 وص 60. وعنه في إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص8 وسيرة المصطفى ص503 والبحار ج20 ص273.
([79]) شرح النهج للمعتزلي ج13 ص284.
([80]) شرح النهج للمعتزلي ج19 ص61 والنص للمفيد في الإرشاد ص61 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومجمع البيان ج8 ص344 والبحار ج20 ص206 و 258 وج 41 ص91 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص138.
([81]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 والإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومستدرك الحاكم ج3 ص34 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص196 والبحار ج20 ص256 وج 41 ص91 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج19 ص61 و 62 والمناقب للخوارزمي ص106 وكنز الفوائد للكراجكي ص138 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137.
([82]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص136 والبحار ج41 ص90.
([83]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والبداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحليبة ج2 ص320.
([84]) خاتم النبيين ج2 ص938.
([85]) البحار ج20 ص249 و 150 والخرائج والجرائح ج1 ص215 و 216.
([86]) الإرشاد للمفيد ص57 والبحار ج20 ص261 وج 41 من 95 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص145.
([87]) الإرشاد للمفيد ص58 والبحار ج20 ص261 و 262 وج 41 ص95 و 96 ومناقب آل طالب ج3 ص145.
([88]) مستدرك الحاكم ج3 ص34.
([89]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.
([90]) الإرشاد للمفيد ص57 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص203 وإعلام الورى ص91 ومجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 و 251 و 253 وعيون الأثر ج2 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436.
([91]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص532 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص165.
([92]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 وراجع: سيرة المصطفى ص502 و 503 عنه والبداية والنهاية ج4 ص116 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص222 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص198 و 198 وتاريخ الخميس ج1 ص492 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص179.
([93]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 والمغازي للواقدي ج2 ص471 و 472 لكنه ذكره بلفظ يقال، وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص248 وفيه: عثمان بن عبد الله.
([94]) البداية والنهاية ج4 ص107 وراجع: الرسول العربي وفن الحرب ص249 ونهاية الأرب ج17 ص174 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص206، وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص320.
([95]) مجمع البيان ج8 ص343 وبحار الأنوار ج20 ص205.
([96]) تاريخ الخميس ج1 ص487 ووفاء الوفاء ج1 ص303 وراجع: فتح الباري ج7 ص307 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([97]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([98]) إمتاع الأسماع ج1 ص232 والمغازي للواقدي ج2 ص471 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([99]) أنساب الأشراف ج1 ص345 وتاريخ الخميس ج1 ص487 عن معالم التنزيل، وراجع: عيون الأثر ج2 ص60 عن ابن عائذ. وراجع أيضاً: المواهب اللدنية ج1 ص113 والسيرة الحلبية ج2 ص315 و 320. وراجع كذلك: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 وكنز العمال ج10 ص289 عن ابن أبي شيبة.
([100]) الكامل في التاريخ ج2 ص182.
([101]) ستأتي مصادر ذلك حين الكلام عن عدد الشهداء من المسلمين، والقتلى من المشركين، أواخر الفصل التالي إن شاء تعالى.
([102]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص266.
([103]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج2 ص240 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص536 وتاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137 والبحار ج41 ص90 وخاتم النبيين ج2 ص938 والبداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة الحلبية ج2 ص315 وراجع ص320 وسيرة المصطفى ص502 والبحار ج20 ص274 ومحمد رسول الله، لمحمد رضا ص231 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 و 5 وشرح النهج للمعزلي ج19 ص64 وبهجة المحافل ج1 ص267 وحبيب السير ج1 ص362 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص206 والإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 وإعلام الورى ص195.
([104]) تاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 والسيرة الحلبية ج2 ص315.
([105]) مجمع البيان ج8 ص343 ودلائل النبوة ج3 ص438 عن ابن إسحاق والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والبحار ج20 ص205 و 256 وج41 ص90 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137.
([106]) إمتاع الأسماع ج1 ص234 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص107 والمغازي للواقدي ج2 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص315. وراجع: عيون الأثر ج2 = = ص60 وحديث العشرة آلاف موجود في السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([107]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وراجع: عيون الأثر ج2 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص404 وخاتم النبيين ج2 ص938.
([108]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص440 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص247 و 248 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص305 و 306.
([109]) راجع: إمتـاع الأسماع ج1 ص234 وكنز العـمال ج10 ص289 عن ابن أبي شيبة.
([110]) راجع بالإضافة إلى جميع المصادر المتقدمة ما يلي: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 وتاريخ الخميس ج1 ص488 و 492 وتهذيب سيرة ابن هشام ص206 وشرح بهجة المحافل ج1 ص267 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص252.
