• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نظرية إمامة أهل البيت(عليهم السلام) (2)

نظرية إمامة أهل البيت(عليهم السلام)  (2)

7 ـ 8 ـ آيتا (الأسماء) و(الكلمات) ، في قوله تعالى :
( وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاَْسْمآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَـئِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِى بِأَسْمَآءِ هؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )([27])
وقوله تعالى :
( فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِنْ رَّبِّهِ كَلِمَـت فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )([28])
حيث فسّرتا في عدد من الروايات بأهل البيت(عليهم السلام)([29]) ، وبذلك يمكن أن نضيف بُعداً آخر في أهل البيت يرتبط بأصل خلق الإنسان ووجوده على الأرض ، وامتيازه على بقية المخلوقات وتسخيرها له وخضوعها لوجوده ، فإن الأسماء هي التي أعطت آدم ـ باعتباره يمثل النوع الإنساني ـ هذا الإمتياز ، والكلمات هي التي أنقذت آدم من الغضب الإلهي ، وبها تحققت التوبة الإلهية عنه ، ومكنته في الاستمرار من الحياة على الأرض .
وقد يكون لذلك ارتباط ـ بما سوف نشير إليه ـ في أدوار الأئمة ، وما تحدثت عنه بعض أحاديث أهل البيت(عليهم السلام)المتقدمة آنفاً ، من أنَّ الإمامة أمان لأهل الأرض ، وأنَّه بدونها لساخت الأرض بأهلها ، وبذلك يكون لأهل البيت(عليهم السلام)دور خاص في حياة الإنسان وحركته الكونية ، وليس في الحالة الاجتماعية فحسب .
9 ـ سورة الانسان: ويكّمل ويوضّح الصورة في هذا المجال الآيات الكريمة التي وردت في سورة الإنسان ، وما ورد من نزولها في أهل البيت(عليهم السلام) ، حيث يفهم من ذلك بُعد آخر في أهل البيت ، وهو بُعد ما يسمى بـ(العلة الغائية) وتحقيق الهدف التكاملي لحركة الإنسان ووجوده ، وهو : (وجود الإنسان العابد الذي يمثل القمة في التكامل العبودي لله تعالى) ، هذا الهدف الذي يشير إليه القرآن الكريم في قوله تعالى :
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِْنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )([30])
ويصبح أهل البيت المثال والمصداق الكامل في تحقيق هذا الهدف الإلهي من خلق الجن والإنس .
وسورة الإنسان تتحدث بصورة واضحة عن بداية خلق الإنسان ، وأنَّه جاء من العدم أو النسيان ، حيث مضى حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ، وأن خلق هذا الإنسان كان من نطفة أمشاج ، وضع الله سبحانه وتعالى له قانوناً ، يحكم مسيرته في هذه الأرض وهو قانون الابتلاء في حركته وتكامله ، وميزه الله تعالى بالمواهب ، ومنها موهبة السمع والبصر ، اللتان تعبران عن موهبة العقل والعلم لديه ، ومنحه صفة الاختيار والإرادة ، فهو يختار الشكر أو الكفر ، وزاد عليه من فضله نعمة الهداية لهذا الإنسان .
وبعد أن يذكر القرآن الكريم هذا السياق في خلقة الإنسان ، وطبيعة السنة التي تحكم مسيرة الإنسان ، والمواهب التي منحها الله تعالى إياه ، ومنها : صفة الأختيار ، ونعمة الهداية الإلهية . . يشير إلى قسمين من الناس :
أحدهما : الإنسان الشاكر .
والآخر : الإنسان الكافر .
( إِنَّا هَدَيْنَـهُ السَّبِيلَ إِمــَّا شَاكــِرًا وَإِمــَّا كَفُورًا )([31]) .
ثم يتحدث القرآن الكريم عن مصير كل من القسمين ، فيبدأ بالحديث عن مصير الكافرين ويثنّي بالحديث عن مصير الشاكرين .
وتتجسد حركة الشكر هذه ومصيرها في عباد الله الأبرار ، الذين يذكرهم القرآن الكريم ، ومصيرهم في مثال إنساني كامل وهم أهل البيت(عليهم السلام)في قوله تعالى :
( إِنَّ الاَْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْس كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآًء وَلاَ شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَـهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّـهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَ هُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَآئِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِـَانِيَة مِّن فِضَّة وَأَكْوَاب كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّة قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَ نٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نِعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَـلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُس خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّة وَسَقَـهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَشْكُورًا )([32]) .
ويبدو من (السياق) ، و(طريقة العرض) ، و(تأكيد الحديث) في وصف الشاكرين ، وتفصيل مصيرهم دون الكافرين . . أنَّ المقصود من هذه السور ، هو بيان الهدف من خلقة الإنسان ، في صورة مثال خارجي يجسد وجود الجماعة الشاكرة التي يطلق عليها القرآن الكريم في هذه الآيات ـ أيضاً ـ عنوان (الأبرار) و (عباد الله) .
أما (السياق) ، فإن الحديث عندما يكون عن الإنسان وأصل خلقه مما يشبه العدم ، وسنة وجوده ، وتعدد طريقه ، يشكل كل ذلك قرينة يفهم منها أنَّ الغرض من هذا الحديث هو بيان الغرض من هذه الخلقه ، ويؤيده ما جاء في قوله تعالى :
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِْنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )([33])
وما ورد في نهاية قصة خلق آدم ، من قوله تعالى :
( قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّى هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَاىَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَايَتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَـبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ )([34]) .
وأما (طريقة العرض) ، فيلاحظ فيها ـ في البداية ـ تقديم عنوان الشاكر على الكافر ، ولعل ذلك لشرفه على الكافر ، ولكنَّ في الحديث عنهما قدم الحديث عن الكافر على الحديث عن الشاكر ، في قوله تعالى :
( إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَـفِرِينَ سَلَـسِلاَْ وَأَغْلَـلاً وَسَعِيرًا )([35])
ولكن جاء الحديث عنه بصورة مختصرة ، أما الحديث عن الشاكرين ، فقد جاء فيه تفصيل ، مما يشعر بأنَّه الهدف الأساس من السورة هو الحديث عن الشاكرين .
وتتضح هذه القرينة ، عندما نقارن هذا المقطع مع مقاطع قرآنية أُخرى ، تحدثت عن هذين القسمين بشيء من التفصيل فيهما ، عندما يكون المقصود بيان المشاهد الأخروية لهما معاً ، كما يلاحظ ذلك في سورة الأعراف ، والزمر ، والغاشية ، وغيرها ، ففيهنّ قد أختلف العرض بصورة واضحة في التفصيل عن الكافرين دون المؤمنين ، مع تقديم الحديث عن الكافرين فيها .
وأما (تأكيد الحديث) في وصف الشاكرين ، فيلاحظ فيه أنَّ القرآن الكريم استخدم :
أولاً : عنواني (العباد) و (الأبرار) ، وليس مجرد عنوان (الإيمان) وهما من العناوين الخاصة التي تدل على الدرجة العالية من الكمالات الإلهية في العبودية لله تعالى([36]) .
وثانياً : قرن الوصف المفهومي العام بتجسيده في مصداق خارجي ـ كما هو ظاهر العرض ـ يتصف بدرجة عالية من الأخلاق والحب والوفاء والتضحية والبذل والرحمة والخوف من الله تعالى والرجاء له ، ثم الدرجة العالية من الأجر والثواب والجزاء له .
ويجمع المفسرون من جماعة أهل البيت ، كما يذكر جمع من المفسرين وأهل الحديث من الجمهور([37]) ، أنَّ هذا المصداق هو أهل البيت(عليهم السلام)الذين نذروا الصوم لله تعالى ثلاثة أيام ، وتعرضوا للسائلين الثلاثة (المسكين واليتيم والأسير) ، وبذلهم لطعامهم المعد من الشعير للإفطار ، الذي كانوا قد حصلوا عليه بالقرض أو الأجر ، وهم لا يجدون غيره ، ويطوون أيامهم الثلاثة على الماء وحده .
إذن ، فالهدف الذي تذكره هذه السورة ، لخلق الإنسان ووجوده وحركته في هذه الحياة ، هو إيجاد الإنسان الشاكر الكامل في شكره ، والعابد الكامل في عبوديته وعبادته ، والبار الكامل في بره .
وإنَّ التجسيد لذلك خارجاً ، إنَّما هو في هذا المصداق والمثال الإنساني المتمثل بأهل البيت(عليهم السلام) .
وهذا الفهم لهذا البعد في أهل البيت(عليهم السلام)هو ما تؤكده ـ أيضاً ـ مجموعة كبيرة من النصوص الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله)وأهل البيت(عليهم السلام).
وبذلك تتكامل النظرية في أهل البيت قرآنياًـ كما ذكرنا ـ وتتكامل الصورة لأهل البيت(عليهم السلام)وموقعهم وحقيقتهم في أبعادها المتعددة التي شرحتها الروايات ، ويستدل عليها من القرآن الكريم بهذه الآيات الكريمة التي ذكرناها .

