• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

هل بيعة الإمام عليّ لأبي بكر يتنافى مع عصمته؟

هل بايع علي أبا بكر اجتهاداً أم عصمة ؟ إذا كان اجتهاداً معناه أنّه أخطئ ، وبذلك تبطل العصمة ، وإذا كان عصمة معناه أنّه لم يخطئ ، ونفّذ الوحي الذي هو من عند الله الذي يأمره فيه بمبايعة أبي بكر ؟
لم يثبت أنّ عليّاً بايع أبا بكر ؛ فإنّ الروايات في ذلك مختلفة جدّاً ، ولا يمكن الجزم بشيء منها . مضافاً إلى احتمال كذبها ؛ لأنّ الغاصبين كانوا يحتاجون إلى جعل مثل هذه الرواياتعلى تقدير وقوع البيعة منه ، فقد كان مضطرّاً إلى ذلك ، بمعنى أنّه لم يبايع باختياره ورضاه ، بل اُجبر على البيعة حفظاً لنفسه وأهل بيته وشيعته.
ولا يتنافى ذلك مع عصمته ؛ لأنّ عصمته أقتضت أن لا يرتكب الحرام بايقاع نفسه وأهل بيته وشيعته في الخطر والهلكة ، فاضطرّ إلى إظهار البيعة بلسانه ، وكان قلبه مليئاً بالسخط وعدم الرضا.
ثالثاً الإمام علي عليه السلام كان يتمكّن من الوقوف بوجه الظالمين والغاصبين للخلافة ، لكنّه كان قويّاً في دينه ، لا تأخذه في الله لومة لائم ـ فلمّا رأى أنّ القوم اجتمعوا على غصب حقّه ، وقاموا ضدّه لأحقاد بدرية وأُحدية وحنينيّة وخيبريّة ، فخاف أنّه إذا قام بكفاح مسلّح ضدّهم أرتدّوا على أدبارهم ، ورجعوا إلى جاهليّتهم ، وصاروا كفّاراً ، فصبر وفي الحلق شجى ، وفي العين قذى كما قال عليه السلام ، ورأى أنّهم إن يكونوا ضلالاً منحرفين أولى من أن يرجعوا كفّاراً مخالفين للإسلام.
وإذا كان قد بايعهم فمن المعلوم إنّ هذه البيعة الصوريّة كانت لأجل التحفّظ على كيان الإسلام والمسلمين ، ولا تدلّ على شرعيّة خلافتهم ، بل كان يصرّح الإمام عليه السّلام ويحتجّ وينادي بأعلى صوته بأنّهم غصبوا حقّه.
قال : « أَما وَاللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَها فُلانٌ ، وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْها مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحى.  يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ، وَ لا يَرْقى إِلَيّ الطَّيْرُ ، فَسَدَلْتُ دُونَها ثَوْبًا ، وَ طَوَيْتُ عَنْها كَشْحًا ، وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِى بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذّاءَ ، أَوْ أَصْبِرَ عَلى طَخْيَة عَمْياءَ ; يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ، وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ، وَ يَكْدَحُ فِيها مُؤْمِنٌ حَتّى يَلْقى رَبَّهُ.
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلى هاتا أَحْجى ، فَصَبْرَتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذىً ، وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا ، أَرى تُراثِي نَهْبًا .حَتّى مَضَى الاَْوَّلُ لِسَبِيلِهِ ، فَأَدْلى بِها إِلى فُلان بَعْدَهُ.
ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الاَْعْشى :
شَتّانَ ما يَوْمِي عَلى كُورِها * وَ يَوْمُ حَيّانَ أَخِي جابِر
فَيا عَجَبًا بَيْنا هُوَ يَسْتَقِيلُها فِى حَياتِهِ ، إِذْ عَقَدَها لآخَرَ بَعْدَ وَفاتِهِ ! لَشَدَّ ما تَشَطَّرا ضَرْعَيْها ! فَصَيَّرَها فِى حَوْزَة خَشْناءَ ، يَغْلُظُ كَلْمُها ، وَ يَخْشُنُ مَسُّها ، وَ يَكْثُرُ الْعِثارُ فِيها ، وَ الاِْعْتِذارُ مِنْها.
فَصاحِبُها كَراكِبِ الصَّعْبَةِ ، إِنْ أَشْنَقَ لَها خَرَمَ ، وَ إِنْ أَسْلَسَ لَها تَقَحَّمَ . فَمُنِيَ النّاسُ لَعَمْرُ اللهِ بِخَبْط وَ شِماس ، وَ تَلَوُّن وَاعْتِراض.
فَصَبَرْتُ عَلى طُولِ الْمُدَّةِ ، وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ ، حَتّى إِذا مَضى لِسَبِيلِهِ ، جَعَلَها فِي جَماعَة زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ. فَي الَلّهِ وَلِلشُّورى ! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيّ مَعَ الاَْوَّلِ مِنْهُمْ حَتّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلى هذِهِ النَّظائِرِ ، لكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا ، وَطِرْتُ إِذْ طارُوا ، فَصَغا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ ، وَ مالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ ، مَعَ هَن وَهَن.
