طباعة

١١٩ ـ باب القضاء والمشية والارادة


سئل أمير المومنين عليه السلام عن مشية الله وإرادته ، فقال عليه السلام : « إن لله مشيتين : مشية حتم ، ومشية عزم ، وكذلك إن الله إرادتين : إرادة عزم ، وإرادة حتم لاتخطئ ، وارادة عزم تخطئ وتصيب ، وله مشتيان : مشية يشاء ، ومشية لايشاء ، ينهى وهو ما يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء ».
معناه : أراد العبادة وشاء ، ولم يرد المعصية وشاء ، وكل شيء بقضائه وقدره ، والأمور تجري ما بينهما ، فإذا أخطأ القضاء لم يخطئ القدر ، إذا لم يخطئ القدر لم يخطئ القضاء ، وأنما الخلق من القضاء إلى القدر ، وإذا أخطأ القدر لم يخطئ القضاء ، وإذا لم يخطئ القضاء لم يخطئ القدر وإنما الخلق من القدر إلى القضاء.
وللقضاء أربعة أوجه في كتاب الله تعالى الناطق على لسان سفيره الصادق.
منها : قضاء الخلق ، وهو قوله تعالى : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ) 1.
والثاني : قضاء الحكم ، وهو قوله تعالى : ( وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالحَقِّ ) 2 معناه حكم.
والثالث : قضاء الأمر ، وهو قوله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) 3 معناه أمر ربك.
الرابع : قضاء العلم ، وهو قوله تعالى : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) 4 معناه علمنا من بني إسرائيل.
قد شاء الله المعصية من عباده وما أراد ، وشاء الطاعة وأرادها منهم ، لأن المشية مشية الأمر ومشية العلم ، وإرادته إرادة الرضا وإرادة الأمر ، أمر بالطاعة ورضي بها.
وشاء المعصية ، يعني علم من عباده المعصية ، ولم يأمرهم بها ، فهذا من عدل الله تعالى في عباده ، جل جلاله وعظم شانه ، وأنا وأصحابي أيضاً عليه ، وآله الحمد والرضا.
__________________
1 ـ فصلت ٤١ : ١٢.
2 ـ الزمر ٣٩ : ٦٩ و ٧٥.
3 ـ الاسراء ١٧ : ٢٣.
4 ـ الاسراء ١٧ : ٤.