طباعة

حقائق قرآنية (سرّ خلود القرآن)

 

حقائق قرآنية

سرّ خلود القرآن

القرآن كتاب الخلود، فهو يبقى مع الزمن ويتحرك أمامه، بينما الحياة تتطور، والناس يختلفون، والأجيال تخلّف أجيالاً.
والعلة في ذلك هي أن القرآن يحدثنا عن السنن الإلهية الثابتة، ولا يحدثنا عن الأحكام والتشريعات المتغيرة فلا تجد في الكتاب الكريم آية، إلا وتجدها ثابتة دائمة. وحتى أن الحديث عن الأمم السابقة، فهو حديث عن الحياة العامة والتأريخ البشري الثابت وما فيه من عبر باقية وسنن إلهية جرت في الماضين وستجري في اللاحقين إلى يوم القيامة، لأنها سنن غير قابلة للتبديل أو التحويل؛ تماماً كما هو أصل وسنّة لبس الثياب الثابتة بغض النظر عما يتغير من اشكال وموضات الثياب وطريقة لبسها، أو كما هو الأصل والسنة في احتياج الإنسان للطعام والشراب رغم تنوعهما أو طريقة تناولهما وتغيرهما بتغير الزمن والأشخاص.
إذن؛ فالسنن الإلهية سنن ثابتة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التشريعات القرآنية، فهي تشريعات ثابتة على الرغم من وجود التفاوت في تفسيراتها وتأويلاتها وتطبيقاتها.
فالقرآن الذي يأمرنا بالالتزام بأصل اقتصادي ثابت وهو الوفاء بالعقود، لا يهتم بالإشارة إلى أي عقدٍ منها، لأنها تختلف باختلاف الزمن. وكذلك حينما يقول:«وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ»([37]) فإنه يأمرنا بالنزاهة والأمانة وعدم الاعتداء على ممتلكات وحقوق الآخرين، وفي الوقت ذاته يأمرنا بأصل آخر نفهمه من الآية. وهو أن يكون التراضي محور العمل الاقتصادي والتجاري، ولكنه لم يوضح لنا صفة هذه الأموال أو طبيعة وطريقة التجاوز عليها وهكذا الأمر بالنسبة لسائر الأصول والثوابت التي يحويها الكتاب المجيد.
فالسر الأساس في خلود القرآن واستمراره، أنه لا يزداد مع مرور الزمن وتبدل الأفراد والمجتمعات والحضارات إلا نضارة وتألقاً، وبهذه المعجزة القرآنية الخالدة يكون كتاب الله خارجاً وسابقاً للدائرة الزمنية والمكانية.

__________________________
 ([37]) البقرة/ 188.