طباعة

كيف نزور الإمام الحسين (عليه السلام) [2]

عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَيُونُسُ بْنُ ظَبْيَانَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِاللَّهِ (عليه السلام) ، وَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنَّا يُونُسَ وَكَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي أَحْضُرُ مَجْلِسَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ يَعْنِي وُلْدَ الْعَبَّاسِ فَمَا أَقُولُ؟
فَقَالَ: ((إِذَا حَضَرْتَ فَذَكَرْتَنَا فَقُلِ : اللَّهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ وَالسُّرُور ،َ فَإِنَّكَ تَأْتِي عَلَى مَا تُرِيدُ)) .
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ أَقُولُ ؟
فَقَالَ : قُلْ : ((صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ . تُعِيدُ ذلِكَ ثَلاثاً ، فَإِنَّ السَّلامَ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَمِنْ بَعِيدٍ .
ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَبَا عَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) لَمَّا قَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَمَنْ يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَمَا يُرَى وَمَا لا يُرى . بَكَى عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) إِلا ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ .
قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَمَا هَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَشْيَاءِ؟
قَالَ : لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ الْبَصْرَةُ وَلا دِمَشْقُ وَلا آلُ عُثْمَانَ ، عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ .
قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَزُورَهُ فَكَيْفَ أَقُولُ ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ؟
قَالَ : إِذَا أَتَيْتَ أَبَا عَبْدِاللَّهِ (عليه السلام) فَاغْتَسِلْ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ الْبَسْ ثِيَابَكَ الطَّاهِرَةَ ثُمَّ امْشِ حَافِياً فَإِنَّكَ فِي حَرَمٍ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ وَحَرَمِ رَسُولِهِ . وَعَلَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثِيراً ، وَالصَّلاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى باب الْحَيْرِ ، ثُمَّ تَقُولُ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلائِكَةَ اللَّهِ وَزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ .
ثُمَّ اخْطُ عَشْرَ خُطُوَاتٍ ، ثُمَّ قِفْ وَكَبِّرْ ثَلاثِينَ تَكْبِيرَةً ، ثُمَّ امْشِ إِلَيْهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ ، فَاسْتَقْبِلْ وَجْهَكَ بِوَجْهِهِ ، وَتَجْعَلُ الْقِبْلَةَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ ، ثُمَّ قُلِ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ اللَّهِ وَابْنَ قَتِيلِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَابْنَ ثَارِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَتْرَ اللَّهِ الْمَوْتُورَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .
أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ ، وَبَكَى لَهُ جَمِيعُ الْخَلائق وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَمَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا ، وَمَا يُرَى وَمَا لا يُرَى . أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ وَابْنُ حُجَّتِهِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَتِيلُ اللَّهِ وَابْنُ قَتِيلِهِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ثَائِرُ اللَّهِ وَابْنُ ثَائِرِهِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَتْرُ اللَّهِ الْمَوْتُورُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَوَفَيْتَ وَأَوْفَيْتَ وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَمُسْتَشْهَداً وَشَاهِداً وَمَشْهُوداً .
أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلاكَ وَفِي طَاعَتِكَ وَالْوَافِدُ إِلَيْكَ ، أَلْتَمِسُ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَثَبَات الْقَدَمِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَيْكَ وَالسَّبِيلَ الَّذِي لا يُخْتَلَجُ دُونَكَ مِنَ الدُّخُولِ فِي كَفَالَتِكَ الَّتِي أُمِرْتَ بِهَا ، مَنْ أَرَادَ اللَّهَ بَدَأَ بِكُمْ ؛ بِكُمْ يُبَيِّنُ اللَّهُ الْكَذِبَ ، وَبِكُمْ يُبَاعِدُ اللَّهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ ، وَبِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ اللَّهُ ، وَبِكُمْ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَبِكُمْ يُثْبِتُ ، وَبِكُمْ يَفُكُّ الذُّلَّ مِنْ رِقَابِنَا ، وَبِكُمْ يُدْرِكُ اللَّهُ تِرَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ يُطْلَبُ بِهَا ، وَبِكُمْ تُنْبِتُ الأَرْضُ أَشْجَارَهَا ، وَبِكُمْ تُخْرِجُ الأَشْجَارُ أَثْمَارَهَا ، وَبِكُمْ تُنْزِلُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَرِزْقَهَا ، وبكُمْ يَكْشِفُ اللَّهُ الْكَرْبَ ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَيْثَ ، وَبِكُمْ تَسِيخُ الأَرْضُ الَّتِي تَحْمِلُ أَبْدَانَكُمْ وَتَسْتَقِرُّ جِبَالُهَا عَنْ مَرَاسِيهَا . إِرَادَةُ الرَّبِّ فِي مَقَادِيرِ أُمُورِهِ تَهْبِطُ إِلَيْكُمْ وَتَصْدُرُ مِنْ بُيُوتِكُمْ وَالصَّادِرُ عَمَّا فَصَلَ مِنْ أَحْكَامِ الْعِبَادِ . لُعِنَتْ أُمَّةٌ قَتَلَتْكُمْ وَأُمَّةٌ خَالَفَتْكُمْ وَأُمَّةٌ جَحَدَتْ وَلايَتَكُمْ وَأُمَّةٌ ظَاهَرَتْ عَلَيْكُمْ وَأُمَّةٌ شَهِدَتْ وَلَمْ تُسْتَشْهَدْ . الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وَبِئْسَ وِرْدُ الْوَارِدِينَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَاعَبْدِ اللَّهِ . أَنَا إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ خَالَفَكَ بَرِي‏ءٌ ـ ثَلاثاً ـَ ثُمَّ تَقُومُ فَتَأْتِي ابْنَهُ عَلِيّاً (عليه السلام) وَهُوَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ فَتَقُولُ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ خَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ . لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ . تَقُولُهَا ثَلاثاً ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بَرِي‏ءٌ ـ ثَلاثاً ـ .
ثُمَّ تَقُومُ فَتُومِئُ بِيَدِكَ إِلَى الشُّهَدَاءِ وَتَقُولُ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ـ ثَلاثاً ـ فُزْتُمْ وَاللَّهِ فُزْتُمْ وَاللَّهِ فَلَيْتَ أَنِّي مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً .
ثُمَّ تَدُورُ فَتَجْعَلُ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَصَلِّ سِتَّ رَكَعَاتٍ ، وَقَدْ تَمَّتْ زِيَارَتُكَ فَإِنْ شِئْتَ فَانْصَرِفْ)) (1) .
************************************
1- الكافي ، الشيخ الكليني 4 / 575 .