طباعة

دراسات في حديث الثقلين و المناقشه في حديث كتاب اللّه وسنتّي

باسمه تعالى
حديث الثقلين
حديث الثقلين هذا حديث صحيح ، ثابت ، مشهور متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم بطرق كثيرة صحيحة عن بضع وعشرين صحابيّاً منهم : علي بن أبي طالب ( ع ) وفاطمة ( س ) وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت ، عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو ذر وأبو هريرة وأم سلمة و . . .

الموارد التي صدرت حديث الثقلين
وقد صدع بها صلى الله عليه وآله في ملأ من الناس خمس مرات : 1 - عند انصرافه عن طائف . 2 - موقف يوم عرفة . 3 - موقف يوم غدير خم بالجحفة . 4 - موقف في المسجد بالمدينة . 5 - موقف في مرضه في الحجرة عندما رآها امتلأت من الناس .
تكراره ( ص ) في ثلاثة أشهر خمس مرات يدلّ على شدّة اهتمامه ( ص ) بهذا الأمر وشغل باله .
قال ابن حجر أيضاً بعد ذكر حديث الثقلين : ثم اعلم لحديث التمسك بهما طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيّاً . . . وفي بعض تلك الطرق أنّه قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة ، وفي أخرى أنّه قاله بالمدينة في مرضه ، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه . وفي أخرى أنّه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى أنّه قال ذلك لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف كما مرّ .
ولا تنافي إذ لا مانع من أنّه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة . الصواعق المحرقة : 124 ط المحمدية بمصر وص 75 ط الميمنية ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 285 ط اسلامبول وص 342 ط الحيدرية .

يوم عرفة
أخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة : يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد . صحيح الترمذي : 5 / 326 رقم 3874 ، مجمع الزوائد : 5 / 195 ، و 9 / 163 تفسير ابن كثير : 4 / 123 . . . .

يوم غدير خم
أخرج النسائي عن زيد بن أرقم عن رسول اللّه ( ص ) في حجة الوداع في غدير خم ، قال : كأنّي دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض . سنن النسائي : 5 / 45 و5 / 130 . وذكره مسلم باختلاف في صحيحه : 7 / 122 ، كتاب الفضائل باب فضائل علي . وصرّح بصحّته ابن كثير في تفسيره : 4 / 122 .

مسجد المدينة
قال ( ص ) في آخر خطبة خطبها وهو مريض : أيّها الناس ، إني تارك فيكم الثقلين ، إنّه لن تعمى أبصاركم ولن تضلّ قلوبكم ولن تزلّ أقدامكم ولن تقصر أيديكم : كتاب اللّه سبب بينكم وبينه ، طرفه بيده وطرفه بأيديكم ، فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر ، فلا تسبقوهم فتهلكوا . كشف الاستار عن زوائد البزّاز : 3 / 221 ح 2612 ، تفسير البحر المحيط لأبي حيان : 1 / 12 .
وعن جابر ، قال : أخذ النبي ( ص ) بيد علي والفضل بن عباس في مرض وفاته ، خرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر فقال : أيها الناس ، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . . . ينابيع المودة : 1 / 125 ح 58 .

في الحجرة وقد امتلأت بالناس برواية فاطمة سلام اللّه عليها
قال القندوزي : أخرج ابن عقدة من طريق عروة بن خارجة عن فاطمة الزهراء ( س ) قالت : سمعت أبي رسول اللّه ( ص ) في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من اصحابه ( قال ) : أيها الناس إني يوشك أن أقبض قبضا سريعا وقد قدمت إليكم القول معذرة منكم ، ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل ، وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي ( ع ) فقال . هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسألكم ما تخلفوني فيهما . ينابيع المودة : 1 / 124 ح 56 . عن ابن أبي شيبة فى سمط النجوم العوالي : 2 / 502 رقم 136 . عن أمّ سلمة في مرضه قالت : وقد امتلأت الحجرة بأصحابه في الصواعق : 89 ، تهذيب اللغة 9 / 78 ، مقتل الحسين للخوارزمى : 1 / 164 .

