• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

3ـ‌ سفر الرضا(ع) إلي مرو..

بعد استشهاد الإمام الكاظم(ع) انتقلب الإمامة إلي ابنه علي بن موسي الرضا(ع) الذي كان في الخامسة و الثلاثين من عمره الشريف. و كان(ع) بالإضافة إلي إمامته الإلهية و هداية‌ الامة الإسلامية‌الوصي الوحيد لأبيه الكاظم() الذي يتولي مسئولية أبناء الإمام الكاظم(ع) إخوانه و أخواته.
و بالرغم من استمرار ضغط حكومة هارون كان الإمام الرضا(ع) مشغولاً بمهمته الإلهية من دون أي خوف و رهبةٍ، و لم يتوان لحظة عن نشر الحق و الهدي. مع كل ذلك لم تكن الظروف تسمح لهارون بالتعرض للإمام(ع) أو إظهار العداوة له.
ثم في سنة 193 هـ . ق. مرض هارون و مات بمرضه، و استخلص المسلمون من شر واحد من السفاكين. و بعد هارون ارتقي"الأمين" منصة الخلاقة و لم تدم خلافته أكثر من أربع سنوات، حيث وقعت أحدات دامية بين"الأمين" و أخيه"المأمون" علي منصب الخلافة، و أخيراً في سنة 198 هـ . ق. قتل الأمين بيد أخيه تسنم المأمون منصب الخلافة.
اغتنم الإمام الرضا(ع) فرصة اشتغال الحكام بالحروب و استطاع من دون أي مزاحم تربية أتباعه و تعليمهم.
في هذه المدة لم يتفرغ العباسيون من جهة النزاع في الحكومة لإيذاء الإمام(ع) و شيعته. و بعدما استقام أمر الحكومة للمأمون قام بتقوية أركان حكمه بالحيلة و الإغراء. و من مكره و خدعته لعامة الناس جمع العلماء حوله و أسس مجالس علمية و حاول أن يظهر نفسه بأنه حاكم خبير و محب للعلم و أهله. و من جهة اخري و لأجل جلب حماية الشيعة كان يظهر حبه لأمير المؤمنين علي(ع) و يلعن معاوية.
ونظراً لإتساع رقعة البلاد الإسلامية و وجود المخالفين في أطرافها كان المأمون ـ لحفظ إمارته ـ مضطراً‌ و محتاجاً إلي جلب حماية الشيعة و إلا فلو انضم الشيعة إلي صفوف المعارضين فإن الأمر سيصعب عليه، و لهذا ولكي يخذع للعلويون و الشيعة عزم علي انتخاب الإمام الرضا(ع) لولاية عهده.
ولو قبل الإمام(ع) ولاية العهد فلا شك أن الشيعة سيكفوا عن مخالفة الدولة التي إمامهم ولي عهد فيها. و من هنا تبادلت رسائل كثيرة بين المأمون و الإمام الرضا(ع)، و الإمام كان يرفض ولاية العهد و يمتنع عن قبولها. لكن الخليفة يصر عليها.
الرسائل المتوالية لم تثمر شيئاً، ولإمام(ع) من خلال موقفه الواعي أحيط مؤامرة الخليفة الشيطانية و ذهبت محاولاته إدراج الرياح، و صرح(ع) في رسائله برفض طلب المأمون.
لكن المأمون لم يكف و لتحقيق هدفه أرسل"رجاء بن أبي الضحاك" إلي المدينة و ذلك سنة 200 هـ . ق. لكي يشخص بالإمام(ع) من المدينة إلي"مرو" التي كانت مركز حكومته، و المأمون يأمل أنه يستطيع أن يحصل علي موافقة الإمام(ع) لقبول و لاية العهد. و بعد إجبار الإمام و إكراهه علي الخروج من المدينة، قام إلي زيارة قبر جده(ص) و الأئمة الأربعة في البقيع(ع)،‌ثم ودع أولاده و إخوانه و أخواته و منهن اخته الكريمة السيدة فاطمة المعصومة(ع)، و غادر متجهاً إلي مرو.