([111]) مستدرك الحاكم ج3 ص32 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) وقالا: إنه حديث صيحح.
([112]) تفسير القمي ج2 ص185 والبحار ج20 ص228.
([113]) الثفر: سير في مؤخر السرج (والسير: قطعة مستطيلة من الجلد).
([114]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 والسيرة الحلبية ج2 ص320 وسبل الهدى والرشاد ج4 من 535 والرسول العربي وفن الحرب ص249 والمغازي للواقدي ج2 ص472 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([115]) إمتاع الأسماع ج1 ص232.
([116]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص318 و 320 و 321.
([117]) راجع: الإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 والبحار ج20 ص254 و 256 وراجع: إعلام الوري ص195 وتاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 عن روضة الأحباب.
([118]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج2 ص321.
([119]) تاريخ الخميس ج1 ص487.
([120]) فتح الباري ج7 ص312 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وكنز العمال ج10 ص289.
([121]) شرح النهج للمعتزلي ج19 ص64 والبحار ج20 ص274 عنه والمغازي للواقدي ج2 ص471 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([122]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص487 والسيرة الحلبية ج2 ص321 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([123]) تفسير القمي ج2 ص185 والبحار ج20 ص228 عنه.
([124]) السيرة الحلبية ج2 ص321 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص64 وبحار الأنوار ج20 ص274 عنه، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 و 8.
([125]) الإصابة ج2 ص209.
([126]) الإستيعاب مطبوع بهامش الإصابة ج2 ص210.
([127]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج2 ص321.
([128]) الإرشاد للمفيد ص62. وستأتي فقرة: الآن نغزوهم ولا يغزوننا، مع مالها من مصادر في أواخر الفصل التالي إن شاء الله تعالى.
([129]) راجع المقطوعات الثلاثة المتقدمة في: البحار ج20 ص279 و 280 وج 41 ص89 و 91 و 90 عن ديوان علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ص46 و 109 و 110 و 126 و 127 والمناقب لابن شهرآشوب ج3 ص136 و 137.
([130]) البحار ج41 ص88.
([131]) الإرشاد للمفيد ص56 والبحار ج20 ص259 وج 41 ص98 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص381 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص206 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص290 والبيت الأول فيه وفي البحار عن الإرشاد هكذا:
أمسى الفتى عمرو بن عبد ناظــراً             كـيـف العـبـور ولـيـتـه لم يـنـظر
([132]) الإرشاد للمفيد ص56 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص206 والبحار ج20 ص259 وج 41 ص99.
([133]) تاريخ الخميس ج1 ص488 وحبيب السير ج1 ص362.
([134]) الإرشاد للمفيد ص57 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 وكشف الغمة ج1 ص207 والبحار ج20 ص260 وج 41 ص73 و 97.
([135]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص20 والبيتان في لسان العرب أيضاً ج8 ص195 وفيه: بكيته ما أقام الروح في جسدي. وراجع مستدرك الحاكم ج3 ص33.
([136]) الإرشاد للمفيد ص57 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص207 والبحار ج20 ص260 وج 41 ص98.
([137]) الصحيح: يليل، وهو واد ببدر.
([138]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص288 وذكرها في آخر العثمانية ص336 عنه، وراجع: مجمع البيان ج8 ص342 وبحار الأنوار ج20 ص203 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص278 و 279.
([139]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص289 وعيون الأثر ج2 ص67 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص280 والملحق بالعثمانية ص336.
([140]) وفي نسخة (يسومه).
([141]) المصدر السابق ج3 ص289 و 290 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص281 والملحق بالعثمانية ص337.
([142]) مسلحب: منبطح. والأبيات في شرح نهج البلاغة للمعتزلي، ج13 ص290 والملحق بالعثمانية ص337.
([143]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص280.
([144]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص381.
([145]) شرح النهج للمعتزلي ج5 ص7.
([146]) حدائق الأنوار ج2 ص590 وراجع: الزمخشري في الكشاف ج3 ص526 وقد تعجب منه في سعد السعود ص138 و 139.
([147]) تاريخ مختصر الدول ص95.
([148]) منهاج السنة ج4 ص172 والسيرة الحلبية ج2 ص32 وسيرة الرسول ص220.
([149]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص291 وراجع الملحق آخر العثمانية ص335 ـ 339.
([150]) قد تقدمت مصادر كثير مما ذكرناه. وراجع أيضاً: شرح النهج للمعتزلي ج14 ص207 وراجع أيضاً السيرة الحلبية ج2 ص320.