حديث الثقلين بدون ذكر الزمان والمكان
أخرج ابن سعد المتوفى 230 ، في الطبقات بإسناده عن أبي سعيد الخدري . الطبقات : 2 / 194 . وهكذا أخرجه باختلاف في اللفظ : ابن أبي شيبة المتوفى 235 ، في المصنف : 7 / 176 وأحمد المتوفى 241 ، في المسند : 3 / 14 و17 ، والدارمي المتوفى 255 ، في سننه : 2 / 432 ، ومسلم المتوفى 261 ، في صحيحه : 7 / 122 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب . والترمذي المتوفى 279 ، في سننه : 5 / 329 ، كتاب المناقب وابن أبي عاصم المتوفى 287 ، في كتاب السنة : 630 ، والطبراني المتوفى 360 ، في المعجم الصغير : 1 / 131 والعجم الأسط : 3 / 374 ، والمعجم الكبير : 3 / 65 ، والحاكم المتوفى 405 ، في المستدرك على الصحيحين : 3 / 148 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وأقرّ بصحته الذهبي في تلخيصه والقاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى 415 ، في المجلد العشرين من كتاب المغني في الكلام ، في القسم الأول ص 191 و 236 .

صحّة حديث الثقلين عند العلماء
مضافاً إلى ورود الرواية في صحيح مسلم ولو مبتوراً وهو يكفي في صحّته ، قال ابن كثير مع تعصبّه ونصبه في تفسيره : وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول اللّه ( ص ) قال في خطبته بغدير خم « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتى وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض . تفسير ابن كثير : 4 / 122 . وقال أيضاً : قال شيخنا أبو عبد اللّه الذهبي : وهذا حديث صحيح . السيرة النبويّة : 4 / 416 . والبداية والنهاية : 5 / 228 .
وشهد بصحّته الشيخ ناصر الدين الألباني الوهّابي المتعصب المعاصر مع شدة نصبه وعداوته للشيعة الإماميّة . صحيح الجامع الصغير 2 : 217 ح 2454 .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات . مجمع الزوائد : 1 / 170 ، وقال في موضع آخر : ورواه أحمد وإسناده جيّد . . مجمع الزوائد : 9 / 256 .
وحكم بصحته ابن حجر المكي في كتابه الذي ألّفه ردّاً على الشيعة قائلاً : روى هذا الحديث ثلاثون صحابيّاً وإنّ كثيراً من طرقه صحيح وحسن . الصواعق المحرقة : 122 .

دلالة الحديث على الإمامة
إنّ حديث الثقلين يدلّ على إمامة الأئمّة ( ع ) من جهات:
1 - الأمر بالأخذ في قوله ( ص ) « ما إن أخذتم بهما لن تضلّوا » . كما في صحيح الترمذي : 5 / 228 ح 3874 ، مسند أحمد : 3 / 59 .
2 - الأمر بالتمسّك في قوله ( ص ) : « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » ، كما في صحيح الترمذي : 5 / 329 ح 3876 ، الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 7 ، تفسير ابن كثير ج 4 ص 123 .
3 - الأمر بالمتابعة في قوله ( ص ) « لن تضلّوا إن اتبعتم واستمسكتم بهما » أو « لن تضلّوا إن اتبعتموها » . مسند أحمد : 1 / 118 ، المستدرك : 3 / 110 وقال صحيح على شرط الشيخين .
4 - الأمر بالاعتصام في قوله ( ص ) : « تركت فيكم ما لن تضلّوا إن اعتصمتم ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » عن ابن أبي شيبة والخطيب في المتفق والمفترق . كنز العمال : 1 / 187 ح 951 .
ومعلوم بأنّ الأخذ والتمسك والمتابعة والاعتصام لا يلائم إلّا مع القول بإمامتهم ووجوب تلقي الإسلام والقرآن منهم والاقتداء بهم وإطاعة أوامرهم ونواهيهم .
كما صرّح ابن الملك بقوله : التمسك بالكتاب العمل بمافيه وهو الإئتمار بأوامر اللّه والانتهاء بنواهيه . ومعنى التمسك بالعترة : محبّتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم . المرقاة في شرح المشكاة : 5 / 600 .
قال المُناوي : قوله : « إنّي تارك فيكم » تلويح بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّى أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين . فيض القدير : 2 / 174 .