________________________________
([27]) البقرة : 31 . 
([28]) البقرة : 37 .
([29]) في مجمع البيان 1 : 89 ، قال : عن مجاهد عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) : « . . . أنَّ آدم رأى مكتوباً على العرش أسماء معظمة مكرمة فسأل عنها فقيل له : هذه اسماء أجل الخلق منزلة عند الله تعالى والأسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فتوسل آدم(عليه السلام)إلى ربه بهم في قبول توبته . . . » .
عن علي(عليه السلام) قال : « سألت النبي((صلى الله عليه وآله)) عن قول الله : (فتلقى آدم من ربه كلمات)فقال إنَّ الله أهبط آدم بالهند وحواء بجدة . . فعليك بهذه الكلمات فان الله قابل توبتك وغافر ذنبك قل : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد ، سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم . . . » ، كنز العمال 2 : 358 ، برقم : 4237 .
الدر المنثور 1 : 147 ، (فتلقى آدم من ربه كلمات) ، قال : «وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال : سألت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ، قال : سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليَّ فتاب عليه» .
([30]) الذاريات : 56 .
([31]) الإنسان : 3 .
([32]) الإنسان : 5 ـ 22 ، يراجع في نزول الآيات تفسير القمي 2 : 398 ـ 399 مجمع البيان 5 : 404 ـ 405 ، وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس في قوله : ( ويطعمون الطعام على حبه) الآية ، قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) ، الدر المنثور 8 : 371 ، طبعة دار الفكر .
([33]) الذاريات : 56 .
([34]) البقرة : 38 ـ 39 .
([35]) الإنسان : 4 .
([36]) يراجع بهذا الصدد في توضيح ذلك ، تفسير الميزان 1 : 428 ـ 430 ، في تفسير آية : 177 ، من سورة البقرة .
([37]) ومنهم ابن الأثير في أسد الغابة 6 : 236 ، برقم : 7202 ، طبعة دار الفكر ، والزمخشري في الكشاف 4 :197 ، والواحدي في أسباب النزول : 470 ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير 30 : 244 ، والمحب الطبري في الرياض النضرة 3 : 280 ـ 209 ، والسيوطي في الدر المنثور 7 : 371 ، والشبلنجي في نور الأبصار : 124 ـ 126 ، فليراجع فضائل الخمسة 1 : 301 ـ 305 ، ومواضع تفسير هذه السورة من كتب التفسير المذكورة .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page