طباعة

المناظرة الثامنة والستون: مناظرة السيد علي البطحائي مع الشيخ سيف في غيبة الإمام المهدي (عليه السلام)

ذهبت إلى دائرة الأمر بالمعروف عند الشيخ سيف رئيس الهيئة وقلت: مكتوب بمسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) المهدي محمد (عليه السلام)، فقلت: من محمد المهدي؟ قال: مكتوب بالأحجار؟ قلت: نعم مكتوب بالأحجار وسط المسجد قبال باب المجيدي. فقال: يقولون صاحب الزمان. قلت: وأنت ما تقول في حقه؟ قال: أنا ما أعرفه. قلت: مذكور في كتبكم نحوا من خمسين رواية أنه هو الثاني عشر من أوصياء الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأنه هو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا. قال: ليست الروايات في الكتب المعتبرة. قلت: أنا أحضرها لك. قال: ليس بلازم. قلت: أنا أستدل بالآيات الشريفة من القرآن.
قال: أية آية؟ قلت: آية أربع وخمسين من سورة النور: *(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونه ولا يشركون به شيئا)*. فالآية تدل على أن الخلافة ستكون للذين آمنوا وعملوا الصالحات، والخلافة تكون في جميع الأرض لمن كان خائفا، ويمكن الخلافة والدين لشخص تكون هذه صفته. فقال الشيخ: هذه الآية بالنسبة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث كان خائفا بمكة، ثم جاء المدينة فصار مستقرا. قلت: أنا أستدل بآية أخرى. قال: أية آية؟ قلت: آية مائة وأربعة من سورة الأنبياء: *(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)*. والمهدي الحجة بن الحسن من أحد عباد الله الصالحين الذين يرثون الأرض. قال: الشيعة تقول أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو النبي (صلى الله عليه وآله). قلت: لعن الله كل شيعي يعتقد ذلك، وكل من يفتري على الشيعة بالقول بأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو النبي (صلى الله عليه وآله)، لأن الشيعة تقرأ في كل يوم هذه الآية من سورة الأحزاب آية تسع وثلاثين: *(ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما)* ويعلم بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين، لكن الشيعة تقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد رجوعه من مكة في عام حجة الوداع أقام بالجمعة وصرح بأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصيه ووارثه ومولى كل مؤمن ومؤمنة في يوم الغدير، ومسجد الغدير الآن معروف عندكم مذكور في كتبكم مثل: وفاء الوفاء (1) وتاريخ المدينة المنورة. ثم قال: أنتم تقولون: المهدي هو الغائب في السرداب. قلت: إنا لا نقول أنه غائب في السرداب، بل نقول غائب عن الأنظار، وهو حي مرزوق. قال: كيف يكون طول عمره؟ قلت: أما قرأت القرآن حيث يقول بالنسبة لنوح *(فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما)*(2) وبالنسبة إلى عيسى بن مريم يقول: *(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)*(3). قال: أنتم تقولون المهدي هو المرفوع إلى السماء. قلت: لا، لكن نقول الله الذي هو قادر على أن يبقي عيسى بن مريم مدة طويلة، قادر على أن يبقى المهدي الحجة بن الحسن (عليه السلام) مدة طويلة. قال الشيخ رئيس الهيئة: لا تتكلم معي، لا تتباحث معي، فلقد تزلزلت عقيدتي (4).
************************************
(1) وفاء الوفاء للسمهودي: ج 3 ص 1018.
(2) سورة العنكبوت: الآية 14.
(3) سورة النساء: الآية 157.
(4) مناظرات في الحرمين للبطحائي: ص 37 - 39.