وقال التفتازاني بعد نقل حديث صحيح مسلم : ألاترى أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالى في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة ، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة . شرح المقاصد : 2 / 221 .
5 - قوله ( ص ) « لايفترقان حتى يردا عليّ الحوض » يدلّ على كون العترة حجّة كالقرآن في جميع الأزمنة والأمكنة والأحوال إلى يوم القيامة . والحجّة لا تكون إلّا بكونهم أئمّة . وعدم الافتراق يتمّ بالأخذ بقولهم والاهتداء بهدايتهم من دون أن يشترط بشروط ويقيّد بقيود وهو لا يمكن إلّا بالقول بكونهم أئمّة .
6 - قوله ( ص ) « لن تضلّوا » يدلّ على انحصار النجاة بالتمسّك بالعترة وضلالة من افترق عنهم ، كضلالة من افترق عن كلام اللّه .
7 - التعبير عن الثقلين بخليفتين في بعض الأحاديث ، مّما يؤيّد أنّ مراد النبي ( ص ) عن الوصيّة بالثقلين ، كونهم أئمّة وخلفاء ، كما روى أحمد بإسناده عن زيد بن ثابت قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي وأهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » . مسند أحمد : 5 / 182 و189 مجمع الزوائد : 1 / 170 ، قائلاً : ورجاله ثقات . الدر المنثور : 2 / 60 .

المناقشات والشبهات في حديث الثقلين
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي ، حديث الثقلين بسند واحد في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ثمّ بدء بالمناقشة في سنده وتضعيفه . العلل المتناهية في الأحاديث الواهية : 1 / 268 ، دار الكتب العلمية - بيروت - 1403 ه" .

وهذا مردود بامور :

1 - عدم اعتبار تضعيفات ابن الجوزي :
قد صرّح عدّة من العلماء بعد اعتبار تضعيفات ابن الجوزى كما قال السيوطي : وقد جمع في ذلك ابن الجونزى كتاباً فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع ؛ بل ومن الحسن ومن الصحيح ، كما نبّه بذلك الأئمّة الحفّاظ ومنهم ابن الصلاح في علوم الحديث وأتباعه . اللآلي المصنوعة 1 / 2 .
وقال ابن كثير : وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً حافلاً في الموضوعات ، غير أنّه أدخل فيه ما ليس منه وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره ، فسقط عليه ولم يهتد إليه . الباعث الحثيث : 75 .
قال ابن حجر العسقلاني : فكيف يدّعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم؟ ولو فتح هذا الباب لأدّعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى اللّه ذلك والمؤمنون . اللآلي المصنوعة : 1 / 350 .

2 - حكم العلماء على خطأ ابن الجوزي :
وقد خطّأه غير واحد من المحقّقين في ذكر هذا الحديث في علله ، كابن حجر المكّي ، حيث قال : وذكرُ ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم ، أو غفلة عن استحضار بقيّة طرقه ؛ بل في مسلم عن زيد بن أرقم . الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 124 ط المحمدية بمصر .
وذكر عن السخاوي بأنّه قال : لم يصب ابن الجوزي في إيراده في العلل المتناهية كيف وفى صحيح مسلم وغيره ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابيّاً . الصواعق المحرقة : 136 .
وقال المُناوي : ووهم من زعم وَضْعَه كابن الجوزي قال السمهودي : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة . فيض القدير : 3 / 20 . وقال أيضاً : فإيّاك أن تغترّ به وكأنّه لم يستحضره حينئذ . جواهر العقدين في الذكر الرابع في حثّه ( ص ) الامّة على التمسك بعده بكتاب ربّهم وأهل بيت نبيّهم .
وقال سبطه : والعجب كيف خفي عن جدّي ما روى مسلم في صحيحه من حديث زيدبن أرقم . تذكرة الخواص : 332 .

حديث الوصية بالكتاب والسنة
إنّ أقدم روات هذا الخبر هو : مالك بن أنس ( ت 179 ) في الموطأ : وحدّثني عن مالك أنّه بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم قال : « تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب اللّه وسنة نبيه » الموطأ بشرح السيوطي 2 / 208 .
وذكر ابن هشام ( ت 218 ) في سيرته : 4 / 603 .
وأخرج الحاكم النيسابوري ( ت 405 ) . المستدرك على الصحيحين 1 / 93 . ورواه أبو بكر البيهقي ( ت 458 ) في السنن الكبرى 10 / 114 . وقال القاضي عياض ( المتوفى سنة 544 ) : . . . عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : « أيها الناس ، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه وسنّتي ، فلا تفسدوه ، وإنّه لا تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم ، ولن تقصر أيديكم ، ما أخذتم بهما » . الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع : 8 - 9 .

