طباعة

( صلاح عبد المهديّ الجبوري . العراق . طالب علم ) لم يأخذ برأي أولاد مسلم في مسيره لكربلاء

السؤال : من خلال مطالعتي لكتاب مروج الذهب للمسعودي ، لفت نظري معنى في حادثة الطف ، وهي مسير الإمام الحسين من المدينة قاصداً كربلاء ، يقول المسعوديّ : إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى كربلاء أراد أن يصرف نظره عن مواصلة المسير إليها ، ولكن أولاد مسلم بن عقيل قالوا له : يا عم ، إنّ أبانا قد قُتل ، وما فائدة رجوعنا إلى المدينة ؟ فلنواصل مسيرنا إلى كربلاء .
ويقول المسعوديّ ما معناه : فعدل الإمام عن رأيه ، وواصل المسير إلى كربلاء .
فهل أنّ الإمام أخذ برأي الطفلين الصغيرين ؟ وواصل مسيره إلى كربلاء ؟ فأرجو الإجابة عن هذا السؤال ، ولكم جزيل الشكر ، ودمتم سالمين .
الجواب : إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) خرج من مكّة وهو يعلم أنّه سيقتل ، وأنّه خارج بأمر الله تعالى ، وقد صرّح في أكثر من مرّة أنّه مقتول ، ولكن الإمام أجاب عن سبب خروجه بعدّة إجابات ، تختلف في ظاهرها باختلاف الأشخاص .
فما يذكر في كتب التاريخ من أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) أراد الرجوع ناتج عن عدم الفهم الصحيح لأقوال الإمام (عليه السلام) ، ولعلّ ما ورد عن أبي مخنف : من أنّ بني عقيل اعترضوا الإمام (عليه السلام) ، وقالوا : لا والله لا نبرح حتّى ندرك ثأرنا أو تذوق ما ذاق أخونا ، فأجاب الإمام (عليه السلام) للناقلين خبر مقتل مسلم ، اللذين كانا يعارضان الإمام (عليه السلام) بمواصلة المسير بأنّه : " لا خير في العيش بعد هؤلاء " (1) يعني بني عقيل .
فلعلّ هذه الإجابة ـ على فرض صحّة صدورها من الإمام (عليه السلام) ـ هي التي أوهمت لدى السامعين ، أنّ السبب لمواصلة الإمام (عليه السلام) هو إصرار بني عقيل على المواصلة ، لكنّ السبب الحقيقيّ لخروج الإمام (عليه السلام) هو أمر الله بذلك .


___________
1- مقتل الحسين لأبي مخنف : 78 .