طباعة

الفصل الخامس والتسعون بعد المئة : لايعذب اللّه هذا الخلق إلا بذنوب العلماء الذين يكتمون فضائل علي وعترتة (عليهم السلام)

روى الحافظ البرسي رحمه الله مرفوعاً الى ابن عباس قال :«لا يعذّب الله هذا الخلق اِلا بذنوب العلماء الذين يكتّمون الحَقّ من فضل علي وعترته  اَلا وانه لم يَمش فوق الارض بعد النَبيّين والمرسلين أفضل من شيعة علي ومُحبّيه الذين يظهرون أمره وينشرون فضَله ، اولئك تغشاهم الرحمة وتستغفر لهم الملائكة ، والويل كلّ الويل لمن يكتم فضائله ويكتم أمره ، فما اَصبرهم على النار» .
وذلك حقّ لأن الكاتم لفضل علي جهلا هالكٌ حيث لا يعرف امام زمانه ، والكاتم لفضله بغُضاً منافق لأن طينته خبيثة ، ما أبغضك اِلا منافق شقي عرضت ولايتك على طينته فأبت فمُسخت ، ونودي عليها في عالم المسوخات: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، فلا دين له ، ولا عبادة له  والمؤمن الموالي العارف بعلي عابد وان لم يعبد ، ومُحسنٌ وان أساءَ وناج وان أذنبَ واليهم الاشارة :(ليَكفّر الله عَنهُم أسوَأ الذي عملوا ويَجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون)(1) .
هذا خاص لشيعة علي لأن الكافر والمنافق لا يستَحقّان شيئاً فلم يَبقَ الا المؤمن ، وليسَ المؤمن الا شيعة علي ، فالمكفّر عنهم سيّئاتهم بحبّ علي هم شيعته دليل ذلك ما رواه ميسرة عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال له : ما تقول يا ميسر مَن لم يعص الله طرفة عين في أمره وتهيه لكنه ليسَ منّا ويَجعَل هذا الامر في غيرنا ؟
قال ميسرة : فقلتُ : وما أقول وأنا بحضرتك يا سيّدي ؟
فقال : هو بالنار . ثم قال : وما تقول فيمن يدين الله بما تدين ويبرأ من أعدائنا لكن به من الذنوب ما بالناس الا انه يجتنب الكبائر ؟
قال : قلت : وما أقول يا سيّدي وأنا في حضرتك ؟
فقال : انه في الجنة ، وان الله قد ذكر ذلك في آية من كتابه فقال : (اِن تجتَنبوا كبائر ما تُنهوَنَ عنه) وهو حبّ فرعون وهامان (نكفّر عنكم سيّئاتكم وندُخلكم مدخلا كريماً) وهو حبّ علي (عليه السلام) ومن ذلك قول الله سبحانه : (الله ولي الذين آمَنوا يُخرجهم من الظلمات الى النور) اذا كانوا آمنوا فأين الظلمات ؟ ومعناه : يُخرجُهم من ظلمات الخطايا الى نور الايمان والولاية وقوله : (والذين كفروا)بعلي لان الكفر بعلي كفرٌ بالله والايمان به ايمان بالله (أولياؤهم الطاغوت) يعني فرعون وهامان (يُخرجونهم من النور الى الظلمات) واذا كانوا كفروا من أين لهم النور ؟ وهذا صريح انه الكفر بعلي وولايته يخرجونهم من نور الاسلام وهي الكلمتان الطيّبتان الى ظلام الكفر بالولاية قال : (اولئك أصحابُ النار) شهد القرآن وأكدّ أن مَن والى غير علي (عليه السلام) فَمأواه النار ثم قال : (هم فيها خالدون)فالمُبغض لعلي كافر وان عبد ، والمحب له عابد وان قعد .
واليه الاشارة بقوله : «حبّ علي عبادة ، وذكره عبادة ، والموت على حبِّه شهادة ، وموالاته اكبر الزيادة» .
واليه الاشارة بقوله : (فمن اتبَعَ هداي فلا يضلّ ولا يشقى)(2) قال ابن عباس : الهدى علي بن ابي طالب (عليه السلام) .
وقوله : (بل أتيناهم بذكرهم) يعني بعلي .
وقوله : (فمن تبع هداي) يعني عليّاً فلا (خوف عليهم) يعني باتباعه (ولا هم يَحزنون) .
يعني يوم البعث بحبِّه مثل قوله : (بل آتيناهم بذكرهم) يعني بعلي (فهم عن ذكرهم مُعرضون) .
واليه الاشارة بقوله : (قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون) ومنه قوله : (لقد أنزلنا اليكم كتاباً فيه ذكركم) يعني نجاتكم وهو حب علي(3)

الهوامش
(1) سورة الزمر، الآية 35.
(2) طه : 123 .
(3) مشارق أنوار اليقين : ص151 ـ 152 .