• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

١٢ - أصحاب الصادق (عليه السلام) يناظرون بحضرته


وروي عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد جئت لمناظرة أصحابك.
فقال له أبو عبد الله: كلامك هذا من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعضه ومن عندي بعضه.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فأنت إذن شريك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! قال: لا.
قال (عليه السلام): فسمعت الوحي من الله تعالى؟ قال: لا.
قال (عليه السلام): فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: لا.
قال: فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا يونس، هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم.
ثم قال (عليه السلام): يا يونس، لو كنت تحسن الكلام كلمته. قال يونس: فيا لها من حسرة. فقلت: جعلت فداك، سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام يقولون: هذا ينقاد [وهذا لا ينقاد]، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله!
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما قلت ويل لقوم تركوا قولي بالكلام، وذهبوا إلى ما يريدون. ثم قال: اخرج إلى الباب فمن ترى من المتكلمين فأدخله.
قال: فخرجت فوجدت حمران بن أعين، وكان يحسن الكلام، ومحمد بن نعمان الأحول وكان متكلما، وهشام بن سالم، وقيس الماصر وكانا متكلمين، وكان قيس عندي أحسنهم كلاما، وكان قد تعلم الكلام من علي ابن الحسين، فأدخلتهم، فلما استقربنا المجلس، وكنا في خيمة لأبي عبد الله (عليه السلام) في طرف جبل في طريق الحرم، وذلك قبل الحج بأيام، فأخرج أبو عبد الله رأسه من الخيمة، فإذا هو ببعير يخب، قال: هشام ورب الكعبة.
قال: وكنا ظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل، وكان شديد المحبة لأبي عبد الله، فإذا هشام بن الحكم، وهو أول ما اختطت لحيته، وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا، فوسع له أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: " ناصرنا بقلبه ولسانه ويده "، ثم قال لحمران: كلم الرجل - يعني: الشامي -.
فكلمه حمران وظهر عليه ثم قال: يا طاقي كلمه، فكلمه فظهر عليه محمد بن نعمان مؤمن الطاق. ثم قال لهشام بن سالم: كلمه. فتعارفا، ثم قال لقيس الماصر:
كلمه، وأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) يتبسم من كلامهما، وقد استخذل الشامي في يده، ثم قال للشامي: كلم هذا الغلام - يعني: هشام بن الحكم - فقال: نعم.
ثم قال الشامي لهشام: يا غلام، سلني في إمامة هذا - يعني أبا عبد الله (عليه السلام) -.
فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال له: أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه، أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه.
قال: ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا؟ قال: كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم به، وأزاح في ذلك عللهم.
فقال له هشام: فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال هشام: فبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من؟ قال: الكتاب والسنة.
فقال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه، حتى رفع عنا الاختلاف، ومكننا من
الاتفاق؟ فقال الشامي: نعم.
قال هشام: فلم اختلفنا نحن وأنت، جئتنا من الشام تخالفنا، وتزعم أن الرأي طريق الدين، وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين؟
فسكت الشامي كالمفكر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما لك لا تتكلم؟
قال: إن قلت: إنا ما اختلفنا كابرت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لأنهما يحتملان الوجوه، ولكن لي عليه مثل ذلك.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): سله تجده مليا. فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم؟ فقال: بل ربهم أنظر لهم.
فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ويبين لهم حقهم من باطلهم؟ فقال هشام: نعم.
قال الشامي: من هو؟ قال هشام: أما في ابتداء الشريعة فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعترته.
قال الشامي: من هو عترة النبي القائم مقامه في حجته؟ قال هشام: في وقتنا هذا أم قبله؟
قال الشامي: بل في وقتنا هذا. قال هشام: هذا الجالس، يعني: أبا عبد الله (عليه السلام)، الذي تشد إليه الرحال، ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده.
قال الشامي: وكيف لي بعلم ذلك؟ فقال هشام: سله عما بدا لك.
قال الشامي: قطعت عذري، فعلي السؤال. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أنا أكفيك المسألة يا شامي، أخبرك عن مسيرك وسفرك، خرجت يوم كذا، وكان طريقك كذا، ومررت على كذا، ومر بك كذا. فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول: " صدقت والله "، فقال الشامي: أسلمت لله الساعة.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): بل آمنت بالله الساعة، إن الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يثابون. قال: صدقت، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإنك وصي الأنبياء.
قال: فأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) على حمران فقال: يا حمران، تجري الكلام على الأثر فتصيب. فالتفت إلى هشام بن سالم فقال: تريد الأثر ولا تعرف. ثم التفت إلى الأحول فقال: قياس رواغ، تكسر باطلا بباطل، إلا أن باطلك أظهر. ثم التفت إلى قيس الماصر فقال: تكلم وأقرب ما يكون من الخبر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبعد ما تكون منه، تمزج الحق بالباطل، وقليل الحق يكفي من كثير الباطل، أنت والأحول قفازان حاذقان.
قال يونس بن يعقوب: فظننت والله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما، فقال: يا هشام، لا تكاد تقع تلوي رجليك، إذ هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم .( الناس، اتق الزلة، والشفاعة من ورائك[42] ( والملاحظ من هذه المناظرة أنه (عليه السلام) يوجه أصحابه إلى انتهاج أسلوب الجدل بالحق وبالتي هي أحسن، ويحذرهم من الوقوع في الباطل والجدل العقيم الذي لا يهدي إلى سواء السبيل، ويهديهم (عليه السلام) إلى أسس الكلام مبينا لهم خير أسوة منهم وهو هشام بن الحكم، ليكون مثالا لهم في سلوك طريق الحق في الكلام، وقدوة في انتهاج سبيل المناظرة والاحتجاج.
_____________________
[42]  الاحتجاج: ٣٦٤


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page