المناقشة في الحديث
هذا الخبر مما أعرض عنه البخاري ومسلم ولم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سندا لم يأخذ القوم به معتذرين باتفاق الشيخين على تركه !
2 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو خبر اتفق أرباب الصحاح الستة وغيرهم على تركه !
3 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من المسانيد المعتبرة كمسند أحمد بن حنبل ، وقد نقلوا عن أحمد أن ما ليس في المسند فليس بصحيح !
4 - إنّه قد صرّح غير واحد من رواة هذا الخبر بغرابته ، قال الحاكم : ذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب . المستدرك : 1 / 93 .
وقد قال بعد ذكر الحديث المشتمل على الاعتصام بالعترة : هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله . شاهده حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما إلى أن قال : قال رسول اللّه ( ص ) : إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعوهما وهما كتاب اللّه وأهل بيتي عترتي . . . وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين . المستدرك على الصحيحين : 3 / 109 . قال المتقي : أبو نصر السجزي في الإبانة وقال : غريب جدّاً عن أبي هريرة . كنز العمال : 1 / 188 ح 955 . وهكذا الحاكم في المستدرك : 1 / 188 ح 955 .

البحث في نفس كتاب الموطأ ومالك
وقال السيوطي : قال ابن حزم : . . . في الموطأ ثلاثمائة ونيف مرسلاً ، وفيه نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل بها ، وفيه أحاديث ضعيفة وهاها جمهور العلماء . تنوير الحوالك : 1 / 9 .
قال الخطيب في مالك : عابه جماعة من أهل العلم في زمانه . تاريخ بغداد : 10 / 223 ، راجع : جامع بيان العلم : 2 / 157 ، تهذيب التهذيب : 7 / 432 . عدّه المبرّد عن الخوارج وقال : يذكر عثمان وعلي وطلحة والزبير فيقول : واللّه ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر . الكامل للمبرّد : 1 / 159 . قد قال الليث بن سعد : قد أحصيت على مالك سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي مما قال مالك فيها برأيه . جامع بيان العلم 2 / 148 .
وفي سند الخبر في المستدرك والسنن عن ابن عباس ، هو : على إسماعيل بن أبي أويس وهو ابن أخت مالك . قال النسائي : ضعيف . الضعفاء والمتروكون : 14 .
وقال المروزي : كذّاب ، وروى ابن حزم سيف بن محمد : أنّ ابن أبي أويس كان يضع الحديث . تهذيب التهذيب : 1 / 271 .
وفي سند الخبر عن أبي هريرة : صالح بن موسى الطلحي الكوفي . قال ابن معين : ليس بشئ ، ليس بثقة . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : ضعيف الحديث جدّاً ، كثير المناكير عن الثقات . وقال البخاري : منكر الحديث . تهذيب التهذيب : 4 / 354 .
وفي سند الحديث في التمهيد لابن عبد البر ، كثير بن عبد اللّه ، قال أحمد : منكر الحديث ، ليس بشئ . سئل أبو داود عنه فقال : أحد الكذّابين . قال ابن عبد البر : ضعيف ، بل ذكر أنّه مجمع على ضعفه . تهذيب التهذيب : 8 / 377 .

عدم تعارض حديث الثقلين مع السنّة
قد جمع ابن حجر بينهما في صواعقه قائلاً : « وفي رواية كتاب اللّه وسنّتي وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب ؛ لأنّ السنة مبنيّة له ، فأغنى ذكره عن ذكرها ، والحاصل أنّ الحثّ وقع على التمسّك بالكتاب وبالسنّة وبالعلماء بهما من أهل البيت ، ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة » . الصواعق المحرقة ص 148 .
وبعبارة اخرى : إنّ ذكر أهل البيت هو ذكر السنة ؛ لأنّ كلّ ما عندهم مأخوذ بواسطة النبي ، أي بواسطة السنة ، ويؤيّده ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله لعلي عندما سأله : « ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله : ما ورّث الأنبياء من قبل : كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم » . تاريخ دمشق : 21 / 415 ، 42 / 53 ، المناقب للخوارزمي : 152 .
قال ابن أبي الحديد : ( قال عمر بن الخطاب لابن عباس ) : إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم لصاحبك ، واللّه لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة ج 6 ص 327 .
وقال في موضع آخر : أجرؤهم والله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنّة نبيهم لصاحبك ! أما إن ولى أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة : 12 / 52 . وإن أبيت عن الجمع بينهما وقلت بتمامية المعارضة فلايكون لتقديم « وسنّتى » على « وعترتى » وجه . لأنّ حديث التمسك بالثقلين متواتر من جميع طبقاته وشهد بصحّته جمع من الأعلام ، بينما نرى الحديث الآخر لا يتجاوز في اعتباره عن كونه من أحاديث الآحاد . راجع : الاصول العامّة للفقه المقارن : 169
ابو مهدي القزويني