شهـر التوبـة
ان شهر رمضان المبارك هو شهر دعينا فيه الى ضيافة الله تعالى، ومفاد هذه الضيافة الكريمة هو دعوة الله عباده للتوبة، لانه يحبها لهم.
والتوبة في حقيقتها هي عملية اعادة الاتصال بين العبد وربه، وفي الاحاديث بيان لمدى حب الله جلت قدرته للتوبة، ولعبده التائب؛ منها ما يصور توبة العبد ويمثلها برجل بدوي يقطع الصحراء وفيافيها، ومثله معرض للهلاك في هذا الطريق، وهو لايملك الا ابله فاذا ما عطش شرب من لبنها، واذا ما جاع اكل شيئاً من شحمها لان العرب كانوا يأكلون من الابل وهي حية اثناء ركوبها، ثم يصادف ان يضيع هذا البدوي ابله في ليل الصحراء المظلم بعد ان فك عقالها، واذا ما ضاعت هذه الابل فان هذا يعني ان على هذا البدوي ان ينتظر موته البطئ، والهلاك إن لم يعثر عليهـا، ولذلك فان هــذا البدوي يبدأ في الليل بالبحث عن ابله عله يجدها، وكم ستكون فرحته عظيمة عندما يظفر بهـا.
ومع ذلك فان - جلت قدرته - أشد فرحاً عندما يرى عبده يعود اليه تائباً خاضعاً حيث روي عن الامام ابي جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال : ان الله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها.([12]) فهو سبحانه طالما يفتـح ابـواب التوبة لعبــاده، ويغفر لهم كل معصيــة. وهـذا هتافــه في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، اذ يقول في احدهما : « وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (النور / 31)
________________________________
([12]) بحار الأنوار / ج 6 / ص 40 / رواية 73.