([151]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص120.
([152]) راجع هذه النصوص باختصار تارة، وبتطويل أخرى في المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 ـ 539 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 والمغازي للواقدي ج2 ص472 ـ474 ونهاية الأرب ج17 ص174 و 175 والسيرة الحلبية ج2 ص321 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والوفاء ص694 وصحيح البخاري ج3 ص22 وعيون الأثر ج2 ص63 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص401 و 402 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص268 والبداية والنهاية ج4 ص109 و 110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 ـ 212 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وأنساب الأشراف ج1 ص345.
([153]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 عن ابن سعد ووفاء الوفاء ج1 ص304 وتاريخ الخميس ج1 ص488.
([154]) راجع المصادر المتقدمة، وصحيح البخاري ج3 ص22 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص248 والسيرة الحلبية ج2 ص322 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص444 والمواهب اللدنية ج1 ص114 والبداية والنهاية ج4 ص109 عن الشيخين، والترمذي، والنسائي، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص538 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 والمغازي للواقدي ج2 ص474 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص268.
([155]) المصنف للصنعاني ج5 ص576 وراجع: مسند أحمد ج1 ص81 و 82 وإمتاع الأسماع ج1 ص234 والبداية والنهاية ج4 ص109 عن الخمسة إلا ابن ماجة، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 ومسند أحمد ج1 ص81 و 79 وسبل الهدى والرشـاد ج4 ص538 وعن فتح البـاري ج6 ص105 وج 7 ص405= = والدر المنثور ج1 ص303 عن الستة، وعن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي، وابن أبي حاتم، وراجع: مسند الطيالسي ص16 وكنز العمال ج2 ص240 عن البخاري، والبيهقي، وعبد الرزاق، وأحمد، وأبي عبيد في فضائله، والعدني، ومسلم، والنسائي، وابن جرير، وابن خزيمة، وأبي عوانة، وابن زنجويه، وعبد بن حميد وغير ذلك.
([156]) كنز العمال ج1 ص240 عن الطبراني وص 286 عن البيهقي.
([157]) كنز العمال ج10 ص283 و 288.
([158]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص321 و 322 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص538 عن أحمد، والنسائي، وأحمد عن ابن مسعود، وعن البزار عن جابر، وراجع: البداية والنهاية ج4 ص110 و 111 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص445 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص212 و 213 وشرح بهجة المحافل ج1 ص268 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وكنز العمال ج10 ص285 عن مصادر عديدة وص 288 عن ابن أبي شيبة.
([159]) المصنف للصنعاني ج5 ص576 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 وعيون الأثر ج2 ص63 والمواهب اللدنية ج1 ص114 عن الموطأ وكنز العمال ج2 ص240 ومجمع الزوائد ج1 ص309 عن الطبراني والدر المنثور ج1 ص304 و 303 عن الطبراني، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ومسلم والنسائي والبيهقي وكنز العمال ج10 ص280.
([160]) البداية والنهاية ج4 ص110 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص212.
([161]) شرح بهجة المحافل ج1 ص268.
([162]) راجع: مجمع الزوائد ج1 ص309 و 310 والدر المنثور ج1 ص304 عن البزار وص303 عن مصادر أخرى، وكنز العمال ج10 ص239 عن مصادر كثيرة وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص196 و 197.
([163]) إمتاع الأسماع ج1 ص233.
([164]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 والسيرة الحلبية ج2 ص321 والمواهب اللدنية ج1 ص114 ومحمد رسول الله «صلى الله عليه وآله» لمحمد رضا ص23.
([165]) خاتم النبيين ج2 ص940 وراجع ص951 والبداية والنهاية ج4 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص211 وشرح بهجة المحافل ج1 ص268 وفقه السيرة ص303.
([166]) البداية والنهاية ج4 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص211 و 212 والمواهب اللدنية ج1 ص114.
([167]) راجع المصادر المتقدمة.
([168]) الدر المنثور ج1 ص304 عن الطبراني.
([169]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص539 والسيرة الحلبية ج2 ص322.
([170]) السيرة الحلبية ج2 ص323.
([171]) الآية 239 من سورة البقرة.
([172]) تفسير نور الثقلين ج1 ص199 ومجمع البيان ج1 ص344.
([173]) راجع: صحيح البخاري ج3 ص22 والسيرة الحلبية ج2 ص322 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص248 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص444 والمواهب اللدنية ج1 ص114 والبداية والنهاية ج4 ص109 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 عن الشيخين، والترمذي، والنسائي.
المصدر : الصحيح من سيرة النبي الأعظم


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page