إِلى أَنْ قامَ ثالِثُ الْقَوْمِ نافِجًا حِضْنَيْهِ ، بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ ، وَ قامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ مالَ اللهِ خَضْمَ الاِْبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ ، إِلى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ ، وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ.
فما راعَنِى إِلاّ وَالنّاسُ اِلَىَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ يَنْثالُونَ عَلَيّ مِنْ كُلِّ جانِب ، حَتّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنانِ ، وَ شُقَّ عِطافِي ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ.
فَلَمّا نَهَضْتُ بِالاَْمْرِ نَكَثَتْ طائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرى وَ فَسَقَ اخَرُونَ ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحانَهُ يَقُولُ : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [ القصص : 83 ].
بَلى وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوها وَ وَعَوْها ، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيا فِى أَعْيُنِهِمْ ، وَراقَهُمْ زِبْرِجُها.
أَما وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلا حُضُورُ الْحاضِرِ ، وَ قِيامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النّاصِرِ ، وَ ما أَخَذَ اللهُ عَلَى الْعُلَماءِ أَنْ لا يُقارُّوا عَلى كِظَّةِ ظالِم وَ لا سَغَبِ مَظْلُوم ، لاََلْقَيْتُ حَبْلَها عَلى غارِبِها ، وَلَسَقَيْتُ آخِرَها بِكَأْسِ اَوَّلِها ، وَ لاََلْفَيْتُمْ دُنْياكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِى مِنْ عَفْطَةِ عَنْز ».
قالُوا : وَقامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلى هذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَناوَلَهُ كِتابًا. فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ قِراءَتِهِ قالَ لَهُ ابْنُ عَبّاس : يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اطَّرَدْتَ مَقالَتَكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ. فَقالَ : « هَيْهاتَ يَا ابْنَ عَبّاس ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ ».
قالَ ابْنُ عَبّاس : فَوَ اللهِ ما أَسِفْتُ عَلى كَلام قَطُّ كَأَسَفِي عَلى ذلِكَ الْكَلامِ أَنْ لا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَلَغَ مِنْهُ حَيْثُ أَرادَ.
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِى هذِهِ الْخُطْبَةِ : « كَراكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَها خَرَمَ ، وَ إِنْ أَسْلَسَ لَها تَقَحَّمَ » يُرِيدُ أَنَّهُ إِذا شَدَّدَ عَلَيْها فِي جَذْبِ الزِّمامِ وَ هِيَ تُنازِعُهُ رَأْسَها خَرَمَ أَنْفَها ، وَ إِنْ أَرْخى لَها شَيْئًا مَعَ صُعُوبَتِها تَقَحَّمَتْ بِهِ فَلَمْ يَمْلِكْها . يُقالُ : أَشْنَقَ النّاقَةَ إِذا جَذَبَ رَأْسَها بِالزِّمامِ فَرَفَعَهُ ، وَ شَنَقَها أَيْضًا.
ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِى إِصْلاحِ الْمَنْطِقِ ، وَ إِنَّما قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : « أَشْنَقَ لَها » ، وَ لَمْ يَقُلْ : « أَشْنَقَها » ؛ لاَِنَّهُ جَعَلَهُ فِي مُقابَلَةِ قَوْلِهِ : « أَسْلَسَ لَها » ، فَكَأَنَّهُ قالَ : إِنْ رَفَعَ لَها رَأْسَها بِمَعْنى أَمْسَكَهُ عَلَيْها بِالزِّمامِ ، وَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَطَبَ عَلى ناقَتِهِ وَ قَدْ شَنَقَ لَها فَهِي تَقْصَعُ بِجَرَّتِها ، وَمِنَ الشّاهِدِ عَلى أَنَّ أَشْنَقَ بِمَعْنى شَنَقَ قَوْلُ عَدِيِّ ابْنِ زَيْد الْعِبادِىِّ :
ساءَها ما بِنا تَبَيَّنَ فِي الاَْيْدِي * وَ إِشْناقُها إِلَى الاَْعْناقِ

السيّد جعفر علم الهدی
المصدر : شبكة رافد


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page