طباعة

( باقر الهاشميّ . الإمارات . 23 سنة . طالب حوزة ) معنى أنّه هاجر الهجرتين

السؤال : ما الهجرتين اللتين هاجرهما الإمام علي (عليه السلام) كما ورد ذلك في خطبة الإمام زين العابدين (عليه السلام).
أفيدونا جزاكم الله خيراً ، ونسأل العليّ القدير وحده لنا ولكم التوفيق والسداد ، ونسألكم الدعاء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
الجواب : المقصود من الهجرتين التي هاجرهما الإمام علي (عليه السلام) ، هي أحد المعاني الآتية :
الأوّل : المتبادر عند المسلمين عن ذكر الهجرتين ، هي هجرة الحبشة وهجرة المدينة ، والمعلوم أنّ الإمام (عليه السلام) قد هاجر إلى المدينة ، ولكن لم يثبت عندنا أنّ الإمام (عليه السلام) هاجر إلى الحبشة ، فلابدّ إذاً أن لا يكون هذا المعنى مراداً للإمام (عليه السلام) .
الثاني : قد ذكر ابن عباس أنّ الإمام (عليه السلام) قد هاجر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتيه ، والمعلوم أنّ الرسول قد هاجر إلى الطائف لأيّام قليلة وإلى المدينة ، فمعنى قول الإمام زين العابدين المأخوذ من قول الإمام علي (عليه السلام) في إحدى خطبه : " أنا صاحب الهجرتين " أي أنا صاحب هجرة الطائف وصاحب هجرة المدينة ، وهذا يتمّ إذا تمّ اعتبار الأيّام القليلة مع الرسول في الطائف هجرة .
الثالث : إنّ المراد بالهجرتين هي هجرة المدينة ، والهجرة إلى الكوفة ، فالأُولى هجرة النبوّة ، والثانية هجرة الإمامة ، فكلّ مسافر إلى طلب الدين يسمّى مهاجراً ، فالذين هاجروا إلى المدينة هاجروا للالتحاق بالنبوّة ، والمهاجر إلى الكوفة يهاجر لطلب الإمامة الحقّة .
وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) في إحدى خطبه قوله : " والهجرة قائمة على حدّها الأوّل، ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مستسر الأُمّة ومعلنها، لا يقع اسم الهجرة على أحد إلاّ بمعرفة الحجّة في الأرض " (1) .
وقد شرح العلاّمة التستري ذلك بقوله : " وإنّما قال (عليه السلام) ذلك مقدّمة لغرضه من كون الهجرة إلى الإمام كالهجرة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وإلاّ ففي عصره (عليه السلام) وإن كان الإسلام فتح الأرض شرقاً وغرباً ، إلاّ أنّه لمّا كان رجال قاموا على خلافه من يوم وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى آخر عمره (عليه السلام) صار الأمر مثل أوّل الإسلام " (2) .

____________
1- شرح نهج البلاغة 13 / 101 .
2- بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة 3 / 392 .