وبلوعةٍ وحزنٍ شديد ودع الإمام(ع) من قبل عائلته و أقربائه، ورجعوا إلي بيوتهم مهمومين مغمومين، لأنهم فقدوا أعز ملجأً لهم.
ومع مغادرة الإمام الرضا(ع) انتهت اللحظات السعيدة في حياة السيدة فاطمة المعصومة(ع)، فإنها بعد استشهاد أبيها الإمام الكاظم(ع) وجدت الرحمة و الحنان في كنف أخيها الرضا(ع) و الآن و قد سافر مضطراً، و بعد هذا الأخ الشفيق مستصعب جداً علي جميع عائلة الإمام الكاظم(ع) و خاصة السيدة المعصومة.
و كان المأمون قد خطط أن لا يكون مسير الإمام من المدن التي يسكنها الشيعة خصوصاً الكوفة وقم. لأنه كان يخشي أن يؤدي حضور الإمام(ع) إلي ثورة الناس و استنهاضهم و تمردهم علي عمال المأمون، بحيث يفلت زمام الامور من السلطة.
التاريخ المشرق للكوفة و قم يشهد بحب وولاء أهلهما لآل بيت الرسول(ع)، و هذا معلوم للخليفة كالشمس في رابعة النهار، لذلك كان يمانع من مرور الإمام الرضا(ع) بتلك المدن الشيعية.
و بالرغم من تدبير المأمون فإن المسلمين في بقية المدن الواقعة في مسير حركة الإمام(ع) استقبلوا ابن النبي الأكرم(ع) بحفاوة لا مثيل لها ، و حال دخول مدنهم كانوا ينهلون من غزار‍‍ة علمه(ع) و في بعض المدن الايرانية استقبل الناس ابن رسول الله (ص) بما لا مثيل و لا نظير له في التاريخ، فكان يأتي جميع أهل المدينة و يحيطون براحلة الإمام و أخذوا يستفيدون من وجوده الشريف.
نيسابور أحد تلك المدن، فإن أهله عندما استشعروا بوصول الإمام(ع) إلي قرب ديارهم خرجوا من البيوت و أحاطوا بقافلة، و اجتمعوا حول محمله كي يتعلموا العلم من معدنه، وقالو:"يابن رسول الله نريد أن تأخذ من علمك و نسمع كلامك" فاستجاب(ع) طلبهم و ذكر لهم حديث سلسلة الذهب و هو ما رواه عن أبيه عن آبائه(ع) عن النبي(ص) أنه قال:"إن الله سبحانه و تعالي يقول: كلمة لاإله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي". و بعد أن تقدم مركب الإمام خطواتٍ أخرج الإمام(ع) رأسه الشريف من المحمل و قال:"بشروطها، و أنا من شروطها". يقصد الإمام(ع) أن قول لاإله إلا الله خاصة لا يكفي لدخول الجنة، بل القائل لابد و أن يعتقد بإمامة الأئمة الحق و منهم الإمام الرضا(ع)، أو يريد الإمام(ع) أنه لايمكن لأحد أن يصل إلي حقيقة التوحيد إلا من طريق أهل البيت(ع)، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفة الله جل جلاله.
و بعد ذلك السفر الطويل وصل الإمام(ع) إلي مرو. و عند الوصول استقبل المأمون للإمام الرضا و أصر عليه بقبول ولاية العهد. لكن الإمام(ع) كان مقيماً علي رأيه مظهراً عدم قبوله لها. فاستمر النزاع بين الإمام الخليفة حول مسألة ولاية العد لمدة شهرين، و في النهاية اجبر الإمام بسبب تهديدات المأمون علي القبول، و في السابع من شهر رمضان المبارك سنة 201 هـ . ق. مع حزون عميق و قلب كئيب قبل ولاية العهد، لكنه شرط أن لايتدخل في أي قرار من قرارات السلطة. و المأمون قبل منه الشرط.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page