طباعة

الفصل الرابع مدرسة أهل البيت ( عليه السلام )

الفصل الرابع
مدرسة أهل البيت ( عليه السلام )
الحديث عن مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) حديث واسع متشعب الأطراف في
مختلف حقول العلم والمعرفة ، يحتاج إلى المزيد من البحث والتمحيص ،
والوقت الطويل ، والجهد الكثير ، وقد لا يتسع المجال لتفصيل ذلك ، للإحاطة به
والالمام بجميع ابعاده وجوانبه .
والمدرسة الأولى التي أنشأها الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) في مسجده بالمدينة
المنورة كانت البذرة الأولى للدوحة الهاشمية العلوية ، والأساس المتين لإنشاء
الصرح الشامخ لفقه أهل البيت ، الذي توسعت حلقات دروسه وتشعبت في
مختلف العلوم كالفقه ، والحديث ، والتفسير ، والأخلاق ، والفلسفة ، والمنطق ،
وغيرها . وغيرها .
وقد ثبت قواعدها وأرسى أسسها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب ( عليه السلام ) والتي اكتسبها من الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) حيث قال ( عليه السلام ) : علمني رسول
الله ألف باب يتفرع من كل باب ألف باب ، وقال ( عليه السلام ) : إن هاهنا لعلما جما ، مشيرا
إلى صدره الشريف ، وقال ( عليه السلام ) وما قالها غيره قبله ولا بعده : " سلوني قبل أن
تفقدوني ، فوالله إني لأعلم بطرق السماوات . . . " .
ومن بعد قام خليفتاه الإمامان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، في نشر علوم آل
محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وبعد فاجعة الطف وعودة الإمام السجاد ( عليه السلام ) إلى المدينة المنورة ،
باشر في بناء مدرسة فقه آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) على الأسس التي تركها اسلافه الكرام
على رغم الإرهاب الفكري والإرعاب السياسي الملحد ، الذي أشاعه الحكم
الأموي المنحرف حينذاك .
وبعد التحاق الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد ( عليهما السلام ) بالرفيق
الأعلى قام بالأمر من بعده الإمام أبو جعفر محمد بن علي
الباقر ( عليهما السلام ) خير قيام في توسعة المدرسة الفقهية وأنظم إلى مدرسته فطاحل
العلماء في عصره من مختلف الميول والاتجاهات لينهلوا من نمير علمه وسعة
اطلاعه ومعارفه .
وقد أحصيت من تلاميذه ما يربو على الخمسمائة ، سأترجم لبعضهم
واذكر البعض الآخر .
وقد توسعت مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) وبلغت أوجها في عصر الإمام أبي
عبد الله الصادق ( عليه السلام ) وذلك في فترة التطاحن السياسي وانقراض الحكم الأموي
وبداية نهوض الحكم العباسي ، واستمر أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) في أداء رسالتهم
في نشر العلوم وتثبيت قواعد شريعة السماء ، وقد تركوا تراثا لا ينسى وبصمات
لا تمحى وبقيت آثارها إلى يومنا هذا ، على رغم تتابع الحكم المنحرف
والمعادي لخط أهل البيت وشيعتهم ، إلا في بعض الفترات التي حكم فيها بعض
الولاة الموالين لخط أهل البيت ( عليهم السلام ) .
وسنحاول بقدر الإمكان ترجمة العصر الذي عاشه الإمام أبو جعفر
الباقر ( عليه السلام ) ومدرسته وتلامذته ، ورواة أحاديثه ( عليه السلام ) .
ومنه سبحانه استمد العون والتوفيق .