نعمة المشاعر الخيـرة
اما البركة او النعمة الثانية التي تطفح على سطح هذه المائدة الربانية العظيمة، فهي نعمة وبركة العواطف والمشاعر الخيرة التي يتبادلها المسلمون، حيث التعاطف والتراحم والمودة تنتشر فيما بينهم، مما يعزز اواصرهم الاخوية في الايمان. فالمؤمن الغني يحس من اعماق وجدانه بالحنان نحو أخيه الفقير، لان الله سبحانه شاء لهذا الغني بما فرضه عليه من الصوم عن الطعام والشراب، ان يشعر بألم أخيه الفقير الذي يبيت معظم لياليه جائعاً لا يجد ما يسـد به جوعته وجوعة عياله واطفاله. فهو مجبر على الاحساس بألم الجوع كيف يوخز معدته وامعاءه.
والاحباء يزدادون حباً لبعضهم، وكذلك الذين فرقتهم نزعات الشيطان بما بثت في قلوبهم من الاحقاد والبغضاء، لان مائدة هذا الشهر الفضيل تجمعهم على حب الله تبارك اسمه، فتنبذ الاحقاد، وتترك العداوات. ذلك لان النفوس ترتفع عندما تجتمع في رحاب الرحمة الالهية. فكم من العوائل والاقارب الذين فرقتهم توافه هذه الدنيا ومادياتها، جمعتهم رحاب رمضان وموائده الكريمة. ولعل صلة الارحام مستحبة على الدوام، ولكنها تزداد اهمية في شهر الله الفضيل، كما أكد على ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته عند استقبال شهر رمضان قائلاً : وصلوا ارحامكم ([6])، الى درجة ان قطيعة الرحم في هذا الشهر تعد ذنباً عظيماً، والبادئ بالوصل له سبعون أجراً كأجر البادئ بالسلام والتحية.
_________________________
([6]) الوسائل / ج 7 / ص 227.